هو رجل عصامي، استطاع أن يكوّن لنفسه ولشركته اسما بارزا في مجال الـ"catering" في ​لبنان​، كما عمد الى بناء مسيرته المهنية بجهود ذاتية لافتة، وصمد أمام التحديات الكبرى ولم يستسلم أبدا للفشل.

ومن خلال التجدد الدائم والابتكار والشفافية مع الزبائن، كان النجاح حليفه، وتمكّن من الحفاظ على استمرارية نشاطه العملي لأكثر من 10 سنوات.

كان لـ"الاقتصاد" لقاء خاص مع مؤسِس وصاحب شركة "Le Blanc Catering"، هشام سعد، للحديث عن مسيرته المهنية، وما تمثله من نموذجا ناجحا للشباب اللبناني.

أخبرنا عن بداياتك المهنية وكيف قررت تأسيس شركتك الخاصة "Le Blanc Catering"؟

تخصصت في مجال المأكولات والمشروبات في فرنسا لمدة ستّ سنوات، وعندما عدت الى لبنان في العام 2007، لاحظت أن البلاد بحاجة ماسة الى شركات مزودة للطعام (catering)، قادرة على استلام المناسبات كافة (الحفلات، والأعراس، ووجبات الغداء والعشاء، واجتماعات الشركات،...). كما رأيت أن هذا المجال يعاني من الركود ولا يشهد على أي تطور أو تقدم، وبالتالي هو بحاجة الى التجديد من أجل إعطائه لمسة شبابية.

ولهذا السبب، أسست فور عودتي الى بلدي الأم، شركة "Le Blanc Catering"؛ ومن هنا كانت انطلاقة المسيرة. ومنذ ذلك الوقت، شعر الزبائن أن هذه الشركة تقدم لمسة مميزة ومختلفة عن باقي الشركات الموجودة في ​السوق​. وبالتالي عمدنا الى تطوير خدماتنا وتجديدها وتحسينها كل سنة، من أجل متابعة الموضة العالمية الخاصة بكل ما له العلاقة بالمأكولات والمشروبات والديكورات.

برأيك، ما هو سرّ نجاح شركتك واستمراريتها لكل هذه السنوات؟

أولا، وجودي الدائم في الشركة، فأنا ألاحق جميع التفاصيل، من ناحية الطعمة والوصفة والعرض وطريقة التقديم، وأهتم بأصغر الأمور حتى أكبرها.

ثانيا، التجدد الدائم، فنحن نسعى الى التطور بشكل سنوي، من أجل تحديث طرق التقديم، والطاولات، والخزائن، والوصفات، والاكسسوارات،... وبهذه الطريقة ينتظر الناس جديدنا، ولا يشعرون أبدا بالروتين؛ فاللبناني يحب التجدد وخاصة في مجال المأكولات والحفلات.

كيف تصف نفسك اليوم كرجل أعمال؟ وما هي المقومات التي تساعد الانسان على التقدم وتحقيق النجاحات المهنية؟

أولا، الصدق والشفافية، اذ أنه لا يجوز أن نغشّ على العميل، بل علينا دائما تقديم الأفضل له. فأنا أسعى الى إعطاء الزبائن حقهم، ومتابعتهم للتأكد من رضاهم واقتناعهم وسعادتهم بالنتيجة النهائية.

ثانيا، أهتم بعملي الى أقصى الحدود، وألاحق كل الجوانب المتعلقة به.

ثالثا، أركز على كل موظف في الشركة، وذلك لكي يشعر بالارتياح في حياته العملية، ويمارس مهامه بشغف وحبّ. كما أن العمل الجماعي بديهي في أي مجال كان، فالشركة تضم 45 موظفا، ونحن نتشارك مع بعضنا البعض في الاجتماعات، ونتحاور لايجاد الحلول للأمور العالقة، وتقديم الأفكار والاقتراحات الجديدة.

رابعا، التجدد والابتكار تعتبر من العوامل الأساسية في عملنا.

هل أن المنافسة الواسعة الموجودة في السوق اليوم تؤثر على شركتك بشكل سلبي؟ أم أنك تعتبرها عاملا ايجابيا؟

المنافسة جميلة وتحثّ الانسان على مواصلة التفكير في عدم التراجع على مستوى الخدمات المقدمة، كما تشجعه على مواكبة التحديثات كافة، والسعي دائما من أجل تقديم الأفضل.

أما بالنسبة لي، فطالما أن ثقتي بنفسي وبعملي كبيرة، وأن شركتي تعمل على مستوى عالٍ، لا أنزعج من المنافسة، بل على العكس تدفعني الى الأمام.

كيف ترتب هذه العناصر الثلاثة بحسب الأولوية: الشهادة الجامعية، الخبرة أو رأس المال؟

الخبرة أساسية، لأنه من خلالها يمكن الحصول على رأس المال، كما يستطيع الانسان توسيع عمله وتطويره، وتحسين خدماته المقدمة.

وبالتالي فإن الخبرة هي الأساس في أي مسيرة ناجحة، بالاضافة طبعا الى الإبداع والتجدد.

ولا بد من الاشارة الى أن الشهادة الجامعية مهمة لكي يتمكن الشخص من الحصول على وظيفة، وبدونها لن يتمكن من تثبيت نفسه في أي شركة كانت. لكن الشهادة بدون الخبرة لا تكفي، لذلك يعتبران معا أساس نجاح كل انسان في هذه الحياة.

هل عدت في العام 2007 الى لبنان بتفاؤل وحماس؟

عدت بتفاؤل طبعا، والشعور الأول كان الاشتياق الى بلدي وعائلتي وأصدقائي. بالاضافة الى رغبتي الكبيرة في إظهار ما تعلمته في الخارج، وما أستطيع تقديمه الى لبنان.

فبدأت من هذا الهدف، وعملت على تطوير نفسي أكثر فأكثر مع مرور الأيام والسنوات، وبهذه الطريقة بات اسمي معروفا، وأصبح لشركتي مكانتها في السوق.

هل تمكنت من تحقيق النتائج التي توقعتها؟

نعم وأشكر الله على ذلك، فالأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية في البلاد تشكل عاملا أساسا في تقدم الشخص أو تراجعه، كما أنها تؤثر الى حد كبير على عملنا. لكن الانسان الموهوب لا يخاف من هذه الأمور، لأنه قادر على استيعاب التحديات وتخطي المراحل الصعبة.

ما هي مشاريع الشركة المستقبلية؟

نسعى الى تطوير الشركة وتوسيعها أكثر في لبنان والخارج، لكي نتمكن من استيعاب المزيد من الأعمال، والاهتمام أكثر في الحفلات الخاصة بالشركات أو المصارف أو المؤسسات الحكومية مثل "مطار بيروت الدولي".

ولا بد من الاشارة الى أن البلدان العربية والأجنبية أيضا، بحاجة الى ذوقنا ولمستنا. كما أن الشباب اللبنانيين يهتمون كثيرا في الآونة الأخيرة بالزواج خارج لبنان، لكنهم يفتقدون هناك الى اللمسة اللبنانية، ولهذا السبب سنسعى الى تلبية جميع طلباتهم في أي بلد كان.

هل شعرت يوما بالتقصير تجاه حياتك الاجتماعية والعائلية بسبب انشغالك بإدارة شركتك؟

الانسان قادر حتما على تحقيق التوازن، رغم أن مسؤوليات صاحب الشركة كبيرة جدا، وعليه الانتباه أكثر من أجل الحفاظ على مؤسسته وموظفيه واسمه. لكن بإمكانه التنسيق اذا كان منظما من الناحية الادارية، وجاهزا ومؤهلا لتقسيم الأعمال على الموظفين والاهتمام بكل ما يحصل داخل الشركة.

بالاستناد الى تجربتك المهنية الخاصة، ما هي النصيحة التي تودّ إيصالها الى جيل الشباب اللبناني؟

أولا، يجب على كل شخص أن يعرف تماما ماذا يريد في هذه الحياة، لكي يبدأ بالسير على طريق النجاح في سن مبكرة.

ثانيا، عندما يتعرف الانسان الى طموحه المهني، عليه أن يضع هدفا معينا في رأسه، ويسعى بكل ما لديه من قوة للوصول اليه.

ثالثا، لا يجب أن نتسلق السلم بسرعة فائقة، بل علينا الصعود درجة درجة، أي ببطء ولكن بثبات، وذلك من أجل الاستفادة قدر الإمكان من كل الخبرات والتجارب.

رابعا، يجب أن لا نخاف من المحاولة بعد الفشل، فالثقة بالنفس أساسية.

خامسا والأهم، أن يبدأ الانسان من الصفر، ويمرّ بمختلف الظروف والتجارب القاسية والجميلة لكي يتعلم من أخطائه ويصبح أقوى.