استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة في أدونيس، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "ماذا يشوب موازنة الـ 2018؟ وهل الإصلاحات التي يطلبها المجتمع الدولي هي على قياس الدولة اللبنانية؟"، الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، والنقيب السابق لخبراء المحاسبة المجازين إيلي عبود.

بداية قال البروفسور جاسم عجاقة أنه "عندما أنجزوا موازنة العام 2017، أخذوا بعين الإعتبار فقط الإيرادات والإنفاق، وأطلقوا على هذا المشروع كلمة موازنة .. وهذه الموازنة أقرت في نهاية العام 2017 تقريباً، ولم يكن لها أي قيمة حقيقية، ولا ينطبق عليها صفة الموازنة أصلاً، ولا تتخطى صفة مستنداً فقط. واليوم بموازنة الـ2018 إعتقدوا ان الأمر سهل وبسيط، فاخذوا موازنة العام الماضي، وأجروا بعض التغييرات في الأرقام وأطلقوا عليها إسم مشروع موازنة ايضاً. في حين ان الامر اكثر تعقيداً، فنحن نعاني من مشكلة هيكلية في الموازنة، حيث ان الإنفاق يفوق الإيرادات بأشواط وبالتالي لا يمكن الإستمرار بهذه الطريقة .. وبالإضافة إلى ذلك لدينا عدد كبير من الإستحقاقات التي زادت الامور سوءا". 

وأضاف "الإيرادات لم تصل للرقم المتوقع في العام 2017، في حين ان النفقات تخطت الارقام المتوقعة، والسبب هو سلسلة الرتب والرواتب التي رفعت الكلفة، وبالتالي زادت الامور سوءا. اليوم هناك شبه إستحالة للقيام بأي هامش تحرك في موازنة الـ 2018، وتخفيض نسبة 20% من نفقات الوزارات إصطدمت بالعديد من الحواجز .. ولكن يجب ان يعرف الرأي العام بان نسبة الـ20% التي يتحدثون عنها، هي في الواقع 5% فقط من نفقات الموازنة، فهناك بنود لن يتم المساس بها وهي كهرباء لبنان، الأجور، خدمة الدين العام .. وهذه النقاط تشكل 75% من النفقات الإجمالية، فيبقى الـ25% الأخرى من النفقات التي سيتم تخفيض 20% منها، أي ما يشكل 5% فقط من نفقات الموازنة ككل. وهذه النسبة غير كافية لحل مشكلة العجز الهيكلي في الموازنة".

وفي سؤال للزميلة خداج عن فكرة رفع الدعم في موازنة 2018، وإستثناء الكهرباء من هذه الخطوة قال البروفسور عجاقة "العجز في الموازنة المطروحة يتخطى الـ 12000 مليار ليرة كما يقال، فهناك طلب لرفع مخصصات بعض الوزارات، وهذه الطلبات مطروحة على الطاولة. واليوم المنظمات العالمية ومؤسسات التمويل لا تقدم مساعدات بدون شروط، ونحن اليوم طلبنا مساعدتهم وهذا يعني أنه علينا الإلتزام بشروطهم، ومن ضمن الشروط والإصلاحات المطلوبة، زيادة الضرائب، رفع الدعم عن السلع والخدمات، والخصخصة .. ولكن هذه النقاط كلها لا تنطبق على الوضع في لبنان، فالسياسيين لن يزيدوا الضرائب قبل الإنتخابات أولا، ورفع الدعم لن يكون كلي بل جزئي، كما أن وضع الملغ المخصص لدعم كهرباء لبنان خارج الموازنة ليس بالأمرا البريء ... والخصخصة ليست بالامر السهل، لان الإطار الإقتصادي الحالي لن يسمح بان نستحصل على اسعار تتناسب مع سعر المرفق الذي نريد خصخصته، وهناك شق أخطر من ذلك وهو الشفافية، حيث لا يوجد اليوم آلية في الدولة اللبنانية تسمح بمستوى مقبول من الشفافية، وتسمح بخصخصة مرافق عامة بارقام جيدة، وهذا عائق اساسي .. وأنا بإعتقادي الشخصي بان الخصخصة هي إنتحار، والحل الامثل هو الشراكة بين القطاعين العام والخاص".

من جهته قال النقيب السابق لخبراء المحاسبة المجازين إيلي عبود "أن الأرقام دائما ما تعكس واقعاً، وهناك مؤشرات واضحة، فكل شخص او شركة عليه ان يعرف ما هي مداخيله ومصاريفه، وموازنة العام 2018 هي إعادة لموازنة العام 2017، ونحن ندور اليوم في حلقة مفرغة ... فعندما يكون العجز قرابة الـ 7200 مليار ليرة في 2017، في حين ان موازنة العام 2018 تظهر عجزا بحوالي 7600 مليار ليرة بإستثناء دعم الكهرباء الذي يبلغ 2100 مليار، فهذا يدل على غياب اي رؤية إقتصادية للدولة".

وإعتبر أن "لبنان يمتلك مفكرين وإقتصاديين وإختصاصيين في علم المال والإقتصاد يجب ان يكونوا من ضمن صانعي السياسات المالية والإقتصادية والضرائبية في البلد، ولم يكن هناك حاجة لإستقدام شركات اجنبية لوضع دراسات".

وقال عبود "لدينا مشكلة كبيرة جدا وتحتاج إلى معالجة سريعة، فالمؤشرات خطيرة جداً، ونحن بحاجة لقرار جدي للإستعانة بصانعي السياسات والخبراء الإقتصاديين لوضع خطة إستراتيجية واضحة ... فالعجز في الموازنة يجب أن لا يتخطى الـ 3 إلى 4% كأقصى حد من الناتج القومي الإجمالي، في حين اننا وصلنا في الموازنة الحالية إلى أكثر من 10%، وكل ذلك مقابل إنفلاش كبير في التوظيف في القطاع العام".