خاص ــ الإقتصاد

مئات المخالفات والتجاوزات التي كان مسرحها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في مدينة شكّا، تمّ اكتشاف تباعاً وأدت الى ​اختلاس​ مبالغ طائلة قاربت المليار ليرة لبنانية، عبر إقدام أطباء و​موظفين​ ومستفيدين وأصحاب صيدليات على تزوير التواقيع والأختام الظاهرة في الصورة الضوئية والمعاملات الأصليّة الموجودة في مكتب مقرّ الصندوق المنسوبة لأطباء في الوصفات الطبيّة المدوّنة بأسمائهم.

الخيوط المعقّدة لهذه الأفعال الجرمية، فككتها قاضي التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصّار، التي أجرت تحقيقاتها في هذا الملف، وأصدرت بنتيجته، قراراً ظنياً تضمنت وقائعه معلومات تفيد بأن هذه الأفعال، مهّد لها كلٌ من المدعى عليهم "ش.خ" و"م.ح" و"ش.خ"، عبر تأمين الأجواء داخل مكتب الصندوق الوطني للضمان في شكا بين بعض الموظّفين، عبر نقلهم البطاقات الصحيّة للمدعى عليهم المضمونين "ل. ق" و"أ. ش" و"ي. ط" و"ل. خ" و"أ. خ" و"ط. ب" و"ج. ب" و"ج. س" و"ك. أ" و"ج. ز" و"ب. ق"و"أ. ز" و"ه. أ" و"غ. م" الى المكتب المذكور، وتأمين الطبيبين المدعى عليهما "ص. خ" و"أ. ش"، لاعداد وصفات واستمارات وتقارير وتأمين غلافات للأدوية الموصوفة والباهظة الثمن، من صيدلية المدعي عليه "ش. ح" وتعبئة الوصفات والاستمارات واصدار الايصالات وتقديم المعاملات لدى موظف الاستعلامات في مكتب شكّا المدعى عليه "ش. ب"، بواسطة المضمونين المشتركين معه، ل​اختلاس أموال​ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في ما بينهم.

ووفق مضمون القرار، فإن المدعى عليه الطبيب "ا. ش" أقدم على تنظيم معظم الوصفات والتقارير الطبية المتعلقة بمحفوظات مكتب شكا، دون معرفته بالمرضى، ودون معاينتهم ولا حتى تنظيم ملفات طبية لهم، ودون التأكد من حالاتهم المرضية ولا التثبت من وجود فحوصات طبية أو مخبرية أو تقارير يستند اليها، ما أدى الى الاستفادة من دون وجه حق، من تقديمات الصندوق الصحية واختلاس أمواله.

ولإنجاز كلّ فصول العمليات، كان للمدعى عليه "ش. ح" صاحب احدى الصيدليات، دور أساسي في تنفيذ مجمل الوصفات الطبية، من ​الأدوية​ غير المباعة فعلياً، كما أن الطبيب المراقب لدى الصندوق، المدعى عليه "ص. خ" لم ينشئ ملفات طبية للحالات المرضية الخاصة، التي تستدعي حكماً موافقة الرقابة الطبية، واحتفظ بمستندات طبية في منزله لاخفاء جرمه، كما أنه لم يقم بواجباته بمراجعة بيانات المكننة والاستفادة المسبقة لهؤلاء المرضى المضونين عن الفحوصات الطبية، والاستشفاءات ولا سيما الأدوية التي وافق عليها سابقاً، كما لم يقم اصولاً بالالتزام بخصوصية الأدوية، التي تستلزم المتابعة من قبل أطباء اخصائييين، واكتفى بالاستناد الى تقارير صادرة بمعظمها عن المدعى عليه الطبيب "ا. ش"، التي لم تكن موثقة بفحوصات مخبرية، وكان يستلمها المدعى عليه "ش. ب" ويمررها من دون التدقيق بها، كما أقدم على الموافقة على عدة وصفات أدوية بتواريخ متقاربة دون مراجعة موافقاته السابقة عليها، وتطابق الوصفات.

وفي سياق الأعمال الجرمية، تبين أن الطبيب "ص. خ" أقدم عمداً على تجاهل القيام بدوره الرقابي، ما أدى للإستفادة غير القانونية واختلاس أموال ​صندوق الضمان الاجتماعي​، استناداً الى موافقاته الطبية، كما تبين وجود تزوير في التقارير والمستندات الطبية الخارجية، الى جانب التزوير في الأختام والتواقيع العائدة لمصلحة المراقبة الطبية لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في بئر حسن، وكشفت التحقيقات أن "ش. ح" و"م. ح" كانا يقومان بتنظيم المعاملات المتعلقة بالمضمون المدعى عليه "ش. خ" الذي لا يشكو من أي مرض، بمعرفة من المدعى عليه "ا. خ"، في حين كان يتقاضى "ط. ب" أموالاً عن كل المعاملات التي كان "ش. خ" و"م. ح" يقومان بتنظيمها له، على اسم والدته غير المريضة.

لم يكتف المدعى عليه "أ. ي" رئيس مكتب شكا للضمان، بعدم ضبط المركز بشكل يمنع فيه الأعمال غير القانونية وغير المشروعة المشار اليها، بل كان يتقاضى مبلغ خمسة ملايين ليرة عن المعاملة ويتقاضى، المدعى عليه الطبيب المراقب "ص. خ" مبلغاً مماثلاً في ما يتقاضى "ط. خ" و"ش. ب" الباقي.

وكان للمدعى عليها "ل. ق" زوجة "ش. خ" دورها عبر تقديم المعاملات على اسم والدتها وينظمها لها الطبيب "ش. خ" فتقوم بقبضها دون أن تكون والدتها مريضة، أو تتناول أي من الأدوية الموصوفة في المعاملات المذكورة، وتبين أن جميع المعاملات الصحية العائدة للمضمونين المدعى عليهم هي غير صحيحة ووهمية لعدم وجود حالات مرضية فعلية، وهؤلاء المضمونين أقدموا على الاستفادة من التقديمات الصحية دون وجه حقّ، واختلسوا أموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مع باقي المدعى عليهم، ليصل المبلغ المختلس الى تسعماية وثلاثة وعشرين مليوناً ومئة وثمانية وخمسين ألفاً وستماية وتسعين ألف ليرة.

وطلبت قاضي التحقيق الأول سمرندا نصّار، عقوبات تصل الى الأشغال الشاقة 10 سنوات للمدعى عليهم المذكورين، وأحالتهم على محكمة جنايات الشمال لمحاكمتهم.