في ظل انشغال الطبقة السياسية واللبنانيين بالتحضير للانتخابات النيابية القادمة، و"عجقة" إعلان اللوائح والتحالفات، تبقى الأنظار مشدودة باتجاه موضوعين اقتصاديين أساسيين: الأول هو مشاركة لبنان في مؤتمر "سيدر" المخصص لدعم الاقتصاد والذي تعول عليه الحكومة، أما الثاني فهو موضوع ال​موازنة​ "الحاضر الدائم".

وفي الاقتصاد أيضا، حافظت وكالة التصنيف الدولية "ستاندرد أند بورز" على التصنيف الطويل والقصير الامد للديون السيادية بالعملات الاجنبية والمحلية في لبنان عند "B" و"B-" بالتتالي، مع نظرة مستقبلية مستقرة. ورأت الوكالة أن أي تفاقم للتشنجات الاقليمية قد يعيق الاصلاحات والنمو​ في البلاد. كما توقعت أن يصل متوسط النمو الى 2.3% خلال الفترة الممتدة بين 2018 و2021.

فهل أن ثقة ​المجتمع الدولي​ بحكومة لبنان واقتصاده موجودة اليوم؟ وكيف سيؤثر تصنيف "ستاندرد أند بورز" على سمعة لبنان؟ وهل من الممكن أن يسجل النمو نسبة أعلى من التوقعات؟

هذه الأسئلة وغيرها أجاب عليها الخبير الاقتصادي ومدير الأبحاث في "​بنك البحر المتوسط​"، د. ​مازن سويد​، في مقابلة خاصة مع "الاقتصاد":

- برأيك، هل هناك ثقة من قبل الدول المانحة والمجتمع الدولي ب​الحكومة اللبنانية​ و​الاقتصاد اللبناني​ لكي يحصل لبنان على ​المساعدات​ خلال مؤتمر "سيدر" القادم؟

الموضوع ليس متعلقا بوجود الثقة أم غيابها، فالاقتصاد اللبناني أثبت مؤخرا أنه يتمتع بمناعة، وقادر على الحفاظ على الاستقرار.

لكنه الى حد اليوم، لم يظهر بعد أنه قادر على تحقيق النمو الذي يمكّنه من تخفيض مديونيته بالنسبة الى ​الناتج المحلي الاجمالي​. فنسبة العجز تقتضي إما حصول تخفيض للدين - وهو أمر مستحيل - وإما حدوث زيادة في النمو. في حين أن المجتمع الدولي يقول أن لبنان غير قادر على تحقيق الأمرين.

وبالتالي نواجه مشكلة في موضوع استدامة الدين، ويجب معالجتها على الفور. اذ هناك دفتر شروط دولي، مطلوب من الحكومة اللبنانية تنفيذه، من أجل الحصول على هذه المساعدات. وبما أن المؤتمر سينعقد وسنحصل على هذا الدفتر، فالأمر يعني أن المجتمع الدولي لديه إيمان بقدرتنا على تنفيذه.

وبالتالي ستتوجه ​الدولة اللبنانية​ بكل أركانها في نيسان المقبل، الى المؤتمرات المانحة، وسوف تعد المجتمع الدولي بالاصاحلات، حتى تنفذها في النهاية، لأنه لن يحدث بعد الان، كما حدث في "​باريس​ 2" و"بارس 3"، أي حين أعطونا الأموال قبل تطبيق الاصلاحات؛ فالوعود حاضرة، لكن التنفيذ سيكون بعد القيام بالاصلاحات.

ونأمل أن نرى بعد الانتخابات، حكومة جديدة أكثر فاعلية، اذ أن ​رئيس الجمهورية ميشال عون​ قال أن حكومة العهد الأولى هي حكومة ما بعد الانتخابات. مع العلم أن الحكومة الحالية لا بأس بها، لكنها غارقة حاليا للأسف في المشاكل الداخلية.

انما الوضع اليوم لم يعد يحتمل، وبالتالي هو بحاجة الى علاجات جذرية، ولكن لن يتم تحقيق هذه العلاجات قبل انتهاء الانتخابات، وعلينا الانتظار حتى نرى النتيجة.

أما بالنسبة الى موضوع موازنة 2018، فسوف يتم اقرارها بجميع الأحوال لأننا تأخرنا كثيرا وسبقتنا المهل. والتعويل حاليا هو على موازنة 2019، التي من المفترض أن تكون إصلاحية.

- من جهة أخرى، ما رأيك بالتنصيف الائتماني للبنان الصادر عن وكالة "ستاندرد أند بورز"؟

هذا التنصيف ايجابي، ويؤكد على حالة الاستقرار الموجودة في البلاد، خاصة بعد ما حصل مع رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ والاستقالة المفاجئة، وقدرة لبنان على الصمود؛ وهذه الحادثة كانت بمثابة اختبار كبير ومهم بالنسبة لنا.

وقد أثبت لبنان أنه قادر بالفعل على التعافي والصمود، وعلى تحقيق الاستقرار والتحلي بالمناعة.

لكن اليوم لا نستطيع الحديث فقط عن المناعة والاستقرار، بل من المطلوب خفض نسبة الدين من الناتج المحليـ والا ستصل هذه النسبة الى 180% في العام 2022، بحسب ما أشار اليه ​صندوق النقد الدولي​؛ وهذه النسبة لا نستطيع تحملها.

- توقعت الوكالة أيضا أن يصل متوسط النمو الى 2.3% خلال الفترة الممتدة بين 2018 و2021، ما رأيك بهذه الرقم؟ والى أي مدى هو قريب من الواقع؟

لبنان يحقق اليوم نسبة نمو تترواح بين 1.5% و2%، ومن المطلوب أن نصل الى 4.5% و5%؛ فنسبة النمو التي لا تتخطى حدود الـ4% تعتبر غير كافية، لأن بلدنا يعتبر ناميا وليس صناعيا.

- هل أن إقرار موازنة 2018 سيعيد ​الوضع المالي​ الى المسار الصحيح؟ أم أن تأثيراتها محدودة وعلينا انتظار موازنة 2019 من أجل التماس إصلاحات جذرية؟

بات من الواضح أن موازنة 2018 تحتوي على ارتفاع في العجز وليس تراجع، وبالتالي لا يبدو للأسف أنها إصلاحية، وعلينا انتظار موازنة 2019 لعلها تضم إصلاحات ملموسة.

- من ناحية ثانية، الى أي مدى تؤثر أزمة القروض السكنية على القطاع العقاري في لبنان؟

حاكم مصرف لبنان رياض سلامة​ قال أن الأولوية في موضوع القروض السكنية ستكون لكل شخص يعتزم شراء ​العقارات​ وهو بحاجة الها. اذ شهدنا في السابق على سوء استخدام لهذه القروض من قبل بعض الجهات، التي كانت تقوم بمبيعات وهمية من أجل الاستفادة من فرق الفائدة ما بين القروض والوديعة في المصرف.

وبالنهاية، من الأفضل أن يتم حلّ هذا الموضوع اليوم بدلا من حدوث المشاكل في المستقبل. ونأمل أن يتمكن كل شخص بحاجة بالفعل الى شقة، من الحصول عليها. وأنا شخصيا أعتقد أن هذا الموضوع موجود اليوم بين أياد أمينة.