اعلن وزير المال ​علي حسن خليل​ في ​ندوة​ اقامتها رابطة العمل الاجتماعي وتديرها المهندسة دنيا ابو خزام الشعار يوم امس الاثنين والتي حملت عنوان "التحديات التي تواجه الاقتصاد ال​لبنان​ي " ان لبنان سقط في تجربة بناء الدولة الحقيقية نظرا الى ان الدولة غارقة في بحور الانعزال بكل مستوياته ، مشيرا الى ان الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد اليوم واقع صعب ولك ليس ميؤوسا منه واقع نواجه فيه تحديات كبرى بنيوية لها علاقة بقدرة الوطن على الاستمرار وقدرتنا على تلبية الحاجات في المرحلة القادمة وخاصة اننا في مرمى انظار الوكالات الدولية الذي تراقب بكل دقة هذا الواقع .

وشدد خليل على انه لا يمكن بحث واقعنا الاقتصادي الا من خلال معرفة هوية اقتصادنا والعمل الجدي على تعزيز مساحة الانتاج في اقتصادنا لنعمق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ولبنان يمر بمرحلة ركود اقتصادي نتيجة سنوات ماضية وظروف سياسية واقليمية، الامر الذي ادى الى معدلات نمو منخفضة في جميع القطاعات وبالتالي عجز عن استيعاب اليد العملة الناشئة مما فاقم ازمة ​البطالة​ والذي اثر بدوره على مستوى المعيشة لشريحة واسعة من اللبنانين وادى الى نقص في ​الاستثمارات​ التي تعزز ​الخدمات العامة​ يضاف الى هذا الامر تحدي المعاملات مع الخارج نظرا الى ان لبنان يعتمد بجزء كبير من استهلاكه على الاستيراد وعجز كبير في الميزان التجاري الى حدود 14 مليار دولار وبالتالي تراجع احتياطي النقد الاجنبي حيث ان الاستيراد اليوم يشكل 94% من الناتج المحلي وان العجز في المبادلات التجارية يؤدي بطريقة او باخرى الى تراجع احتياطي النقد الاجنبي مما ادى الى القيام ببعض الهندسات التي طرح حولها علامات استقهام.

وعلى المستوى الاقتصادي اعتبر خليل انه من المهم التوجه الى زيادة القدرة ​التنافسية​ وزيادة الصادرات مما يحتاج الى اصلاحات بنيوية على رأسها تطوير البنى التحتية حيث انه في موازنات السنوات الماضية لم ترتفع نسبة ​الانفاق​ الاستثماري اكثر من 10% .

واضاف خليل في الندوة الاقتصادية انه على الصعيد المالي تم رصد 37.88 % من ​الموازنة العامة​ لبند الرواتب ومكملات الرواتب و33.5% من هذه الموازنة لخدمة ​الدين العام​ وبالتالي فان النسبة الكبيرة من هذه الموازنة ذاهب في اتجاه الاجور وخدمة الدين واعرب خليل عن اسفه نظرا الى ان الحكومات المتعاقبة رغم صدور قانون الموازنة في العام 2017 وضع فيها مادة واضحة وصريحة بوقف ​التوظيف​ الى الان تم توظيف حوالي 4 الاف و 500 شخص بين اجهزة عسكرية وامنية وبالتالي لم تحترم القانون بمنع التوظيف .

كما اعتبر خليل ان هناك مسؤولية مشتركة بين وزارة المال والبنك المركزي و​جمعية المصارف​ لتخفيف اعباء خدمة الدين العام الذي يصل الى حدود 32 % من اجمالي الانفاق، وزادت خدمة الدين العام في العام الحالي عن العام 2017 الف 328 مليار ليرة لبنانية وهذا عبء كبير سيصل بنا الى انفجار وعلينا العمل بشكل جدي لخفض خدمة الدبن العام للوصل الى مرحلة تخفيف العجز المالي وبالتالي زيادة النمو وهذا التوازن يكون اما عبر تخفيض النفقات او من خلال تكبير الاقتصاد، ولبنان اليوم بحاجة الى زيادة ​معدلات النمو​ ويتم التحضير لمؤتمر"​باريس​ 4 " واذا لم يتم التركيز على رسم اولويات واضحة لهذه المشاريع تطلق عجلة النمو الاقتصادي سنكون امام مشكلة كبيرة فاما ان نجعل من هذا الانفاق فرصة للنمو وتخفيف العجز او تحويل هذه الفرصة الى عبء ومشكلة على الواقع ككل .

وختم خليل كلانه بانه لا يمكن لاحد ان يطور الاستثمار في البلاد وان يعزز الثقة من دون وجود قضاء موثوق به يقوم باداء مهامه استنادا الى قوانين واضحة ودورنا جميعا الوقوف لحماية القضاء ول عدم اغراقه في التجاذبات والمشكلات السياسية التي نعاني منها اليوم .

واجاب الوزير عند سواله عن اسباب تأخر الخطط الاستراتيجية الاقتصادية حيث اعتبر خليل ان لبنان لم يصل الى مرتبة الدولة الكاملة الاوصاف نظرا الى ان الدولة تقوم على اسس علمية واضحة، واعرب عن موافقته على تكليف وزارة الاقتصاد مع شركة "ماكينزي" على اعداد خطة اقتصادية ولكن المشكلة تكمن في ان الوزرات تقوم باجراء الدراسات وبرصد اموال لهذه الخطط ومع تعاقب الحكومات يتم الاستغناء عن هذه الخطط ووضع خطط جديدة ، ولم تسعى الحكومة الى تجميع هذه الخطة ووضع خطة استراتيجية موحدة، واشار خليل الى العاملين في وضع خطة شركة "ماكينزي" 99 % منهم من اللبنانيين وكادرات لبنانية والتحديات الاقتصادية التي نعيشها اليوم بسبب العجز في السياسات للتفاهم على خطة واضحة موحدة للاقتصاد ، كما ان لبنان يعاني من ​الفساد​ لا يمكن القضاء عليه الا من خلال اجراءات جذرية ردعية صارمة وهذا الامر يقوم من خلال وجود هيئات رقابية وقضاء مستقل بعيدا عن تأثير السلطة السياسية ومسودة تقرير صندوق النقد الدولي عن الفساد في لبنان يؤكد اننا امام هدر كبير ويجب رفع الحمايات السياسية عن الفساد والفاسدين .

عجاقة لـ"الاقتصاد": العبرة ليس في اقرار الخطط بل في التنفيذ وعلى الدولة رفع يدها عن ​القطاع الخاص

وفي حوار خاص لموقع "الاقتصاد" مع البرفسور ​جاسم عجاقة​ للتعقيب على الندوة الاقتصادية والتحديات الذي طرحها وزير المال علي حسن خليل اعتبر عجاقة ان اقرار الموازنة هو عبارة عن سند قانوني والاهم هو الالتزام بهذا المستند والوزير علي حسن خليل اعطى مثالا خطيرا عن عدم تطبيق القرارات، وان عدم الالتزام بالموازنة يبقيها حبرا على ورق واشاد عجاقة بما اعرب عنه الوزير في ما يخص مؤتمر "باريس 4 " حول اذا ما طبقت الاصلاحات سيتحول ال17 مليار دولار الى دين على لبنان واعتبر عجاقة ان الامور خطيرة واننا امام مرحلة على الدولة رفع يدها عن المكنة الاقتصادية ليتمكن القطاع الخاص من ان ياخذ مساحة اكبر وان لا يبقى ضمن هالة الدولة .

وفي اطار خطة "ماكينزي" اعتبر عجاقة انه ووفقا لاعتراف الكثيرين واعتراف وزير الاقتصاد رائد خوري هذه الخطة هي مجرد مستند للذهاب الى ​المجتمع الدولي​ واظهار بان متخصصين قدموا النصيحة للبنان، حيث اشار عجاقة الى ان وزير المال في الندوة اشار الى ان 99% من الموظفين الذين اوكل اليهم اعداد الخطة هم لبنانين وبالتالي واجهة لا اكثر وتكلفة هذه الخطة ستبلغ مليون و 300 الف دولار تكلفة ليست كبيرة وتبقى الاشكالية هي كيفية تطبيق هذه الخطة ومحاربة الفساد .

وفي كلمة لموقع "الاقتصاد" مع نائب رئيس رابطة العمل الاجتماعي ماوية الزهيري عن اهمية هذه الندوة الاقتصادية في الظروف التي يمر بها لبنان والاستحقاقات الكبيرة اعتبرت الزهيري ان مثل هذه الندوات تأتي في ظروف حساسة حيث ان البلد بانتظار استحقاق انتخابي وواقع اقتصادي سيئ ونامل من خلال هذه الندوة الاضاءة على جوانب معينة لتحسين الواقع مع اصحاب القرار واشارت الزهيري الى ان جمعيات المجتمع المدني دورها الاضاءة على المسائل الحياتية وتحسين وضع ما .