خاص ــ الاقتصاد

عملية تهريب مخدرات بواسطة طرد بريدي من بيروت الى مدينة جدّة في ​السعودية​، لم يكتب لها النجاح، فالشحنة التي سلّمتها فتاة انتحلت هوية مزوّرة الى المكتب البريدي، وقعت في يد القوى الأمنية التي اكتشفت أمرها وأوقفت المتورطين فيها.

قبل أن تطير الشحنة الى وجهته المحددة، توفرت معلومات لمكتب مكافحة ​المخدرات​ المركزي، تفيد بإيداع طرد بريدي لدى إحدى شركات الشحن الكبرى، معدّ وموضب بشكل متقن لإرساله الى ​المملكة العربية السعودية​، يشتبه باحتوائه مواد مخدرة، ولدى التحري عن صحّة المعلومات، اتضح أن الطرد المشتبه به، أودع لدى مكتب شركة الشحن في جلّ الديب، من قبل امرأة عرفت عن نفسها بإسم "رانية. أ" وزودت العاملين في المكتب بصورة عن بيان قيد افرادي، وعليه عنوان ال​لبنان​ي "محمد. ح" المقيم في مدينة جدّة السعودية مع رقم هاتفه الجوّال.

لدى الكشف على الطرد، ثبت لدى مكتب المخدرات، أنه يحتوي على ​حبوب​ الـ"كابتاغون"، يبلغ وزنه 16.750 كلغ، ولدى اجراء التحقيقات الأولية المكثفة، انطلاقاً من رقم الهاتف الخليوي الذي تبين أنه تلقى اتصالات من الرقم السعودي المسجّل على بوليصة الشحن، ظهر الشخص اللبناني الذي يستخدمه ويدعى "شادي. غ"، ليتضح أن صاحب الرقم هو "اسماعيل. غ" صاحب الأسبقيات في مجال الاتجار بالمخدرات، وتهريبها الى الخارج ومطلوب للعدالة.

أخضع "شادي. غ" للتحقيق، فأفاد أن الهاتف الخليوي الذي يستخدمه يعود لوالده "اسماعيل. غ"، وبات بحوزته منذ ثلاثة أيام، وأن الرقم السعودي المدوّن على بوليصة الشحن، عائد لإبن خال والدته "حسن. ح" الذي يتواصل مع والده على الرقم اللبناني نفسه، وأعلن أنه خلال الأسبوع الذي سبق توقيفه، قصد منزل والده في إحدى البلدات الجنوبية، فوجد الأخير مجتمعاً مع شخص يدعى "غازي. ش"، فجلس معهما وسمعهما يتحدثان عن تحضير عملية إرسال طرد بريدي يحتوي حبوباً مخدرة الى السعودية.

خلال الاجتماع نفسه، ​اتفق​ "اسماعيل" مع "غازي" على أن يتولى الأول عملية إرسال الطرد الى السعودية بالاتفاق مع "حسن. ح" الذي يبلغهما باستلام الطرد، على أن يتلقى تعليمات عن موعد ومكان تسليمه الطرد في السعودية لأشخاص يحددهم له "غازي"، لقاء مبلغ ​مالي​ ــ وفق اعترافات شادي ــ الذي أكد أيضاً أن والده اتصل بدوره بـ"حسن" واتفق معه على ارسال الطرد باسمه ليقوم باستلامه، وأكد "شادي" الى أن الأمر انتهى بالنسبة اليه عند هذا الحدّ، ولم يعد يعرف ماذا حصل لاحقاً، الى أن طلب منه والده إبقاء الهاتف بحوزته، والردّ على الاتصالات التي ترده، وابلاغ المتصل بأن والده غير موجود.

بناء على إفادة الإبن، تعقبت القوى الأمنية تحركات الأب "اسماعيل. غ" وتمكنت من توقيفه واخضاعه للتحقيق، فأنكر ما أسند اليه، وأوضح أنه مجرّد مزارع وهو يعرف "غازي. ش" كما يعرف "حسن. ح" كون الأخير ابن خالة زوجته، وأنه لم يسافر يوماً ولا يعرف "رانية. أ" التي سلّمت الطرد الى مكتب البريد، لكن محكمة جنايات جبل لبنان التي أجرت محاكمة علنية للمتهمين إعتبرت في حيثيات الحكم الذي أصدرته، أن بات ثابتاً من الطرد المضبوط أو الجهة المرسل اليها، ومن التفاصيل المذكورة، ومن افادة "شادي. غ" المطابقة للوقائع، أن "اسماعيل" كان بدأ عملية تهريب كمية من المخدرات، نوع الـ"كابتاغون" الذي يعدّ من المواد الشديدة الخطورة، عبر احدى شركات الشحن، ما يجعل جريمته منطبقة على جناية المادتين 126 و128 من قانون المخدرات.

وخلصت المحكمة برئاسة القاضي ايلي الحلو الى إدانة "اسماعيل. غ" بجناية تهريب المخدرات من لبنان الى السعودية، وانزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بحقه، وتغريمه مبلغ 50 مليون ليرة لبنانية، وتخفيف العقوبة الى الأشغال الشاقة سبع سنوات، والغرامة الى سبعة ملايين ليرة، وحبسه يوماً اضافياً عن كلّ عشرة آلاف ليرة، إذا امتنع عن تسديد قيمة الغراامة المالية.