تسود الضبابية أزمة ​قروض​ ​الإسكان​ في لبنان.. فبعد أن عادللشباب في لبنان شعور الإطمئنان في مطلع الشهر الحالي مع إصدار ​مصرف لبنان​ تعميماً جدد بموجبه التحفيزات التي تتيح للمصارف منح ​قروض سكنية​ مدعومة ..تسيرُ بعض ​المصارف​ التجارية في لبنان بمنحى مختلف.. ولكن بـ"الخفى" .. فمن يجرؤ على كسر القوانين العامة بالعلن؟ فمصرف لبنان لم يأمر المصارف يتجميد القروض السكنية ولا بشلّ الحركة العقارية في البلاد!

*بعض ​المصارف التجارية​ في لبنان تأبى الإنصياع لتعميم مصرف لبنان ولكن "بالسر"

وبحسب مصادر خاصة لـ"الإقتصاد"، قام أحد المصارف العريقة في لبنان بإزالة برنامج القروض السكنية عن برمجيته الذكية على ​الحواسيب​ بحيث لا يستطيع أي مواطن أن يتقدم بطلب للحصول على قرض إسكان.. وكذلك الأمر مع 3 مصارف تجارية أخرى "تُقاطع بالسر" التعميم الأخير..

ومن جهة أخرى، قد يستغرب المواطن لهذا الشرخ الكبير في الأراء بين الأطراف المصرفية في البلاد، إذ أكد رئيس مجلس الإدارة ومدير عام مصرف الإسكان ​جوزيف ساسين​ في حديث صحفي، أن "عمليات الاقراض مستمرة"!! وأوضح أن لمصرف الإسكان حساب إحتياطي خاص لمعالجة الأمور.

وبررّ زيادة الفائدة على القروض السكنية بنسبة 0.75 % أنها نتجت عن تراجع التمويل من جهة، وقفز عدد طلاب الاقتراض من جهة أخرى. وشرح أن مصرف لبنان والسوق المالية التي تُقرض مصرف الإسكان تحتاج من الأخير إلتزاماً أوجب بذلك إتخاذ مثل هذه القرارات.

ولكن المشهد يبدو مختلفاً في الأزقة الضيقة المؤدية للمكاتب الإدارية في البنوك التجارية التي إجتاحها شعور "الخوف" من عدم الحصول على التمويلات اللازمة.. وفي المقلب الآخر يسيطر "القلق" على الشاب اللبناني الذي يحتاج إلى "معجزة حقيقية" لتملك شقة سكنية لتأسيس أسرة في وطنه بأجر قد لا يؤمن له شهرياً كل إحتياجاته الضرورية.

وتمكنت "الإقتصاد" من توثيق ​شهادات​ لأصحاب البناء في لبنان، بالتحديد في محافظتي بيروت وجبل لبنان، الذين أكدوا أن كل زبائنهم توقفت طلباتهم بالكامل من البنوك التجارية التي يتعاملون معها، واعتبروا أن الوضع لم يعد طبيعياً وهو يضر بالتالي الأطراف الثلاثة ضمن هذه العملية: المصارف أولاً بتخليها عن خدمة مربحة كالقروض السكنية، المواطن اللبناني بشكل رئيسي، وأصحاب البناء الذين لن يتمكنوا من متابعة أعمال الإنشاء في المشاريع لأنهم ليسوا قادرين على إستحصال أموالهم من الزبائن من جهة لم يعد بإستطاعتهم مواكبة إرتفاع أسعار المواد الأولية للإنشاء.

ما هو الحل؟؟ الجميع يتسائل ولكن من سيجيب؟؟ وهل كل الأطراف تعي خطورة هذا الأمر... إذا أردنا أن نستشهد بحالة حقيقية حصلت مع أحد الشباب في لبنان، الذي تقدم بطلب للإسكان للحصول على شقة صغيرة مساحتها لا تتعدى 100 متر مربع بسعر لا يتجاوز 120 ألف دولار أميركي في منطقة جبلية نظراَ لسعرها المقبول نسبة لأسعار الشقق الخيالية في بيروت.. هذا الشاب قرر شراء هذه الشقة منذ 3 أعوام عندما كان العقار قيد الإنشاء ويدفع لصاحب العقار دفعات شهرية ريثما يحصل على الموافقة على قرضه السكني، وإذ به يصعق بالتعديلات الجديدة التي بموجبها لا يستطيع أن يتمم ثمن الشقة كاملة بموجب نموذج القرض السكني الذي كان رائجاً في الوقت الذي إشترى فيه الشقة. وبالتالي لن يتمكن من تسديد كامل المبلغ المتبقي لصاحب العقار وبدوره لن يتمكن صاحب العقار من تسليمه الشقة بعد أن كان ينتظر بفارغ الصبر إنتهاء المشروع لتسديد ما دفعه من أموال لتشييد العقار.

وهكذا سندخل في دائرة أوسع قطراً من ​الركود​ العقاري الذي ندور حوله منذ أكثر من 3 أعوام.. وإلى موجة جديدة من الإفلاسات ستواجه أصحاب العقارات في لبنان.

نحن مقبلون على أزمة حقيقية.. والجميع في حالة من الترقب بإنتظار أن تتوضح الصورة من مصرف لبنان والمصارف التجارية. وهل سيساهم موسم الإنتخابات والوعود في خلق فرق في هذا الملف الخطير؟!

تجدر الإشارة إلى أن التعديلات التي طرأت على القروض الإسكانية جاءت كالتالي: رفع الفائدة السنوية على القروض السكنية من 3% إلى 3.75%، تقليص مدة القرض من 30 عاماً إلى 20. أما بخصوص ​القروض المدعومة​ للمغتربين، فقد ارتفعت من 2 إلى 2.75 %، مع فترة سداد قصوى تصل إلى 30 سنة، أي من دون تغيير.