حتى تاريخه ، لم يحسم موضوع الغاء براءة الذمة في ​الضمان الاجتماعي​ المطلوب من الشركات والمؤسات تقديمها رغم ماتم دسه في قانون ​موازنة​ 2018بعدما تم تناوله سابقاً في موازنة 2017.

في البداية ما هي براءة الذمة ومن هم المعنيين بها؟

إن براءة الذمة التي يصدرها الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي المنصوص عليها في المادة 65 من قانون الضمان الإجتماعي المعدلة بموجب القانون رقم24/82 تاريخ 3/8/1982 وإستناداً للمرسوم التطبيقي 13684 تاريخ 30/11/2004 هي "الإفادة التي تصدر عن الصندوق وتثبت أن ​رب العمل​، سواء كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً من أشخاص القانون الخاص، قد سدد الإشتراكات وسائر الموجبات المالية المتعلقة بتنفيذ قانون الضمان الإجتماعي حتى نهاية الشهر الذي يسبق إعطاءها بالنسبة للمؤسسات الشهرية، والفصل الذي يسبق إعطاءها بالنسبة للمؤسسات الفصلية..."

مفهوم براءة الذمة في الضمان ينطوي على اكثر من مغزى :

اولاً: تشريع مسألة عدم قيام الشركات والمؤسسات المسجلة في الصندوق بتسديد اشتراكاتها كما ينص عليه القانون، وبالتالي عدم الافصاح عن عدد الاجراء والمستخدمين لديها ما يعني بقاء الكثير من هؤلاء طي الكتمان ، وحرمانهم من تقديمات الصندوق الصحية والمدرسية والتعويضات العائلية ...

ثانياً: حرمان الصندوق من مورد هام من ​الايرادات​ يمكنه من تسديد جزء هام من نفقاته المتزايدة خصوصاً في فرع ضمان المرض والامومة حيث يرتفع الطلب.

ومن ناحية اخرى ، فان هذا يعني تسهيل معاملات المؤسسات والشركات التي تتعاطى شؤون التصدير .

وفي مطلق الاحوال ، فان براءة الذمة في الضمان المأخوذة عن قانون الضمان الفرنسي الذي يطبقها بدوره لن يكون سهلا .

وفي هذا السياق ، يعتبر مصدر مسؤول في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ان المشكلة تبقى في كيفية تطبيق العدالة الغائبة في الضمان . وكيف تطوى هذه العدالة عند البعض في الصندوق عندما يتعلق الامر ببراءة الذمة المعطاة لشركات ومؤسسات ​مخالفة​ على حساب اخرى محترمة وملتزمة بالقيام بواجباتها.

ويذكر المصدر "للاقتصاد"ان هناك ما يقارب 12 مليون دولار دفعتها احدى الشركات للضمان وتم اختلاسها من قبل موظفي الصندوق الذين اعطوا براءة الذمة لشركة اخرى مخالفة لم تسدد متوجباتها.

ويقول المصدر " الصندوق متعثر ادارياً والكل يشهد على ذلك. فالمكننة ليست حديثة في الصندوق لا بل انها بدائية ، رغم ان هناك عروضاً قدمت من قبل اكثر من جهة ومنها ​البنك الدولي​ والفرنسيين واستبعدت لصالح الشركة الحالية التي رسا عليها الالتزام في الساعات الاخيرة بدون ​علم​ مجلس الادارة عن طريق غب الطلب ، و بدون التحقق من كفاءة الشركة وامكانياتها في هذا المجال. ومن المعلوم ان البيانات المالية مرتبطة ب 30 موظفاً في هذه الشركة.

واعتقد انه لامجال ابداً لإلغاء موضوع براءة الذمة لأن الموضوع مرفوض من قبل الضمان الاجتماعي والدولة . وبالتالي، لا يمكن الرجوع الى الوراء في هذه المسألة. فالضمان الاجتماعي مؤسسة لها طابعها الخاص . والقانون يلزم الشركات بدفع اشتراكاتها للضمان . هناك شركات ومؤسسات كبيرة تدفع مبالغ كبيرة لأمر الضمان .

ويكشف المصدر نفسه انه حتى تاريخه لم يعرض اي تقرير مفصّل عن وضع الضمان المالي وعن الاشتراكات المدفوعة وغير المدفوعة من قبل الادارة للمجلس .

براءة الذمة هي لضمان انتظام المؤسسات بالتصريح عن أجرائها وتسديد الاشتراكات و​آلية​ لضبط هذه الاشتراكات ولن تلغى ابداً لتشجيع التهرّب الضريبي.

ويلفت الى ان عملية اعطاء براءة الذمة الملحوظة في الضمان الاجتماعي الفرنسي تتم بواسطة المعاملات الالكترونية السريعة ويتم إبلاغ الشركات والمؤسسات بصورة دورية عن ضرورة تسديد متوجباتها .

ويتابع: المكننة بدأت في الضمان الاجتماعي في ​لبنان​ منذ 7 سنوات ولكنها غير مفيدة ولم تؤدي النتيجة المطلوبة منها.

ويتحدث المصدر عن العدالة الاجتماعية المفترض توفيرها في لبنان ويقول في هذا السياق : اليوم المرحلة هي للانتخابات النيابية وكل التحركات تصب في هذا الاتجاه، ولكن السؤال المطروح : اي من المرشحين اعد برنامجه على اساس العدالة الاجتماعية التي تؤمن الضمان الصحي الشامل لكل اللبنانيين وضمان الشيخوخة ايضاً للجميع بدون اي تمييز؟

في ​اوروبا​ برنامج المرشحين يسقط اذا لم يتضمن هذه ​المبادئ​ التي تدخل في ما يعرف بالفرنسية ب Bien Etre. ومن المؤسف ان البرلمان في لبنان يدفع اعلى رواتب للنواب بمعدل 12 مرة اكثر من الناتج القومي بينما في اوروبا هي مرتين اكثر فقط.

اكبر فضيحة في لبنان هو ​مجلس النواب​ العاطل عن العمل.

العمالي

اقتراح التعديل في مشروع قانون ​الموازنة العامة​ للعام 2018 والذي جاء في المادة (19) منه، "إلغاء موجب الحصول على براءة ذمة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلاّ في حالتي التصفية والحل"لا يبدو انه سيمر بسهولة وسط الترصد الحالي من قبل اكثر من طرف، ولاسيما الاتحاد العمالي الذي جدد رفضه لهذا الاقتراح لما له من انعكاسات مدمّرة على مالية وحقوق الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وبالتالي على الأمن الاجتماعي للمضمونين حيث أنّ مثل هذا الاقتراح يشجع المؤسسات على التقاعس وعدم تسديد متوجباتها تجاه الصندوق وعلى التهرّب من التصريح عن أجرائها.

وقال "إنّ الدولة عوض دفع المتوجب عليها للضمان والبالغ 2300 مليار ليرة تلجأ إلى إلغاء موجبات براءة الذمة الذي سوف يفضي حكماً إلى انحدار واردات الصندوق بسرعة قياسية ويمنع الصندوق من الاستمرار في تأدية واجباته في التقديمات للمضمونين على صعيدي الطبابة والاستشفاء."

وطالب الاتحاد العمالي العام بسحب هذا الاقتراح واتخاذ إجراءات إضافية لحماية الصندوق، خصوصاً وأنّ أكثر من ألف مليار ليرة متوجبة على أصحاب العمل لا تزال في ذمتهم من دون تحصيل.

في مطلق الاحوال ، اذا كان استعمال براءة الذمة بالون اختبار يتم التطرق اليه في الموازنات كخطوة لتشجيع اصحاب الاعمال وتسهيل الاجراءات، فانه بدون شك باب جديد للهدر بغياب الرقابة، ولكن، كل هذا مع الخلاف الكبير المتنامي الموجود بين المدير العام ورئيس مجلس الادارة ، وبين المدير العام واعضاء مجلس الادارة ايضاً حيث التفرّد في القرارات هو سيّد الموقف .