تعاني القطاعات الإنتاجية في ​لبنان​ من مشاكل عديدة داخليا وخارجياً، ففي الداخل يعاني القطاعين الصناعي والزراعي من كلفة الإنتاج المرتفعة ومن غياب دعم الدولة لهذه القطاعات إضافة إلى البنى التحتية المتآكلة والتي تحتاج إلى الكثير من التطوير والتحسين .. من جهة اخرى تعاني هذه القطاعات أيضا بسبب الصراعات الإقليمية الموجودة وخاصة الحرب السورية التي أثرت بشكل مباشر على الصادرات الزراعية والصناعية اللبنانية إلى الدول العربية مع لإقفال المعابر البرية الذي دام لسنوات.

وبحسب التقرير الأخير لمصلحة المعلومات الصناعية في وزارة الصناعة، فقد بلغ مجموع قيمة الصادرات الصناعية اللبنانية خلال العام 2017، 2 مليار و474 مليون دولار أميركي، مقابل 2 مليار و527 مليون دولار خلال الفترة عينها من العام 2016 و2 مليار و956 مليون دولار خلال الفترة عينها من العام 2015، أي بانخفاض نسبته 2.1% مقارنةً مع العام 2016، و16.3% مقارنةً مع العام 2015.

أما فيما يتعلق بالقطاع الزراعي، فقد بلغت قيمة النقص في الصادرات الزراعية منذ إقفال المعابر البرية نحو 300 مليون دولار، ووفقاً للتقرير السنوي لجمعية المزارعين فإن الصادرات الزراعية ما زالت متأثرة بشكل كبير باقفال معبر نصيب الحدودي ووقف التصدير البري، وهي استقرت على مستوى 350 ألف طن سنوياً بعدما كانت نحو 530 ألف طن قبل إقفال المعبر. وسجلت الصادرات الزراعية، وفقاً للتقرير، نحو 353 ألف طن عام 2017 بتراجع 2% عن العام 2016 و34% عن العام 2014.

فهل ستبقى الدولة غائبة عن دعم هذه القطاعات وإيجاد الحلول لها ؟ وما هي الخيارات المتاحة للتخفيف من مشاكل هذه القطاعات ؟ هل ستكون الإنتخابات النيابية القادمة مفتاحا نحو الحل للمشاكل التي تعاني منها هذه القطاعات ؟ وما هو تاثير مؤتمر "سيدر" والإستثمارات المنتظرة على هذه القطاعات.

أسئلة كثيرة اجاب عنها نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان محمد لمع، في هذه المقابلة مع "الإقتصاد".

ما هي خطورة هذا المنحى الإنحداري للإقطاعات الإنتاجية في لبنان ؟ وما هي الحلول الممكنة برأيك؟

الأسباب التي ادت إلى تراجع وتدهور اداء القطاعات الإنتاجية في لبنان معروفة للجميع، فعدا عن المشاكل الداخلية المتمثلة بإرتفاع كلفة الإنتاج وإستفاع أسعار الخدمات المقدمة من الدولة، هناك مشاكل كبيرة على المستى الإقليمي أثرت بشكل كبير على الصادرات الزراعية والصناعية اللبنانية.

لا شك ان الإستقرار الأمني الذي ننعم به محليا هو امر مهم، ولكن الدول المحيطة نعاني من مشاكل كبير على المستوى الأمني، وهناك شبه مقاطعة إذا صح التعبير من الدول العربية أيضا للإنتاج اللبناني، خاصة انهم اصبحوا يملكون إنتاجاً مشابها في بعض السلع وبعض القطاعات.

وعلى الرغم من فتح المعابر، إلا ان عدم الإستقرار الامني في سوريا والعراق وتراجع قدرات هذه الدول الإقتصادية خفف أيضا من حركة إستيراد البضائع اللبنانية.

وقد صرح رئيس جمعية الصناعيين في مؤتمر صحافي منذ أسبوعين بان الصادرات الصناعية تراجعت بحوالي 2 مليار دولار، وهذا الرقم ليس بالرقم البسيط مقارنة بحجم الإقتصاد الوطني وحج القطاع الصناعي، أضف إلى ذلك انه أكثر من 380 مصنعاً اقفلوا أبوابهم منذ بداية الازمة .. وهذا يضع الصناعة اللبنانية في خطر بدون أدنى شك. واليوم كل القطاعات الإقتصادية تعاني، حتى الخدماتية منها .. فالحجوزات الفندقية تسجل إنخفاضاً ايضا بسبب تراجع اعداد الوافدين.

ولا شك ان المسؤولين على دراية تامة بهذه المشاكل وعليهم العمل لمحاولة تحسين الأوضاع، ولكن طالما ان الظروف الإقليمية غير مستقرة، فإن القطاعات الإقتصادية اللبنانية ستتأثر.

ونحن في غرفة بيروت وجبل لبنان نعمل بشكل حثيث على تأمين اسواق جديدة للصادرات اللبنانية، ولكن الأمر ليس بتلك السهولة، خاصة ان نسبة كبيرة من الصادرات اللبنانية كانت تتجه للاسواق العربية والخليجية، أضف إلى ذلك ان هناك عوائق كبيرة للتصدير إلى اوروبا، وشروط يجب الإلتزام بها.

هل تعولون كهيئات إقتصادية على الإنتخابات النيابية المقبلة لتحسّن الوضع الإقتصادي؟

نتمنى ان تفرز الإنتخابات النيابية الحالية طبقة سياسية وأشخاص يهتمون بالشأن الإقتصادي، ويضعونه ضمن أولوياتهم، فالإقتصاد اولاً، لأنه الأساس لإستمرار هذا البلد.

وعلى الرغم من نقاط الإستفهام الكبيرة على القانون الجديد للإنتخابات، إلا اننا نتمنى ان تصبح السلطة السياسية في لبنان أكثر وعياً، وأن تنصرف للإهتمام بالقطاعات الإقتصادية بشكل عام والقطاعات الإنتاجية بشكل خاص، خاصة ان الدين العام في تنامي مستمر ونحن بامس الحاجة لتفعيل القطاعات الإنتاجية ودعمها وتكبير حج الإقتصاد الوطني.

ما هي توقعاتكم لمؤتمر "سيدر" المنتظر ؟ وكيف ستنعكس الإستثمارات المنتظرة في البنى التحتية على القطاعات الإنتاجية في لبنان ؟

هناك أمال كبير لدى الجميع بان ينتج عن هذا المؤتمر دعماً ماليا وإستثمارات تحسن البنى التحتية في لبنان من طرقات ونقل وإتصالات وكهرباء وغيرها .. فالبنى التحتية هي الأساس لتطور جميع القطاعات الإقتصادية وخاصة القطاعات المنتجة، حيث تساهم في زيادة إنتاج تلك القطاعات، وتخفض من كلفة الإنتاج المرتفعة الموجودة في الوقت الحالي.

هناك كلام عن 16 مليار دولار اميركي ستاتي من خلال مؤتمر سيدر، وانا اعتقد ان تحصيل نصف هذا المبلغ يعتبر امر جيد جداً ويساهم بشكل كبير في تطوير البنى التحتية في لبنان، ويعيد الإستثمارات الخارجية إلى البلد من جديد.