يتزايد الإهتمام الرسمي والخاص في السنوات الأخيرة بأقتصاد المعرفة نظرا لأهميته بتطوير البلد ونموه: فحاكم ​مصرف لبنان​ ​رياض سلامة​ أكد أن قطاع التكنولوجيا واعد ويمكن أن يؤمن مستقبلا أفضل إقتصاديا واجتماعيا ويساعده على الأنخراط في العولمة ويمنحه القدرة التنافسية !!فكيف يمكن أن نرفع مساهمته في دعم الأقتصاد اللبناني وتكون له حصة مهمة من الناتج المحلي؟لم لا ما دامت التكنولوجيا من أكثر القطاعات الجاذبة للأستثمار على حد قول رئيس الحكومة ​سعد الحريري​.

ففي لبنان لدينا الكفاءآت البشرية لكن يجب أن تكون ​البنية التحتية​ ملائمة والبيئة التشريعية محدثة للتلاءم مع التطور الكبير والسريع في عالم التكنولوجيا كما يفترض على الحكومة تقديم المزيد من الدعم والمحفزات الى جانب دعم مصرف لبنان لهذا القطاع من خلال التعميم 331.

"الإقتصاد" سألت ماذا فعلت وزارة الأتصالات في هذا الأطار وهل تواكب الحكومة من خلال ورشة تشريعية:

أوضح وزير الاتصالات ​جمال الجراح​ أن خط المرور للإنترنت الدولي من قبرص ومصر كانت قدرته قليلة ورفعناها 10 أضعاف دون دفع ولا أي ليرة لبنانية ورفعنا قدرة ​الإنترنت​ من 60 جيغا إلى 600 جيغا بين مارسيليا وقبرص، ومن 50 إلى 500 من قبرص إلى لبنان. كما قمنا بتحديث المعدات المحركة، وهذا المسار يمكننا من القول أنه نوعا ما بات لدينا البنية التحتية الخصبة في ​قطاع الإتصالات​".

وقال متابعًا "هذا فيما يخص الشق الأول في الموضوع، ويتعلق الشق الثاني بمشروع FiberOptic، الذي يعتبر المطور الأول للقطاع التكنولوجي من إتصالات وجامعات ومستشفيات ومراكز الأبحاث ودوائر الدولة وسنبدأ بالعمل فيه اَخر شهر اذار. هذا المشروع الذي سيغطي كافة الأراضي اللبنانية، ومن الممكن أن تصل سرعة الإنترنت إلى 400 ميغا في الثانية".

الجراح: في موضوع الأسعار ...نتعامل بحذر!!

وعند سؤالنا عن العامل التنافسي الآخر : موضوع الأسعار، فقد قال وزير الإتصالات "قمنا بدراسة وتخفيض أسعار الإنترنت"، وأضاف أنه" يجب مقاربة الموضوع بحذر بحيث أننا نلتزم مع وزارة المالية بأن نورد سنويا 2000 مليار ليرة للخزينة، وقد وفينا بهذا الإلتزام العام الماضي حيث سددنا 1936 مليار وكان لدينا فائض بسيط في حسابنا، ونأمل أن تزيد هذه النسبة في العام الحالي مع كل التوسع والتطويرات في مشروع fiberoptics، وتوسعة التغطية الخاصة بالخليوي على كافة الأراضي اللبنانية حيث سنقوم بزرع 940 عامود إضافي لضمان تغطية ممتازة لـ 95 % من الشعب اللبناني".

وأكد الجراح أن "هذه المشاريع تشكل سلّة أساسية لمواكبة التطورات التكنولوجية اللازمة والدخول لعالم إنترنت الأشياء والتحكم بالخدمات الحياتية التي يقوم العالم بتطويرها، وبهذا نهيىء البنية الأساسية بشكل موثوق قابل للتطورات ومحاربة الفساد وتوطيد العلاقة بين المواطن والدولة بشكل خطوة متأخرة للأمام".

وسألت "ألإقتصاد" في حديث خاص الوزير السابق مروان خير الدين عن العوائق وكيف السبيل لزيادة الاستثمار في قطاع المعرفة وهل يرى من خلال تجربة ​بنك الموارد​ انه استثمار مربح فعلا للمستثمر؟

قال: العوائق على ​الشركات الناشئة​ هي نفسها العوائق الموجودة على الإقتصاد أو على شركات ​القطاع الخاص​ وهي "وزن الدولة"، فالدولة اليوم تمثل ثقلا على الإنتاج وليست محفزا للإنتاج، باستثناء مصرف لبنان وبعض المبادرات التي قامت في الماضي مثل "إيدال" وغيرها، الدولة تشكل عبءا على أي شركة إن كانت موجودة أو ناشئة ولكن الشركات الناشئة تتأثر بشكل أكبر إن كان من تكاليف الضمان الإجتماعي الذي لا يقابله خدمات كافية أو من الضرائب والضرائب غير المباشرة وإن كان من الإستيراد لأن الإبتكار والإختراع مثلا يتطلب أمورا من الخارج، ومن أراد أن يرسل شيئا بالبريد السريع عليه أن يأتي إلى المطار الذي يخضع للجمارك والخاضع للروتين الإداري وبالتالي يتطلب وقتا أكثر ويتكبد رسوما تفوق ثمنه. 

هناك الكثير من الإصلاحات المطلوبة، ونحن كدولة نعلم ما هي هذه الإصلاحات إنما لم نجد بعد حتى الساعة فريق العمل من الحكومة الذي يأخذ هذه الإصلاحات على محمل الجد لتنفيذها ولنطلق عجلة إصلاح جدّي.

عوائق تشريعية

أما الشق الثاني فهو قانوني فنسبة النجاح في الشركات الناشئة أدنى من نسبة الفشل وإن كنا نحتاج إلى الدخول في إجراءات إفلاس الشركة المعتمدة في لبنان عند كل فشل لمشروع، فذلك سيتطلب 4 إلى 5 سنوات لـ"تفليس الشركة" وهذا عائق، ومن جهة أخرى كل هذه الشركات الناشئة تعتمد اعتمادا مباشرا على الإنترنت وعلى البنى التحتية المتطورة، فإن كان الإنترنت بسرعة جيدة في مكان ما في لبنان فهو مكلف جدا، إمّا بطيء ولا يمكن الإعتماد عليه أو مكلف مقارنة بكل الدول المنافسة وبالنتيجة عندما نذهب للمنافسة على الصعيد العالمي، نحن لا ننافس أنفسنا إنما ننافس في سوق عالمية ويجب أن يكون لدينا مقومات السوق العالمية، فكلفة الميغابايت في لبنان تفوق كلفة الميغابايت في الدول التي ننافسها إلى حد العشرة أضعاف.

ولفت الى اننا نتميز بالفكر والعقل والعلم اللبناني، فجامعاتنا تخرج أفضل الطلاب في المنطقة، وفي بعض الأحيان في العالم، لدينا رواد طلاب الحساب وما يتبعه من علوم، ولكن كيف يمكن لنا ان نجني ثمار هذا الموضوع وكيف لنا أن نطلق هذه الشركة التي ستستخدم لبنان كمختبر لها وكمنصة اختبار لتبيع في العالم كله، وأنا أؤكد لك أنه لدينا عدد من الشركات وهي في لبنان منذ 3 سنوات ويصل عددها إلى أكثر من 10 و15 شركة ولديها المجال الجدي للنجاح على المستوى العالمي.

مروان خير الدين: كنا من الرواد الذين استثمروا في اقتصاد المعرفة

*هل تعتبره استثمارا ناجحا؟؟ إلى أي مدى أبديتم اهتماما كبنك التمويل بهذا الموضوع وما هي نسبة تمويل هذا الإستثمار؟

حدد المركزي نسبة 4% للقطاع المصرفي ككل بعد ان كانت 3% في البداية من امواله الخاصة للإستثمار فيها، إجمالي هذه النسبة يفوق الـ 500 مليون دولار وما تم توظيفه حتى الآن هو اكثر من 200 مليون دولار، أمّا بنك الموارد فكنا الرواد بهذا الموضوع، فلقد كنا المصرف الاول الذي استثمر في هذا القطاع حيث استثمرنا في شركة منذ 3 سنوات، ودخلنا في عدد من صناديق الإستثمار ولدينا استثمارات في ما يقارب الـ12 او 13 شركة بشكل مباشر، وبالتالي نحن نؤمن بهذا الموضوع ولكن نحن على يقين أن هذا ليس ربحا سريعا، نحن لا نشتري سند دين بل نستثمر بأفكار الشباب الذين يعملون على تطويرها وتسويقها على المستوى العالمي.

بحسب تقديري نجحنا كبلد بهذا الموضوع ولكن لم نصل بعد لنقطف ثمار هذا النجاح، لكن نحن نسلك الطريق السليم دون أي شك.

بالختام معروف اننا اذا طورنا هذا القطاع سينعكس التطور في مجالات عدة من التعليم الى الزراعة الى الصناعة والتشريعات و​القطاع المصرفي​ فلم الانتظار:صحيح أننا دخلنا نادي الدول ​النفط​ية الأ ان مردود النفط و​الغاز​ مؤجل لسنوات مقبلة في الوقت أن الأستثمار في أقتصاد المعرفة موجود وواقعي ويخلق الكثير من فرص العمل التي نحن بأمس الحاجة اليها ماذا ننتظر؟