نظمت اللجنة العلمية في نقابة ​المهندسين​ في بيروت مؤتمرا عن "تمدد ال​مدن​ ال​لبنان​ية: نحو حلول تنظيمية وادارية" برعاية وزير الاشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، وممثلة وزير العدل القاضية ميراي داود وممثل وزير المهجرين من​صور​ مصلح، ورئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين النقيب المعمار جاد تابت والنقيبين السابقين صبحي البساط وبلال العلايلي ورئيس اللجنة العلمية في ​نقابة المهندسين​ المهندس وسام الطويل والمدير العام للتنظيم المدني المهندس ​الياس الطويل​ ونائب نقيب المهندسين في بيروت المهندس مغير سنجابة وامين سر نقابة المهندسين في بيروت د. جمال حيدر واعضاء مجلس النقابة: ميشال متى، جوزف معلوف، باسم العويني، علي حناوي، ورئيس رابطة المعماريين في بيروت المهندس جوزف سعد و​رئيس جمعية​ "موبيليتي فور ليبانون" المهندس راشد سركيس ورئيس رابطة المهندسين الانشائيين في بيروت المهندس هاني قراقيرة، ورؤساء اتحادات البلديات واعضاء مجالس بلدية ومديرين عامين، وممثلي عمداء العمارة في الجامعات في لبنان وممثلين عن قادة الاجهزة الامنية في لبنان وخبراء لبنانيين واجانب وحشد من الحضور.

وتحدث بداية قراقيرة، فأوضح أن المؤتمر يستضيف كوكبة من الباحثين والمهندسين وصانعي القرار من لبنان ودول اوروبية على أمل الاضاءة على امكانات الحلول المناسبة.

ثم ألقى المهندس وسام الطويل كلمة قال فيها: "يطمح المؤتمر الرابع والاخير في فصل 2018- 2017 للجنة العلمية في نقابة المهندسين في بيروت الى إشراك الباحثين والمهنيين وصانعي القرارفي نقاش بناء حول إمكانية إنشاء إدارات إقليمية في لبنان أو إيجاد أطر علمية وعملية لمعالجة القضايا المدينية حسب النطاق الجغرافي التي تمتد عليه فعليا وليس حدها بالنطاق البلدي الاداري".

واشار الى "أن معظم سكان لبنان يقطنون في المدن، مع الإشارة الى أن أكثر من نصفهم هؤلاء يعيشون في العاصمة وحدها. وتشير هذه النسبة العالية من الكثافة السكانية على جزء صغير من الأراضي اللبنانية الى ان ​ثقل​ الامكانيات وحجم الفرص الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في لبنان متمركزة في المدن. في المقابل، يعاني معظم سكان هذه المدن من رداءة الظروف الاجتماعية والمكانية والبيئية التي تراكمت على مدى العقود الماضية".

ولفت الى انه "من تلوث الهواء، والإكتظاظ السكاني، و​زحمة السير​، و​النفايات​، وتقلص الاماكن العامة والخضراء، الى الضجيج والفوضى العمرانية وإنقطاع ​الكهرباء​ وشح ​مياه​ الشرب".

واوضح ان من "أهم أسباب تدهور هذه الظروف في مدن لبنان الكبرى اليوم تكمن في ضعف أطر الحوكمة التي تنسق بين السلطات المحلية. وقد بينت الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية مدى تجزؤ المشهد الجغرافي على صعيد الوطن كله. فهناك أكثر من 1000 بلدية في أقل من 11000 كم مربع بينما تمتد المدن الرئيسية على مدى نطاقات بلدية متعددة تفتقد الى التعاون والتنسيق فيما بينها. ونتيجة ذلك، لا تزال معظم التحديات المدينية غير قابلة للحل بينما تلجأ السلطات المحلية الى خيارات غير مستدامة وغالبا غير قابلة للتطبيق. واخر مثال على ذلك ​أزمة النفايات​ في بيروت وجبل لبنان".

وكشف "أن المؤتمر يهدف إلى ​إطلاق​ نقاش بين الزملاء في نقابة المهندسين والمعنيين بمن فيهم رؤساء البلديات والباحثون والمنظمات الدولية المعنية بمعالجة المواضيع المدينية حول إمكان تطوير استراتيجيات تمتد على رقع جغرافية تربط بين عدة مناطق إدارية وتنسق بين بلدياتها. ويغني النقاش مشاركة عدد من المحاضرين والاختصائيين سيطرحون تجارب دول أخرى مثل ​فرنسا​ وكوريا وهولند التي واجهت وعالجت التحديات نفسها ولتبادل الخبرات وتوسيع افق النقاش. وسوف يختم المؤتمر بسلسلة من الاقتراحات والتوصيات نتأمل أن تكون بداية ​خارطة طريق​ تساهم في تحسين الواقع الراهن".

وختم بأن "المدن التي لا تبتسم في وجوه الغرباء هي المدن التي تبكي في صدور شعوبها".

ثم أشار النقيب تابت الى "أن المؤتمر يتطرق إلى موضوع المناطق الحضرية الكبرى في لبنان بهدف إطلاق نقاش بناء حول أطر الحوكمة والعلاقة بين المستوى البلدي وتجمع البلديات والمستوى الوطني العام".

وأوضح "أن أكثر من 80% من سكان لبنان يقطنون في المدن و60% منهم على الأقل يعيشون في خمسة تجمعات حضرية كبرى (بيروت و​طرابلس​ و​صيدا​ وصور وزحلة)، كما أن أكثر من نصف هؤلاء يعيشون في نطاق بيروت الكبرى. أي أن المجتمع اللبناني هو مجتمع مديني بامتياز تتمركز فيه الكثافة السكانية والنشاطات الاقتصادية في التجمعات الحضرية الأساسية".

وأضاف: "يعاني سكان المدن ضغوطا عديدة وتردي الخدمات وزحمة السير وتراكم النفايات والاكتظاظ السكاني وغياب السياسات التي تهدف إلى تنظيم ​النسيج​ المبني وتطوير الأماكن العامة والمساحات الخضراء وتحسين ظروف السكن واعتماد سياسات تواكب عصر التحول البيئي".

ولفت الى "أن معظم هذه المشاكل مرتبط بضعف أطر الحوكمة وفقدان التنسيق بين الإدارات المحلية وتجزئة القرارات والصلاحيات وانعدام الوضوح لعلاقة الأطر المحلية بالمستوى الوطني العام".

وأكد أن المؤتمر يهدف إلى إطلاق النقاش بين المهندسين والاختصاصيين ورؤساء البلديات وتجمع البلديات والمنظمات الدولية المعنية حول إمكانية تطوير استراتيجيات حضرية لتأمين التنسيق بين المناطق الإدارية المختلفة والترابط بين المستوى المحلي والمستوى الوطني. كما أننا نستقبل اليوم ضيوفا أجانب يشاركوننا تجارب مدن أخرى لإيجاد حلول تنظيمية وإدارية تؤمن التطور المتجانس للحيز الحضري".

والقى راعي الحفل الوزير فنيانوس كلمة قال فيها: "إن ما قامت وتقوم به نقابة المهندسين من ورش عمل ومؤتمرات دائمة ومواكبة للتطور والتقدم وفي حقول وميادين شتى وفق برنامج مستمر إنما يقع حتما في إطار تعزيز قدراتنا على صعيد التخطيط الإستراتيجي الذي نحن اليوم في أمس الحاجة إليه".

وأشار الى "أن تطور التنظيم المدني في لبنان يشكل ركيزة أساسية في عملية النمو الإقتصادي والعمراني بحيث يفرض على الإدارة المواكبة المستمرة من خلال مخططات تنظيمية دقيقة وسليمة يراعى فيها كافة شروط تأمين السلامة العامة ومواجهة الإمتداد العمراني العشوائي، مما يتيح تجهيز المناطق بما يحتاجه الأفراد والمؤسسات من عناصر ومقومات لتأمين مستلزمات الحياة الطبيعية".

ورأى أن "غاية التنظيم المدني ترتيب كامل الأراضي اللبنانية من خلال مخططات توجيهية تفصيلية تحدد القواعد والإتجاهات الأساسية لتنظيم المناطق مع الأخذ بعين الإعتبار السياسة العامة العمرانية والتطور السكاني، وبالتالي تأمين التوازن ما بين هذا التطور من جهة ، والحفاظ على الطبيعة والمناطق الأثرية والزراعية وكافة العناصر البيئية والتماشي مع الواقع الإجتماعي والإقتصادي". 

ولفت الى "إن معظم المناطق اللبنانية غير منظمة ويرعاها نظاما مؤقتا، ومما لا شك فيه أن ​الحروب​ اللبنانية على مدى سنوات أدت الى تبعثر في العمران بكافة الإتجاهات وعلى حساب كافة الإستعمالات الحرجية والزراعية والطبيعية بكتلٍ حجمية لا تنسجم ولا تتطابق مع مقياس البلدات والمقياس البشري، مما دفع العديد من الهيئات المحلية الى الطلب والتأكيد على وضع بلداتهم تحت الدرس ووضع مخطط تنظيمي لها يتلاءم مع الواقع والمحيط وبالتالي مع التوسع العمراني المستقبلي". 

واوضح "ان ​التصميم​ التوجيهي لمدينة بيروت الذي أقر سنة 1954 وتم تعديله على مراحل وصولا الى المرسوم 9285/1974 قد لحظ ​إستثمارات​ عالية جدا تصل الى بعض المناطق الإرتفاقية الى ستة أضعاف مساحة العقار دون الأخذ بعين الإعتبار تحديد مساحات خضراء في ​المدينة​".

ولفت الى "ان هذه النسب العالية من الإستثمارات كانت السبب الأساسي للإنتشار العشوائي للأبنية في العاصمة بيروت بغياب تصميم توجيهي ونظام تفصيلي للمدينة بإستثناء ما أقر للوسط التجاري للمدينة".

وقال: "لم يكن ​تصنيف​ الضواحي الجنوبية والشمالية للمدينة أوفر حظا مع ما يسمى نظام ضواحي بيروت الذي أقر سنة 1970".

اضاف: "ما نشهده اليوم في هذه الضواحي من إنتشار عشوائي هو نتيجة واضحة للمخالفات الإستثنائية التي أقرت بموجب قوانين إستثنائية".

واعتبر "ان ما صدر مؤخرا عن المديرية العامة للتنظيم المدني بالتعاون مع نقابتي المهندسين في بيروت والشمال بإقرار معايير ​الأبنية الخضراء​ في لبنان من شأنه أن يكون خارطة طريق الى تطوير قانون البناء". 

وكشف "إن معظم المناطق اللبنانية تتمتع بمزايا مهمة ينبغي إستثمارها والمحافظة عليها . فالتحدي الكبير في رسم أي سياسة تنظيمية يكْمن في كيفية مواكبة التطور العمراني مع المحافظة على المكان وأهميته التاريخـية، فللإرث التاريخي، أهمية رئيسية في الإقتصاد السياحي والتطور الحضاري". 

واشار الى "إن صغر مساحة لبنان واقع لا مناص منه وكثافة سكانه تعتبر مرتفعة حسب الترتيب العالمي، وهذا التوسع يطرح أمام لبنان تحديا كبيرا تجاه التأثيرات المفترضة على نوعية وتوفر الموارد الطبيعية وعلى ما سيحل بالمساحات الطبيعية الزراعية والجمالية التي سيطالها التوسع العمراني".

وقال : "إنطلاقا من هذا الواقع ، فإنه من واجبنا جميعا أن نحدد السياسات العامة ونستخدم الوسائل الكفيلة بالإهتمام بسلامة الأراضي والحفاظ على خصائصها الأساسية وتفعيل الخطة الشاملة لترتيب الأراضي من خلال توسيع مروحة الخيارات المتاحة للسكن والإستثمار في كافة أنحاء البلاد، وإن مواجهة التحدي الديمغرافي لا يكون إلا من خلال خطة واضحة تقوم على رؤية متكاملة لمستقبل الوطن مع إعادة تحديد أولويات الإنماء المتوازن من خلال إقتراحات تشريعية وتنظيمية من شأنها تأمين ضوابط أفضل في إستعمالات الأراضي وتنمية المناطق". 

وشكر "نقابة المهندسين في بيروت على مبادرتها الى عقد هذا المؤتمر البناء مع التأكيد على ضرورة التوصل الى وضع خطة تنسيق كاملة بين مختلف القطاعات والمؤسسات المختلفة لتحقيق الأهداف المرجوة." 

بعد ذلك جرى حفل تكريم المدير العام السابق للتنظيم المدني المهندس محمد فواز على مساهمته في رفع شأن التنظيم المدني في لبنان، وقدم الوزير فنيانوس والنقيب تابت درعا تكريميا في المناسبة.