لا زال موضوع الإيجارات في لبنان عالقاً كالعديد من المواضيع الإقتصادية الأخرى، ولا زال طرفي النزاع من المالكين و​المستأجرين​ يصدرون البيان تلو الآخر للرد على بعضهم البعض. هكذا هم المسؤولون اللبنانيون، أكثر ما ينجحون فيه هو وضع طرفي نزاع، القانون هو سببه، في مواجهة أحدهم الآخر.

آخر شظايا بيانات هذا النزاع طالت هذه المرة أكثر الأشخاص درايةً بما يمر به المواطن من صعوبات اقتصادية وأكثر الساعين الى دراسة المشاكل وإيجاد الحلول لها، حتّى إن لم تكن بحجم الطموحات. ولمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع رئيس ​الإتحاد العمالي العام​ د. بشارة الأسمر:

اتّهمتك نقابة المالكين في بيان لهم بالتحيّز الواضح إلى جانب لجان تدّعي تمثيل المستأجرين، ما مدى صحة هذا الإتهام وكيف ترد؟

في الحقيقة، لست مع مبدأ تبادل الإتهامات الشخصية بل مع مبدأ الحوار، وكنت قد دعوت نقابة المالكين في السابق للحوار في الإتحاد العمالي العام بعيداً عن المنابر. القانون الذي صدر عام 2014 لم ينفّذ حتى اليوم، هل أنا السبب في ذلك؟ توليت رئاسة الإتحاد العمالي العام منذ سنة فقط.

برأينا كاتحاد عمالي عام إن حرية المالك بملكه يكفلها الدستور ولا جدال بشأنها، لكن هناك بعض البنود في ​قانون الإيجارات​ لا تحمي المستأجر كما ان هناك أمور تحتاج لإعادة صياغة.

بدلاً من التصريحات النارية التي لا تؤدي الى شيء، لا زلت أدعو الى الحوار المثمر ان كانت حوارات ثنائية أو عبر المجلس الإقتصادي الإجتماعي، لإنتاج قوانين قابلة للتنفيذ.

ما هي تطلّعاتكم الى مرحلة ما بعد "مؤتمر سيدر" الذي سينعقد في ​باريس​؟

كما كل لبناني، أعلم كيف هي تجربة المؤتمرات. المؤتمرات السابقة لم تؤدي الى شيء غير المزيد من ​الديون​ التي يرزح تحتها المواطن اللبناني اليوم، خاصّةً ذوي الدخل المحدود والعمال.

نريد إصلاحاً شاملاً من مكافحة للفساد والهدر قبل انعقاد أي مؤتمر، ونريد مراقبة دقيقة من قبل الجهات المانحة خاصّةً وأن الأموال كلها ​قروض​ وليس هبات، في وقت وصل فيه الدين العام الى 8 مليار دولار.

كما نحتاج الى التوافق السياسي وعدم عرقلة إنجاز المشاريع، بالإضافة الى التركيز على الإستثمار في مشاريع انتاجية كالصناعة والزراعة وليس على المشاريع "الجامدة" التي لن تغيّر في الوضع الإقتصادي شيء.

حذّرت مؤخراً من انفجار اجتماعي نتيجة الأوضاع التي يعيشها اللبناني، هل هناك حلول سريعة تتوقعون ان تتخذها الحكومة أم أنها مجرّد تحذيرات تطلقونها؟

بالإنطلاق من الوضع السياسي في لبنان والوضع المتأزّم الذي تعيشه المنطقة فلنعمل بفن الممكن والواقع. دائماً ما يكون للّبناني تطلّعات كبيرة للمستقبل ليعود ويصطدم فيما بعد بوقائع تعرقل عملية تنفيذ ما يطمح اليه.

نحن اليوم بصدد انتاج سلطة سياسية جديدة، لننتظر ونرى كيف ستكون رؤية هذه السلطة، فعادةً ليس هناك سياسات واضحة لدى الحكومات اللبنانية. كل وزير ينتهج سياسة خاصّة به، أي ما يسعى اليه وزير معيّن في الحكومة الحالية قد لا يسعى اليه الوزير الذي يخلفه في الحكومة المقبلة.

وأود الإشارة هنا الى النقلة النوعية التي حصلت في لجنة الإدارة والعدل هذا الأسبوع حيث تم إعطاء الحق المطلق لدائرة المناقصات في ​التفتيش المركزي​ بوضع الشروط لكافة المناقصات في كافة الوزارات. هذه الخطوة المتمثلة بإعطاء الصلاحيات المطلقة للهيئات الرقابية يبشّر ببناء الدولة.

كنت قد اقترحت انشاء وزارة للإسكان هل ترى ان الأوضاع المالية تحمتل خلق وزارات جديدة مع ​موظفين​ وتكاليف إضافية؟ أوليست الجهات المسؤولة عن هذا الملف كافية؟

إذا كانت الأوضاع المالية تحتمل تكاليف شركات تقديم الخدمات للكهرباء والتي تبلغ مئات ملايين الدولارات، فيمكنها تحمّل استثمار المال في وزارة للإسكان أو التخطيط للحالة ​الإسكان​ية.

نحن كاتحاد عمّالي عام وضعنا خطّة سكنية تمزج ما بين القروض، واقع الإيجارات والواقع الإقتصادي الذي نعيشه وسيكون لنا تحرّك ​قريب​ تجاه مدير عام مصرف الإسكان ​روني لحود​ وسنستكمله باتجاه حاكم ​مصرف لبنان​ رياض سلامه لطرح هذه الأمور كطريق الى الحل.

في ضوء ما يتعرّض له القطاع الخاص من ظلم نتيجة المنافسة الأجنبية، الصّرف التعسفي والفوقية في التعاطي من قبل ​الهيئات الإقتصادية​ والحرب على موضوع زيادة الأجور، فإن إيقاف مصرف لبنان للقروض السكنية نتيجة السلوك غير السليم للمصارف يصبّ في خانة عدم التوازن على طريق الإنفجار الإجتماعي.