سيدة أعمال ​لبنان​ية ناجحة، صنعت لنفسها اسما في مجال ​الأزياء​ الراقية للأطفال، وثابرت من أجل نشر تصاميمها وتوسيع أعمالها.

مشروعها ولد من الحاجة، ونما من الطموح والجدية، كما حافظ على استمراريته من خلال الإصرار والشفافية.

في هذا الحوار الخاص مع "​الاقتصاد​"، تتحدث لنا مؤسِسة العلامة التجارية "Ateliers Rififi"، كلودين مخباط، عن تجربتها المهنية، متطرقة الى بداياتها، مرورا بالصعوبات والتحديات التي تواجهها، وأيضا المشاريع والطموحات التي تسعى الى تحقيقها.

ما هي المحطات التي مررت بها وأوصلتك الى ما أنتِ عليه اليوم؟

تربيت في ​سويسرا​، وخلال المرحلة الجامعية، تابعت دراساتي العليا في "جامعة السوربون" حيث تخصصت

 في الألمانية (étude germanique). وعندما عدت الى لبنان، اهتميت بإدارة "المركز الثقافي الألماني" في بيروت.

أما "Ateliers Rififi" فتأسست في العام 2006، اذ أردت في تلك الفترة اختيار الفساتين المميزة والجميلة لابنتيّ، لكنني لم أجد طلبي في السوق، ومن هنا قررت تصميمها لهما. وبدأتُ بفساتين غير رسمي

ة (casual dresses)، وعندما رأى أصدق

ائهما وأمهاتهم هذه الأثواب أعجبتهم وبدأوا بالسؤال عنها. فارتفعت الطلبات، ونظمنا معرضا للفساتين الجاهزة (ready-to-wear )، وقدمت حينها 12 تصميما. وخلال المعرض أيضا، طلبت مني إحدى السيدات المشاركات، تصميم فساتين وصيفات الشرف لحفلة زفاف ابنتها. ونوع التصميم الذي طلبته لم يكن موجودا حينها، وبالتالي لاقى نجاحا واسعا.

في العام 2006، تلقيت الدعم من أفراد عائلتي، الذين قدموا لي متجرا في بنايتهم لتشجيعي على افتتاح العمل ب

طريقة رسمي؛ ومن هنا كانت الانطلاقة الفعلية للعلامة التجارية "Ateliers Rififi".

وقد تقدمنا وتطورنا بسرعة كبيرة، بسبب غياب الأشخاص المتخصصين بتصميم الأزياء الراقية (haute couture) للأولاد؛ فنحن نقدم الملابس الخاصة بالفتيان والفتيات لكل مناسبات الأفراح مثل الولادة، العمادة، المناولة الأولى، الأعراس،...

من أين حصلت على التمويل من أجل الانطلاق؟ وهل واجهت صعوبة في نشر علامتك التجارية في السوق؟

تلقيت المساعدة من عائلتي التي قدمت لي المتجر. ومنذ البداية، نحن نعمل حسب الطلب، وبالتالي لم أكن بحاجة فعلا الى تمويل كبير.

أما بالنسبة الى انتشار "Ateliers Rififi"، فالتقنية الأهم كانت ولا تزال، تكمن في الأصداء الرائعة من الزبائن، وحديثهم الايجابي عن تصاميمنا.

فنحن بدأنا على نطاق صغير، ومع الوقت بدأت الطلبات بالتزايد والتوسع.

الى أي مدى استعنت بوسائل التواصل الاجتماعي من أجل التسويق لتصاميمك؟

في الماضي لم تكن هذه المواقع موجودة، وقد بدأت فعليا باستخدام موقع "​انستغرام​" منذ حوالي السنة والنصف. وبالتالي فإن التسويق كان ولا يزال يعتمد بشكل كبير على الأصداء الايجابية.​​​​​​​

هل تمكنت من الوصول بأعمالك الى خارج لبنان؟

لم أعرض بعد تصاميمي في الخارج، ولكن في المقابل لدينا عدد كبير من الزبائن الذين يقصدون "Ateliers Rififi" من بلدان عدة. بالاضافة طبعا الى المغتربين اللبنانيين الذين يطلبون تصاميمنا؛ وهذا التوسع يساعد العمل كثيرا.

كيف تواجهين المنافسة الواسعة الموجودة اليوم في السوق اللبناني؟

الفساتين الراقية وحسب الطلب المتخصصة بالأطفال، ليست موجودة بكثرة في السوق.​​​​​​​

ومن جهة أخرى، يمكن القول أن المصممين الكبار باتوا يعرفون "Ateliers Rififi" جيدا، وبالتالي عندما يصممون فستانا لسيدة أو لعروس ما، يتواصلون معنا بالنسبة الى الألوان وأنواع الأقمشة المستخدمة، من أجل تصميم وتنفيذ الفساتين الخاصة بالأطفال؛ ومن هنا يمكن التأكيد أن خدمتنا تميزنا عن غيرنا.

 ما هي العوامل الأخرى التي تتميز بها "Ateliers Rififi"؟

 أولا، الناس يحبون "Ateliers Rififi" بسبب تواجدي الدائم في المشغل؛ فأنا أهتم وأركز   وأتابع أدق التفاصيل.​​​​​​​

 ثانيا، عملنا حرفي ويدوي، وبالتالي فإنه مختلف كليا عن عمل الآلات، ولهذا السبب أسعى   دائما للحفاظ على هذه اللمسة والهوية.

 ثالثا، نحن نعمل كفريق عمل واحد وبقلب واحد، منذ 12 سنة.

 رابعا، ثقة المتبادلة بيننا وبين الزبائن، فأنا أسعى دائما الى إرضاء الأولاد والأمهات والعرائس، وأشعر بسعادة عارمة عندما أرى بسمة الأطفال وحبهم لملابسهم.

خامسا، نحن لا نقدم مجموعات من الفساتين، بل إن كل فستان فريد ولا يشبه غيره.

سادسا، جودة منتجاتنا باتت معروفة بشكل كبير في السوق، وقد اكتسبنا من خلالها ثقة الزبائن وال​​​​​​​مصممين المعروفين أيضا.

أين ترين عملك في المستقبل؟

ملابس الأطفال باتت تسير على السكة الصحيحة، لذلك من الممكن أن نبدأ بالتركيز على الفساتين البسيطة والجميلة الموجهة الى الفئة العمرية التي تترواح ما بين 16 و20 سنة، لأن الطلب عليها أصبح كبير، في حين أن السوق لا يقدم هذا النوع من الفساتين. وبالتالي أسعى الى توسيع المشغل من أجل الاهتمام بشكل أكبر بهذا الجزء من العمل. 

ما هي الصعوبات التي تواجهك خلال العمل في لبنان؟

نحن نشعر ب​الأزمة الاقتصادية​ مثل غيرنا، وقد تتراجع الحركة في بعض الأحيان، خاصة أننا نعمل في مجال الترف والمنتجات الفاخرة.

لكن الصعوبات ليست كثيرة لحسن الحظ، كما أنني لم أشعر يوما بالتمييز لكوني امرأة.

ومن جهة أخرى، أهتم كثيرا بالتنسيق بين المسيرة المهنية والعائلة، وعندما تتزايد ضغوط العمل أرفض أحيانا بعض الطلبيات، لأن الضغط يؤثر سلبا على الجو العائلي والمنزلي والعملي أيضا. وبالتالي أنا أعرف تماما متى أقول "توقف".

برأيك، هل تقدمت المرأة في سوق العمل اللبناني؟

أعتقد أن المرأة تقدمت بشكل ملحوظ​​ في مجال الأعمال في لبنان، وحتى أنها باتت تنجح وتبرع في المجالات التي كانت مقتصرة في الماضي على الرجال. وبالتالي أصبحت قادرة على تحقيق أي هدف مهني تسعى اليه.

أما الصعوبة الوحيدة التي تعاني منها في لبنان، فتكمن في الحالة الاجتماعية، لأن القوانين لا توفيها حقها أبدا، ومن هذه الناحية وضعها كارثي.

لكن وضع المرأة اللبنانية هو أفضل الى حد​​​​​​​ما من بلدان أخرى، لأنها تحصل على بعض المساعدة من العائلة. في حين أن مشكلة النساء بشكل عام ليست فقط في بلادنا، بل في العالم أجمع، لأن كل امرأة تريد أن تكون "wonder woman" أي "المرأة الخارقة" وقد يتسبب لها هذا الأمر أحيانا بالضغط والفشل والشعور بالتقصير. وبالتالي لا بأس اذا قررت من وقت الى آخر، التخفيف من حدة العمل من أجل تخصيص الوقت للعائلة.

رسالة الى المرأة​​​​​​

المرأة مؤهلة تماما للعمل إذا أرادت ذلك، ولا أحد يمنعها. وبالتالي يجب أن لا تشعر بالذنب اذا قدمت الكثير من وقتها وجهدها في سبيل النجاح في مسيرتها المهنية، لأنها قادرة على تحقيق النجاح المهني والاهتمام بالعائلة في آن واحد، وخاصة في لبنان.