استضافت ​كوثر حنبوري​ معدة ومقدمة "​الإقتصاد في أسبوع​" عبر أثير "إذاعة ​​​لبنان​​​" في حلقة هذا الأسبوع​ تحت عنوان "أسباب تراجع لبنان في ​مؤشر الحرية الإقتصادية​"، كبير الإقتصاديين في مجموعة "​بنك بيبلوس"​ د. ​نسيب غبريل، الذي أشار إلى أن مؤشر الحرية الإقتصادية الذي يصدر سنوياً عن معهد "Heritage" مؤشر موثوق ويعطي صورة واضحة عن الحرية الإقتصادية، أما سبب تراجعه "فهو عدم معرفة هوية ​الإقتصاد اللبناني​ اليوم".

وأضاف غبريل: "عند انشاء دولة لبنان، كان اقتصادنا، الإقتصاد العربي الوحيد الحر المبني على اقتصاد السوق، أما اليوم فهناك تحول في الإقتصاد اللبناني"، مشيراً الى اننا نشهد "انفلاش في ​القطاع العام​ وتقلص وانكماش في ​القطاع الخاص​". وقال: "ارتفعت النفقات بنسبة 120% بين 2005 و2016 (الفترة التي لم يكن لدينا فيها ​موازنة​ عامة)، وإذا احتسبنا النفقات التي أدرجت في موازنة 2017 نجد انها ارتفعت بنسبة 140%...​التوظيف​ العشوائي في القطاع العام الذي نراه أمر غير مسبوق، في الثلاث سنوات الماضية فقط دخل الى القطاع العام 26 ألف شخص، أي ما يتخطى عدد الموظفين بكامل القطاع المصرفي في لبنان، كما وعدنا المسؤولون بتوظيف من 2000 إلى 4000 موظف إضافي، عدا عن التوظيف التعاقدي لأننا وكما نعلم مقبلين على ​انتخابات​ نيابية".

وأشار إلى أن "20% من اللبنانيين في سن العمل يعملون في القطاع العام وهذه اعلى نسبة في ​الدول العربية​ وينتج عنها اعباء تشغيلية وعدم فعالية وانتاجية، فبدلاً من أن يكون القطاع العام داعم للقطاع الخاص بات عبء عليه...ومن أهم أسباب تراجع المؤشر: عدم الإستقرار الحكومي، ​الفساد​، البنى التحتية المهترئة، البيروقراطية، عدم وضوح السياسات المالية والإقتصادية، ​التضخم​، والرسوم والضرائب المرتفعة".

ورداً على سؤال حنبوري عن استعانة ​الحكومة اللبنانية​ بشركة "ماكينزي" الأجنبية لوضع خطة اقتصادية للبنان، قال د. غبريل: "الإستعانة بشركة اجنبية لتحديد الرؤية الإقتصادية للبنان امر غير لائق بشعبنا ومسؤولينا وحكومتنا والمجلس الإقتصادي الإجتماعي...هناك المئات من الخبراء الإقتصاديين القادرين على وضع هذه الخطة".

وعن أفضلية انعقاد المؤتمرات الدولية المقررة بعد اقرار ​الموازنة​، قال غبريل: "قبل الحديث عن الموازنة والمؤتمرات أين هي الإصلاحات التي وعدنا بها في العام 2017؟ ​المجتمع الدولي​ يحتاج الى خطة اقتصادية متفق عليها من قبل كافة الأفرقاء، خطة مفصلة مع ​آلية​ واضحة لتطبيقها حتى تظهر مصداقيتنا للحصول على 16 مليار دولار"، لافتاً إلى أن "البلدان التي دعمت لبنان مالياً عبر التاريخ باتت تفرض ضرائب على مواطنيها وتستدين من السوق وتعيد هيكلة اقتصاداتها".

وأشار إلى أنه يرى شق سياسي للمؤتمرات ما يستدعي انعقاده قبل الإنتخابات "لكن برأي الشخصي، من الأفضل حصوله بعد الإنتخابات مع حكومة جديدة ومجلس نواب جديد...المواطن اللبناني بات مشككاً ويحتاج لرؤية الإصلاحات".

وعن رأي "​صندوق النقد الدولي​" بضرورة فرض الضرائب يقول غبريل "هي الوصفة التي يعطيها الصندوق لكل البلدان وأنا لا أتفق مع هذا الإقتراح، بل على العكس فإن الإقتصاد اللبناني يحتاج إلى دعم النمو عبر توسيع الإقتصاد ومكافحة التهرب الضريبي ...نحتاج لتحفيز الإقتصاد عبر اعطاء الحوافز للقطاع الخاص وتخفيض الأعباء التشغيلية وتحقيق نمو بأكثر من 1.5%"، مشيراً إلى ان "الإقتصاد اللبناني تكبد الكثير من الخسائر نتيجة الفرص الضائعة المباشرة".

وعن ضرورة تخفيض نسبة الدين العام الى ​الناتج المحلي​ أوضح غبريل أن "النمو كان مخيباً للآمال بعد التسوية السياسية في العام 2017"، مضيفاً: "في العام 2006، نسبة الدين العام الى الناتج المحلي وصلت الى 180%، انخفضت الى 130% في العام 2010، ليس بسبب الإصلاحات، بل بسبب النمو الإستثنائي بين 2007 و2010، مع العلم أيضاً ان الموازنة كانت غائبة".

وعن الضغوط على ​القطاع المصرفي اللبناني​ والحديث عن ​العقوبات​، أكد ان ​المصارف​ في لبنان ليس لديها أي خوف "بل إنها تهدف دائماً إلى الإمتثال لكافة القوانين الدولية وليس فقط المتعلقة بتمويل ​الإرهاب​ و​تبييض الأموال​ بالإضافة الى امتثالنا للمعايير المصرفية الدولية وليس فقط العقوبات".

وعن موضوع ​الإسكان​، أوضح د. غبريل أن "الموضوع بدأ في أيلول حين استنزفت المصارف الإحتياطي الإلزامي الذي يسمح ​مصرف لبنان​ باستخدامه للتسليف وانتقلت الى القروض الميسّرة التي كان يصدرها المصرف من ضمن السلة التحفيزية، فأطلق المصرف رزمة جديدة من أسبوعين منها 750 مليار ليرة للتسليفات المصرفية، ولكن هذا اللغط على تخفيض مدة القرض من 30 إلى 20 عام وارتفاع الفائدة من 3 إلى 3.75% فهو أمر يتعلّق بمصرف الإسكان بالتحديد و​المصارف التجارية​ لا علاقة لها به، فبحسب ما يقال إن مصرف الإسكان استحوذ على النسبة الأكبر من هذه السلة التحفيذية في العام 2017 وبالتالي حصل على جزء من حصة المصارف التجارية"، مشيراً إلى ان "مصرف الإسكان اليوم عليه البحث عن مصادر تقليدية للتمويل وأن لا يعتمد على مصرف لبنان لتمويل عملياته...مصرف الإسكان ليس من وظيفته منافسة المصارف التجارية".