أكد الوزير المفوض القائم بالأعمال بالإنابة في السفارة ​السعودية​ في لبنان وليد بخاري: أن العلاقات الاقتصادية السعودية-اللبنانية ستشهد في الفترة القريبة تطورات إيجابية مهمة من شأنها أن تمهد لعودة العلاقات بين البلدين إلى عصرها الذهبي.

ويتوقع أن تجمع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين خلال شهر حزيران المقبل وعلى جدول أعمالها نحو 27 مشروع اتفاق يضع الأطر الرسمية للعلاقات في معظم المجالات بدءاً من قضايا الاقتصاد والنقل والجمارك مروراً بالثقافة والتربية والرياضة، ووصولاً إلى القضايا المتعلقة بالدفاع.

واعتبر الوزير بخاري أن مناقشة هذه الاتفاقات ستشكل نقلة نوعية في البنية الرسمية للعلاقات وستترافق بزيارات سواء على مستوى الوزراء أو على مستوى القطاع الخاص.

كلام بخاري هذا جاء خلال استقباله في دار السفارة وفداً موسعاً من مجلس الأعمال اللبناني - السعودي برئاسة رؤوف أبوزكي في حضور سفير لبنان في السعودية فوزي كبارة والنائب نعمة طعمة، مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة عليا عباس ومدير عام الجمارك بدري ضاهر ونائب رئيس المجلس سمير الخطيب، ومستشار رئيس مجلس الوزراء فادي فواز ومستشار رئيس مجلس الوزراء لشؤون الشمال عبدالغني كبارة، ورئيس غرفة طرابلس توفيق دبوسي إضافة إلى عدد من أعضاء المجلس.

كما حضره من الجانب السعودي الملحق التجاري في السفارة سالم الشهراني والقنصل العام سلطان السبيعي ونائب رئيس البعثة ماجد مانع أبا العلا والمستشار الاقتصادي مروان الصالح.

وتحدث في اللقاء رئيس مجلس الأعمال اللبناني-السعودي رؤوف أبوزكي ومما قاله: إن لبنان والسعودية يرتبطان بعلاقات تاريخية طويلة ونموذجية على المستويين الرسمي والشعبي. وثمة إجماع على أن الاستقرار الذي ينعم به لبنان إنما هو استلهام من اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية حيث كانت السعودية ولا تزال الراعي الأول لهذا الاتفاق الذي وضع الأسس لنظام سياسي وفاقي منذ ربع قرن. وما الحراك السياسي القائم بين البلدين ومنذ زيارة الرئيس سعد الحريري الأخيرة إلى الرياض وصولاً إلى عودة بخاري إلى بيروت وإلى تسلم سفير لبنان كبارة عمله في الرياض سوى تعبير حي عن هذا الاهتمام.

وتشكل السعودية العمق الاقتصادي للبنان، والحاضنة لنحو 300 ألف لبناني، وهؤلاء مع غيرهم من المغتربين، باتوا صمام الأمان للاقتصاد الوطني.

وأضاف: ان مجالات التعاون بين البلدين واسعة ومتنوعة، واليوم ترتسم آفاق جديدة لتعظيم هذا التعاون في ظل ظروف مؤاتية. ففي السعودية تجري عملية تحول جريئة بمبادرة من ولي العهد محمد بن سلمان وبإشراف الملك سلمان، تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع، وتنمية دور القطاع الخاص، وترشيد العمل الحكومي والسياسة المالية، الأمر الذي يوفّر فرص أعمال كثيرة ومتنوعة للسعوديين وللبنانيين ولكل الشركات المؤهلة والقادرة على المنافسة. وهناك انفتاح اجتماعي وثقافي واسع برز في مجالات عديدة خاصة بالنسبة للمرأة والتعليم وفي ردع المتطرفين وتسهيل الاستثمار وما زيارة ولي العهد مؤخراً إلى الكنيسة في القاهرة وزيارة غبطة البطريرك الراعي إلى الرياض سوى تعبير صارخ عن الانفتاح الحاصل.

وفي لبنان، وفي ظل استقرار سياسي وأمني، تعكف الحكومة على دراسة خطوات عدة في مجاليّ النهوض الاقتصادي والإصلاح تحضيراً لمؤتمر "سيدر1" لعرض برنامج استثماري في مجال البنى التحتية بقيمة حوالى 17 مليار دولار على مدى عشر سنوات خصّص نحو 40% منه لإشراك القطاع الخاص عبر قانون الشراكة. ونحن نتطلع إلى مساهمة السعودية ودول الخليج الأخرى في هذا المؤتمر المزمع عقده في باريس في 6 نيسان المقبل.

وأضاف أبوزكي "وفي ظل هذا المناخ الملائم يبرز دور مجلس الأعمال اللبناني - السعودي الذي يضم نخبة من كبرى الشركات اللبنانية، كأداة لخدمة العلاقات وزيادة المبادلات والاستثمارات المشتركة. ويتطلع المجلس إلى عقد شراكات بين مؤسسات الأعمال في البلدين للمشاركة في المشاريع المرتقبة في مجال البنى التحتية والنفط والغاز، كما نأمل استكمال تشكيل مجلس الأعمال من الجانب السعودي بانتخاب رئيس له بحيث يكون هذا المجلس مسانداً لنظيره اللبناني وظهيراً للعمل الدبلوماسي. ونشير في المناسبة أن في نية المجلس وبالتعاون مع الهيئات الاقتصادية تنظيم وفد اقتصادي إلى السعودية قبل نهاية هذه السنة. كما في نيته السعي لاستئناف عقد "الملتقى الاقتصادي السعودي-اللبناني" في بيروت.

ونؤكد في المناسبة -والكلام إلى أبوزكي- ان كل قطاعات وفئات الأعمال في لبنان لا تكن للسعودية وشعبها إلا المحبة ودوام الازدهار والتطور. ومهما تقلبت العلاقات السياسية، فإنها تبقى مجرد سحابات صيف. ونشكر السعودية حرصها على أبناء الجالية اللبنانية وعلى استمرار احتضانهم. كما نسجل أن الشركات اللبنانية المؤهلة لا تزال تأخذ نصيبها من المشاريع وفق آليات العمل في السعودية.

وناشد أبوزكي باسم مجلس الأعمال، وباسم قطاع الأعمال، وباسم اللبنانيين الذين يحبون السعودية وهم كثر إن لم نقل أنهم الأكثرية، قيادة السعودية لمبادرة النصح بالمجيء إلى لبنان.

وختم: إن مجلس الأعمال باشر ومنذ اعادة تشكيله قبل أشهر، التحرك في كل الاتجاهات وفق برنامج كانت بدايته توزيع استبيان شمل 700 مؤسسة لبنانية تتعامل مع السعودية للوقوف على الواقع. وكانت النتيجة أن غالبية المصدرين يشكون من وجود معوقات إدارية وجمركية ولوجستية. وهناك مشكلة نقل بري تتسبب بارتفاع الأكلاف. والجميع يبذل الجهود لإزالة المعوقات واستئناف حركة السياحة والاستثمار في لبنان.

ثم تحدث سفير لبنان في السعودية فوزي كبارة منوهاً بأهمية هذا اللقاء معتبراً أن العلاقات الاقتصادية بين لبنان والسعودية والتي تعكس المصالح المتبادلة هو المحور والأساس. وعندما تكون العلاقات الاقتصادية قوية، تقوى معها العلاقات على كل الأصعدة الأخرى.

ودعا السفير كبارة إلى اعتماد برنامج محدد يعالج بالأولوية كل مسألة بدءاً من مشاكل الاستثمارات السعودية في لبنان ومن ثم مشاكل الاستثمارات اللبنانية في السعودية وصولاً إلى القضايا الأخرى التي تحتاج إلى معالجة.

وشدد كبارة على أهمية السعي لتحسين صورة لبنان في السعودية وبالعكس، ونحن في السفارة نسعى دائماً لنقل الصورة الجميلة عن لبنان أمام السعوديين، منوهاً بالحفاوة التي أبداها الملك سلمان عند استقباله سفير لبنان لمناسبة تقديم أوراق اعتماده.

وأشاد كبارة بالتطور الذي حققته السعودية وهو الذي خبرها على مدى 26 عاماً، معتبراً أن المملكة تمتلك من المقومات ما يجعلها وجهة سياحية.

وختم: السعودية هي بلد الخير والتاريخ وعلاقتها بلبنان عريقة ونأمل من رجال الأعمال في البلدين توطيد هذه العلاقة من خلال التواصل الدائم.

ثم تحدث الوزير المفوض وليد بخاري مرحباً وشاكراً لمجلس الأعمال اللبناني-السعودي زيارته وقال: ويسعدني أن أرحب بكم جميعاً في دار السفارة، شاكراً لمجلس الأعمال اللبناني - السعودي زيارته، وهو المجلس الذي يلعب دوراً حيوياً في تحسين العلاقات الاقتصادية بين البلدين وتعزيز التواصل بين رجال الأعمال، وفي نسج الشراكات في مجالات الاستثمار والتبادل التجاري والسياحي.

وقال: يأتي هذا اللقاء في وقت يدخل الاقتصاد السعودي مرحلة جيدة مع تطبيق رؤية السعودية 2030، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص فيه، وإطلاق مرحلة جديدة من التنمية المستدامة، ستكون زاخرة بالفرص التي تهم المستثمرين اللبنانيين والسعوديين على حد سواء، الأمر الذي يتطلب من رجال الأعمال متابعة الجهود من أجل تحصين هذه العلاقات لاسيما من خلال مجلس الأعمال اللبناني-السعودي الذي يضم نخبة من رجال الأعمال اللبنانيين الذين يعرفون السعودية ويقدرون مواقفها تجاه لبنان.

وختم: نود أن نؤكد لكم في هذه المناسبة أن سفارة السعودية في لبنان على أتم الاستعداد للقيام بكل الخطوات التي من شأنها مساعدة القطاع الخاص ومجلس الأعمال، وتوفير التسهيلات التي تساعد على انسياب حركة التبادل التجاري والاستثماري والسياحي بين البلدين. وإننا في هذه المناسبة، نؤكد من جديد حرص المملكة الدائم على سيادة لبنان واستقراره السياسي والأمني وعلى ازدهاره الاقتصادي، والسعودية كانت ولا تزال وستبقى على مسافة متساوية مع جميع الأطراف في لبنان.

وبعد ذلك جرى حوار مع الوزير بخاري حيث أثار المشاركون عدداً من القضايا المتعلقة بين البلدين تناولت مواضيع تأشيرات الدخول والمعاملات الجمركية، والإنماء الزراعي والمطالبة بتحويل لبنان إلى منصة لوجستيه في المنطقة.

وفي هذا السياق تحدث مدير عام الجمارك بدري ضاهر فعرض لإجراءات جذرية تتخذها الإدارة لمعالجة مشاكل الجمارك بروح إيجابية بما يسهل أعمال التجار والمصدرين من خلال اختصار المعاملات وضبط الهدر.

أما فادي فواز فأشار إلى أن قراراً اتخذ في شأن تشجيع الاستثمار يمنح كل من يستثمر بمبلغ مليون دولار إقامة دائمة لمدة 5 سنوات، مع تسهيلات تتعلق بدخول الموظفين والمرافقين له.

كما دعا المستثمرين إلى المشاركة في مؤتمر "سيدر1" مشيراً إلى أنه سيتم طرح مشاريع على القطاع الخاص من بينها توسعة مطار بيروت، ومشاريع للتفكك الحراري، إضافة إلى مشاريع لإنتاج الطاقة الكهربائية.