يلاحظ المستهلك في حياته اليومية وجود وانتشار البضائع المقلدة والتي عادة ما تكون رديئة تأتي من مناشئ مختلفة من العالم، وانتشار هذه البضائع المزورة باثارها السلبية الكبيرة على البيئة والصحة والاقتصاد تعتبر معضلة اقتصادية سياسية واجتماعية في ظل عدم مبالاة التجار بحجم الضرر الذي يلحق بالمستهلك من جراء استخدام هذه السلع نظرا الى ان الهدف الاهم لهؤلاء تحقيق اقصى حد ممكن من الربح،من خلال التركيز على نقطة ضعف المستهلك وهوالتوفير المادي ، وتؤثر هذه البضائع المغشوشة على الصناعات المحلية لكثرة تواجدها ورخص اسعارها مما تشكل عاملا مدمرا للاقتصاد الوطني وفعل يساند الجريمة المنظمة والأنشطة غير القانونية بشكل مباشر.

والقى التقرير الذي نشرته المفوضية الأوروبية في بروكسل عن حماية حقوق ​الملكية الفكرية​، الضوءَ على مشكلة انتشار المواد المزيفة، وقرصنة حقوق الطبع والنشر، بهدف حماية الشركات والمستهلكين الأوروبيين من التقليد و​القرصنة​، كما أشار التقرير إلى أن ​الصين​ في مقدمة هذه الدول التي تنتهك حقوق الملكية الفكرية، ولا تزال تمثل مشكلة مستمرة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، حيث إن أكثر من 80 % من مضبوطات السلع المقلدة والمقرصنة تأتي من الصين أو ​هونغ كونغ​.

وعلى الرغم من ان اغلب المواطنين على علم بهذا الامر الا انهم يقومون بالشراء متجاهلين الاثار الجانبية التي تخلفها هذه البضائع حيث يتفق الجميع على انها سلع رديئة، حيث لو كانت سلعاً جيدة لوجدت طريقها إلى المستهلك من دون الحاجة إلى التحايل عليه بالاعتداء على علامة تجارية ناجحة.

لبنان​: انتشار كبير للسلع المقلدة وعدم الاكتراث بصحة المستهلك

وتنشط عملية بيع السلع المزيفة والمقلدة عن الماركات العالمية في لبنان كما سائر البلدان العربية نظرا الى ان المواطن اللبناني يهتم بدرجة كبيرة بالمظاهر ويعمد الى امتلاك الماركات الفارهة والعالمية التي تكون عادة باهظة الثمن وتفوق قدرته ومن اجل تلبية رغباته باقتناء هذه الماركات يقع فريسة في ايدي التاجر المحتال الذي يوفر له هذه البضائع المزيفة والتي تختلف اسعارها بحجم مطابقتها للنسخة الاصلية ولا يضعون في حسابهم مدى الحاجة أو الفائدة العملية للمستهلك منها .

ويلحظ المستهلك اللبناني توفر كبير للبضائع المقلدة في الاسواق التجارية لدرجة وجود صعوبة لدى المستهلك من التميز بين البضائع الاصلية والاخرى المقلدة ورصد موقع "الاقتصاد " ان التقليد دخل في كل شيئ فبات المستهلك محاط بالكثير من البضائع المزيفة من حقائب اليد الى الاحذية والعطور والساعات لتصل الامور الى النقطة الاكثر تعقيدا وخطورة وهي تقليد الادوية ومستحضرات التجميل التي تحتوي على مواد ضارة بالصحة فاقلام احمر الشفاه المقلدة والرديئة تقوم على أساس دهون ذات قاعدة نفطية والتي قد تحتوي على مواد يُشتبه في كونها مسببة للسرطان، بالاضافة الى المركبات الكيميائية التي يمكن أن تتراكم في الأنسجة الدهنية للجسم وفي الكبد، فضلا عن أن بعض الأصباغ يمكن أن تتسبب في استجابات تحسسية، وتعتبر العلامات التجارية المعرضة للتقليد هي الأميركية والإيطالية والفرنسية.

كما تنشط عملية تجارة البضائع المغشوشة على الانترنت ومن خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي Instagram و ​فايسبوك​ حيث تقوم جهات مجهولة بإعداد وتصنيع وتعبئة مستحضرات التجميل المغشوشة بمواد أولية مجهولة المصدر ووضع اسماء ماركات تجارية عالمية على هذه المنتجات مثل "ماك" و"لوريال " وغيرها اسماء لماركات تلاقي القبول والثقة من المستهلك ولها تاريخ طويل في هذا المجال كما تباع هذه المنتجات على الطرقات وبين الأزقة .

,اشار احد اصحاب محال بيع العطورات في سوق الحمرا التجاري في بيروت الى ان الاسواق اللبنانية مليئة بالعطورات المقلدة والمغشوشة ولا سيما تلك التي يتم تسويقها على الارصفة والطرقات وتتم تعبئتها محليا باضافة القليل من الماء والزيوت لزيادة كمية السائل والمحافظة على رائحتها لمدة اطول بالاضافة الى المواد الكيميائية التي تهدد صحة وسلامة المتسهلك ، كما يلجأ هؤلاء الباعة الى الكثير من اساليب الخداع لجذب الزبائن حيث يقومون بعرض نموذج من العطر المركز يختلف عن المعروض للبيع .

ووجود البضائع المزيفة والمقلدة موجودة في اغلب ​الدول العربية​ ولعل دبي من ابرز هذه المدن حيث تنتشر في أسواق عدة من الإمارة لاستغلال السائحين والمستهلكين، حيث يشاهد السائح او الزائر لبعض الاسواق وخاصة الشعبية الى وجود بعض الاشخاص الذين يقفون على قارعة الطريق والذين يقومون بدعوة المارة الى بعض الشقق او المحال والتي تكون بعيدة نسبيا عن السوق او في الطوابق العليا للمحال التجارية بهدف الحصول على البضائع المقلدة والتي تحمل اسماء الماركات العالمية وعلى الرغم من تشديد الرقابة في الامارة الخليجية على هذه الظاهرة الا انها موجودة ومنتشرة ولا يستطيع احدا من انكارها وهي تشكل منجما من ​الذهب​ للقائمين بها ، بالاضافة الى المستودعات الكبيرة التي تتم فيها تخزين البضائع المقلدة والتي لا تحمل اللافتات التجارية وبالتالي تصعب على الدولة اكتشافها .

الصين تغزو العالم بالسلع المقلدة

تأتي الصين وفقا لتقرير المفوضية الأوروبية في بروكسل في مقدمة الدول التي تنتهك حقوق الملكية الفكرية حيث إن أكثر من 80 % من مضبوطات السلع المقلدة والمقرصنة تأتي من الصين أو هونغ كونغ .

وهذه الظاهرة تعتبر من ابرز المشاكل التي تواجهها ​الشركات العالمية​ كما المستهلكين سواء في ​اوروبا​ او في انحاء العالم واشارت مفوضة التجارة، سيسليا مالمستروم، إلى أن سرقة الملكية الفكرية يعد خنقاً للابتكار، ويضعف ثقة الاتحاد في شركائه التجاريين، خصوصاً الصين التي لا تزال المُصدر للغالبية العظمى من السلع المقلدة والمقرصنة المضبوطة.

وتم مؤخراً إطلاق مشاورات عامة للمساعدة في تحديد قائمة المراقبة الجديدة الخاصة بالتزوير والقرصنة، التي ستسلط الضوء على أسواق خارج ​الاتحاد الأوروبي​ تنتشر فيها إساءة استخدام الملكية الفكرية.

وأعلنت المفوضية الأوروبية في بروكسل في كانون الأول الماضي عن مقترحات سوف تسهم في تضييق الخناق على المتورطين في عمليات تقليد البضائع، وذلك لتحقيق حماية أفضل لبراءات الاختراع وحقوق العلامات التجارية وتصاميم الشركات الأوروبية..

سبل القضاء على ظاهرة البضائع المقلدة وحماية الصناعات المحلية:

ونظرا الى المخاطر الكبيرة التي تنتج عن البضائع المقلدة والمغشوشة على الاقتصاد وعلى صحة المستهلكين يجب التصدي لهذه الظاهرة وايجاد الحلول الملائمة للقضاء عليها ولعل من ابرز هذه الاجراءات تلك التي تتعلق بالمستهلكين انفسهم الذين يحملون مسؤولية إبلاغ الجمعيات والقطاعات الحكومية المختصة عن أي حالة اشتباه بالغش ، وكذلك يجب التأكد عند شراء تلك المنتجات من الحصول على فواتير شراء موضح فيها نوع المنتج وتاريخ الشراء، بالاضافة الى الحصول على بطاقة الضمان للساعات ووجود الرقم التسلسلي، وتجنب الشراء من الباعة المتجولين وشراء المنتجات ذات السعر المخفض بشكل لا يمكن تصديقه.

كما لا يمكننا ان ننسى الدور الكبير الذي يجب ان تلعبه اجهزة الدولة للتصدي للانتشار البضائع المقلدة وحماية الصناعات المحلية ومكافحة الغش التجاري وفرض عقوبات صارمة وغرامة مالية بالاضافة الى تنفيذ حملات رقابية مستمرة وطوال السنة على المستودعات والأسواق ومنافذ البيع في مختلف مناطق ومباشرة بلاغات المستهلكين، وفي لبنان هناك مديرية حماية المستهلك والتي تعمل على ضمان بيئة آمنة وتجارة عادلة ومنصفة بالنسبة للمستهلكين والتجَّار حيث تعمل من ضمن عناوين عريضة على مكافحة البضائع المقلّدة وتوفر المديرية مركزالتلقي الشكاوى جاهز لاستقبال شكاوي ومشاكل المستهلكين على الرقم 1739 بالاضافة الى امكانية تحميل المستهلك لتطبيق خاص أنشأته وزارة الأقتصاد لهذه الغاية.