وردت معلومات لمديرية المخابرات في الجيش اللبناني، تفيد عن قيام أشخاص بعمليات نصب واحتيال وبيع عقارات في منطقة الفنار، وأن الأشخاص المشبوهين تمكنوا من تزوير مستندات تثبت ملكيتهم لهذه العقارات، وخلال التحريات التي أجرتها المديرية اكتشفت أن "عمر. م" هو أحد الذين تحوم حولهم الشبهات، فقامت دورية بتوقيفه في محلة الفنار ــ الجديدة، وضبطت بحوزته أوراقاً ومستندات، عبارة عن افادات عقارية وسندات تمليك وايصالات مالية وعقود بيع ممسوحة ومبالغ مالية بالعملات اللبنانية والأجنبية.

أخضع الموقوف للتحقيق أمام مديرية االمخابرات، فأقر أنه تعرّف على شخص يدعى عباس اسماعيل من بلدة بريتال البقاعية، وتوطدت العلاقة بينهما، وقد عرض عليه الأخير القيام بعمل يدرّ عليه الأموال، وأفهمه بأنه توجد عقارات في الفنار اصحابها موجودون خارج لبنان، ويريدون بيع هذه العقارات بموجب مستندات مزورة، وعرض عليه مساعدته في هذا الأمر، مقابل  مبلغ 40.000 دولار أميركي، فوافق "عمر" على العرض، وبناء لاتصال ورده من "عباس" التقى باليوم التالي في مدينة شتورا، بسيدة ورجل أفهماه أنهما يملكان بطاقتي هوية مزورتين باسم "رفول شمّا" و"ليلى شمّا"، فرافقهما الى دائرة الكاتب العدل في بلدة بكفيا، حيث أبرزا للأخير بطاقتي الهوية المزورتين، ونظما الى "عمر" وكالة عامة  بكافة ممتلكات رفوّل ووليلى شمّا الحقيقيين.

على أثر تسلّم "عمر. م" للوكالة العامة والشاملة، تعرّف الأخير على "أسعد. أ" صاحب مكتب عقاري في منطقة الفنار، وعرض عليه التوكيل العام المنظم لمصلحته، وطلب منه أن يستحصل له على سندات تمليك بدل عن ضائع لثلاث عقارات، ودفع للأخير مبلغ 2500 دولار على دفعات، وبالفعل سلّمه صاحب المكتب بعد شهر ثلاث سندات تمليك بدل عن ضائع، فأعلم "عباس" بالأمر، وأبلغه بأنه فشل في محاولة رهن أحد العقارات في مكتب عقاري يملكه "مروان. ح" في انطلياس.

بعد أيام عاد "عمر" الى مكتب "أسعد. أ" وطلب من الأخير أن يؤمن له اشعاراً للعقارات الثلاثة، ثم التقى لاحقاً "نمر. ص" الذي اشترى أحد  العقارات الثلاثة بمبلغ 407.000 دولار أميركي، وسلّمه الأخير شكاً قمته 25 ألف دولار، وآخر بقيمة 362.000 دولار ومبلغ نقدي قيمته 5000 دولار، فقام بصرف الشكين لدى صراف في بلدة مجدل عنجر، وسلم مبلغ 387.000 دولار الى عباس اسماعيل، فأعطاه الأخير من أصله 45.000 دولار، وأثناء توجهه الى المكتب العقاري في الفنار لبيع العقار الثاني تمّ القاء القبض عليه.

هذه الأفعال رغم خطورتها قدّم الموقوف "عمر. م" مبرراته لها، فأوضح أنه تعرّف في أوكرانيا في العام 2011، على رفّول شمّا وليلى شمّا، وأشار الى أن الأخيرين أعلماه برغبتهما في الحصول على مستندات في لبنان، كناية عن إفادات عقارية لعقارات يملكانها في بيروت، وبعد حوالي ستة أشهر، ورده اتصال من ليلى ورفول شمّا، وأبلغاه أنهما حضرا الى لبنان خلال عطلتي الميلاد ورأس السنة، وطلبا منه بعد فترة بسيطة أن ينظما له وكالات للإستحصال على افادات عقارية، وبالفعل نظما له توكيلاً عاماً وشاملاً وغادرا الى فرنسا، عندها بـ"أسعد. أ" للحصول علىى بدل عن ضائع عن سندات الملكية ومسألة بيع العقارات، وأنه سلّم ثمن العقار المباع الى شخص يدعى "الياس. ح" بناء لطلب رفول شمّا، مؤكداً أنه لا يعرف شخص يدعى عباس اسماعيل، وأنه ذكر الأسم الأخير لدى استجوابه أمام مخابرات الجيش تحت تأثير الضرب والتعذيب.

 لم يقف اعتراف المتهم عند هذا الحدّ، إذ عاد وأفاد بأنه تعرف في اوكرانيا على شخص يدعى "مالك. س" الذي أخبره بأنه سيرسل له أصحاب الأرض الى لبنان لينظموا له توكيلاً عاماً وشاملاً دون أن يتعاطى معهما، وقد حضرت ليلى ورفول شمّا الى لبنان، ورافقهما الى دائرة الكاتب العدل ونظما له توكيلاً شاملاً، وأخبراه بأن "مالك" سيتابع الأمر معه، ومساء اليوم نفسه اتصل به "مالك" من أوكرانيا، وأخبره عن العقارات الثلاثة في الفنار وزوده بأرقامها، وطلب منه الاستحصال على بدل عن ضائع لسندات ملكيتها ليصار الى بيعها، وبالفعل استحصل على سندات الملكية وباع أحد العقارات الى "نمر. ص" بناء لطلب "مالك" الذي حضر الى لبنان، واستلم منه مبلغ 346.000 دولار، وأنه قبض حصته كعمولة بقيمة 45.000 دولار، وأنه أوقف عند محاولته بيع العقار الثاني.

محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي عبد الرحيم حمود، أدانت المتهم "عمر. م" بجناية تسهيل تنظيم وكالة بيع بواسطة هوية مزورة واستخدام المزوّر، والمساعدة في بيع العقار المذكور بواسطة الوكالة المزورة، وقررت انزال عقوبة الأشغال الشاقة به مدة ثلاث سنوات، كما أدانته بجنحة المادة 655 من قانون العقوبات، لجهة المساعدة في الاستيلاء على العقار المذكور بالطرق الاحتيالية.