جيسيكا خويري أشقر، مصممة أزياء وسيدة أعمال لبنانية ناجحة، شقت طريقها بثبات في عالم الموضة حتى أصبحت في عمر الثلاثين اسما لامعا في سماء الملابس الجاهزة في لبنان والدول العربية أيضا، وبالتالي تمكنت من البدء بحصد ثمار نجاحها في سن مبكرة.

أثبتت على مرّ السنوات، جودة تصاميمها ونوعيتها، وبيّنت على إتقانها واحترافيتها واهتمامها الكبير بأدق التفاصيل. فمنذ لحظة انضمامها إلى عالم الأزياء، آمنت بالدور الذي تلعبه الموضة من ناحية التمكين، واستخدمت هذا الأمر لصالحها.

وبالعودة في الانطلاقة، لطالما استمتعت جيسيكا بالفنون والحرف اليدوية، وأثناء تواجدها في المدرسة، أمضت معظم وقتها في رسم الملابس. ومع ذلك، لم تتوقع يوما أن تصبح بنفسها مصممة أزياء. فبعد أن أنهت تخصصها الجامعي في إدارة الأعمال، قررت أخيرا دراسة تصميم الأزياء في لندن وتخرجت مع مرتبة الشرف، ثم انتقلت إلى بيروت حيث أسست وأطلقت علامتها التجارية الخاصة "Jessica K" المتخصصة بالملابس النسائية المعاصرة.

هي شخص منظم، دقيق، ومنشد بالكمال. تهتم بالتفاصيل الأخيرة، وتركز دائما على تقديم الأفكار الجديدة والخلاقة والإبداعية. كما تحرص على إظهار ذوقها المميز والحضاري في كل قطعة تنفذها.

جيسيكا خويري أشقر زوجة وأم لولدين، وهي شخص لا يعرف التعب، فعندما لا تعمل، تسعى لإيجاد الإلهام في كل شيء من حولها، وخاصة من نوعية الوقت الذي تقضيه مع عائلتها، والذي دفعها في العام 2015، الى إطلاق العلامة التجارية "Little Bluffers" المتخصصة بملابس الأطفال.

حول هذه المسيرة الشيقة والمميزة، حاورتها "الاقتصاد":

بداية، هل لك أن تشرحي لنا أكثر عن مسيرتك المهنية والمراحل التي سبقت إطلاق "Jessica K" و"Little Bluffers"؟

لطالما أحببت الموضة والأزياء، وخلال فترة الطفولة كنت أرافق والدتي للتسوق، وأساعدها على انتقاء الملابس. وفي الوقت ذاته، لطالما شعرت بالشغف تجاه كل ما له علاقة بالفن، اذ أنني كنت أرسم الفساتين والثياب بشكل عام، وألوّنها.

وعندما وصلت الى المرحلة الجامعية، قررت التخصص في إدارة الأعمال والضيافة (business hospitality management)، وعلى الرغم من أن هذا المجال بعيد جدا عن شغفي، لكن الصفوف الاختيارية التي تابعتها كانت جميعها متعلقة بالفنون، مثل التصميم الغرافيكي، والرسم، والتصوير الفوتوغرافي.

تخرجت من الجامعة خلال فترة قصيرة، لأنني أنهيت كل الدروس خلال سنتين بدلا من ثلاثة، وتوجهت بعد ذلك الى العاصمة البريطانية لندن، حيث درست تصميم الأزياء في "Istituto Marangoni".

وفور عودتي الى لبنان، خضعت لفترة تدرج لمدة أربعة أشهر، مع المصمم اللبناني العالمي ايلي صعب، وبدأت بعدها بتصميم الأزياء وتنفيذها للمتعة فقط، وليس كعمل تجاري. ولكن في العام 2010، تحولت الهواية، بشكل عفوي، الى مسيرة مهنية.

وأنا أقدم اليوم الملابس الجاهزة (prêt-à-porter) للنساء تحت اسم "Jessica K"، كما أطلقت منذ حوالي ثلاث سنوات العلامة التجارية "Little Bluffers" الخاصة بالأطفال من 0 الى 8 سنوات.

ما هي "Jessica K"؟

"Jessica K" هي علامة تجارية جديدة وحديثة، متخصصة بالأزياء النسائية، تهتم بتقديم التصاميم الأنيقة والرقيقة والأنثوية، التي تظهر الأناقة الحضارية، مع لمسة من الـ"روك أند رول".

ونحن نركز على أن تكون جميع القطع مثالية، ولهذا السبب نهتم كثيرا باللمسات الأخيرة، ونختار أرقى الأقمشة، ونسعى الى إتقان الأشكال، كما نشرف على الجودة التي نبحث عنها بأنفسنا في الملابس.

هل تتوجه "Jessica K" و"Little Bluffers" الى جميع الميزانيات؟

ملابسي لا تتوجه الى فئة معينة من الأشخاص، بل هي متوفرة للجميع، كما أنها مطروحة بأسعار مدروسة، ويمكن ارتداءها خلال النهار والليل؛ وهذا ما يميزنا في السوق.

هل تمكنت من إيصال تصاميمك الى الخارج؟

لقد عملنا سابقا في عدد من الدول العربية، ونحن نجري في الوقت الحاضر بعض المحادثات من أجل تصدير العلامتين الى لندن، باريس، والولايات المتحدة؛ وسوف نحقق هذه الخطوة في المستقبل القريب.

هل هناك مشاريع أخرى تسعين الى تحقيقها؟

في الوقت الحاضر، مشروع التوسع هو الأهم بالنسبة لي. ومن أجل خدمة هذه الغاية بشكل أكبر، أركز حاليا على إطلاق مجموعتين مختلفتين، لكي أتمكن من حجر مكان لي على جدول الأزياء، وتقديم تصاميمي في الخارج.

في ظل وجود عدد كبير من العلامات التجارية القديمة والجديدة المشابهة لـ"Jessica K"، كيف تعملين على تمييز تصاميمك من أجل مواجهة المنافسة؟

تصاميمي لا تواجه منافسة كبيرة ومخيفة، وذلك لأن أسلوبي مميز وخاص. كما أن لبنان يضم عددا كبيرا من المصممين المتخصصين بالملابس الراقية، في حين أن عدد مصممي الملابس الجاهزة قليل؛ وهذا الواقع يعطينا الأفضلية.

هل تساعدك وسائل التواصل على الانتشار بشكل أكبر؟

نعم بالتأكيد، ونحن نركز بشكل خاص على "انستغرام"، بالاضافة الى موقعنا الالكتروني الخاص، والمواقع الأخرى مثل "فيسبوك" و"تويتر".

ولا بد من الاشارة، الى أن هذه الوسائل تساعدنا كثيرا لأن كل ما ننشره ينال تعلقيات كثيرة ويصل الى عدد كبير من الأشخاص.

ألا تشعرين من جهة أخرى أن هذه المواقع مضرة من ناحية التقليد والنسخ؟

هذا الأمر موجود لكنه بصراحة لا يهّمني أبدا، فتقليد تصاميمي يعني أنها جميلة ومحبوبة وناجحة، وأن الناس يتطلعون اليها.

مع العلم أنني في بداية الطريق، كنت أشعر ببعض الانزعاج عندما أرى أن البعض ينسخون تصاميمي، لكن في الوقت الحاضر، أعتبر هذا الموضوع بمثابة إطراء.

ما هي الصفات التي تساعد الشخص العامل في مجال تصميم الأزياء في لبنان على التقدم؟

يجب أن يتمتع الانسان بخلفية فنية وأسلوب خاص ومميز، وذوق جميل. فتصميم الأزياء موهبة فطرية، ويجب أن تولد في داخلنا مع ولادتنا.

ولكن للأسف هناك عدد كبير من المصممين الذي يقلدون أفكار غيرهم، لذلك عند التفكير في تقديم مجموعة جديدة، يجب الأخذ بعين الاعتبار بعض النقاط:

أولا، التميز عن ما هو موجود.

ثانيا، اختيار موضوع معين للمجموعات.

ثالثا، متابعة اتجاه واضح للموضة وتقديمه بأساليب متنوعة.

رابعا، التركيز على أنواع الأقمشة والألوان والأشكال.

خامسا، التنظيم، اذ أنه يجب على مصمم الأزياء أن يكون منظما، ويختار فريق عمل يدعمه ويساعده.

بعد سنوات عدة من العمل، ما هو الانجاز الأكبر الذي حققته الى حد اليوم؟

أبلغ من العمر اليوم 30 سنة، وقد أطلقت علامتي التجارية في عمر 23 سنة. ومن ناحية أخرى، أنا زوجة وأم لولدين، وأدير شؤون منزلي وعملي في الوقت ذاته؛ وهذا الأمر بالنسبة لي هو إنجاز.

فالتوازن لم يكن صعبا، والأمور سارت بسلاسة؛ فأنا أستيقظ في وقت مكبر جدا، من أجل الاستفادة من كل دقيقة للقيام بهواياتي ومسؤوليتي. اذ أحب إيصال الأولاد الى المدرسة والى النشاطات التي يمارسونها، وأحب ممارسة الرياضة، وأحب التواجد في العمل،... وبالتالي أحاول قدر الامكان التنسيق بين كل هذه الأمور.

من قدم لك الدعم خلال مسيرتك؟

والدتي لطالما وقفت الى جانبي، كما أن زوجي يدعمني دائما، ويحثني على التقدم ويساعدني على حل المشاكل في العمل.

كيف تقيمين وضع المرأة في سوق العمل اللبناني اليوم؟

المرأة تقدمت حتما، وأصبح عدد النساء اللبنانيات الناجحات في مختلف المجالات لا يحصى. كما أن حقوق المرأة باتت واضحة أكثر، وكلمتها باتت مسموعة أكثر، ووجودها بات مؤثرا أكثر في المجتمع.

نصيحة الى المرأة.

النصيحة الأهم التي سأعطيها لابنتي في يوم من الأيام هي أنه "من المهم في الحياة أن تكون المرأة مستقلة"، لأن استقلالية المرأة تعني نجاحها.