استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة في أدونيس، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "بعد إقرار الموازنة .. إقتصاد لبنان إلى أين؟"، الوزير الأسبق للمال د. دميانوس قطّار.

في بداية الندوة قال د. دميانوس قطّار أنه "من الصعب ان نتحدث الان عن كل التفاصيل المتعلقة بالازمة الإقتصادية والحلول، خاصة اننا في لبنان مازلنا لا نطرح على المشاهدين والمواطنين الأرقام بشكل واضح وصريح لتكون في متناول الجميع، فقانون حق المواطن بالإطلاع على المعلومات مازال محصوراً .. وللحقيقة انا مسرور جدا على الرغم من الخوف الموجود لدى معظم الناس، وهذا السرور سببه ان الطبقة السياسية الحاكمة وصلت أخيرا إلى حقيقة تقول بأن تجاهل الواقع الإقتصادي الحالي لم يعد مسموحا، ففي السابق كانت الطبقة السياسية تنظر فقط للواقع المالي، ويشعرون بالإطمئنان لأن المؤشرات المالية جيدة، وفي المقابل كانوا يتجاهلون العامل الإقتصادي .. ولكن اليوم الوضع تغيّر، وهذا هو سبب سروري".

وأضاف في موضوع المؤتمرات الهادفة لدعم لبنان "ان الطبقة السياسية اليوم بحاجة لهذه المؤتمرات لتثبيت سلطتها، والمؤتمرات بالنسبة لهذه السلطة اليوم أهم من وضع برنامج خلاصي او خطة إنقاذية .. فتثبيت هذه السلطة والطبقة الحاكمة تقتضي هذا الدعم الدولي المطروح".

وتابع قطّار "في النهاية هناك وعي اليوم للحالة الإقتصادية وضرورة عدم تجاهلها، وهناك إنذار واضح وجدي حول الواقع المالي والإقتصادي، لذلك سعت السلطة الحاكمة إلى إقرار الموازنة قبل الذهاب إلى المؤتمرات المنتظرة، لأن هذه الموازنة هي بمثابة التأشيرة للحصول على مساعدات ودعم من المجتمع الدولي، فبدونها لن يستطيعوا الإستفادة من هذه المؤتمرات".

وفي سؤال للزميلة خداج عن سبب هذا السرور الذي يتحدث عنه، طالما ان الخطوات التي تقوم بها الطبقة السياسية هي فقط من اجل تثبيت سلطتها وحماية نفسها، وليس من اجل الإصلاح الحقيقي .. قال د. قطّار "منذ عام 2009 والمجلس النيابي الحالي يجدد لنفسه ويذل المواطنين ويتجاهل الواقع الإقتصادي .. وسروري اليوم ياتي بسبب أن هؤلاء أصبحوا على يقين اليوم ان الإستمرار بهذه الطريقة سيضرّهم بشكل كبير، وبالتالي بدأوا بمحاولة التصليح إذا صح التعبير وليس الإصلاح – فنحن مازلنا بعيدين كل البعد عن الإصلاح – وإذا صلّحنا اليوم المسار السياسي والمسار المالي، فسيكون هناك أمل جديد لمحاولة بناء دولة، والإنتخابات المقبلة – رغم غموضها - يمكنها أن تكون مكوّن إيجابي للمرحلة المقبلة".

وفيما يخص موازنة العام 2018 قال د. قطار "هذه الموازنة لديها هدفين اساسيين، الهدف الاول هو إصرار رئيس الحكومة على التخفيض في الموازنة بغض النظر عن قيمة هذا التخفيض حيث يحاول إيصال رسالة بانه إستطاع فرض تخفيضات في الإنفاق والعجز قبل الذهاب إلى مؤتمر روما ومن ثم مؤتمر سيدر، ومن جهة أخرى هناك إصرار لدى لحكومة ان لا يتجاوز العجز في موازنة 2018، العجز الموجود في موازنة 2017 باسوأ الأحوال".

وتابع "هناك ثلاث إشكاليات أيضا، الإشكالية الأولى هي محاولة تثبيت الإيرادات المطروحة، والإشكالية الثانية هي أرقام الإنفاق، وهل الإنفاق كله شملته الموازنة ام هناك أرقام اخرى مازالت خارجها؟ .. والإشكالية الثالثة موضوع الدين العام الذي سيتعرض لزيادة بدون شك .. هذه العوامل الثلاثة او الإشكاليات يجب مراقبتها بشكل كبير كي نتمكن من الوصول إلى نهاية العام 2018 بدون أزمة".

ولفت د.قطار إلى "وجود امرين خطيرين في المرحلة المقبلة، فهذا الصك - موازنة 2018 - هو ضرورة للمؤتمرات، وقد تم إقرارها للمرة الثانية بدون قطع حساب، وتم تسريع الإجراءات لتكون الموازنة جاهزة قبل الذهاب للموتمرات الخارجية .. وانا مع تسريع الإجراءات في المرحلة الحالية، ولكنني لست مع التسرّع، خاصة انني غير مقتنع بأن هناك توجه جدي نحو الإصلاحات، بل هناك توجه نحو التصليح فقط .. وبالتالي لدينا مشاكل تنتظرنا خاصة ان المجتمع الدولي يطلب إجراءات وإصلاحات بطولية تصل إلى حد التقشف .. وهنا تبرز مشكلة وهي كيفية التعامل مع أكثر من نصف اللبنانيين الذين يتقاضون رواتب منخفضة لا تكفيهم، فالتقشف سيصل بهؤلاء إلى ثورة كبيرة للجياع".

وإعتبر "أن نظامنا الإقتصادي بدأ ليبرالياً، ولكنه أصبح فاحشاً في الليبرالية، مما أدى إلى إختفاء الطبقة الوسطى، وجعل المجتمع عبارة عن مجموعة صغيرة جدا تملك كتلة نقدية كبيرة، والبقية هم فقراء".