رائد الأعمال جورج عبود يمثل قصة نجاح لرجل عصامي بدأ مسيرته ​العمل​ية من شركة صغيرة تعمل في سوق متواضع ومحدود، الى صاحب واحدة من أهم الشركات ال​لبنان​ية المتخصصة في مجال ​الطاقة​ المتجددة، والموجودة حاليا في تسعة بلدان، منها ​زامبيا​، ​الكاميرون​، وساحل العاج.

مشوار حياته انطلق من الصفر، لكن بفضل جهوده واجتهاده وإيمانه الكبير بمشروعه، وصل إلى أعلى درجات القمة. اذ وضع أهدافه نصب عينيه، وثابر لتحويلها الى حقيقة مهما اشتدت الصعاب، ليجني اليوم ثمرة تعبه، ويحقق نجاحات متتالية استطاع من خلالها رفع راية بلده الأم لبنان.

في هذا الحوار، يتحدث مؤسس شركة "Earth Technologies"، جورج عبود مع "الاقتصاد" عن تجربته في مجال ريادة الأعمال، متطرقا الى بداياته المتواضعة في لبنان، والصعوبات والتحديات التي واجهته، مرورا بكل ما حققه من نجاحات، ووصولا الى العوامل التي تساعد رواد الأعمال اللبنانيين على التألق والإبداع خارج حدود الوطن.

أخبرنا عن خلفيتك الأكاديمية، وكيف قررت تأسيس "Earth Technologies"؟

تخصصت في إدارة الأعمال والتسويق في "الجامعة اللبنانية الأميركية"، "LAU"، وتخرجت في العام 2002. عملت بعد ذلك، في شركة أوروبية متخصصة في مواد البناء، لمدة ستّ سنوات.

في تلك الفترة، كنت أحلم بكل ما له علاقة بالطاقة البديلة والمتجددة، وفي العام 2010، قررت أخيرا افتتاح شركتي الخاصة "Earth Technologies" في لبنان؛ وذلك بعد قيامي بأبحاث عدة خلال أربع سنوات، خولتني معرفة حاجات السوق، والتعرف الى مطالبي من السوق أيضا.

أما في البداية، فقد أطلقت الشركة في السوق اللبناني فقط، والذي يعدّ صغيرا للغاية. وبعد حوالي سنة ونصف من انطلاقتي المحلية، افتتحت فرعا ثانيا في إفريفيا، ونحن اليوم موجودون في تسعة بلدان أخرى. وبالتالي تمكنت شركة لبنانية صغيرة من نشر اسمها في بلدان عدة، وهذا الأمر يسعدني كثيرا.

كيف تمكنت من القيام بخطوة التوسع الى خارج لبنان؟

استلمت خلال الفترة الأولى من العمل، مشروع محلي كبير تابع للدولة اللبنانية، وكنا نتعاون حينها مع 125 بلدية. وبعد مدة، حصلت على مشروع في مجال الطاقة المتجددة في زامبيا، وبشكل سريع ومفاجئ حققنا نجاحا كبيرا، فانتقلت الى هناك، وحصلت على منزل، كما افتتحت مستودعا، وبات لدي عدد من الموظفين.

ومن خلال المشروع الأول، حصلت على ثلاثة مشاريع أخرى في البلاد، وبالتالي افتتحنا فرعا للشركة في العام 2012.

أما في العام 2014، فكانت الشركة قد وصلت الى الكاميرون وساحل العاج، وكنا قد استلمنا مشاريع عدة في السعودية، الكويت، سوريا، العراق، نيجيريا، رواندا،...

فعندما كسرت الحاجز الأول للتوسع الى خارج لبنان، وتخطيت المصاعب والخوف، وجدت أن هذا التوسع هو عملية سهلة للغاية. وبالتالي فإن الخطوة الأولى كانت الأصعب والأكثر مخاطرة، ولكن بعد ذلك، باتت الأمور تسير بسلاسة.

ولا بد من الاشارة الى أن عالم الأعمال مليء بالمخاطر، ولا مفرّ منها، كما أن لكل بلد عوامل الخطر الخاصة به، ولهذا السبب تصبح الأمور سهلة عندما نعتاد على التأقلم مع هذا الجو.

برأيك، ما هو سر نجاح مشروعك واستمراريته لكل هذه السنوات؟

أولا، الحلم، فعندما يحلم الانسان بهدف ما، ويسعى لتحويل هذا الحلم الى حقيقة، سينجح حتما.

ثانيا، إيماني الكبير بمشروعي، وتركيزي الدائم عليه، واهتمامي المتواصل به. ففي بداية المسيرة، وجدت أن حلمي الذي تحول الى إيمان، بات اليوم حقيقة. وبالتالي عندما يتبع الانسان شغفه، ويقوم بما يحبه، سيبرع فيه، ولن يفشل أبدا.

كيف تصف نفسك اليوم كرجل الأعمال؟ وما هي المقومات التي تسهم في تقدمك المهني؟

أنا أتواجد بشكل دائم في العمل، من أجل متابعة كل مشاريع الشركة عن كثب. كما أهتم بأدق التفاصيل، وأركز على أصغر الأمور، وأسعى للمحافظة على الجدية والمثابرة والتركيز الكامل.

من جهة أخرى، لا أستسلم فور حصول الأخطاء، أو عند تأزم الأوضاع، بل أعمد لاستعادة النشاط من جديد بعد كل سقطة، من أجل استكمال المسيرة. وبالتالي مهما اشتدت الصعاب، ننظر دائما الى الجانب الايجابي من الأمور.

هل حققت "Earth Technologies" طوال هذه السنوات النتائج المتوقعة منها؟

نعم، لقد حققنا النتائج بنسبة 100%، اذ تمكنا من الوصول الى جميع الأهداف التي وضعناها في الماضي، ولا زال لدينا طموحات نسعى لتحقيقها خلال السنوات المقبلة.

أما تركيزنا المستقبلي، فسيكون موجها أولا، نحو بناء معامل للكهرباء على الطاقة الشمسية، من أجل تغذية الشبكات. وثانيا، نحو الـ"IoT" (Internet of Things)، أي "إنترنت الأشياء"، وهو مصطلح حديث يُقصد به الجيل الجديد من الإنترنت الذي يتيح التفاهم بين الأجهزة المترابطة مع بعضها. وتتيح هذه التقنية للإنسان التحكم في الأدوات دون الحاجة للتواجد في مكان محدّد للتعامل مع جهاز معين.

هل أن أعمالك الكثيرة أثرت على حياتك الخاصة ووقتك العائلي؟

أنا أضحي يوميا من هذه الناحية، والتضحية تكمن في الوقت الذي أقضيه مع أولادي، بسبب سفري الدائم وتركيزي المتواصل على الشركة.

لكنني أثابر على العمل من أجلهم، وهذا ما يعزيني، في حين أشعر من ناحية أخرى، بالحاجة الى تمضية المزيد من الوقت معهم.

وهذه المشكلة يعاني منها كل رجل أعمال ناجح. ففي العالم التنافسي الذي نعيش فيه، نضطر للعمل أكثر، ولاستثمار المزيد من الوقت والطاقة والجهد من أجل ضمان استمراريتنا. مع العلم أننا نحاول دائما الاستفادة من كل دقيقة لتفادي تضييع الوقت. كما نركز على جودة الوقت مع العائلة، فأنا أنتظر بفارغ الصبر لكي يأتي اليوم الذي سأقضيه في المنزل مع أولادي. وذلك لأنني مررت بهذه التجربة مع والدي الذي كان يقضي معظم أوقاته في العمل، وبالتالي أحاول تعويض هذا الأمر قدر الامكان مع أولادي.

ما هي الرسالة التي تودّ إيصالها الى جيل الشباب اللبناني؟

أولا، أقول لهم "خاطروا ولا تخافوا، فالسقوط يعلّمنا المثابرة، والفشل لا يعني الخسارة أو الاستسلام، بل هو درس للمستقبل".

ثانيا، أنصحهم أن يكونوا أقوياء، لأن اللبناني يتمتع بقوة كبيرة اكتسبها من خلال "مهارات النجاة" التي اعتاد عليها، في ظل غياب ​المياه​ والكهرباء، وأبسط متطلبات العيش. وبالتالي فإن صعوبة العيش في بلادنا تعدّ تجربة بحد ذاتها؛ وهنا تكمن قوة اللبناني وعزيمته الصلبة!

لهذا السبب، عندما يتوسع الى خارج حدود الوطن، سيحقق أكبر النجاحات، كونه معتاد على الدعم المتواضع أو شبه الغائب. وبالتالي فور حصوله على بعض الدعم والتأييد، سيبدع حتما.