رغم الخلافات والتجاذبات الحاصلة بسبب الاستحقاق الانتخابي القادم، نعيش اليوم أجواءا ايجابية تبشرنا باقتراب موسم الصيف، فمع استقرار الأحوال الجوية في لبنان، وارتفاع درجات الحرارة، بادر اللبنانيون للتوافد الى الشواطئ، كما بدأت المؤسسات السياحية باستعداداتها لاستقبال موسم اصطياف 2018، الذي من المتوقع أن يكون ناجحا، خاصة وأن ال​انتخابات​ النيابية ستنتهي قبل انطلاقته بشكل رسمي.

أما العامل المشجع الثاني، فيكمن في الأحاديث المنتشرة حول عودة السائح الخليجي، وخاصة بعد توجه العديد من الوفود الى ​دول الخليج​ بهدف إعادة لبنان الى خارطة الوجهات السياحية، وزيارة الرئيس ميشال عون الى ​السعودية​.

من جهة أخرى، كشفت الاحصاءات الرسمية لمطار بيروت الدولي، أن مجموع الركاب سجل مليون و728 ألف و949 راكبا خلال الأشهر الثلاثة الاولى من العام 2017، وذلك بزيادة 13.73% عن الفترة ذاتها من العام 2017؛ اذ ارتفع عدد الوافدين الى لبنان بنسبة 13.97% وبلغ حوالي 840 ألف راكب.

فما هي أسباب هذا الارتفاع؟ وكيف تتحضر المؤسسات السياحية لاستقبال صيف 2018؟ وهل ستظهر نتائج "سيدر" على القطاع السياحي في المستقبل القريب؟

هذه التساؤلات وغيرها، أجاب عليها الأمين العام لاتحادات النقابات السياحية، ​جان بيروتي​، في هذه المقابلة الخاصة مع "الاقتصاد":

كيف تتحضر المؤسسات السياحية لاستقبال موسم الاصطياف القادم؟

تعيش جميع المؤسسات السياحية في الوقت الحاضر، حالة من الاستعداد، فبعد المواسم التي شهدناها في الماضي والتراجع الذي عايشناه، تأمل هذه المؤسسات أن يكون الموسم أفضل هذا العام.

كما أن القطاع السياحي ​البحري​، تعرض خلال السنتين الأخيرتين، الى تراجع كبير في مداخيله، وذلك نتيجة تراجع إنفاق اللبناني عن ما كان عليه في الأعوام 2013، 2014، و2015، بسبب ​الأزمة الاقتصادية​ التي ظهرت جليا في انخفاض قدرته على ​الإنفاق​.

وهذا الأمر يؤثر اليوم على المطاعم، والمؤسسات السياحية البحرية، وكل القطاعات السياحية، خاصة أننا نعيش في فترة يرتكز خلالها القطاع السياحي على ​السياحة​ الداخلية، لكننا في جهوزية كاملة من أجل تقديم أفضل ما لدينا لضمان موسم ناجح.

فالى حد اليوم، يفوز اللبناني بالنسبة الأكبر من حيث السياح القادمين الى لبنان، اذ كنا نفتقد الى السياحة الأوروبية والخليجية وغيرها. ولكن مؤخرا، بدأت السياحة الأوروبية بالعودة تدريجيا، كما هناك أحاديث عن عودة السائح الخليجي.

ولا بد من الاشارة الى أننا كنا نعمل على خطة مع وزارة السياحة، تهدف الى دعم تذكرة السفر من الاردن و​العراق​ ومصر، من أجل تنمية هذه الأسواق التي تراجعت بعد الحرب السورية، ولا نزال نأمل أن نشهد على معالجة أسرع في هذا الموضوع. فالوزارة تقوم بأكبر مجهود ممكن، لكن المشكلة تكمن في التواصل بين الوزارات الأخرى، اذ لا يزال الهم الاقتصادي السياحي شبه غائب على مستوى القرار السياسي.

هل سيتمكن الاستحقاق الانتخابي في 6 أيار من إنعاش موسم اصطياف 2018؟ وهل أثر انتخاب المغتربين في بلدان الاغتراب بشكل سلبي على السياحة في لبنان؟

نتوقع أن يعكس الاستحقاق الانتخابي ايجابية معينة وطمأنينة لدى المغتربين اللبنانيين، لكي يأتوا لتمضية عطلة الصيف في لبنان.

لكن قدوم المغتربين لممارسة حقهم الانتخابي، لا يظهر جليا في ​حجوزات​ ​الفنادق​، لأن عدد كبير منهم سيمارس هذا الحق في الاغتراب. في حين أن انتخابات 2009 أنعشت السياحة، اذ كانت في ذلك الوقت المعركة بأشدها، وكانت المكينات الانتخابية تدعو الناس الى القدوم الى لبنان.

هل سيعود الخليجيون الى لبنان خلال موسم الصيف القادم؟ وما هي نتائج عودتهم على القطاع السياحي؟

لا يوجد عائق يقف أمام عودة السائح الخليجي الى لبنان، فلبنان يتمتع منذ حوالي سنتين، باستقرار أمني مشهود وغير موجود في ​الدول العربية​ وحتى في بعض الدول الأوروبية. كما أن علاقاتنا مع الدول العربية ممتازة، والتسويات في الوطن العربي بدأت على مستوى القرار الاقليمي. وبالتالي نتمنى أن يتوج هذا الأمر بتحقق الوعود حول عودة السياح الخليجيين الى لبنان.

وسيكون لهذه العودة تأثيرا كبيرا على إنعاش القطاع السياحي، لأن المفارقة في الموضوع أنه اذا كان معدل السائح في ​الانفاق​ يترواح بين 2000 و2500 دولار، فإن معدل إنفاق الخليجي يتراوج بين 11 ألف الى 13 ألف دولار خلال فترة إقامته في لبنان، بالاضافة طبعا الى توظيفاته في الاستثمارات في لبنان على مستوى البنى التحتية وشراء الشقق و​العقارات​؛ اذ أن ​قطاع البناء​ يتعرض الى أزمة كبيرة، وذلك بسبب خسارة لبنان لبعض الأسواق الرئيسية.

برأيك، هل ستظهر نتائج مؤتمر "سيدر" في المستقبل القريب على ​القطاع السياحي اللبناني​؟

مؤتمر "سيدر" لم يخصص أي مشاريع خاصة بالقطاع السياحي، بل ركز على البنى التحتية وخلق فرص عمل للبنانيين في المشاريع التي ستحصل في هذا المجال.

ولكن هذا الأمر سينعكس بشكل غير مباشر، على دخل اللبناني الذي سيرتفع، ما سيؤدي حتما الى زيادة معدلات الإنفاق. لكن كنا نأمل أن نشهد على المزيد من الاهتمام لواقع مشكلة القطاع السياحي، والتي تشمل غياب ال​طيران​ منخفض التكلفة باتجاه لبنان (low cost fair)، الذي يعد الدافع الأكبر في السياحة في الدول العربية و​تركيا​ وشرم الشيخ والدول الأوروبية،...

ونحن نحيي جهود شركة "طيران الشرق الأوسط"، انما هناك اليوم واقع معين لا نزال نشيح بنظرنا عنه، اذ لا يمكن أن تقوم السياحة وتنتعش، دون وجود سياسة طيران مدروسة وتذاكر منخفضة التكلفة باتجاه دولة معينة. واذا لم يعالج لبنان هذا الموضوع فسنواجه مشاكل كبيرة.

ولا بد من الاشارة الى أن شركة "Turkish Airlines" نجحت في توظيف خطوطها الجوية في خدمة الاقتصاد والسياحة، وهذا هو الشرط الأول من أجل تحسين ​الوضع السياحي​.

وسوف نسلك هذا الطريق، مع انتهاء الانتخابات النيابية، وبتوجيهات ​رئيس الجمهورية ميشال عون​ ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​، وذلك لكي يكون لدينا سياسة طيران مخفضة، من شأنها إنعاش القطاع السياحي وغيره من القطاعات المترابطة مع بعضها البعض.

كشفت احصاءات مطار بيروت الدولي عن ارتفاع عدد الوافدين الى لبنان بحوالي 14% خلال الربع الأول من العام الجاري. ما رأيك بهذه الأرقام؟ وما هي أبرز أسباب هذه الزيادة؟

طالما أن الحرب في ​سوريا​ مستمرة، سيبقى لبنان محطة بالنسبة الى جميع الأشخاص الذين يرغبون بالقدوم الى هذه المنطقة. وإن زيادة عدد الوافدين بنسبة 14% تؤكد على أن لبنان هو مقصدا أساسيا.

ولكن لاحظنا في الفترة الأخيرة، أن معدل إنفاق السائح القادم الى لبنان قد انخفض بشكل كبير، وبالتالي لا يمكن التعويل بعد اليوم على هذا العدد فحسب، بل نحن بحاجة الى توسيعه لكي نتمكن من توسيع اقتصادنا.

فالقطاع السياحي الذي كان يحقق في العام 2010 أرباحا بقيمة 8.5 مليار دولار، بات يحقق اليوم 3.5 مليار فقط.

فلنسأل هذا السؤال الكبير: لماذا؟ وكيف سنعالج؟

الحلول موجودة ومشروعنا للمرحلة القادمة بعد الانتخابات النيابية كامل وجاهز.