يشكل ​قطاع التأمين​ في ​لبنان​ ما نسبته 3% من الدخل الوطني وهذا يعني ان نشاطه الاقتصادي محدود في بلد يتخبّط بظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، وخاصة لناحية مشاكل تكلفة الطبابة والاستشفاء والتي تعتبر من اغلى الفواتير الصحية في العالم.

وبسبب عدم تمكّن عدد من المواطنين من الالتحاق بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي او بتعاونية موظفي الدولة او بكل الصناديق التي تغطي ​التأمين الصحي​ في لبنان، يلجأ الى شراء بوالص تأمين من شركات خاصة تقوم بتغطية الطبابة والاستشفاء مع شروط معينة.

وفي خطوة مهمة للمضمونين في شركات التأمين، عقد وزير التجارة رائد خوري مؤتمراً صحافياً اشار فيه الى انه جرى اصدار قرار بتوفير ضمانة التجديد لكافة عقود تأمين الطبابة والاستشفاء، الفردية منها والجماعية التي تصدرها شركات التأمين، بحيث يبدأ تطبيق هذا القرار على كل العقود، السارية منها والجديدة، ضمن مهلة شهر من تاريخ صدوره".

وللاضاءة على تفاصيل هذا القرار الجديد، اشارت رئيسة لجنة المراقبة على هيئات الضمان في لبنان نادين الحبّال الى ان "قرار ضمان تجديد التأمين الطبي والاستشفاء مستوحى من مبادئ التأمين العالمية ومن القوانين الفرنسية وليس جديداً في عالم التأمين"، موضحةً ان "هذا القرار يعني انه لا يمكن تعديل او تغيير منافع وشروط العقد التأميني لكل شخص داخل في شبكة التأمين بشكل انتقائي أو وفقاً للتطورات التي من الممكن أن تطرأ على صحته، اي ان كل شخص حاصل على تغطية صحية من خلال عقد تأمين مع الشركات الخاصة، يتمتع بحق تجديد هذا العقد مدى الحياة ومن دون ادخال اية استثناءات عليه او تخفيضات للمنافع، وذلك وفقاً للشروط التي تنطبق على كافة الفئة التي ينتمي اليها المضمون"، ومضيفة انه "اذا خضع المريض لعملية قلب مفتوح لا يمكن لشركة التأمين ان ترفض تجديد عقده في السنة التالية أو ان تضع له شروط او منافع في هذا الصدد".

واضافت الحبّال ان "لهذا القرار انعكاسات ايجابية على المؤمَّن وعلى شركات التأمين وعلى الاقتصاد الوطني على حدّ سواء"، لافتة الى انه "اصبح للمؤمّن الحق بتجديد عقده التأميني مع شركة التأمين لمدى الحياة وذلك بغض النظر عن وضعه الصحي، وبالنسبة لشركات التأمين، فنحن نقوم بخلق ثقة أكبر في هذا القطاع ونسمح لعدد اكبر من المواطنين بشراء بوالص تأمين طبيّة وكل ما كان العدد اكبر كل ما انعكست بطريقة ايجابية على الكلفة وساعدت على تثبيت السعر علماً ان كلفة التأمين الطبي مرتبطة مباشرة بالكلفة الصحية، ولأجل ذلك يجب التنسيق مع وزارة الصحة العامة حول هذا الموضوع"، ولفتت الى انه "بالنسبة لتأثير هذا القرار على الاقتصاد الوطني فان قطاع التأمين هو قطاع حيوي ويشكل ما نسبته 3% من الدخل الوطني، واذا قمنا بمقارنته مع ​دول مجلس التعاون​ الاقتصادي فهو يشكل 9% من الدخل الوطني مع كل التقديمات الطبية التي تقدمها هذه الدول، ولا زالت نسبتنا في لبنان خجولة".

وشددت على "ضرورة تنمية هذا القطاع عبر توسعة التأمين الطبي والتأمين على التقاعد وهذا ما يستتبع مواضيع عدة في المستقبل، وهو ما يجعل قطاع التأمين يلعب دوراً أساسياً كما هي الحال في البلدان المتطورة بان يكون ​المستثمر​ الرئيسي بسندات الخزينة والادوات المالية وبالتالي نؤثر بطريقة ايجابية على الاقتصاد الوطني".

ولفتت الى "اننا كلجنة مراقبة هيئات الضمان باشرنا بطلب نسخاً عن عقود التأمين الطبي ونقوم بدراسة كافة الشروط المنصوصة في العقد وتقييم مدى احقيتها بالنسبة للمواطن ولشركات التأمين، من خلال دراسة السياسات التسعيرية كي تكون عادلة ومناسبة للطرفين، ومضيفة ان "شركات التأمين بدأت بتهيئة نفسها بطريقة جدية وتفكير معمّق من اجل تغيير منهجيات ​الاكتتاب​ التي تقوم بها وهذا يعتبر مؤشر جيد جداً".

بدورها، لفتت مديرة التخطيط الاستراتيجي البيع والتسويق في "تراست" للتأمين ضمن مجموعة "جمّال تراست بنك" كريستين الحداد الى ان هذا القرار جاء لصالح المواطن وتحسين وضعه وبالتالي اذا لم يكن وضع المواطن جيّد ولا يثق بشركة التأمين الذي أبرم عقده معها فلن تستطيع هذه الاخيرة ان تستمر بعملها، وما يقوم به وزير الاقتصاد والتجارة ولجنة الرقابة على هيئات الضمان من اتخاذ قرارات هو لتنظيم قطاع التأمين في لبنان وتحسين وضع المواطنين".

وأضافت الحداد ان "كل ما يتعلّق بالتأمين الطبي بالنسبة لشركات التأمين هو خسارة لها لانه لا يمكنها ان ترفع من ال​اسعار​ بالاضافة الى غلاء فاتورة المستشفيات الطبية و ان ما يقوم به المسؤولون جيد ولكن يجب يجب وضع رقابة على المستشفيات، كما يمكنهم اقامة مشاريع بالتنسيق مع ​شركات مقدمي الخدمات​ الطبيّة وشركات التأمين للرقابة على الاوضاع"، ولافتة الى ان "هناك نسبة قليلة من المواطنين الذين لديهم تأميناً صحياً وعلى المسؤولين ان ينفذوا مشاريع للمواطن مثل فرض التأمين الصحي الالزامي لكل مواطن كما هي الحال في باقي بلدان العالم كما يجب الغاء ضريبة الـ11% التي تدفعها شركات التأمين كي لا يؤدي ذلك الى رفع الاسعار كما هي الحال مع صناديق التعاضد التي لا تدفع هذه الضريبة"، ومشككة بامكانية تطبيق هذا القرار بشكل سريع اذا ان هناك ​آلية​ لتنفيذه في خلال فترة شهر".

وحول سلبيات هذا القرار على شركات التأمين، أكّدت حداد ان "الشركات لا تستطيع زيادة اسعار بوالصها بالرغم من ارتفاع فاتورة المستشفيات، وبالتالي فان هذا النوع من التأمين هو خسارة لنا ولكننا نقدم كل الخدمات التأمينية الطبية للزبائن ونقوم بحسابات لدراسة اسعار وفواتير المستشفيات وعلى اساسه نحدد اسعارنا كما ان خدمة ضمان التجديد موجودة اصلا في بوالصنا. بالرغم من كلهذا يبقى الزبون ممتعض مناً بسبب الزيادة بنسبة 10% على اسعارنا في كل عام ولكن الامر يعود الى رفع المستشفيات لفواتيرها وهذا رابط متواصل وبالتالي يجب مراقبة كل هذه الامور التي تؤدي الى غلاء الاسعار".

وشددت على ان كل القرارات التي تتخّذ لتحسين خدمة ووضع المواطن هي مهمة وعندما يكون المواطن راضٍ فان شركات التأمين راضية بدورها، ويجب بالتالي ازالة فكرة ان شركات التأمين تقوم بسرقة المواطن ويحب اقامة حملات توعية حول القطاع واهميّته في لبنان كأول خطوة على ان تتبعه خطة لتنظيم هذا القطاع".

كما اكدت ان "كل الشركات ستلتزم بهذا القرار وفي حال خالفت احدها فهنا يأتي دور لجنة الرقابة على هيئات الضمان من خلال توجيه انذار لهذه الشركة او سحب ترخيصها او الى ما هنالك".