لفت وزير الاقتصاد والتجارة ​رائد خوري​ خلال افتتاح مؤتمر الثقافة المالية والاستثمارية في ​​لبنان​​ في ​جامعة القديس يوسف​ إلى أنه "يأتي هذا المؤتمر في وقت نحن فيه بأمس الحاجة للثقافة المالية والاستثمارية في لبنان، وخاصة لدى ​​الشباب​ اللبناني​ الذي يعاني من تداعيات نقص الثقافة الاقتصادية على مستقبلهم العملي وعلى حياتهم المهنية والاجتماعية وعلى تطوير انتاجياتهم، وبالتالي مساهمتهم في ​النمو الاقتصادي​ للبنان بشكل فاعل ومجد. تعرف الثقافة المالية بأنها امتلاك لمجموعة من المهارات والمعارف التي تتيح للفرد اتخاذ قرارات فعالة بشؤونه وموارده المالية. في الواقع، تمكن الثقافة المالية المواطنين ولا سيما الشباب منهم، من اتخاذ قرارات سليمة في حياتهم اليومية، فضلا عن التخطيط للمستقبل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي".

أضاف: "في الواقع، لقد حقق لبنان تقدما من حيث مستويات المعرفة المالية ومبادرات التعليم المالي والشمول المالي بفضل الجهود المشتركة للمصارف و​الحكومة​ والمنظمات غير الحكومية وغيرها، نذكر منها على سبيل المثال: أولا، البرامج التي أطلقتها العديد من ​​المصارف​ اللبنانية​ والهدف منها تفسير الموضوعات والمفاهيم المالية الأساسية وتعريف المواطنين على عمل المصارف والمنتجات المالية الأخرى. هذا إلى جانب سلسلة من الورش وحلقات العمل لمساعدة المشاركين على اتخاذ قرارات حكيمة بشأن كيفية إدارة مواردهم المالية. وثانيا، في آذار 2010، تم التوقيع على ​مذكرة تفاهم​ بين ​وزارة المالية​ و​وزارة التربية والتعليم العالي​ لتعزيز المعرفة ومحو الأمية الاقتصادية والمالية من خلال تنفيذ مجموعة واسعة من الأنشطة وتشمل: توسيع قاعدة المشاركة في البرامج التعليمية المتعلقة بالمواضيع الاقتصادية والمالية، تنظيم دورات إضافية متعمقة تتناول هذا المجال، إنشاء أدوات تعليمية تفاعلية إضافية مثل الكتيبات والألعاب التعليمية وبعض الأنشطة التي من شأنها تسهيل عملية التعليم الاقتصادي والمالي للطلاب".

وتابع: "إلا أن الواقع وللأسف، يحتم علينا مضافرة جهودنا لأن شبابنا يعاني اليوم من غياب ثقافة مالية شاملة بسبب غياب رؤية وطنية موحدة للاقتصاد اللبناني. وانعدام هذه الثقافة لدى الشعب عامة والشباب خاصة يؤدي بهم إلى عدم تفهم القرارات التي يتم اتخاذها من قبل الحكومة والتي قد يصفها البعض بأنها غير منصفة بحق الشعب، بينما تكون الحقيقة عكس ذلك تماما. فإن الواقع الاقتصادي يفرض أحيانا أن تتخذ قرارات غير شعبية من أجل الحفاظ على الاستقرار والمصلحة العامة".

وأردف: "كما ويعاني شبابنا من غياب التخطيط الاقتصادي الذي يتوجب على الدولة أن تدرجه ضمن المناهج التعليمية وليس كمجرد تعريف بسيط لمادة الاقتصاد. فافتقار مناهجنا لهذه الثقافة الاقتصادية يؤدي ب​الطلاب​ إلى عدم معرفة هوية اقتصاده الحقيقية والأسس التي يرتكز عليها. وهنا تكمن أهمية الخطة الاقتصادية التي نعمل عليها كوزارة اقتصاد وتجارة مع ممثلين عن الوزارات والغرف والمجالس المعنية و​القطاع الخاص​ والفاعليات الاقتصادية لرسم هوية لبنان الاقتصادية وتحديد القطاعات المنتجة التي يتمتع لبنان بقيمة تفضيلية فيها، وبالتالي يحدد الشباب كيفية استثمار أموالهم وطاقاتهم وفي أية مجالات. الهدف من هذه الخطة هو التفكير على المدى المتوسط والطويل من أجل وضع أسس اقتصادية ثابتة عابرة للحكومات والوزراء، وبالتالي إدراجها في المناهج التعليمية لنشر هذه الرؤية الاقتصادية إلى كل طالب لبناني".

واعتبر ان "غياب هيئة من شأنها دراسة طلبات سوق العمل وبالتالي التعاون مع ​الجامعات​ للتركيز على الاختصاصات المطلوبة وتحفيز الطلاب على التوجه إليها، هو من أهم الركائز التي يجب العمل عليها لتطوير فرص عمل الشباب اللبناني للحد من دفعهم إلى ​الهجرة​ والتفكير في الاستقرار والإستثمار خارج حدود الوطن، ولا يقتصر هذا الاستثمار على الجانب المالي، بل هو أيضا استثمار لطاقاتهم وابداعاتهم ونشر ثقافتهم الغنية في الخارج، لسوء إدارة دولتهم طاقات شبابها".

ونوه بـ"الجهود والمبادرات على صعيد مكونات الاقتصاد كافة، وخاصة أنه من شأن هذه النشاطات تحفيز المسؤولين على تطوير الثقافة المالية والاستثمارية في لبنان، وغيرها من التداعيات الإيجابية التي تعود بالفائدة على ​الاقتصاد اللبناني​ ككل".