يتفق ال​لبنان​يون اليوم على تدهور الوضع البيئي الكبيرالحاصل في البلاد واستنزاف المصار البيئية، فبات كل ما يدور من حولنا ملوثا ولعل أعمدة الدخان المنبعثة من معامل الكهرباء في ذوق مصبح ببيروت مؤشرا بصريا على حجم مشكلة ​التلوث​، ليفيق اللبناني خلال هذا الاسبوع على تقارير مخبرية تؤكد على تلوث مياه الانهار التي تروي المحاصيل الزراعية ودخول ​المياه​ الآسنة اليها، مؤشرات تؤكد على ضعف الاهتمام بالشأن البيئي وعلى عشوائية التعاطي مع جميع الملفات وغياب السياسات الهادفة الى حماية ارثنا البيئي وتميز لبنان الذي عهدناه في السنوات الماضية على الرغم من تحذيرات التقارير البيئية ومطالبة المجتمع المدني بوقف استنزاف البيئة، والامر ينذر بالمزيد من التدهور المعيشي و​الفقر​ وتغير المناخ مع استمرار التعاطي مع الملف البيئي على هذا الشكل .

في ظل هذه الظروف التشاؤمية برز بصيص امل ليوضح ان المجتمع المدني وطاقات شبان لبنان لا تنضب وان هذه الطاقات تعمل لتحسين ظروف حياتنا فكان ما يعرف بمشروع "ميناريت"، الذي تنفذه الجمعية العلمية الملكية/المركز الوطني لبحوث ​الطاقة​ من ​الاردن​ بالشراكة مع الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة ومؤسسة رواد المستقبل وبدعم وتمويل من الوكالة السويدية للانماء والتعاون الدولي (SIDA) والهادف إلى تعزيز التعاون الإقليمي بين لبنان و​تونس​ والاردن من خلال تطبيق منهج متكامل لإدارة المصادر البيئية (المياه والطاقة والغذاء) ودمجه مع تقنيات الطاقة المتجددة على مستوى البلديات بهدف تخفيف آثار التغيرات المناخية والحد من مشكلة الفقر كما يهدف المشروع إلى بناء القدرات المحلية للبلديات ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات النسائية في مجال الترابط بين الطاقة والمياه والغذاء لتحقيق أهداف ​التنمية المستدامة​.

وشهد شهر شباط الحالي عقد الاجتماع السنوي الاول لمشروع "ميناريت" في تونس، والمنتدى الاقليمي التدريبي لترابط الموارد في المناطق الحضرية في ​منطقة الشرق الاوسط​ و​شمال افريقيا​، وانتهاء السنة الاولى التحضيرية للدراسات والابحاث في بلدية الجديدة لبنان والمنستير في تونس والكرك وسحاب في الاردن، ينتقل المشروع في هذه السنة الى مرحلة التنفيذ على الارض في البلديات، لتتبلور نتائج الدراسات والمشاريع وتنعكس إيجاباً على الخدمات الحياتية .

وفي هذا السياق وللوقوف عن اهمية المشروع البيئية والاقتصادية كان لموقع "الاقتصاد" هذا اللقاء الحصري مع جمعية "لنا الشبابية" منسق مشروع "ميناريت" في لبنان يمثلها بهاء الزغير ابو الحسن.

- في البداية وفي إطار الحديث عن انعقاد المنتدى الإقليمي الأول لمشروع "ميناريت" ، ما هي أهمية هذا المنتدى؟ ومن هي الجهات المشاركة ؟

أقيم المنتدى الإقليمي الأول لمشروع ميناريت لتبادل الخبرات في تونس تحت شعار "الترابط من أجل المستقبل" حيث تم عرض نتائج المرحلة الأولى من عمر مشروع "ميناريت" والتي تضمنت إعداد الدراسات والمسوحات المتعلقة بالمياه والطاقة والغذاء والسياسات العامة في قطاعات المياه والطاقة والغذاء في ​الأردن​ ولبنان وتونس.

وعلى هامش الملتقى تم عقد ورشات تدريبية للمشاركين حول الترابط بين المياه والطاقة والغذاء في المناطق الحضرية وتمت مناقشة السياسات الوطنية الحالية والحلول اللازمة، حيث تم عقد هذه الورشات بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي"giz" مكتب جمهورية مصر العربية.

وقد شارك في فعاليات المنتدى أكثر من 200 شخصية ضمت عددا من نواب الأردن وتونس ورؤساء بلدیات وممثلين عن قطاعات مختلفة من البلدان الثلاث إضافة إلى مشاركة عدد من الخبراء وممثلين عن منظمات إقليمية ودولية ومنظمات المجتمع المدني.

ومن ضمن الفعاليات التي أنجزت على هامش المنتدى، قام رؤساء البلديات بتوقيع ميثاق تعاون إقليمي في مجال الترابط بين المياه والطاقة والغذاء يضم البلديات الاربعة بالاضافة الى بلدية عين و​زين​ في لبنان.

في اطار تبادل الخبرات بين الدول الثلاث في مجال اللامركزية تم التوافق بين أعضاء من البرلمانين ​الأردني​ والتونسي على السير قدما في إنشاء لجنة برلمانية عربية مشتركة للترابط بين المياه والطاقة و الغذاء، حيث ستتم مخاطبة رؤساء برلمانات الدول الثلاث لأخذ الموافقة المبدئية على انشاء هذه اللجنة ومن ثم يتم مخاطبة ​البرلمان العربي​ لإنشاء لجنة من ضمن اللجان الدائمة فيه تعنى بالترابط الثلاثي ووضع ​خطة عمل​ تبين أهداف اللجنة و صلاحيتها.

- وفي الحديث عن مشروع "ميناريت"، ما هي اهداف هذا المشروع والقطاعات المستهدفة ، ومن هي الجهات الممولة والداعمة له؟

انطلقت المبادرة الإقليمية حول الترابط بين المياه والطاقة والغذاء في الأردن ولبنان وتونس بداية عام 2017 مستهدفة بلديتي سحاب والكرك في الأردن، وبلدية جديدة الشوف في لبنان وبلدية المنستير في تونس.

ويعمل المشروع على تطوير عمل البلديات والانتقال بها من الدور الذي يقتصر عادة على تقديم الخدمات إلى ان تكون حاضنة للاستثمار والبرامج والمشاريع المتعلقة بالتنمية المستدامة وتفعيل دور المجتمعات المحلية.

وتعتبر الأهداف الرئيسية لمشروع "ميناريت" هي بناء وتعزيز قدرات البلديات على مواجهة الآثار الناتجة عن التغيرات المناخية من خلال تبني برامج الطاقة البديلة وتعزيز ​تطبيقات​ كفاءة الطاقة ودعم تقنيات إدارة المياه والمساهمة في تحقيق ​الأمن الغذائي​ والعمل على بناء القدرات المؤسسية للجهات الحكومية المعنية بالمشروع من خلال تعزيز ​آلية​ الحوار المتعلق بالسياسات وتنفيذ برامج متخصصة لبناء القدرات.

كما يهدف المشروع الى تعزيز التعاون الإقليمي بين البلديات لتطبيق مفهوم الحوكمة الرشيدة، والتعامل بعدل مع احتياجات وحقوق الإنسان وخاصة فيما يتعلق باللاجئين المتواجدين داخل وحول البلديات الأربع المعنية.

- على أي أساس تم اختيار البلديات الثلاث في تونس والاردن ولبنان؟ وما هي المعايير المتبعة في هذا الاختيار؟

تواجه عدة دول من ضمنها الأردن وتونس ولبنان تحديات خطيرة على نطاق ​مجال الطاقة​ والسبب الرئيسي هو افتقارها إلى وجود مصادر للطاقة أو محدودية هذه المصادر. وفي هذا الوقت تشهد هذه الدول زيادة في الطلب على الطاقة لتحريك عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية فيها.

بالإضافة لذلك، فإن هذه الدول الثلاثة غير قادرة على تلبية احتياجات مجتمعاتها المحلية وتلبية توقعات مواطنيها لأنها تواجه العديد من التحديات الإنمائية، وعلى سبيل المثال لا الحصر ​الموارد الطبيعية​ المحدودة، وزيادة الطلب على الطاقة، وندرة المياه، و​الركود الاقتصادي​، واستمرار تدفق اللاجئين.

واستند اختيار مشروع "ميناريت" للبلدان والبلديات إلى معايير محددة وضعتها الجمعية العلمية الملكية / المركز الوطني لبحوث الطاقة / الاردن، بالتعاون من شركائها في المشروع: الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة وجمعية رواد المستقبل لتمكين المجتمعات. وقد أخذت المعايير التالية في الاعتبار عند الاختيار: الشبكة الإقليمية للشركاء (البلديات ونقاط الاتصال)، والتحديات المشتركة للتنمية المستدامة، والاحتياجات المشتركة، والظروف الاقتصادية والسياسية المتشابهة بين البلدان المختارة، والخبرات ذات الصلة، وإمكانية انضمام البلديات المختارة لعضوية ميثاق عمداء العالم (رؤساء البلديات) ومقره ​بروكسل​، والاستقرار السياسي والبيئة، والالتزام الحكومي المحلي (تعاون الحكومات) وضمان تنفيذ المشروع بنجاح.

- ماهي الخطوات المستقبلية في تنفيذ هذا المشروع؟

خلال السنة الأولى عقد فريق المشروع مجموعة من ورش العمل مع كافة الشركاء والمعنيين وقام بتنفيذ العديد من الدراسات والمشاورات بهدف معرفة الاحتياجات وتقييم السياسات وجمع البيانات المتعلقة باستهلاك الطاقة ومصادر المياه والغذاء وتعزيز النوع الاجتماعي، ونتج عن ذلك إعداد ثلاثة وعشرون تقرير ودراسة على المستوى الوطني وعلى مستوى البلديات. وبناء على تلك الدراسات قام المشروع بطرح مجموعة من الحلول البيئية المستدامة مثل تركيب خلايا شمسية لمعالجة المياه واستخدامها في زراعة المحاصيل وريها.

تم إنشاء الموقع الإلكتروني ومنصة الحوار الإقليمي وتطبيق الهاتف بهدف تبادل الخبرات ونشر المعرفة ومناقشة السياسات على المستوى الوطني والإقليمي، كما تم إعداد خطة اتصال لكل بلدية، تضمنت مجموعة من ​الرسائل​ وأدوات الاتصال، والأنشطة لتأهيلها للانضمام للميثاق العالمي لعمداء البلديات ومقره بروكسل الذي يفتح المجال للبلديات لزيادة فرص الحصول على دعم وتمويل لمشاريع البلدية.

- في سياق الحديث عن مشاركة لبنان في المؤتمر :ما هي البلدية المشاركة؟ وكيف سيتم تطبيق نتائج ومقررات المؤتمر ؟ وما هي الفائدة التي ستعود على المجتمع ؟

شاركت بلدية جديدة الشوف ممثلة برئيسها المهندس هشام الفطايري وبلدية عين وزين ممثلة برئيسها السيد شادي الحسنية في المنتدى الإقليمي الأول لمشروع "ميناريت " حول الترابط بين المياه والطاقة والغذاء.

حيث تم تكريس التعاون الإقليمي في مجال الترابط بين المياه والطاقة والغذاء واستخدام الطاقة المتجددة تحقيقا للتنمية المستدامة والحد من آثار التغير المناخي من خلال توقيع ميثاق التعاون بين رؤساء خمس بلديات يوم الخميس الموافق 15 شباط 2018 بهدف تعزيز الدور التنموي للبلديات وتعزيز التعاون فيما بينها وذلك في المننتدى :

بلدية المنستير ممثلة في شخص رئيس النيابة ​الخصوصية​ السيد رفيق معتوق و​رئيس بلدية​ سحاب الأردنية السيد عباس المحارمة ورئيس بلدية الكرك الأردنية السيد إبراهيم الكركي ورئيس بلدية جديدة الشوف اللبنانية المهندس هشام الفطايري ورئيس بلدية عين وزين اللبنانية السيد شادي الحسنية وذلك بمقر مركز ولاية المنستير بحضور السيد ​البشير​ عطية الكاتب العام للولاية والسيد فواز بن حليمة المندوب الجهوي بالسياحة و السيد أحمد غديرة ​رئيس جمعية​ أزرقنا الكبير. وجاء هذا التوقيع بمناسبة احتضان مدينة المنستير للمنتدى الاقليمي لمشروع الميناريت حول الترابط بين المياه و الطاقة و الغذاء على امتداد ثلاثة أيام 13 و14 و15 شباط 2018.‎

وسيقوم المشروع بتنفيذ مشاريع متصلة بالطاقة الشمسية على أرض الواقع من خلال البلديات المشاركة من خلال استخدام تقنيات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والاستفادة من الطاقة البديلة بهدف التخفيف من آثار التغير المناخي وتخفيض كلف الطاقة على المواطنين وبالتالي الحد من مشكلة الفقر.