أكّد وزير المال ​علي حسن خليل​ خلال افتتاحه "المؤتمر الوطني الأول لمكافحة التجارة غير المشروعة" الذي تنظّمه إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية (​الريجي​) في مجمّع "سيسايد فرونت"- بيروت، أن "الواقع المالي المأزوم يفرض ضبط هذه التجارة غير المشروعة والتهريب والفساد الإداري والمالي لكي يستقيم وضع الاقتصاد والمالية العامة"، واعتبر أن إقرار الموازنة العامة لسنة 2018 سيعيد "الانتظام للمالية العامة" و"يشكّل رسالة إيجابية لكل الناس على مستوى الداخل والخارج بأنّ الحياة انتظمت على المستوى المالي الحكومي". وإذا وصفها بأنها "موازنة متوازنة"، اعتبر أن الإجراءات الإصلاحيّة التي تتضمنها "ضروريّة ولكنّها غير كافية"، آملاً في أن "تتحوّل في السنوات المقبلة إلى مسار عمل تعتمده الحكومات". وتمنى أن يكون مؤتمر "سيدر" في باريس محطة للإنتقال "نحو واقع أفضل"، محذراً من أن عدم مواكبتها بالإصلاحات سيؤدي إلى زيادة "الأعباءً والديون من دون الخروج من المسار المظلم الذي نعيش فيه على مستوى المديونيّة العامة".

وجمّعّ المؤتمر الوطني الأول لمكافحة التجارة غير المشروعة الذي يُعقَد تحت عنوان "إقتصادك إنت بتحمي"، نحو 600 مشارك، بينهم خبراء دوليون ووفود عربية، إضافة إلى مديرين عامين ومسؤولين في وزارات وفي أجهزة أمنيّة لبنانية وممثلين عن السلطتين التشريعية والقضائية، وعن النقابات والاتحادات والجمعيّات وشركات القطاع الخاص.

وتغنّى خليل في كلمته بنبتة التبغ "التي لا تتوقف عن التدفّق فتعطي ثم تزيد ثم تمطر في العطاء حتى تدر الكثير من الخير على المشتغلين في رعايتها وعلى المؤسسة المديرة لمسارها نحو السوق وعلى الدولة ثم تعود إلى المواطن مجدداً في دورة وفاء اعتاد عليها المتعلّقون بالتبغ". وقال: "أتينا من أرض الدخان ومن دخان الأرض التي اختلطت فيها التسميات والروائح بالأرض وبيد العامل وبدمه الذي كان ينثره بين الشتول دفاعاً عن أرضه وعن شتلته التي لم ير فيها أقل من حياته".

واشاد بـ"عطاء إدارة حصر التبغ والتنباك ورئيسها والعاملين فيها، الذي يواكب عطاء الأرض وناس الأرض للوطن والدولة"، ملاحظاً أنها "تصون علاقة المزارعين بدولتهم فتوضّب تعبهم ضمن علب تبغ من إنتاجنا الوطني وتعيد هذا التعب إليهم على شكل مردود مالي يساهم في صنع حياتهم".

ووصف موضوع التجارة غير المشروعة بأنه "فائق الأهمية والأثر على حياة الناس، المنتِج منهم والمستهلك والعامل ورب العمل وصولاً إلى التأثير على كل حياة الدولة"، مشدداً على الحاجة إلى "تنقية الاقتصاد اللبناني من هذا النشاط المؤذي حتى نحميه بأنفسنا".

وأضاف خليل: "لقد ألحقت التجارة غير المشروعة خسائر كبيرة باقتصاديات العالم وتركت آثاراً إجتماعية وصحية ونفسية وبيئية خطرة، إذ تطال مع الوقت قطاعات لم تكن تطالها في السابق، ترتفع خطورة ذلك مع مرور والوقت وتوسُّع قدرة التجار على ولوج السوق غير المشروعة". وتابع: "ليس من الغريب ولكنه مؤلم أن يطال التزوير والمتاجرة بالمزوّر قطاع الصحّة فيصبح الدواء الحامل آمال الناس بالشفاء، قاتلا للآمال وللناس معاً، فإلى أين ستصل البشريّة في ما لو سادت هذه التجارة وخرجت عن قدرتنا على الضبط؟".

ولاحظ أن "هذه القنوات التجارية غير المشروعة أصبحت مجال نشاط مضطرد لعصابات الإجرام المنظّم للإتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية والأعضاء البشريّة والممتلكات البشريّة الثقافيّة التي تتضمّن كل موروث الانسانية من العلوم وأساليب العيش ومحددات الهويّة وأصول الناس والمجتمعات. ولم يقف هذا النشاط عند هذا الحد فطال أيضا الأسلحة والذخائر وسيكون كارثيا في ما إذا تمكّن روّاده من تناقل أسلحة الدمار الشامل أو الأسلحة الفتّاكة على نطاق واسع. كذلك طال النشاط غير الشرعي الحيوانات ومنها ما بات مهدداً بالإنقراض، وكذلك غسيل الأمول وتمويل الإرهاب وشبكات الدعارة والمتاجرة بأملاك الناس ومن خلال الهجرة غير الشرعيّة حتى وصل الأمر إلى الاتجار بالبشر كما كان يحصل في العصور الغابرة التي يخجل الإنسان اليوم بممارساتها المخزية في هذا الإطار".

وأشار إلى أن "التهديد الذي تشكله التجارة غير المشروعة اتسع حتى بات يطال مئات الملايين من البشر اليوم، وهو نشاط قاتل بكل ما للكلمة من معنى نظراً إلى أنه يطال الصحة والسلاح وجودة المنتجات الغذائيّة". ورأى أن "خطر هذه التجارة على حياة الناس يفوق خطر معظم الحروب إذا اعتمد معيار المعرّضين لهذا الخطر".

وقال إن التجارة غير المشروعة "تطال كذلك فرص الناس في العمل فتزيد من منسوب البطالة وتودي بضمانات العاملين فيها الذين لا يملكون المطالبة بحقوقهم من رب عمل غير شرعي بل ينشط إجرامياً ويورّط معه كل شركائه في الإنتاج".

ولاحظ أنّ "التجارة غير المشروعة تشكّل بكلّ واقعيّة نشاطاً تخريبياً وتؤدّي إلى تراجع العائدات الضريبيّة للدولة وبالتالي إلى إيذاء ماليّتها والتأثير سلباً على مردود التقديمات الاجتماعيّة المعتمدة منها، ولا يشكّل الربح الفردي من خلال تلك التجارة إلا انعكاساً للطمع". وشدّدَ على أن "الاقتصاد الشرعي هو الوحيد الذي يحمي كل أطراف العمليّة الاقتصاديّة، من صاحب العمل إلى العامل ومن المنتج إلى الموزّع إلى المستهلك النهائي".

وأبرز أهمية "مواكبة التطور في مكافحة التجارة غير الشرعية بتطوير جهود المكافحة لها على كل المستويات، إنْ على المستوى الإلكتروني من خلال اعتماد الداتا الإلكترونيّة وصولاً إلى الدمج الكامل للمعلوماتيّة الجمركيّة التي توليها وزارة المال أهميّة قصوى واستثنائيّة من خلال سلسلة تدابير لضبط عملية التهريب، أو من خلال اتفاقات التعاون مع الخارج لتعزيز الضوابط المعتمدة دولياً وتعزيز التعاون الجمركي والأمني وصولاً إلى مشاركة المواطنين أنفسهم في دعم هذه الجهود من خلال عدم التعامل بالمواد المهرّبة بل رفضها والتبليغ عنها وعن الناشطين فيها".

ورأى خليل أن "تأثير التهريب والتجارة غير المشروعة والتهرب الضريبي والفساد أحد أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد اللبناني وإعادة الانتظام إلى الماليّة العامة من خلال سد الفجوة القائمة في الإيرادات الضريبيّة والذي لا يحصل إلا بضبط حقيقي ومسؤول وبآليات متطوّرة لكل أشكال التهريب والتهرّب الضريبي".

وقال: "نحن في واقع مالي مأزوم يفترِض بنا على مستوى الدولة إعادة النظر بكل الواقع على المستوى التشريعي والتنفيذي ورسم الآليات الضروريّة لضبط هذه التجارة غير المشروعة والتهريب والفساد الإداري والمالي بكل أوجهه وعلى كل مستوياته لكي يستقيم وضع اقتصادنا وماليتنا ونعيد الثقة إلى الدولة ومؤسّساتها".

وأَضاف: "في هذا السياق، نشهد على تأكيد إعادة الانتظام للمالية العامة من خلال إقرار الموازنة العامة الجديدة لعام 2018 والتي تشكّل اليوم رسالة إيجابية لكل الناس على مستوى الداخل والخارج بأنّ الحياة انتظمت على المستوى المالي الحكومي من خلال هذه الموازنة والتي حاولنا قدر الإمكان واستطعنا أنْ نجعلها موازنة متوازنة على صعيد إعادة ضبط العجز من خلال تخفيف النفقات وزيادة الواردات وإقرار جملة من الإجراءات الإصلاحيّة الضروريّة ولكنّها غير كافية والتي وضعت على السكة من أجل أن تتطوّر وتتحوّل في السنوات المقبلة إلى مسار عمل تعتمده الحكومات في عملها على كل المستويات".

وتابع: "ننتقل بعد أيّام قليلة على مستوى الدولة إلى باريس لحضور مؤتمر سيدر لدعم الاستثمارات في لبنان والذي نواكبه بكل إيجابيّة ومسؤوليّة وواقعيّة لنجعل منه محطة ننتقل منها نحو واقع أفضل، لا محطة تغيب عن مواكبتها الإصلاحات فتزيدنا أعباءً وديوناً من دون أن نخرج من المسار المظلم الذي نعيش فيه على مستوى المديونيّة العامة". وتابع: "هذه المديونية أصبحت تشكّل عبئاً أساسياً علينا يفرض إعادة النظر من خلال هيكلة الدين العام وإدارته بالطريقة الصحيحة والموجّهة لنصبح في مسار المعالجة الحقيقية لواقع ماليتنا العامة".

وأضاف: "ما نلتقي عليه اليوم في هذا المؤتمر هو جزء أساسي من مسار إعادة الانتظام هذه من خلال ضبط التهريب والتجارة غير المشروعة التي سترفد الخزينة بالتأكيد بموارد إضافيّة بما يخفّف العجز وبما يكبّر حجم اقتصادنا الوطني وناتجنا القومي حتى يصبح ديننا العام متوازنأً بنسبته مع تطوّر الناتج المحلّي من جهة بما يخفّف من عجز الموازنة العامة ويدخلنا في المسار الصحيح".

وختم خليل مؤكداً "الالتزام كوزارة وكحكومة، بجعل توصياته ورقة عمل عمل في المرحلة المقبلة لمواجهة هذه الآفة".

بدوره إعتبر رئيس "الريجي" مديرها العام ناصيف سقلاوي أنّ اجتماع مختلف المؤسسات والقطاعات في هذا المؤتمر يُظهِر أن "الوطن بكل كياناته الاقتصادية مهدد"، ملاحظاً أنّ "التهريب "يشكّل اليوم تهديداً حقيقياً لأمن الدول واستقرارها الاقتصادي في ظل الحدود المفتوحة، لا سيّما في واقعنا الجغرافي"، واصفاً إياه بأنه "مسألة تهدد الاقتصاد اللبنانيّ الذي يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى حماية". وأضاف: "اقتصادنا نحن من يحميه، وعلينا نحن تقع مسؤولية حمايته من كل التهديدات وأبرزها التجارة غير المشروعة، ومسؤولية الحفاظ على موارد الخزينة وعائداتها، ومضافرة الجهود ورفع الصوت عالياً، لأنّ الدولة أحق بمواردها، والوطن أحق بمداخيله واللبنانيون أحق بكل قرش يسلبه منهم المهربون والمقرصنون والمزورون".

ولاحظَ أن "آفة التهريب تنخر كل القطاعات وليس قطاع التبغ دون سواه، فالقطاع الخاص، يعاني كما القطاع العام، والقطاع الصناعي يعتبر الأكثر تضرراً". وشدّدَ على أن جهد أي جهة "يبقى منقوصاً ما لم يصب ضمن رؤية وطنية جامعة وشاملة لا سيما ان مكافحة تهريب المنتجات التبغية ليست محوراً منفرداً بل تتقاطع وتتشابك مع إشكالية التهريب بشكل عام، وبالتالي فإن الجميع معني ومطالب بمكافحته من موقعه ومن مسؤوليته".

وأشار إلى أن "تهريب المنتجات التبغية عالي الرُبحيَّة وآمن نسبياً للمهربين فما يترافق معه من عقوبات لا يشكّل أيّ رادع فعلي او جدي". ولفَـتَ إلى أن "الدراسات بيّنت العلاقة بين تهريب التبغ والجرائم الأخرى مثل مشاركة مهرّبي التبغ في أعمال غير مشروعة كالغش في المنتجات ونقل البضائع والاتجار بالمخدرات وأعمال الإرهاب وغسل الاموال والاتجار بالبشر، وأظهرت أنّ هؤلاء يؤدون دوراً مهماً في تسهيل حركة التبادل ونقل الأموال والعائدات نيابة عن مجموعات الجريمة المنظمة".

وأفاد سقلاوي بأنّ تقارير إحصائية أظهرت أن "معدّل تهريب المنتجات التبغية في لبنان ازداد من 6.1 في المئة الى 30.1 في المئة عام 2017، وأنّ العالم العربي يتربّع على رأس لائحة ضحايا التجارة غير المشروعة وانعكاساتها المتنوّعة، إذ بلغت خسارتُه وِفق آخرِ دراسةٍ أُجريت نحو 739 مليار دولار أميركي بين عامي 2003 و2012، أي نحو 75 مليار دولار سنوياً".

وعرض بعض الأرقام المتعلّقة بتراجع مبيعات الريجي" نتيجة التهريب في الفترة الاخيرة. وكشف في هذا الإطار أن قيمة مبيعات "الريجي" في تراجع منذ العام 2012، إذ انخفضت "من مليار دولار عامذاك إلى 564 مليون دولار عام 2017",

وإذ ذكّر بأنّ "الريجي خامس مصدر لدعم الخزينة اللبنانية"، حذّر من أن "الضرر اللاحق بقطاع التبغ جراء التهريب سينعكس لا محالة على عائدات الدولة". ولفت إلى أنّ " ما يخسرُهُ الاقتصادُ الوطني سنويًا بسبب أعمال التهريب والاتجار غير المشروع في قطاع التبغ فقط، يبلغ راهناً 300 مليار ليرة والخسارة الفعلية أكبر بكثير من الأرقام وتنطبق طبعاً على القطاعات كافةً، والخسائرَ إلى تزايد، بالإضافة الى أنّ التهريب يحرم الخزينة عائدات مفترضة نتيجة عدم القدرة على رفع الأسعار بما يتناسب مع أسعار التبغ العالميّة، ذلك ان اية زيادة في الأسعار ستكون دافعاً لزيادة أعمال التهريب ".

وأبرَزَ أن "الريجي استطاعت في العام 2016 ، وبمساندة وزير المال علي حسن خليل ودعمه، وبالإمكانات المتاحة، تحقيق بعض النجاح في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة"، مثمّناً تبني خليل كل اقتراحات "الريجي" في هذا الشأن، ومنها "القرار الجريء الذي يقضي بتحميل الشركات المستوردة ثمن البضائع المهربة ورسومها الجمركية والارباح الفائتة على الخزينة"، و"تعزيز مكانة الصناعة الوطنية" من خلال "تنفيذ مخطط شامل لتطوير الصناعة الوطنية وإنتاج أصناف تنافس تلك المهربة إضافة الى توقيع اتفاقيات تصنيع أصناف عالمية في معامل الريجي". كذلك أشار إلى "ضبط استقرار الأسعار في السوق خاصة عند رفع الضريبة".

وقال سقلاوي: "استكمالا لهذه الجهود، وضعت الريجي في العام 2016 خطة للتنمية المستدامة بمشاركة جميع المساهمين في أعمالها، فحلّت ضرورة مكافحة التجارة غير المشروعة في أعلى سلّم أولوياتها"، آملاً في أن يساهم المؤتمر في "الخروج بحلول منطقية وعمليّة تناسب الجميع".

وأشار إلى أن "آفة التهريب خطرة وتُعادل عائداتها جزءاً كبيراً من عائدات الثروة النفطية الموعودة وبالإمكان وضع اليد عليها". وإذ استغرب "العجز والاستسلام أمام معابر مفتوحة"، شدّد على أنّ "شبكات التزوير في معظمها معروفة وكاملة الأوصاف"، داعياً إلى الإفادة من التجارب الدولية والخروج "بمقاربة متكاملة لمكافحة التجارة غير المشروعة تصب في مصلحة كلّ القطاعات".

وتابع: "إقتصادنا نحن من نحميه (...) واليد الواحدة لا تصفق منفردة، فلنضع معاً توصيات تؤسّس لخطة واضحة ومشتركة لمكافحة التجارة غير الشرعية وليخرج مؤتمرنا بإجراءات عمليّة تحمي قطاعاتنا، وتحمي الدولة والخزينة والمواطن".

وطرح سقلاوي جملة توصيات "بمثابة خطة خمسيّة للأعوام المقبلة"، من أبرزها "مساندة ودعم وتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة التجارة غير الشرعية" التي ستنتج عن المؤتمر، و"تعزيز التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية والقضائية وصولاً إلى تشكيل لجنة مشتركة مع مختلف الأجهزة لتعزيز الاستقصاء والاستخبار والملاحقة"، والسعي مع الأجهزة القضائية والتشريعية الى تحديث القوانين والتشريعات اللازمة لمكافحة التهريب والتشدّد في تطبيق الأحكام القضائية وصولاً إلى العقوبات الجزائيّة". كذلك اقترح "زيادة الوعي عند المستهلك من خلال حملات التوعية ونشر المعلومات حول المخاطر الصحية والاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بتجارة التبغ غير المشروعة"، و"التأسيس لقاعدة بيانات وطنية مشتركة لتبادل المعلومات من خلال اعتماد تكنولوجيات حديثة وتنفيذ نظام متطور للتتبع والتعقب"، و"السعي مع الدول المجاورة الى مواءمة سياسات توحيد الأسعار ومعدلات الضرائب لضبط اختلال التوازن في أسعار السجائر عبر الحدود وخصوصاً في ظل تدني اسعار المنتجات التبغية في بعض الدول المجاورة عن أسعارها في لبنان".

وأمل في أن يكون المؤتمر "حجر أساس لإطلاق مبادرة جامعة من كل الجهات المعنية بموضوع مكافحة التهريب"، وأن تكون توصياته "خطوة جدية في سبيل رسم خريطة طريق تسمح بمواجهة اشكالية التهريب في لبنان والتصدي لها كلٌّ من موقعه"، داعياً إلى اعتبار يوم الثامن والعشرين من آذار من كل سنة "يوماً وطنياً لمكافحة التجارة غير المشروعة".

الجلسة الثانية 

وفي الجلسة الثانية للمؤتمر الوطني الأول لمكافحة التجارة غير المشروعة، أكّد عدد من الخبراء على ضرورة التعاون بين مختلف الجهات المعنية وأجهزة إنفاذ القوانين لمكافحة ظاهرة التهريب والتجارة غير المشروعة.

وعقدت جلسة تمهيدية عن الأطر والمعايير وأفضل الممارسات الدولية لمكافحة التهريب، أدارها الخبير في القوانين الدولية آلان يانوفيتش.

وتناول الخبير من مكتب مكافحة المخدرات والجريمة في الأمم المتّحدة ديفيد إزاديفار موضوع الاتجار غير المشروع بالسجائر ومنتجات التبغ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لافتاً إلى أنّ هذه المنطقة "واحدة من الأسواق التي تشهد نمواً نادراً في معدلات التهريب، إذ بلغت الزيادة في هذا المجال 4.5 في المئة عام 2016، وخصوصاً في العراق حيث بلغت الزيادة 41 في المئة في العام ذاته".

وأشار إلى أنّ "التقديرات تفيد بأنّ حجم التهريب يناهز 43 مليار سيجارة في السنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أي نحو 10.6 في المئة من السوق الشرعية"، لافتاً إلى أن "المنظّمة العالميّة للجمارك WCO قدّرت الكمية المصادرة عام 2012 بنحو 354 مليون سيجارة".

وتطرّق إزاديفار إلى الخطر الذي تمثّله التجارة غير المشروعة، لافتاً إلى أنّها "توفرفرصاً مؤاتية لتفشّي الفساد، وتؤدي إلى تغييب الرقابة على الصحّة والنظافة والنوعيّة، والقيود على المستهلكين كالقاصرين، فضلاً عن التهرّب الضريبي وتمويل الأنشطة الإجراميّة، ومنها الإرهاب".

ثم تحدث الخبير من جهاز الشرطة الأوربي (EUROPOL) هوارد باغ عن أفضل الممارسات في مكافحة التهريب المعتمدة في الاتحاد الاوروبي، فقال إن "عائدات التجارة غير المشروعة للمنتجات التبغية والتي تقدرّ بملايين الدولارات، تصل إلى أيدي تنظيم القاعدة وحركة طالبان ومنظّمات إرهابيّة أخرى وإلى عصابات الجريمة المنظّمة".

ووصف تهريب التبغ بأنه "محرّك لجرائم أخرى" و"مموّل للتهديدات"، تظراً إلى أن "الأرباح غير المشروعة منه تستخدم في تمويل الجريمة المنظّمة". وقال: "إنّ تهريب التبغ يطالنا جميعاً، والعائدات المسلوبة من الدولة كان يمكن أن يتم إنفاقها على مرافق عامة حيويّة كالمدارس والمستشفيات والبنى التحتيّة".

وأشار إلى أن خسائر الاتحاد الأوروبي عام 2016 بسبب التبغ المقلّد و المهرّب بلغت 10.2 مليار يورو، فيما بلغ استهلاك المنتجات التبغية غير الشرعية 9 في المئة، أي نحو سيجارة على عشرة. وبلغ حجم سوق التبغ غير المشروعة في الاتحاد الأوروبي 48.3 مليار سيجارة.

وإذ شرح وظائف "يوروبول" Europol وتحدّث عن تفعيل التعاون الدولي، شدد على أهمية الجانب الإستخباري في مواجهة عصابات الجريمة المنظّمة عبر الإفادة من معلومات مصادر متعددة، منها جهات إنفاذ القانون والمنظّمات الدوليّة والمصادر الاستخبارية المفتوحة والقطاع الخاص (كتجار التبغ). كذلك رأى ضرورة تشكيل وحدات مشتركة أو فرق تدخّل من مختلف أجهزة إنفاذ القانون المختلفة كالشرطة والجمارك والأمن العام وأجهزة الضرائب والقضاء وغيرها. أبرز ضرورة إجراء تحقيقات ماليّة موازية تهدف إلى رصد تدفّقات الأموال الناجمة عن الجرائم والعائدات.

أما الخبير في القوانين الدولية هوتر لورانس فقال إنّ المنتجات التبغيّة هي من بين أكثر المواد التي يتم الاتجار بها بطرق غير مشروعة، وتأتي مباشرة بعد المخدّرات. وأشار إلى أن الخسائر الناجمة عن فقدان عائدات الرسوم بفعل الاتجار غير المشروع تقدّر كل عام بما بين 40 و50 مليار دولار.

ورأى لورانس أنّ أفضل الحلول لمعالجة الاتجار غير المشروع تتمثل في التعاون والتنسيق بين السلطات الرسميّة في مجال السياسات الماليّة والأنظمة وإنفاذ القانون، وبين الجهات الصحّية، من خلال الحملات التثقيفيّة مثلاً، والجهات الصناعية من خلال تبادل الخبرات والمعلومات. وشدّد على أهمية التنسيق والتعاون بين السلطات الحكوميّة وشركات التبغ الشرعية، وإعادة استثمار واحد إلى اثنين في المئة من مداخيل الزيادات الضريبيّة على المنتجات التبغيّة لتعزيز إنفاذ القانون.

ورأى لورانس أنّ "فرض الضرائب بمستويات عالية ومتصاعدة على المنتجات التبغيّة يشكّل المحفّز الرئيسيي لنمو التجارة غير المشروعة، إضافة إلى ضعف إنفاذ القوانين".

إنفاذ القوانين

ثم عقدت حلقة حوار عن تعزيز انفاذ القوانين والملاحقة القضائية وتطوير آليات التنسيق بين الأجهزة الأمنية، أدارها عضو لجنة إدارة "الريجي" المهندس مازن عبود، وشارك فيها النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم ، والمدير العام اقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، والمدير العام للجمارك بدري ضاهر، ورئيس مصلحة مكافحة التهريب في "الريجي" المهندس محمد ظاهر.

وشدّد اللواء عثمان على أن "الإقتصاد لا يمكن أن يكون سليماً إلاّ إذا تمت حمايته من مختلف الجوانب، ولا سيّما من الناحية الأمنية، وهو ما يسمّى بالاستثمار في الأمن". وقال: "ثمة منتجاتٌ فكريةٌ ومعنويةٌ، وأخرى تجاريةٌ وغذائية، تحتّم علينا مكافحة الاتّجار غير المشروع بها، كالتهريب أو التقليد أو التزوير، لأنّ من شأن ذلك أن يضرّ بمصلحة المواطن وصحّته وسلامته كما أنّه يحرم خزينة الدّولة من عائداتٍ وضرائب غير محدودة".

وأشار إلى أن قوى الأمن الداخلي "أنشأت مراكز تعنى بهذا الشأن، وهي تجتمع تحت رئاسة قسم المباحث الجنائية الخاصّة من مكاتب تعنى بمكافحة جرائم المعلوماتية، وحماية الملكيّة الفكريّة ومكافحة الجرائم المالية، وجرائم تبييض الأموال". وأوضح أن "أنّ الأموال الناتجة عن الأعمال غير المشروعة تستدعي من المستحصلين عليها غسلها وتبييضها في السوق المالية اللبنانية، بحيث يلجأون في غالب الأمر إلى استخدام عصاباتٍ وجهاتٍ خارجةٍ عن القانون للقيام بهذا العمل، وهذا ما يؤدّي حتماً إلى انتشار الجريمة بمختلف أنواعها وربّما أدّى إلى تمويل الإرهاب".

ولاحظ أنّ "أعمال التهريب والتقليد لا تتوقّف مفاعيلها عند جريمةٍ واحدةٍ، وإنّما تتجاوز إلى جرائم مختلفةٍ، وربّما وقع التقصير في أداء قوى الأمن الداخلي في مكانٍ ما، بالنسبة إلى مسألة مكافحة التهريب عبر المعابر الحدودية؛ لكونها غير موجودة بشكلٍ فاعلٍ على هذه المعابر، إنّما ضمن الخطّة الإستراتيجية لقوى الأمن الداخلي التي تلحظ تطوير المؤسّسة، وتفعيل آدائها في كل المجالات، من المؤكّد أنّنا سنولي الأهميّة اللازمة لتفعيل دور قطعات قوى الأمن في ما خصّ هذه الجريمة".

وأكّد أنّ "القطعات المختصّة في قوى الأمن الداخلي، تقوم بعملها من جهة مكافحة أعمال التهريب التي تتحقّق منها في الداخل، ومكافحة التقليد وغير ذلك من تعدّياتٍ على الأمن الاقتصاديّ وعلى ماليّة الدولة وخزينتها.

وقد تمّ ضبط موادّ وأدويةٍ وسلعٍ وسياراتٍ وتبغٍ وتنباكٍ ومنتجاتٍ تجاريّةٍ متنوّعةٍ، ومنها ما اضطرّ القطعات المعنية لإجراء مداهماتٍ على مخازن وأماكن خطرةٍ، وتوقيف متورّطين".

وأشار إلى أنّ "المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تقوم باستمرارٍ بإجراء التدريبات التخصّصية اللازمة للضبّاط والعناصر المعنيّين من خلال برامج تدريبيةٍ مدروسةٍ بهدف رفع مستوى الكفاءة المهنيّة لديهم وتفعيلها في العمل". وأضاف: "هذا من ناحية المكافحة، أمّا من ناحية الوقاية؛ فذلك يتطلّب من مختلف أجهزة الوزارات اتّخاذ الإجراءات اللازمة لمنع حصول تعدّياتٍ على الأمن الاقتصادي.وفي هذا السياق، قامت قوى الأمن الداخلي بتوقيع عدّة مذكّرات تفاهمٍ مع القطاع الخاصّ للتعاون والتدريب، آخرها كان مع جمعية حماية المنتجات والعلامات التجارية في لبنان (BPG)". وأوضح أنّ "جزءًا كبيرًا من عمل مكتب مكافحة الجرائم المالية وخصوصاً في مجال تهريب البضائع التي يوجد لها وكيلٌ حصريٌّ في لبنان، والبضائع المقلّدة، يتم بالتنسيق بين المكتب المذكور والجمارك، ولا سيّما في ظلّ وجود تعميمٍ من النيابة العامّة التمييزية بوجوب التعاون بين الجمارك وقوى الأمن الداخلي، من خلال مكتب مكافحة الجرائم المالية، وإحالة ملفّات ضبط الموادّ المقلّدة والمهرّبة على هذا المكتب المختصّ لاستكمال التحقيق بإشراف النيابة العامّة المالية".

وتابع: "لا بدّ لنا جميعًا، من بذل الجهود السريعة، والتنسيق بين القطاعين العامّ والخاصّ، من أجل حماية التجّار القانونيّين، وحماية عائدات خزينة الدولة، إضافةً إلى تبادل المعلومات بين العاملين في القطاع التجاريّ والاقتصاديّ، وجهات إنفاذ القانون، وتقديم الدعم لهم وتبادل الخبرات للتصدّي للتحدّيات التي تواجه المؤسّسات الأمنية، والقطاعين الماليّ والتجاريّ".

أما القاضي ابراهيم، فشرح اختصاصات النيابة العامة المالية، ووصف التهريب بأنه "وجه من أوجه الفساد وهو يحرم الخزينة العامة من الأموال التي تذهب إلى جيوب المهرّبين والمنتفعين". وقال: "نحن ندّعي يومياً ونحيل على المراجع القضائيّة المختصّة (كقاضي التحقيق) ملفات، وفي هذا الموضوع يتم التنسيق مع الأجهزة الأمنية الموجودة على الأرض سواء مع الجمارك أو الشرطة القضائية أو المخافر أو الأمن العام وجهاز مكافحة التهريب في الريجي. قد تكون الأحكام لا تصل إلى السجن ولكن يجب أن نحترم كل حكم يصدر عن السلطة القضائيّة إذ لكل ملف خصوصيّته".

ولاحظ أن "صوت الطائفة والمذهب يعلو على صوت الدولة والوطن في كثير من الحالات، وأي مهرّب يختبئ ويتلطّى خلف طائفته أو مذهبه فيجتمع المذهب أو الطائفة حول هذا المهرّب أو الفاسد تحت مقولة لماذا نحن وليس غيرنا، وكل فاسد محمي من طائفته أو مذهبه".

ورأى أنّ "المسألة متعلقة بالتربية، فالبيت هو الخطوة الأولى للتربية وما نعلّمه لأطفالنا سيسيرون عليه، وللأم والمدرسة والجامعة والمجتمع الدور الأساسي في تكوين البيئة الحاضنة لمكافحة الفساد".

وشدد على ضرورة "التعاضد والتكاتف من أجل حماية هذا الوطن. فإذا عمل القضاء بمفرده وقوى الأمن الداخلي وحدها والأمن العام والجمارك والريجي كلّ وحده، فلن نصل إلى نتيجة، فإما أن نعمل بيد واحدة وروح واحدة وكشخص واحد أو لا يفكرنّ أحد بتحقيق نتيجة". واعتبر أن "دور المجتمع المدني أي الجمعيّات ووسائل الإعلام، محوري وأساسي في مكافحة التهريب والفساد"، لكنه شدد على أن "ما يتم وضعه بيد القضاء أو رجال قوى الأمن يجب أن يكون مستنداً إلى أساس ولا يعتمد فقط على القول والكلام لأنّ ذلك يرتد على القضيّة بحدّ ذاتها وعلى المواطن". وأضاف: "إذا عملنا جميعاً بشكل جدّي يمكننا أن نصل. وأدعو وسائل الإعلام إلى أن تقدّم لنا رأس الخيط على الأقل ونحن نقوم بتحقيقاتنا في النيابة ونكمل. وأتمنى على وسائل الإعلام التي تعمل بجديّة ولديها الأهليّة والإمكانيّة وعندها إرادة في الإصلاح وفي مكافحة الفساد والتهريب أن تقدّم لنا الدليل".

وأشار إلى أن "ثمة معوقات تحول دون عمل النيابة العامة مثل الإذن أو الترخيص بملاحقة أيّ موظّف (...) وثمة حصانات كثيرة وأناس محميّون. ونحن أمام تحدٍ كبير فإما أن نكون يداً واحدة في قيام هذا الوطن أو فليعمل كل على ليلاه ولا يحلمن أحد بقيام وطن".

بدوره لاحظ المدير العام للجمارك بدري ضاهر أن "تجارة التبغ غير المشروعة تهدّد الصحّة العامة للمواطنين وتؤدي إلى خسارة الدولة مبالغ طائلة".

وعدّد ضاهر أبرز أسباب التجارة غير المشروعة، ومنها "طول الإجراءات الجمركية وتعقيدها من جهة، وارتفاع معدلات الرسوم والضرائب من جهة ثانية، والفساد والرشوة من جهة ثالثة".

ولفت إلى أنّ "هذه المظاهر تواجه الاقتصاديين الراغبين في القيام بعمليات الاستيراد أو التصدير عبر القنوات النظامية وتمثل بالنسبة اليهم مصاريف إضافية، تؤدي إلى توقف البعض عن العمل بالتجارة المشروعة وتحوّل بعضهم الآخر إلـى التلاعب والغش من طريق تقديم تصريحات خاطئة في الكمية أو البند التعريفي أو القيمة أو المنشأ أو التوجّه نهائياً إلى التهريب".

وشدّد على ضرورة "تعديل القوانين الضريبية التي تسهل التهرب الضريبي و جعلها اكثر صرامة"، و"تفعيل التواصل الالكتروني مع كل الادارات، إذ من الضروري خلق بنك للمعلومات يربط عمليات المكلفين بجميع الادارات والمؤسسات العامة مثل الجمارك والسجل التجاري والشؤون العقارية والبلدية والقطاع الخاص وغرف التجارة والصناعة والنقابات من اجل تفعيل مكافحة التهرب الضريبي". وأشار إلى أنّ "العمل جار حالياً على تكريس شراكة فعلية مع القطاع الخاص ممثلاً بالهيئات الاقتصادية".

وأعلن أن الجمارك "حققت 10650مخالفة جمركية مختلفة خلال العام المنصرم أدّت إلى تحصيل غرامات جزائيّة بقيمة 13.715.993.000 ل.ل."

ونبّه إلى أن مكافحة التهريب تتطلب "الاهتمام بمطلب تحسين ظروف العمل في القطاع الجمركي، مما يستلزم منح امتيازات للمتعاملين النظاميين مقارنة بأولئك الذين يمتهنون العمل غير المشروع". ودعا إلى "تشجيع النشاط التجاري المشروع عبر تبسيط الإجراءات وتسهيل حركة البضائع والمسافرين وتعزيز النزاهة، وفي الوقت نفسه، مكافحة الاتجار غير المشروع والتصدّي للتهديدات التي تعرّض صحة الناس وسلامتهم وأمنهم للخطر، من أجل خلق بيئة تنافسية عادلة لقطاع الأعمال". وأشار إلى أن الجمارك "سلطت الضوء خلال الأشهر المنصرمة على هذه الأمور، ونجحت إلى حد ما في الوصول إلى الهدف المنشود من ضمن خطة استراتيجية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد".

وأوضح أن محاور هذه الخطة الاستراتيجية تشمل "تبسيط الاجراءات الجمركية و تقليص زمن الافراج عن البضائع. وفي هذا الإطار، تم اختصار أكثر من 360 مرحلة وأكثر من 57 يوم عمل كما تم إلغاء أكثر من 20 وظيفة وإعادة ترشيد عمل الموظفين وتكليفهم بمهام أخرى، وأهم الخطوات التي ستطلقها الجمارك قريباً،هي التخليص المسبق للبضائع، الذي سينعكس إيجابياً على الاقتصاد الوطني لجهة تخفيض مهلة التخليص تدريجياً وصولاً إلى الحد الأدنى المطلوب".

وقال إن الخطة تلحظ أيضا "تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص حيث تمّ إنشاء لجان عمل وارساء تعاون مع غرفة الصناعة والتجارة في اطار التنسيق معها للحد من ظاهرة التجارة غير المشروعة وتلقي الشكاوى وتعزيز الشفافية من خلال تطوير الموقع الإلكتروني وإطلاق الخط الساخن 1703 لتلقي الشكاوى والمراجعات والاستفسارات والابلاغ عن عمليات الغش".

وأفاد بأن "مكافحة الفساد هي أيضاً أحد محاور الخطة، حيث يتم تفعيل مبدأ الثواب والعقاب، وتصحيح الأجور للموظفين"، وكذلك "تعزيزالامن والسلامة العامة وتزويد المراكز الحدودية بأجهزة السكانر والمختبرات الميدانية، وتعزيز دور التحريات الجمركية"، و"تطوير الموارد البشرية، ومواصلة تفعيل اداء الموظفين من خلال دورات تدريبية تهدف الى بناء قدراتهم ،أهمّها عقد دورات تنظمها شركات استشارية متخصصة في هذا المجال".

وختم ضاهر مؤكداً أن "الجمارك حققت خطوات عدّة بهدف تسهيل حركة التجارة المشروعة وتحسين وتطوير إجراءات العمل الجمركي وهذا بدوره سيؤدي إلى تحسين آليات تحصيل الرسوم والضرائب الجمركية وسينعكس إيجابا على زيادتها إضافة إلى التطبيق الأمثل للقوانين والتشريعات وهذه الآليات ستدعم حتماً الاقتصاد الوطني وتشجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة".

أما رئيس مصلحة مكافحة التهريب في "الريجي" المهندس محمد ظاهر فقال إنّ "ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ زيادة ﺍﻻﺗﺠﺎﺭ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺸرﻭﻉ هي السياسة الضريبية ﻏﻴﺮ المتوازنة ﻭالعبء المرتفع الناتج ﻋﻦ زياﺩﺍﺕ ﺿريبيّة متتالية، والتفاوت ﻓﻲ أﺳﻌﺎﺭ ﻣﻨﺘﺠﺎﺕ ﺍﻟﺘﺒﻎ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭة، وﺿﻌﻒ إﻧﻔﺎﺫ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ، وكذلك ﻏﻴﺎﺏ الرقابة المحكمة ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺤﺮﺓ وخصوصاً ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻊ الترانزيت، والطلب المتزايد على ﺍﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺸرﻭﻋﺔ بسبب سعرها ﺍﻟﻤﻨﺨﻔﺾ".

وتناول ﺇﻧﺠﺎزﺍﺕ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻤﻜﺎﻓﺤﺔ، وقال إنّ "ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﻖ ﻋﻤﻞ ﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﻤﻜﺎﻓﺤﺔ، الوضع الأمني والسياسي العام، وﺍﻟﺘﺄﺧﺮ ﻓﻲ إﺻﺪﺍﺭ الأحكام ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺑﺤﻖ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﻬﺮّبين ﻭﻣﺘﺎﺟرين ﺑﺎﻟتهريب، وكذلك ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴّﺔ ﺍﻟﻤﻠﺰﻣﺔ ﻟﻸﺟﻬﺰﺓ ﺍﻷﻣﻨﻴّﺔ ﺑﻤﺆﺍزﺭﺓ ﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﻛﻠّﻤﺎ ﺍﻗﺘﻀﺖ ﺍﻟﻀرﻭﺭﺓ".

واقترح ظاهر بعض اﻟﺤﻠﻮﻝ ﻟﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺸرﻭﻋﺔ، ومنها "سرعة إصدار الأحكام القضائية لإرغام المخالفين على إنهاء قضاياهم ودفع الغرامات التي ﻓﺮﺿﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ، وﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ في ﺎلتشريعات ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻬريب ﻟﺠﻌﻠﻬﺎ رﺍﺩﻋﺔ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺻرﺍﻣﺔ ﻭﻓﺎعليّة، وتأليف لجنة لمكافحة التهريب تضم ممثلين عن النيابة العامة والجيش وقوى الأمن الداخلي ووزارة الإقتصاد ومصلحة الجمارك، فضلاً ﻋﻦ ﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﻓﻲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺣﺼﺮ ﺍﻟﺘﺒﻎ ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﺎﻙ، ﻟﻠﺘﻨﺴﻴﻖ في ﻤﺎ بينها".

وأشار أيضاً في إطار الحلول المقترحة إلى "وجوب ﻭﺿﻊ ﻧﺼﻮﺹ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﻟﻠﻘﻮﻯ ﺍﻷﻣﻨﻴّﺔ ﺑﻤﺆﺍزﺭﺓ ﺟﻬﺎﺯ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻟﺘﻬريب ﻛﻠّﻤﺎ وﺟﺪ ﺫﻟﻚ ﺿرﻭرياً، والإعلان دورياً ﻓﻲ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻋﻦ الآﺛﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠبيّة ﺍﻟﻤﺘﺮﺗﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺗﺠﺎﺭ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺸرﻭﻉ ﺑﺎﻟﺘﺒﻎ، وكذلك ﺗﻌزيز ﺍﻟﺸرﺍﻛﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ بين ﺍﻟﻮﻛﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻤﺜﻠﻴﻦ ﺍﻟﺸﺮعيّين ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺎﺕ ﺍﻟﺘﺒﻐﻴﺔ".

وشدّد على "ضرورة ﺗزﻭﻳﺪ ﺟﻬﺎﺯ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻟﺘﻬريب ﻌﻨﺎﺻﺮ ﺷﺎﺑﺔ ﻟﺘﻔﻌﻴﻞ ﻋﻤﻠﻪ"، مشيراً إلى أن لدى مجلس الوزراء كتاباً ﻣﻮﺍﻓقاً ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴّﺔ ﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ.

وعرض ظاهر لبعض الإحصاءات فذكر أنّ عدد المحاضر التي نظمتها مصلحة المكافحة إرتفع من 82 عام 2010 إلى 490 في العام 2015، لينخفض مجدداً إلى 157 في العام 2017". أما حجم التجارة غير المشروعة فارتفع من 5 في المئة في الفصل الثاني من العام 2010 إلى نحو 30% في الفصل الثالث من العام 2017.