تعودنا على سماع قصص النجاح التي تأتي من رجال الأعمال ولكن قصتنا اليوم رونقها مختلف، وروحها تنبع من خلفية صحية وطبية بإمتيار.

هذه الشخصية طمحت في خلق بصمة لها في مجال المختبرات، وبعد فترة إكتشفت أن نشر هذا العمل الخيّر يتطلب منها خوض عالم الأعمال ومن منصب بسيط إلى آخر تطورّت شخصيتنا هذه لتؤسس اليوم أحد أبرز وأهم شركات توزيع، بيع وتروج الأدوات والمعدات الطبية في منطقة الشركة الأوسط ليشمل سوقها إيران وتركيا بالإضافة إلى الدول العربية.

من ​لبنان​ نبعت هذه الشخصية الرياديّة وفي بيروت أجرت "الإقتصاد" معه هذه المقابلة التي قدم ضمنها للشباب اللبناني أبرز نصائحه.. فلنتعرف سوياً إلى المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "MEALIS" واصف المهتار. 

-كيف تصف مسيرتك الأكاديمية؟

تخصصت في الجامعة الاميركية في بيروت خلال العام 1990 في مجال “Medical Laboratory Technology” ، وتخرجت منها في العام 1993، وبعد 3 أعوام قررت أن أبدأ برسالة الماجستير في مجال الصحة العامة، ولكن للأسف شعرت أن هذه الشهادة قد لا تساهم في إيصالي إلى هدفي المرجو على الصعيد العملي والميداني.

تابعت مسيرتي المهنية التي تنقلت فيها من منصب إلى آخر، وفي هذه الفترة لاحظت أن العمل الروتيني في المستشفى لم يكن مناسباً لرؤيتي المهنية. كنت حينها موظفاً في شركة بلبنان من العام 1993 وحتى العام 1998 ومن بعدها إنتقلت لوظيفة آخرى في مجال تجاري ضمن شركة تُعنى ببيع المواد الطبية.

في العام 2003 سنحت لي الفرصة أن أعمل في شركة متعددة الجنسيات بمنصب "sales specialist" وكنت محظوظاً لأني دخلت إلى هذا المجال وإن كان من مراحله التأسيسيّة الأولى.

في العام 2004 ترقيت لأحصل على منصب الـSales Manager وإستمريت على هذه الوتيرة حتى العام 2006 الذي توصلت فيه إلى منصب الـMarketing Manager. من بعدها تركت هذه الوظيفة وإنتقلت إلى غيرها وحصلت على المنصب نفسه.

في العام 2010 ترقيت لأصبح الـ Sales & Marketing Director، ورغم أني لم أتابع رسالة الماجستير إلى أنني تمكنت من الوصول إلى مراكز عليا في الشركات التي عملتُ فيها وذلك من خلال خبرتي التي بنيتها بنفسي ميدانياً.

في العام 2010 أيضاً إستملت إدارة المنصب نفسه ولكن على منطقة ​الشرق الأوسط​ وشمال أفريقيا،وكان المسمّى الوظيفي لهذا المنصب "Sales & Marketing Director in the Middle East & North Africa" وكان لدي فريق العمل الخاص بي.

في العام 2013، واجهنا ما يُسمى بـ"Spin Off" وهو ان شق العمل الذي أستلمه بات مستقلاً عن الشركة الأم وأصبح شركة قائمة بنفسها. طُلب مني حينها أن أؤسس مركزاً للشركة في ​دبي​، ولم يرغب فريق عملي بالعمل خارج لبنان.. وكانت هذه مرحلة التغيير الجذريّة في حياتي المهنية.

عندها تقدمت بإستقالتي من الشركة وأسست شركة "MEALIS " - Middle East and Africa Life Scienceوأعدت شمل كل فريق العمل الذي كنا نعمل سوياً في الشركة السابقة. وأسست مكتباً في دبي وآخر في لبنان. وإتجهت لمجلس إدارة الشركة السابقة مجددا وعرضت عليهم ان يتعاملوا مع شركتي وعوضاً عن حصولي على رواتب ثابتة ، أحصل على "عمولة" commissions على عمليات البيع التي أقوم بها في المنطقة .

-ألم يشكل لك هذا التغير الجذري حالة من الخوف من عوامل التغيير خاصة بعد عملك في وظيفة ثابتة لفترة طويلة وحصولك على راتب شهري ثابت عوضاً عن أسلوب العمولة؟

أنا من الأشخاص التي تعمل بشكل أفضل تحت عوامل الضغط،بالمقارنة مع وجودي في موقع خالي من التحديات.

عندما تبلغت خبر إلغاء الشركة للمكتب اللبناني، فكرّت في أدق التفاصيل التي تمحورت حول مصيري المهني وعندها تبلورت الصورة الواضحة الأمامي وهي خلق فرصة جديدة.

لا شك أني أدركت وجود المخاطر التي قد تواجهني في رحلتي الجديدة، ولكني مقتنع بأن على الإنسان أن يستغل كل فرصة لآخرها عوضاً من أن يشعر بالندم.

-كيف إمتزجت دراستك مع مسيرتك المهنية؟

بعد تأسيسي للشركة أكتشفت أن هنالك العديد من المهام التي عليّ الإهتمام بها كالقسم المالي والتوظيفي وغيرهم الكثير. خاصة في العام 2014 الذي كبُرت فيه المسؤوليات بعد أن شملنا ضمن مروحة أعمالنا السوق التركي أيضاً، وباتتMEALIS" " تعمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، شعرت حينها أن الوضع يحتاج بالإضافة إلى الخبرة الميدانية، النظريات العملية لذا قررت أن انتسب إلى جامعة "LAU" لإعداد رسالة الماجستير في العام 2014.

هل شكّل رأس المال بالنسبة لك عائقاً لتأسيس الشركة؟

طبعاً وهذا يعتبر أحد التحديات، ولكنني استثمرت بتعويضي المادي من الشركة بالطريقة السليمة، بالإضافة الى ذلك كنت مدركاً أنه وإن مرت علي بعض الاشهر الصعبة إقتصادياً ان الفرج آتٍ لا محال لانني واثق من هذا المجال الذي بُنيت كل خبراتي ضمن طياته.

ما هي الخدمات التي تقدمها شركتكم؟ وكيف تطور نشاطها؟

الخطر في عملنا موجود رغم الإتفاقية التي تربطنا بالأسوق ، الا انه بإمكان اي مدير على رأس الشركات المصنّعة إلغاء العقد بيننا في أي لحظة، عندما أدركت ذلك بدأت بالعمل على استراتيجيات آخرى لاثّبت اساسات الشركة.

على الصعيد الترويجي "promotional " وكوكيل في المنطقة قررت تأسيس مكتباً لإدارة العمليات بالإضافة الى إستحواذي على مستودع في بيروت لأني قررت أن أشترى البضائع وابيعها بالتالي لوكلائي.

من خلال هذه الخطوة وانتقلت من مجرد مروّج الى موزع اقليمي، لا شك ان في هذه الاستراتيجية تكلفة إضافية وعالية ولكن هذا الامر ساعدني في تقوية مركز الشركة امام العملاء من جهة، وسمح لي ان اتجه الى زبائن جدد بجذور متينة ومن جهة ثانية.

لم نتكف بهذا القدر في العام 2016 قررت أن أنتقل إلى إستراتيجية أقوى وهي بناء مكاتب للشركة في الدولة عوضاً عن تعيين وكلاء في الدول التي نعمل فيها كـ: دبي، ايران، السعودية، الجزائر وغيرها.واخترنا الاماكن الاستراتيجية التي تعطي قيمة مضافة لمكانة شركتنا.فلم نعد موجودين في السوق كمروجين وموزعين إقليماياً ودولياً بل أيضاً على الصعيد المحلي مما يخفض التكلفة على الزبون ويرفع أرباح شركتنا.

في العام 2018 نعتزم على التواجد بشكل مكثف في دبي.

هذه الرؤية والنظام الذي نعمل به لا تحتاج الى مهارة في التسويق فقط بل أيضاً إلى مدير للموارد البشرية "HR"، محاسب، ومدير مالي وبالتالي رسالتي الماجستير كانت تدعمني في هذا الشق ايضاَ.

ما هي الخطوة التالية؟

على الصعيد الشخصي أسعى للبدء بشهادة The Doctor of Public Administration (D.P.A.) الاكاديمية التي بالتأكيد ستدعم تطور الشركة ميدانياَ.

بالإضافة إلى عوامل الخطورة المتكررة، ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتها وكيف تخطيتها؟

بالطبع كل مجال عمل يواجه العديد من التحديات لينمو ويتطوّر أبرزها كيفية تسويق قدراتك وطاقاتك للأسواق والشركات المستهدفة، وهنا يتطلب الأمر بذل جهد كبير لتقديم قيمة مضافة في خدمتك بالمقارنة مع الشركات المنافسة.

إضافة إلى ذلك واجهت تحديا في تحضير فريق العمل الذي إنتقل من شركة عالمية إلى شركة محلية إقليمية.

زد إلى ذلك الأوضاع غير المستقرة في المنطقة والتي بالتالي تؤثر بشكل كبير على الأسواق وإقبال الشركات على إتخاذ قرارات وخطوات جريئة.

ومن المواقف التي أعتبرها الأصعب على صعيد المثال تأسيس عملنا في إيران الأمر الذي يتطلب العديد من الموافقات والأوراق الرسمية من ​الكونغرس​ الأميركي.

كيف تواجهه هذه التحديات؟

لا شك أنه لا يمكن لأحد أن يُسيطر على العوامل الخارجية إلا أنه أيضاً بالتوازي مع ذلك لا يمكننا أن نتوقف عن ممارسة أعملنا ، ولكن علينا أن نكون حريصين في كافة الأصعدة.

بالإضافة إلى ذلك أسعى دائماً لبيع الخدمات المعدات المتخصصة التي لا تتوفر عند الجميع.

كذلك أسعى لبناء علاقات عامة خارج المنطقة، واتطلع لتوجه إلى أوروبا.

ما هي الرسالة التي تود إيصالها للشاب اللبناني من خلال خبراتك الخاصة؟

عادة ما تقوم الشركات بتحديد الفرد، نمط حياته وأسلوب تفكيره، وعادة ما يشعر الموظف بالإرتياح والإطمئنان لوجوده ضمن مظلة تحميه وتضمن له مدخولاً شهريا ثابتا، ومن هذا المنطلق أدعو الشباب لأن يوسعوا آفاقهم عندها فقط سيكتشفون أنه هنالك العديد من الفرص خارج هذا الصندوق المحدود. كما أنصحهم بأن يعملوا في المكان الذين يجدون فيه السعادة والحافز للتطوّر.

نحن نفتخر بالشاب اللبناني الذي يمتلك الشخصية الريادية والخلاقّة ونتأسف لعدم توفر العوامل الداعمة لتطوره ضمن بلاده، ولكني على يقين أن رغم كل هذه الصعوبات لا زلنا قادرين على إيجاد وخلق الحلول وهذا أكبر دليل على روحنا اللبنانية الريادية!