تحت شعار "غاز العدو احتلال"، خرجت الاحتجاجات الشعبية في ​الاردن​ لمناهضة قرار الحكومة الرامية الى ​استيراد​ ​الغاز​ من ​اسرائيل​ في اطار صفقة صنفت ضمن الوثائق السرية للدولة، صفقة ما ان اعلن عنها حتى تعالت اصوات رافضة لتمويل الكيان الصهيوني من جيوب المواطنين الاردنيين من جهة واصوات اصحاب الاراضي التي ستمر بها خط انبوب الغاز،احتجاجات ترجمت على ​مواقع التواصل الاجتماعي​ حيث تبنت حملة "الاردن تقاطع" عريضة إلكترونية كتبها المتضررون من المشروعتدعو فيها ​الأردن​يين للتوقيع رفضا للمشروع.

اعلان القرار كان صادماً للمواطنين بشكل عام ولاصحاب الاراضي الزراعية الذي ستمر بها خطوط انابيب الغاز بشكل خاص حيث سيتم استملاك جزء من اراضي المشروع واستئجار البعض الاخر، ومهما كانت الاسباب والدوافع التي تقف وراء قرار ​الحكومة الاردنية​ تبقى مغبة هذا القرار كثيرة ولعل ابرزها ربط ملف حيوي كهذا بيد العدو الاول والابرز للدول العربية اسرائيل على مدار15 عاما بالاضافة الى تدمير الاراضي الزراعية في البلاد في ظل ما تعانيه الاردن من غياب ​الامن الغذائي​.

وفي هذا السياق كان لموقع "الاقتصاد" اتصالا مع ​الخبير الاقتصادي​ الاردني مازن ارشيد للوقوف على تفاصيل اتفاق الغاز الموقع بين الاردن واسرائيل والتعقيب على الاحتجاجات الشعبية التي رافقت الاعلان عن هذا القرار والاضرار البيئية المترتبة عن هذا المشروع.

ارشيد: الاردن لديه مخزون هائل من الصخر الزيت ييكفيه 900 عام

بداية اعتبر الخبير الاقتصادي مازن ارشيد ان الاردن يستودر حوالي 97% من احتياجاته من الطاقة الامر الذي يكلف البلاد مبالغ مالية طائلة وخاصة ما بين العام 2011 و2014عندما كانت ​اسعار​ ​البترول​ اعلى من ​100 دولار​ للبرميل الواحد ولعل هذا من ابررز الاسباب التي دفعت البلاد الى توقيع اتفاقية الغاز مع اسرائيل .

واشار ارشيد الى ان بلاده لديها مخزون هائل من ​الصخر الزيتي​ فالاردن يحتل المرتبة السادسة عالميا في ما يتعلق بامتلاك الصخر الزيتي والذي يمكن من خلاله استخراج ​النفط​ مما سيوفر للبلاد مخزون يكفي لغاية 900 عام وبالتالي هناك امكانية لفتح المجال للشركات الخاصة من جنسيات متعددة والاعتماد على الذات في ​مجال الطاقة​ و​قطاع النفط​ والغاز.

الأردن لديه بدائل وحلول كثيرة في مجال الطاقة ولا يجب اعتبار اسرائيل من ضمن هذه البدائل

واضاف ارشيد الى ان الاردن لديها بدائل اخرى وحلول لمشكلة الغاز والنفط التي تواجهها ولكن هذه الحلول مؤجلة مع الاسف ومنها مد انابيب غاز او بترول من ​البصرة​ في ​العراق​ الى خليج ​العقبة​ في الاردن وهذا المشروع مؤجل من حوالي اكثر من اربع سنوات بسبب الاوضاع الامنية التي تمر بها الانبار والمناطق الحدودية التي كان من المفترض ان تمر بها الانابيب هذه، كما يمكن اخذ اسعار تفضيلية من العراق تم تاجيله ولكنه يبقى خيار متاح نظرا للعلاقات القوية التي تربط الاردن بالعراق وهذه بدائل طويلة الاجل ولكن يجب التفكير بها، واسرائيل بالطبع ليست خيارا لنا وهذا موضوع سياسي قبل ان يكون اقتصادي، ونظرا الى ان قرار الحكومة الاردنية بتوقيع اتفاقية مع اسرائيل على مدى 15 عام فبالتالي فانها تفكر بالاستراتجيات الطويلة الامد فعلى الحكومة البدء بالتفكير بمشاريع مع البلد المجاور العراق خاصة ان الحدود مع العراق بدأت تفتح بعد القضاء على ​داعش​ والمشروع الذي طال انتظاره بين البصرة وخليج العقبة اصبح متاحاويمكن البدء به لكن الاردن فضلت الاستعجال وتوقيع الاتفاق مع اسرائيل التي لها مصلحة كبيرة من خلال هذا الاتفاق ولعل ابرزها التطبيع مع دولة ونقل سفارات وايضا هو تطبيع اقتصادي وسياسي وبالتالي هي فائدة لاسرائيل اكثر من الاردن وهذا المشروع من شأنه ان يكلف الحكومة الاردنية حوالي 15 مليار دولار .

واعتبر ارشيد الى ان اتفاق الغاز هذا لن يؤدي الى اتخاذ ​الدول العربية​ موقف من الاردن نظرا الى ان ليس لهذه الدول دورا سياسيا في المنطقة كما تعتمد سياسة عدم التدخل في شؤون الدول الاخرى بالاضافة الى ان علاقات الاردن مع اسرائيل ليس جديدة بل موجودة منذ العام 1993 وقبل اتفاقية ​اوسلو​ .

تدمير الأراضي الزراعة الخصبة من جراء تمرير ​خط انابيب الغاز​ الإسرئيلي

واكد ارشيد على ان طريق مد الانابيب من اسرائيل الى الاردن تمر بمعظمها من اراضي قريبة من مجرى نهر الاردن وبالتالي فان هذه الاراضي خصبة زراعيا والتي يتم استملاكها من الحكومة وتحويلها الى ممرات للانابيب وهذا ما يحعلنا نقارن بين مشروع البصرة وخليج العقبة والتي من المفترض ان تمر هذه الانابيب عبر مناطق صحراوية وهنا تظهر الخسارة الكبيرة للاردن من جراء القضاء على الاراضي الزراعية الذي كان من الممكن الاستفادة منها واقامة مشاريع كبيرة وبالتالي فان هذه الصفقة لها تكاليف مباشرة وغير مباشرة على الاردن الذي يعاني من مشاكل زراعية والامن الغذائي في ظل ​ارتفاع الاسعار​ والاعتماد على الاستيراد من الخارج ، وتسأل ارشيد لماذا التفكير بهذا الاتجاه واقامت اتفاقيات مع دولة من الواضح انها لا تحترم المعاهدات والاتفاقيات الدولية وان اي ازمة مستقبلية بين البلدين قد تضع هذه الاتفاقية على المحك وموضوع جدل ومن منطلق مصلحة الاردن اكد ارشيد على رفض هذا المشروع وضد اقامته على اراضي هي بالاصل فلسطينية تم احتلالها من قبل اسرائيل .

واشار ارشيد الى ان قرار الحكومة الاردنية والاعتماد على النفط الاسرائيلي على مدة زمنية طويلة الامر يظهران ليس لديها استراتجية مستقبلية وستبقى مرهونة لاسرائيل طوال هذه الفترة حتى ولو كانت باسعار تفضيلية وهناك نوع من السرية في موضوع الاتفاقية الغاز التي تمت مع اسرائيل كما لا يمكن لاحد التنبؤ بالاسعار من اليوم الى 15 عام فهذه الاسعار معرضة للتغير سواء بالارتفاع او الانخفاض وبالتالي لماذا الاردن يلزم نفسه باسعار يراها تفضيلية يمكن ان لا تكون كذلك ومثل هذه الاتفاقيات لن تكون في صالح الاردن والعرب ولايجب الاخذ بعين الاعتبار الخيار الاسرائيلي مهما كانت الافق مغلقة امام الاردن لان الغاز الاسرائيلي غاز احتلال.