اعتدتم أن يعرّفكم أسبوعيا قسم "​المرأة والأعمال​" في موقع "​الاقتصاد​"، الى مسيرات مهنية لنساء لبنانيات أبدعن في مجال الأعمال، والتكنولوجيا، والصناعة، والفن،... ولكن عشية عيد الأمهات، اخترنا الحديث عن الوظيفة الأسمى والأعظم والأصعب على الإطلاق: وظيفة الأمومة!

اذ أن فقدان الرعاية الأسرية والعائلية، يعتبر من أقسى ما يتعرّض له الطفل من انتهاك لحقوقه. وانطلاقا من المثل القائل أن "الأم هي التي تربّي وليست التي تلد فحسب"، سيكون موضوعنا اليوم حول الأم البديلة، وبشكل خاص أمهات قرية "SOS" في منطقة بحرصاف، 

اللواتي التقينا بهنّ خلال حفل تكريمهنّ لتضحياتهنّ وعطاءاتهنّ اللامحدودة إلى الأيتام، الذي أقامه الموقع الالكتروني المنظم لكافة أنواع المفاجآت "WAW Surprise"، بالتعاون مع فندق ومنتجع "Grand Hills" في برمانا، التابع لمجموعة "Luxury Collection"، في ​مطعم ​ "Pool Café"، في 15 آذار 2018.

فمن المهام التي تمارسها الأم البديلة في دار الأيتام، تربية الأطفال ومتابعتهم وإعطائهم الحنان الذي حرموا منه، بالإضافة طبعا إلى جميع الواجبات اليومية التي تقوم بها أي أم تعيش نهارا طبيعيا مع أطفالها.

كما أنها تعمل من جهة أخرى، على زرع الحب والثقة في نفوسهم، وتمنحهم الحنان الذي يشعرهم بالأمن والاستقرار، ويغذّي مشاعرهم بالطمأنينة، ويقوي شخصياتهم لكي يواجهوا مشاكل وأزمات الحياة كافة.

حيث أن الأم البديلة تختار رعاية أبناء لم تنجبهم، وتكرّس جهدها ووقتها للاعتناء بهم، كما تقدم لهم عاطفتها الكاملة دون أي قيد أو شرط، فتنوب عن الأم الحقيقية التي حرموا منها؛ وفي هذه المناسبة المهمة، لا بد لنا أن نقدّر هذا العطاء اللامحدود والبعيد كل البعد عن الأنانية، ونرفع له القبعة... فألف شكر لكنّ، وكل عام وأنتنّ وكل أمهات العالم بخير.

وفي ما يلي، سنعرض لما قالته بعض أمهات الـ"SOS" لـ"الاقتصاد" حول تجاربهن في قرى الأطفال:

فأشارت جورجينا حنا، الى أن الظروف الحياتية تلعب دورها بالدرجة الأولى في اختيار مهنة الأم البديلة، موضحة أنها أرادت في البداية محاولة الاهتمام بأولاد لم تنجبهم، لترى مدى حبها لهذه المهمة، وبعد قضائها لبعض الوقت معهم، أحبّت دورها الجديد وتعلقت به.

وتابعت قائلة "نحن نشعر بالطبع بحسّ الأمومة، لأنه بمثابة غريزة فطرية موجودة في داخل كل امرأة، وبالتالي عندما نهتم بطفل ما، ينمو في نفسنا هذا الشعور بشكل تلقائي، ويتعلق بنا هذا الطفل، ونحن بدورنا نتعلق به أيضا".

أما رحاب الحج حسين، فأكدت أنها تتعامل مع هذا الموضوع بأسلوب مهني، لأن عملها داخلي بحت، لكنها شددت على ضرورة تحلي الأم البديلة بالإحساس بالمسؤولية، والالتزام، والعاطفة.

 

 

بدورها لفتت فاتن صهيوني، الى أنها كانت تعمل مع مؤسسات خيرية تعنى بالأطفال، أما الأسباب التي دفعتها الى اختيار هذه المهنة، فهي أولا التشجيع الذي لاقته من صديقتها، اذ أنها جاءت في البداية الى قرية الأطفال "SOS" دون التفكير بأنها ستكون أما بديلة، ولكن بعد أن  رأت مدى حاجة هؤلاء الأطفال الى أم، استيقظ في نفسها شعور الأمومة، وقررت أن تلعب دور الأم معهم، وبالتالي تخلّت عن فكرة الزواج، وشعرت أنهم أبناؤها.

 وأوضحت "لم أشعر يوما بأنها مهمة صعبة، بل لطالما آمنت أنني أم حقيقية لهم، وبالتالي من واجبي مساعدتهم والاهتمام بهم، ومنحهم الأمور التي هم محرومون منها مثل العاطفة، والحنان، والمحبة"، مضيفة أن "الرابط بيني وبين الأولاد، تكوّن منذ لحظة دخولي الى القرية، وبالتالي بدأت العلاقة بين الأم وأولادها تتبلور شيئا فشيئا مع مرور الأيام، فأحببت هذه المهنة وتعلقت بها".

أما جمانة حوزي، فقالت أنها بطبيعتها تحب الأولاد كثيرا، وكل الأشخاص من حولها يلتمسون هذا الأمر. كما أنها تشعر بالشغف تجاه دورها كأم، فقبل الانضمام الى أسرة الـ"SOS"، كانت تهتم بأولاد الجيران والأصدقاء. وذات يوم، أخبرتها صديقتها عن هذا العمل، ولم تتردد أبدا، بل توجهت الى القرية على الفور.

وعندما توجهنا اليها بالسؤال عن الأولاد الذين تهتم بهم في "SOS"، قالت جمانة "عندي ياهون بالدني"، مشيرة الى حبها الكبير لهم. وتابعت "لقد ربيتهم من كل قلبي، وأنا أقدر اليوم القيمة الحقيقية للأم، لأنني عايشت شعور الأمومة الى أقصى درجاته، بسبب هؤلاء الأطفال".

بدورها أشارت فاطمة قطايا، الى أن صديقتها كانت أم بديلة في "SOS"، وخلال زيارتها أحبت هذه الفكرة، وأكدت أنه في بداية المسيرة، وعند انضمامها الى أسرة القرية، اعتبرت الأمر بمثابة وظيفة، ولكن مع الوقت، أي حين بدأت بتربية الأولاد والاعتناء بهم، نمت بينها وبينهم العلاقة الروحية بشكل تلقائي، لأن كل امرأة تتحلى بطبيعتها بغريزة الأمومة".

وتابعت قائلة "نشعر دائما أننا نملأ الفراغ الموجود لدى الأطفال، وفي الوقت ذاته نسدّ النقص الموجود لدينا، فأنا أعاملهم كأولادي، وبالتالي أطبق المثل القائل أن الأم هي التي تربي وليست التي تلد، لأن العلاقة الروحية هي أهم بكثير من مجرد إعطاء الحياة للطفل، ومن ثم حرمانه من العاطفة".

من جهة أخرى، لفتت الى أن "الأولاد يسألون بعض الأسئلة المحرجة عندما يصلون الى عمر معين، خاصة عن الأب الغائب، لكن مدير القرية هو والد جميع الأطفال، كما أن الأخصائية النفسية الموجودة معنا بشكل دائم، تساعدنا أيضا من هذه الناحية وتوضح لهم الأمور كافة".