أقرّ ​مجلس الوزراء​ برئاسة ​سعد الحريري​ ​موازنة​ 2018 ومن المفترض إحالتها الى المجلس النيابي ليقرّها بدوره قبل مطلع نيسان المقبل.

وبعد إقرار ​الموازنة​ أكّد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري خلال مؤتمر صحافي ان "الموازنة تضمنت اصلاحات وتوفير على بعض الوزارات بنفس ارقام موازنة 2017 تقريباً"، مشيرًا إلى أنّنا " اللجنة الوزارية عملت طويلا من اجل اقرار هذه الموازنة".

من جهته قال وزير المالية ال​لبنان​ي علي حسن خليل إن العجز في الميزانية العامة 2018 يبلغ 7.3 تريليون ليرة لبنانية (4.8 مليار دولار) بما في ذلك العجز في قطاع ​الكهرباء​، وهذا الرقم يقل بحوالي 220 مليار ليرة لبنانية (145 مليون دولار) عن العجز في ميزانية 2017".

كما أكد ان الموازنة أقرت بدون أي ​ضرائب​ إضافية جديدة على الناس.

ويتعرض لبنان لضغوط كبيرة لإقرار ميزانية 2018 وإظهار استعداداه لإجراء إصلاحات مالية قبل سلسلة مؤتمرات للمانحين الدوليين هذا العام. حيث يسعى الاجتماع الأول في ​روما​ يوم الخميس قبل إلى دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية، بينما يهدف مؤتمر "سيدر" الذي سيعقد في أوائل نيسان المقبل في العاصمة الفرنسية باريس إلى تمويل مشاريع للبنى التحتية.

فما هي أهمية إقرار مشروع موازنة للعام الثاني على التوالي بعد غياب دام 12 عاماً ؟ وهل تضمنت موازنة 2018 إصلاحات حقيقية ؟

في هذا السياق يرى الخبير الإقتصادي وليد أبو سليمان في حديث خاص لـ"الإقتصاد" ان "إقرار موازنة 2018 مهم جدا، لان هذا الأمر هو بمثابة رسالة إلى ​المجتمع الدولي​ بأننا نحترم أهم وثيقة تنبثق عن الدول والتي تعكس الرؤية الإقتصادية والسياسة المالية لاي دولة ... علماً ان الموازنات في لبنان غابت لفترة 12 عاماً، إلى ان إنتظمت المؤسسات الدستورية مجددا في عام 2017 وعادت للمسار الصحيح".

وأضاف "لا يجب أن نكون معارضين بشكل دائم، فالتخفيضات التي تضمنتها موازنة 2018 مهمة، ولكن يجب ان نعترف بأن إقرار مشروع الموازنة وإرسالها للمجلس النيابي جاء تحت الضغط، فلولا وجود مؤتمرات دولية بإنتظارنا لما أقرت هذه الموازنة بهذه السرعة .. ولكن بدون شك تخفيض العجز بنسبة كبيرة هو امر جيد جدا خاصة ان المشروع الأولي المطروح كان كارثيا إذ تخطى العجز فيه الـ 12000 مليار ليرة، في حين ان هذا العجز تم تخفيضه بعد التعديلات إلى 7267 مليار ليرة، كما تم حصر النفقات من 25503 مليارات ليرة، إلى 23854 مليارات ليرة، ليكون الرقم قريب جدا من الإنفاق في موازنة 2017".

وإعتبر أبو سليمان "ان التحدي الكبير اليوم يكمن بالإصلاحات البنيوية والجوهرية، إذ يجب علينا وضع الاصبع على الجرح في موضوع إنفلاش ​الدين العام​، وفي موضوع الرواتب والأجور أيضا حيث يجب المحاسبة على الإنتاجية ووقف التوظيف العشوائي، أضف إلى ذلك ملف الكهرباء الذي يعتبر الموضوع الأهم خاصة انه السبب الرئيسي وراء توسع الدين العام، وملف أصحاب المولدات الذين يستفيدون من 2 مليار دولار سنويا دون دفع اي ضريبة للدولة، وهذا الموضوع لحظه رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في مؤتمره امس".

وتابع "70% من النفقات تذهب للقطاعات التي ذكرناها، وهي الدين العام، الرواتب والأجور والكهرباء .. وهذا يعني أن الإصلاحات تنطلق من هذه الملفات".

لافتاً إلى ان "إقرار الموازنة يبقى امراً مهما ولكنه لا يكفي إن لم نبدا فعليا بالإصلاحات المطلوبة، وغن لم نقم بتفعيل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص كي لا يبقى حبراً على ورق".

من جانبه إعتبر الخبير الإقتصادي د. إيلي يشوعي في حديث لـ"الإقتصاد" أن "إقرار موازنة يبقى أفضل بكثير من السير بدون موازنة، فالموازنة تحدد النفقات والإيرادات في حين ان الإنفاق على قاعدة الإثني عشرية التي إعتمدناها على مدى 11 عاما لا تحدد سقفاً للإنفاق".

وأضاف "للأسف موازنة 2018 على الرغم من محاولة تخفيض العجز فيها، إلا انها نسخة مشابهة لموازنة العام 2017، فخدمة الدين مازالت كبيرة، والإنفاق الإداري مرتفع جداً بسبب سلسلة الرتب والرواتب، حيث يذهب معظمه إلى هيكليات إدارية متقادمة، وبنفس الوقت الإنفاق الإستثماري في تراجع مستمر، إذ ان خفض 20% من مخصصات الوزارات سيطال خدماتها الإجتماعية".

ولفت إلى أن "عدم وجود ضرائب في مشروع موازنة 2018 ليس منّة من احد، فالدولة أقرت ضرائب العام الماضي تكفي لعشر سنوات قادمة".

وإعتبر يشوعي ان "تخفيض العجز إلى حوالي 5 مليارات دولار ليس إنجازاً، فهذا عودٌ على بدء، إذا ان العجز تم تخفيضه فقط إلى المستويات السابقة".

مشيرا إلى ان "الموازنة الحالية تعكس الأوضاع السائدة في البلد، والسياسات المنتهجة في مجال الإدارة والنقد والإستثمار والضرائب وإدارة الدولة لأملاكها العامة .. فطالما هناك فشل في كل هذه السياسات لن يكون لدينا موازنة ناجحة".