بالتأكيد ان ازمة القروض الاسكانية المدعومة ستجد طريق الحل في الوقت القريب في ​ضوء​ الاتصالات الجارية والمساعي القائمة ، والاهم مع الاهتمام الذي يبديه رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ لهذه المعضلة التي تعتبر مشكلة اجتماعية بامتياز ، واقتصادية لها تداعيات خطيرة على ذوي الدخل المحدود ، على ​المصارف​ وعلى السوق العقاري .

واذ يسعى حاكم ​مصرف لبنان​ رياض سلامة لإيجاد المخرج المناسب دون زيادة الكوتا المحددة سابقا ً بما يتلاءم مع سياسته النقدية المبنية على اولويات فإن هذه الازمة المفاجئة تستدعي البحث الجدي عن سياسة إسكانية واضحة ليست مسؤولية الحاكم بل من اختصاص الدولة ،سيما وان دور المصرف المركزي هو ضخ ​سيولة​ لتفعيل ​الاقتصاد​ وتأمين شمول مالي واسع، مع اهداف تبقى تحت سقف عدم حصول تضخم كما اكد سلامة للرئيس عون.

من الواضح ايضاً أن "​​مصرف لبنان​​ لن يزيد قيمة الدعم المخصص للقروض السكنية في عام 2018 نظراً لاعتبارت نقدية مرتبطة بترتيب أولويات مصرف لبنان وهي نقدية في هذه المرحلة ، تبعاًللقواعد الجديدة في السوق.وبالتالي، ان هذه السياسة الاسكانية ليست من مسؤولية المصارف التي تقدم منتجات مغرية لجذب المقترضين وانما هي مسؤولية الحكومات المتسابقة التي الغت وزارة الاسكان لتكون ملحقة بوزارة الشؤون الاجتماعية المحمّلة برزمة كبيرة من الاعباء .

ومن المعلوم ان عدد هذه القروض السكنية التي منحتها المصارف بواسطة الرزم التحفيزية التي اطلقها مصرف لبنان تجاوزت المئة ألف منذ العام 2011 .

وكانت المحرّك الأساسي للقطاع العقاري بأكمله، أو أقلّه لجزء لا يستهان به منه.

ووفق منسّق التحالف العقاري اللبناني أمين سر جمعية مطوّري العقار في لبنان ​مسعد فارس​ أنّ الحركة الأنشط في السوق العقارية هي تلك المرتبطة بالشقق المستوفية شروط الدعم.

ويلفت الى إن "القطاعات الاقتصادية بمجملها كانت لتتأثر باحتمال توقف دعم القروض السكنيّة"، نظراً إلى أن "حركة ​القطاع العقاري​ تساهم في تنشيط الكثير من القطاعات المتعلقة بالبناء وانشائه وتسويقه والسكن فيه".

اليوم القطاع العقاري ليس بخير . ولبنان يفتقر الى الاطار التنظيمي في قطاع السكن والى الادوات المناسبة لدعم بناء مساكن بكلفة ميّسرة.

وثمة من يلفت الى دور البلديات في تأمين مساكن ميّسرة، سيما وان القانون 77 أعطاها صلاحيات في مجال تأمين المساكن لمحدودي الدخل.

ويذكر ان ​اوروبا​ و​اميركا​، واخيرا بعض ​دول الخليج​ لا سيما ​دبي​، انتقلت الى مفهوم الاندماج الاجتماعي بمعنى تخصيص نسبة معينة من مساكن بناء جديد لمحدودي الدخل.

هل السياسة الاسكانية ممكنة في لبنان اليوم؟

مكارم

يقول مدير عام شركة رامكو العقارية رجا مكارم " للاقتصاد " : انا مع الاقتصاد الحر الموّجه. وليس عندي اي ثقة بالمشاريع الحكومية . لايجب ان نطلب المستحيل؛ فالجميع يعلم ان الدولة مفلسة وغير قادرة على تنظيم الامور ومن ضمنها وضع سياسة اسكانية.

المسألة ليسة سهلة والدولة امكانياتها محدودة . ولمسنا مؤخراً كيف انه في اطار ضبط ​الانفاق​ تم انتزاع شيء من مخصصات وزارة الشؤون الاجتماعية التي تساعد ذوي الاحتياجات الخاصة وفقيري الحال.

ويقول مكارم : منذ 60سنة ، لم يكن هناك ما يسمى بالقروض السكنية ؛ انها ​آلية​ جديدة أدرجت في منتصف التسعينات . وقبلها كان استئجار ​المنازل​ هو السائد كما هو في معظم دول العالم.

طبعًا الشراء هو العملية الاضمن لتملك الشقق، ولكن اذا لم يحصل فهذا لا يعني انه نهاية العالم.واذا تعذّر الشراء في العاصمة فهو ممكن في القرية . ولو كنا في اجواء بحبوحة لكنا طلبنا من الدولة القيام بهذا الدور اي وضع سياسة اسكانية وتنفيذها علما انه باستطاعة المجتمع المدني اعطاء الافكار المناسبة .

واذا نظرنا الى موضوع الايجار التملكي الذي هو قيد التداول بين الحين والآخر فانا بالتحديد لم أفكر به بشكل جدي ومعمّق . وممكن ان يكون احد الحلول.

للأسف ، نحن في مرحلة لا يوجد فيها دولة . لا بل نحن في مزرعة . العدالة الاجتماعية غائبة .

نحن في واقع انتخابي والتوقيت لرسم سياسة اسكانية غير ملائم.

ويعتبر ان كل من مصرف الاسكان والمؤسسة العامة للاسكان ساعدا في تمويل شراء المساكن. ووفق ​رئيس مجلس ادارة​ مصرف الاسكان جوزف ساسين انه في عام 2017 تم إعطاء ما بين 6و7 آلاف قرض من المصرف .

ويؤكد مكارم على ان القطاع العقاري اكبر من حجم القروض . وهو اليوم في أزمة حيث هناك مليونين متر مربع من الشقق الفخمة الجاهزة التي يزيد سعر المتر المربع فيها عن ال3 الآف

دولار غير مباعة . وهنا نتحدث عن 4 او 6 مليارات دولار .

ويكشف مكارم ان نفاذ ​القروض المدعومة​ من المركزي في بعض المصارف باكراً هذا العام مرتبط ببعض المقترضين المقتدرين الذين لجأوا اليها بسبب الفوائد المقبولة والتشجيعية مما حرم فئات اخرى من ذوي الدخل المحدود .

ويقول مكارم : انا ضد الانتقاد . ومن الصعب القول للشخص انك مقتدر ولا يمكنك الإفادة من القرض المدعوم في ظل انعدام الثقة الموجود. فالمقتدرون يفضلون توظيف اموالهم في ​القطاع المصرفي​ حيث العائد الاكبر بدل الاستثمار في القطاع العقاري .

في الملخص، الكل يشكو من الانعكاسات السلبية لغياب التخطيط على ما يعيشه لبنان من نقص في تأمين حق الوصول الى ​مسكن​. والبعض يدعو المؤسسة العامة للاسكان الى لعب دورها في وضع سياسة اسكانية والعمل على تنفيذها، منتقدا غياب الرابط بين المؤسسة والجهات المعنية بالتشريع.واذا اليوم سيحضر الحل للقروض المدعومة فانه لن يكون الحل الجذري بل المؤقت لان لا يمكن الاستمرار في الاستناد على ما يضخه "المركزي" الذي سيكون منهمكاً بالتزامات كبيرة اخرى .