خاص - الإقتصاد

لم يحسم القضاء النيجيري في النزاع التجاري والمالي والعقاري، الذي نشأ بين شركاء لبنانيين حول بناء ​مشروع سكني​ في ولاية لاغوس في ​نيجيريا​، ما استدعى نقله الى أروقة الدوائر القضائية في ​قصر العدل​ في بيروت، بعد أن عصفت الخلافات بين أطرافه، وبلغت حدّ إتهام فريق للآخر بإرتكاب جرائم المناورات الاحتيالية والاستيلاء على أمواله التي تقدّر بملايين الدولارات، لكنّ قاضي التحقيق الذي وضع يده على القضية، إعتبر أن النزاع ليس له طابع جزائي، إنما يقع ضمن اختصاص القضاء المدني.

تفاصيل هذه القضية بدأت مع ​الشكوى​ التي تقدّم بها المدعيين "سعيد. ف" وشركة الـ(of shore) التجارية التي يملكها، بواسطة وكيلهما القانوني، أفاد فيها أن المدعى عليه "حسن. م"، حضر الى مكتب المهندس "وسام. ع" وهو شريك المدعي، وعرض عليه مشاركته في إنشاء مشروع سكني في ولاية لاغوس في نيجيريا، وزعم أنه بصدد تسجيل أحد العقارات على إسمه، وأنه يملك شركة في نيجيريا، وخلال شهر تموز من العام 2012 وقّع المدعى عليه "حسن. م"، اتفاقاً أولياً مع المهندس "وسام. ع"، يقضي بانشاء المشروع، وتضمّن اقراراً صريحاً من المدعى عليه وزوجته المدعى عليها "سمر. ش"، بأنهما يملكان العقار الواقع في لاغوس، الا أن المدعى عليه الأول لم ينفذ ما تعهّد به في العقد، بتسجيل العقار نهائياً على اسمه في غضون سنة تحت طائلة اعتبار العقد لاغياً حكماً.

وامعاناً في التضليل والمناورات الاحتيالية (حسب ما تضمنت الشكوى)، أبرز المدعى عليه سند توكيل منظم من الشركة مالكة العقار لصالح شركته، يمنحه صلاحية البيع والتصرف في العقار، وخطاب صادر عن ولاية غوس يجيز للشركة التي يملكها "حسن. م" انشاء مشروع بناء واستخدام العقار، وعلى ​ضوء​ ذلك، ونتيجة تأكيدات المدعى عليهما لصحة المستندات ولأهمية المشروع، تمّ مطلع العام 2014 توقيع عقد نهائي بين المدعى عليهما والشركة المدعية ممثلة بمديرها المدعي "سعيد. ف"، وبناء على الاتفاق المذذكور تكبدت الجهة المدعية مصاريف تأهيل وتدعيم الأرض مبالغ فاقت الـ4000.000 دولار أميركي (أربعة ملايين دولار)، كانت تقوم بتحويلها من حسابها في أحد ​المصارف اللبنانية​.

فور مباشرة المشروع، طلب المدعى عليهما وبإلحاح البدء ببيع الأقسام (العائدة للمشروع السكني) وقبض الثمن، ولا سيما حصتهما التي تكشّفت مناورتهما بنشر القرار الصادر عن الدولة الفيدرالية في الجريدة الرسمية في نيجيريا في 30 أيار 2015، الذي جاء فيه أن الأرض موضوع التعاقد تمّ الغاء ملكيتها لصالح الدولة الفيدرالية، مما يدحض مناورات المدعى عليهما لجهة صحّة ملكيتهما للعقار، كما أن المدعى عليهما قاما بتزوير ​كتاب​ صادر عن الرئاسة النيجيرية.

خلال التحقيقات الاستنطاقية، أنكر المدعى عليه "حسن. م" ما أسند اليه، مؤكداً أن ملكية العقار موضوع النزاع هي ملكية ثابتة استناداً الى سند ولاية لاغوس، وأنه استناداً للقانون النيجيري يحقّ للحكومة الفيدرالية استرداد ملكية أي أرض للأسباب التي تراها مناسبة، ونفى علمه بالخطاب الصادر عن الرئاسة النيجيرية الموجّه في العام 2011 الى الشركة التي كانت تملك العقار لإبلاغهما بإبطال البيع، وتبين أن الجهة المدعية عادت وأسقطت حقوقها في الدعوى الحاضرة بعد التوصل الى تسوية مع الجهة المدعى عليها.

قاضي التحقيق في بيروت فريد عجيب، اعتبر أن العلاقة التي كانت تربط فريقي هذه الدعوى هي علاقة تعاقدية، وإن النزاع الحاضر يتعلّق بالامتناع عن تنفيذ موجبات عقدية، وإن مثل هذا النزاع والبحث عن مدى التزام أي فريق بموجباته العقدية، لا تتوافر فيه عناصر المناورات الاحتيالية وجرم الاحتيال، وهو يتسم بطابع النزاع المدني، كما لم تبين قيام المدعى عليها بتحريف الكتاب الصادر عن الرئاسة النيجيرية أو استعمال كتاب مزوّر.

وخلص القاضي عجيب الى اتخاذ القرار بمنع المحاكمة عن المدعى عليهما "حسن. م" و"سمر. ش"، لعدم توافر العناصر الجرمية المسندة اليهما، وحفظ أوراق القضية، وتدريك الجهة المدعية الرسوم والنفقات القانونية كافة.