ما يلبث هذا البلد يخرج من أزمة ويلتقط أنفاسه ، حتى يلقى أزمة أخرى تطرق بابه. يعيش لبنان، هذا الوطن الصغير الذي لا يحلم أبناؤه سوى بالهدوء والحياة الكريمة، منذ فترة الأزمة السياسية تلو الأخرى فبدءاً من استقالة الرئيس الحريري وعودته عنها فيما بعد، الى أزمة مرسوم الضباط بين رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس مجلس النواب نبيه ​بري​، التي تحوّلت اليوم بفعل تصرفات لا تمت للسياسة بصلة، الى تحركات شغب في الشارع ​تهدد​ السلم الأهلي.

وليزداد الطين بلة، أطلّ وزير الدفاع ال​إسرائيل​ي أفيغدور ليبرمان يوم أمس، في مؤتمر وصف خلاله عطاءً ​لبنانياً للتنقيب في حقل للغاز بالبحر المتوسط على الحدود مع ​فلسطين​ المحتلة بأنه أمر "استفزازي جداً" وحث ​الشركات العالمية​ على عدم تقديم عروض، قائلاً: "عندما يطرحون عطاء يخص حقلا للغاز يشمل ​الامتياز​ 9 الذي هو ملك لنا بكل المقاييس... فإن هذا يمثل تحديا سافرا وسلوكا استفزازيا هنا".

هذا التصريح استوجب رد ​رئيس الجمهورية العماد ميشال عون​ الذي رأى أن كلام ليبرمان عن بلوك ​الغاز​ رقم 9 يشكل تهديداً للبنان​ ولحقّه في ممارسة سيادته على مياهه الإقليمية.

وبدوره أكد رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، أنّ "​الحكومة اللبنانية​ ستتابع خلفيات كلام ليبرمان مع الجهات الدولية المختصة للتأكيد على حقّها المشروع بالتصرّف في مياهها الإقليمية، ورفض أي مساس بحقّها من أي جهة كانت، واعتبار ما جاء على لسان ليبرمان هو الإستفزاز السافر والتحدّي الّذي يرفضه لبنان".

وبانتظار الحلول لكافة هذه المشكلات بالتزامن مع التحضير المستمر للإنتخابات النيابية المقرر إجراؤها في أيار القادم، وبهدف معرفة المزيد من التفاصيل حول هذه الأمور، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي د. ​إيلي يشوعي​:

هل ستؤثر برأيك المناوشات السياسية التي تحصل وانتقلت مؤخراً إلى الشارع على ​تصنيف​ المؤسسات العالمية للبنان؟

لا أعتقد أن هذه المناوشات ستؤثر على تصنيف لبنان العالمي، هي توترات عابرة لن يوليها أحد الأهمية. هناك أمور أخرى كان من المفترض ان نخشى تأثيرها على ​التصنيف الإئتماني​ كتلويث البحر الأبيض المتوسط، هذه وصمة العار الأكبر على جبين هؤلاء السياسيين. هم لا يتسببون فقط بالأمراض للبنانيين بل يلوّثون شواطئ الدول الموجودة على هذا الحوض، هل هذا أمر منطقي؟ هذه جريمة بيئية دولية.

كيف سيؤثر إجراء الإنتخابات النيابية على لبنان؟

في البداية، يجب أن نراقب ​نزاهة​ الإنتخابات والإلتزام بقانونية ​الإنفاق​ الإنتخابي. أما بخصوص نظرية أن الإنفاق الإنتخابي سيشجع الإستهلاك، فلا نريد استهلاك يأتي نتيجة شراء الأصوات بالمال والخدمات. ​الخراف​ هي التي تشترى بالمال وليس البشر.

أما مرحلة ما بعد الإنتخابات، فإن تحسّن الوضع الإقتصادي يعتمد على النتائج، إذا بقيت الوجوه نفسها التي تحكم البلد اليوم فلن يتغير شيء. اختبرنا قدرات وإنجازات هذا الطاقم لسنوات طوال، ولا زالوا يتحدثون عن "مؤتمر ​باريس​ 4" لتمويل البنى التحتية. هذه البنى التحتية التي نحضر المؤتمرات لأجلها منذ العام 1993، ومستواها ما هو الا في تراجع. مع كل هذه المؤتمرات الدولية لم نرى النمو الإقتصادي المطلوب، ​البطالة​ لا زالت في مستويات عالية، البنى التحتية مهترئة و​الكهرباء​ و​المياه​ حدّث ولا حرج.

أناشد كل الدول التي ستقدم قروض أو منح للبنان في مؤتمر "باريس 4" أن تشرف بنفسها على الإنفاق.

ما هو برأيك تأثير الإشاعات التي يطلقها البعض بين الفترة والأخرى عن ​المصارف اللبنانية​، كأن ​حزب الله​ يستخدم المصارف اللبنانية لأمواله أو أن حاكم المصرف المركزي سيصدر قرار بمنع استخدام الدولار في الـATM؟

الإشاعات كافةً لا تؤثر على الإقتصاد طالما أنه ليس هناك دليل محسوس. أما ​إطلاق​ الإشاعة المتعلّقة بحزب الله خاصةً فكان جزء من الصراع الإيراني السعودي. ​الأمين العام​ لحزب الله السيد حسن نصر الله أكد في أكثر من مناسبة أن كافة عملياته تجري خارج ​النظام المصرفي​ اللبناني وذلك حرصاً منه على عدم إلحاق الضرر بأي مصرف.

كان لوزير الدفاع الإسرائيلي اليوم تصريح بشأن البلوك 9 وعن أن ملكيته تعود لإسرائيل الأمر الذي استلزم رد الرئيس عون، هل ترى أن ثمة ما سيعرقل المناقصات التي أطلقها لبنان أو سير العملية فيما بعد؟

برأيي الشخصي، لم يكن علينا البدء ببلوك 9 قبل تأمين الضمانة من الهيئات الدولية بأن "إسرائيل" لن يكون لها أي رد فعل سلبي تجاه الموضوع. لبنان يمتلك 10 بلوكات من الغاز، هل كان من الضروري البدء بهذا البلوك تحديداً؟ لا أدافع عن تصريحات العدو بالتأكيد، بل أدافع عن لبنان، في هذا الوقت بالتحديد لا ينقصنا مشكلة مع "إسرائيل".