استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة في أدونيس، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "مؤتمر سيدر: هل هو مؤتمر التوقيت الخاطىء والإنتخابي أم مؤتمر الإنقاذ والنهوض؟"، الخبير الإقتصادي د.غازي وزني، وعضو هيئة مكتب المجلس الإقتصادي الإجتماعي وأستاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية د. أنس بو دياب.

بداية قال الخبير الإقتصادي د.غازي وزني أن "مؤتمر سيدر هو مؤتمر إقتصادي، فحروف كلمة سيدر تعني بالتحديد مؤتمر إقتصادي للإنماء عبر الإصلاحات والشركات، وهذا يعني ان للإصلاحات دور أساسي في هذا المؤتمر، وللشركات التي تمثل القطاع الخاص دور أيضا، وللإنماء كذلك. وعندما كتبت بأن المؤتمر له علاقة بالإنتخابات النيابية وبالتوقيت الإنتخابي، جاء رأيي من منطلق ان الحكومة الموجودة اليوم تقدم برنامج إستثماري ضخم يمتد على ثلاث مراحل، كل مرحلة هي عبارة عن 4 سنوات (المجموع 12 سنة)، وقيمته الإجمالية 23 مليار دولار .. والحكومة اللبنانية تذهب بمشروع ضخم وطموح جدا وتعرف بانه من الصعب تحقيق هذا المشروع، فالقدرة الإستيعابية للإقتصاد الوطني بحسب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي هي 1.5 مليار دولار سنويا .. أضف إلى كل ذلك ان الإنتخابات النيابية المقبلة سينتج عنها مجلس نواب جديد وحكومة جديدة، وبغض النظر إذا ما كانت هذه الحكومة الجديدة ستكون برئاسة سعد الحريري أو غيره، وإذا ما كان مجلس النواب سيضم نفس الأشخاص او سيضم وجوه جديدة، فهذا العهد الجديد سيكون ملزم بكل الإتفاقيات التي ستقوم بها الحكومة الحالية في مؤتمر "سيدر" .. ولكن النقطة التي لم تتنبه لها الحكومة الحالية هي ان المادة 88 من الدستور اللبناني واضحة، وتقول أن كل قرض عمومي يحتاج إلى قانون خاص، وهذا يعني أنه إذا إلتزمت هذه الحكومة الحالية بقروض معينة، فإن الحكومة القادمة لن تستطيع الإستمرار بهذا القروض بدون موافقة مجلس النواب ... وتصريح الرئيس نبيه بري يثبت ذلك، حيث قال أن المؤتمر ضروري بدون شك، ولكن كل مشروع بحد ذاته يحتاج لموافقة مجلس النواب".

وتابع "إنطلاقا من كل ما سبق فهذا المؤتمر هو عبارة عن دعم سياسي لرئاسة الحكومة قبل الإنتخابات، ولو تم تأجيله شهرين فقط إلى ما بعد الإنتخابات النيابية لكان الوضع افضل".

واكد د. وزني ان "هذا المؤتمر ضروري للإقتصاد اللبناني، ولا شك ان لديه إيجابيات كثيرة، والنقطة الإيجابية الأولى هو تخفيض كلفة الإستدانة، فالفوائد في هذا المؤتمر تتراوح بين 1 و 1.5%، في حين ان الدولة اللبنانية تستدين من السوق المحلي بفوائد تصل إلى 10% تقريبا .. والنقطة الإيجابية الثانية هو ان إستخدام القروض كنفقات إستثمارية سيحفز النمو الإقتصادي، ونحن بامس الحاجة لرفع معدلات النمو .. والنقطة الإيجابية الثالثة تتعلق بفرص العمل الجديدة التي سيشهدها الإقتصاد .. والإيجابية الرابعة هي التدفقات المالية التي ستعزز إحتياطات مصرف لبنان وستساهم في ترسيخ الإستقرار النقدي".

من جهته قال عضو هيئة مكتب المجلس الإقتصادي الإجتماعي وأستاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية د. أنس بو دياب ان "الاموال التي سيتم الحصول عليها من مؤتمر سيدر يجب إستثمارها في المكان الصحيح، فلبنان لم يعد يستطيع تحمل الرفاهية في الإستثمارات غير المناسبة في إقتصاده، وبالتالي فإن أي مؤتمر يسعى إلى دعم الإقتصاد اللبناني هو حاجة وضرورة ماسة باسرع وقت ممكن".

ولفت إلى انه "يختلف مع د. وزني بالنسبة لتوقيت المؤتمر، فلبنان لم يعد يمتلك رفاهية الوقت لكي ينتظر اكثر، فالإقتصاد لم يعد يحمل التأخير".

وفي سؤال للزميلة خداج عما إذا كانت الإستثمارات القادمة من مؤتمر "سيدر" ذات قيمة إقتصادية مضافة قال د. بو دياب أنه "بحسب الجداول الاربعة التي تحتوي على 250 مشروع موزعين على كافة المحافظات اللبنانية، فإن هذه الإستثمارات لها مردود إقتصادي، فالكل يعرف أن كل مليار دولار يتم إستثماره في لبنان يخلق نمو بين 1 إلى 1.5%، وبالتالي لا شك ان قاعدة الإقتصاد ستتسع، وهذا الامر يساهم في تخفيض قيمة الدين العام نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهذا امر جيد".

وتابع "فيما يتعلق بموضوع ان 10% فقط من اموال مؤتمر سيدر هي هبات في حين ان 90% هي عبارة عن قروض ... فإن المرحلة الأولى التي سيتم فيها إستثمار 12 مليار دولار، مقسمة بين القطاع العام والقطاع الخاص، حيث ان 40% من هذا المبلغ سيستثمره القطاع الخاص على مدى 4 سنوات .. والأهم هنا هو العمل على تحسين البيئة الإستثمارية".

واعرب د. بو دياب عن تحفظه "بعدم وجود رؤية إقتصادية متكاملة في لبنان، وهناك عشوائية في العمل، فهذا المشروع الإعماري الذي تسعى له الحكومة من خلال مؤتمر سيدر ليس رؤية إقتصادية ... ومن هنا ياتي الخوف الفعلي من تبديد منافع الإستثمار الذي سيحصل من خلال مؤتمر باريس".