إن القول المأثور القديم بأنه "يُوظّف الناس بسبب مواهبهم ويُطردون بسبب سلوكهم" صحيح. غالبا ما يفشل الناس في العمل بسبب إظهارهم أنماط السلوك تعتبر سامّة للشركة.

الموظفون ذوي السلوك السام يأتون في عدد مروع من الأشكال المزعجة. انهم مدمرون، ويؤدي سلوكهم هذا الى تشتيت فريق العمل عن الأهداف المقررة. هم مثل سرطان يحد من طاقة من حولهم، فهم يحبطون معنويات ​زملاء​ العمل، والأداء والإنتاجية. والأسوأ من ذلك، أنها تسمم عملك بأكمله في هذه العملية.

الأنواع الستة التالية تعتبر من الأنواع الأكثر إيذاءً للشركة:

1 - العدوانية. فهي تقوض السلامة وتتطلب من الناس تحويل الموارد البشرية من العمل الإنتاجي إلى عمليات دفاعية مثل المشاجرة والهروب.

2. النرجسية. فالإفراط في التركيز على الذات يتعارض مع تطور ثقافة إيجابية ومرنة في التفاوض المتوازن وإعطاء الحلول الوسط.

3. انعدام المصداقية. وعندما لا يفعل الناس ما يقولون أنهم سيفعلونه، فإنهم يفتقرون إلى المصداقية ويولدون عدم الثقة.

4. السلبية. عكس المبادرة والملكية اللازمة لتحقيق الأداء الأمثل.

5- عدم التنظيم. المتطلبات التشغيلية اللازمة للعمل كالتركيز، والبنية، والانضباط لن يظهروا الناس مع غياب التنظيم الشخصي.

6. مقاومة التغيير. العالم يتجه للتغير الدائم ويتطلب التكيف المستمر، لذلك فإن العناد ومقاومة التغيير هما ضمان لعدم الفعالية والفشل في نهاية المطاف.

وهنا يبرز السؤال لماذا تستمر بيئة العمل في التعرض لتلك السلوكيات الضارة؟ أو بمعنى آخر لماذا لا يملك صاحب العمل القدرة على توقع ميل الموظف المفترض لتبني أحد تلك السلوكيات قبل تعيينه بحيث لا يعرض بيئة العمل للضرر؟

جواب السؤال السابق ينقسم إلى 3 أسباب رئيسية تجعل من الصعب التنبه لخطر سلوكيات الموظف المفترض قبل تعيينه:

- المقابلات: حساسية التقاط هذه السلوكيات ضمن المقابلات التي تجرى لل​موظفين​ المفترضين تعد ضعيفة جدا. حيث نجد المرشح للوظيفة يملك غالبا الذكاء الكافي لإخفاء أي سلوكيات سيئة لديه. المشكلة الأخرى الأكثر صعوبة أن العديد من الأشخاص لا ي​علم​ون أصلا بأن لديهم أيا من السلوكيات السيئة، مما يجعل المقابلة كمن يتخطى جهاز كشف الكذب لكونه ببساطة يصدق الكذبات التي يلقيها على الآخرين.

- المراجع: من المعلوم أن من يتقدم لوظيفة ما يطلب منه رقم شخص أو مؤسسة كمرجع ليسألوا عنه، لكن المشكلة أن ذلك المرجع، وفي كثير من الأحيان، لا يقدم معلومات دقيقة من مبدأ أنه لا يريد افتعال مشاكل مع الموظف المفترض من جهة وأيضا لا يريد أن يفسد على ذلك الموظف مسألة حصوله على وظيفة قد تناسبه.

- يصعب على المدراء ملاحظة تلك السلوكيات في الوقت المناسب: يجد المدراء صعوبة بمسألة التعرف على سلوكيات الموظفين، فضلا عن أن المدير يصعب عليه التعامل مع مثل هذه السلوكيات بسبب:

1- قدرة الموظف على إخفاء سلبياته أمام مديره تماما كما فعل أثناء مقابلة التعيين التي أجراها.

2- حتى لو لاحظ زملاء الموظف سلوكياته السلبية فإنهم لا يقومون بالتبليغ عنها نظرا لقواعد اللباقة التي تحكم الزملاء في تعاملهم مع بعضهم البعض والتي تحظر قيام زميل بالوشاية بزميله.

3- لا يتم إدراج طبيعة سلوكيات الموظف ضمن تقرير تقييمه الدوري إن وجد هذا التقرير أصلا.

حتى لو علم المدير بسلوكيات سلبية لأحد موظفيه فإنه قد يتجنب التعامل المباشر مع الأمر بسبب:

· الانشغال الشديد بأمور أكثر أهمية.

· الشعور بالحرج من مواجهة الموظف بسلوكياته السلبية.

· افتقاد المهارات اللازمة للتعامل مع هذه السلوكيات ومعالجتها.

نأتي الآن لمعرفة الكيفية التي يمكننا من خلالها حماية بيئة العمل من تلك السلوكيات السامة لبعض الموظفين وهذا يتم من خلال المقترحات التالية:

1- الحماية الأولية: هذه الحماية تعتمد على محاولة عدم تعيين الموظف الذي ينتهج تلك السلوكيات، وعلى الرغم من صعوبة هذا الأمر كما ذكرت سابقا، إلا أن هناك أساليب قد تساعد مثل تبليغ الموظف المفترض أثناء مقابلة تعيينه أن الشركة ترفض عددا من السلوكيات وتتم تسميتها بشكل صريح، ويمكن أيضا التنويه إلى أن سبب الاستغناء عن موظفين سابقين كان بسبب سلوكياتهم. فضلا عن إشعار الموظف المفترض بأن سلوكياته وأسلوب تعامله مع زملائه ومع عملاء الشركة سيكون مدرجا ضمن تقييمه الدوري.

2- الحماية الثانوية: لو لم تنفع الحماية الأولية وتم تعيين الموظف بالفعل فيجب محاولة اكتشاف تلك السلوكيات باكرا قبل أن تسبب الأذى لبيئة العمل. هذا الأمر يمكن أن يتم من خلال منح الموظفين الجدد دورات خاصة لتنمية مهاراتهم وجعلهم يدركون أثر الضرر الذي يقع جراء تلك السلوكيات السلبية.

3- الحماية ما بعد الثانوية: لو لم تنجح الأساليب السابقة يكون الأفضل المسارعة باتخاذ القرار الشجاع والتخلي عن الموظف المعني بمجرد ملاحظة أي سلوك سلبي واستمراره على نفس النهج لفترة من الزمن. الأمر الذي يقودنا لضرورة متابعة سلوكيات الموظفين بين الحين والآخر كقيام المدير بمتابعة عشوائية للقاء الموظف بأحد عملاء الشركة ويتم هذا بشكل دوري للتأكد من أنه يقوم بدوره بالشكل الصحيح.