استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة في أدونيس، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "هل خطة ماكينزي هي الحل المنقذ ؟ أم القرار السياسي بوقف الهدر والفساد ؟ هل إقتصادنا بحاجة إلى إستيراد خطط وأدمغة؟ أم إلى إرادة سياسية بتغيير النهج ؟"، الوزير السابق للإقتصاد د. نقولا نحاس، والخبير الإقتصادي د. كمال حمدان.

بداية علق د. نحاس على زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون إلى لبنان فقال "في خضم هذه المنطقة المشتعلة تأتي زيارة تيليرسون في إطار إيصال بعض الرسائل للبنان، خاصة ان لبنان يدخل بملف مهم جدا سيؤثر كثيرا على مستقبله وعلى مستقبل الأجيال القادمة، وهنا أقصد موضوع النفط والغاز، والكل يعرف أن هناك إشكالية بالبلوكات رقم 8 و 9 و 10 بسبب الحدود البحرية مع إسرائيل، إضافة إلى السياج الإسمنتي الذي تبنيه إسرائيل، والنقطة الأخيرة هي إمكانية تدهور الأوضاع على الحدود السورية الإسرائيلية، حيث أعتقد أن تيليرسون طلب من لبنان النأي بنفسه في حال وصول الامور إلى صدام بين الطرفين ... هذه النقاط الثلاث هي الأسباب التي دفعت تيليرسون لزيارة لبنان .. ونأمل أن يكون لدى السياسيين في لبنان الوعي الكافي للإستفادة من هذه المبادرة الأميركية ومن هذه الزيارة، ليكون الرأي اللبناني لديه فعالية ولكي يكون أكثر وزناً في الأيام المقبلة، لأن المنطقة برأيي ذاهبة إلى تدهور إضافي".

أما في موضوع تكليف شركة "ماكينزي" لوضع دراسة إقتصادية شاملة للبنان، قال د. نحاس أن "إذا أردنا مقاربة هذا الموضوع من ناحية علمية وليس من ناحية مادية، نجد أنه عند الإستعانة بخبير إقتصادي يجب أن نقوم في البداية بتحديد المشكلة، وانا أعتقد اننا في لبنان لا نعرف ما هي المشكلة، والمسؤولين المتعاقبين على الحكم في لبنان منذ عام 1990 وحتى اليوم ليس لديهم أي فكرة عن موقع الخلل، لأننا إذا نظرنا إلى الأرقام منذ التسعينات وحتى اليوم نجد أن الأسباب و النتائج هي نفسها ... فخلال السنوات الماضية تم إجراء 5 أو 6 دراسات للوضع اللبناني بشكل عميق ومفصّل وتم تحديد النقاط التي يجب العمل عليها، ولكن لم يتم تنفيذ أي بند من البنود التي أشارت إليها تلك الدراسات !".

وتابع "كان يجب علينا البحث والتحليل وتحديد مكامن الخطأ في لبنان قبل الذهاب نحو تكليف خبير أو شركة لوضع خطة .. فمكاينزي لا تستطيع تحديد مكامن الخلل بل تستطيع تقديم الحلول لتصحيح هذا الخلل، ولكن المشلكة هي عدم وجود إرادة حقيقية للقيام بهذا الامر".

وفي سؤال للزميلة خداج عن تجارب شركة "ماكينزي" في الأسواق العربية والنجاحات المحدود التي حققتها، وعن مدى قدرتها على النجاح في لبنان في ظل المحاصصة والطائفية الموجودة والفساد المستشري قال د. نحاس "أتمنى ان نصل إلى مكان نفشل فيه لأن الخطة لم تكن جيدة، فهذا يعني اننا قمنا بتطبيق الخطة فعلا ... للأسف في لبنان لم نصل إلى مرحلة محاولة تطبيق الخطط بعد، فمشكلتنا هي بعدم تطبيق الخطط، وغياب الإتفاق لتنفيذ الخطط والإلتزام بها حتى ولو كان ذلك على حساب حصص السياسيين ومصالحهم الشخصية، فالمطلوب هو عدم الوقوف حجر عثرة امام تطبيق الخطط والأفكار".

من جانبه قال الخبير الإقتصادي د. كمال حمدان أن "المشكلة ليست في كلفة تلزيم الشركة، ولا في جنسية هذه الشركة .. فالمشكلة ان معظم الناس وبما فيهم الطبقة السياسية الحاكمة تعرف تماما أسباب الأزمة في لبنان، ولديهم فكرة أيضا عن الحلول الممكنة ! ولكن ما ينقصنا هو الإرادة السياسية الحقيقية، والقرار الحازم بسبب عوامل عدة اهمها التحاصص، الفساد، العلاقات الزبائنية، قصر النظر، وغياب مركز قرار في الدولة يتعاطى مع القضايا الكلية التي تهم المجتمع، ويحدد المفاضلة بين البدائل المتاحة لكل مشكلة من هذه المشاكل".

وأضاف "نمتلك كنز من الدراسات، ومجلس الإنماء والإعمار قام على مدى 20 عاما بمئات الدراسات لمشاريع البنى التحتية، وهناك عمل كبير ومميز وجبار تم القيام به .. ولكن مَنْ مِن الطبقة السياسية الحاكمة على علم بهذا العمل ؟ .. فمجلس الإنماء والإعمار قام بدراسة لأكثر من 20 مرفق من المرافق العامة لمدة عام ونصف، كما تم وضع إستراتيجية للتنمية الإجتماعية على مدى عام من العمل المتواصل، وهناك تقارير سنوية من الإحصاء المركزي عن المحاسبة الوطنية، ويوجد عشرات الخطط القطاعية في السياحة والزراعة والصناعة والإتصالات والنقل والصناعات الغذائية .. ولدينا الإتحاد الاوروبي والبنك الدولي الذي مول على الأقل 30 إلى 40 خطة تنمية محلية لإتحادات البلديات ... لدينا هذا الكم الهائل من الدراسات، ولكن هناك غياب تام لتطبيقها".