أشار رئيس جمعية مصارف ​لبنان​ ورئيس ​الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب​، د. جوزف طربيه، إلى "أن العنصر البشري هو أثمن عناصر وموارد المؤسسة وأكثرها تأثيراً على أدائها العام وإنتاجيّتها. وكذلك فإن العنصر البشري المتمكّن وتنمية مهاراته الشخصية والمهنية يعدّ من أهم واجبات المؤسسة، حيث أنّ الإنسان هو العامل الأوّل الذي يتوقّف عليه تحقيق أهدافها ونجاح خططها. ومن هذا المنطلق، يسعى الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، من خلال هذا الملتقى إلى وضع إستراتيجية لإدارات ​الموارد البشرية​ تنهض بوظائف التخطيط الوظيفي لتعزيز أنظمة التعامل مع العملاء، وتطوير المسؤولية الإجتماعية للمصارف، إضافة إلى توضيح دور القيادات الفاعلة في تحقيق الإبداع والتميّز المؤسسي، وإدارة المواهب، وبناء القدرات في الصناعة المصرفية والمالية، في ظل التحوّلات السريعة في تكنولوجيا المعلومات والإتصالات، وتحرير التجارة العالمية، إضافة إلى ما شهده العالم من تحديات سياسية وأمنية، وتصاعد في الجرائم الإرهابية التي تمثل تحديّاً كبيراً للمؤسسات المصرفية والمالية، وتلقي بمزيد من الأعباء على العاملين في تلك المؤسسات لتحقيق التوازن بين متطلبات العمل المصرفي، والقدرة على جذب الإستثمارات من جانب، ومراعاة تنفيذ ما تتضمّنه إتفاقيّات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من ضوابط ومعايير من جانب آخر".

وأضاف طربيه، في كلمة له خلال افتتاح المنتدى السنوي للموارد البشرية في المؤسسات المالية والمصرفية العربية: "إن المفهوم الجديد والعصري لإدارة الموارد البشرية يتمثّل في لعب دور الشريك الإستراتيجي للإدارة العليا للمصرف أو المؤسسة المالية، مما يفرض على إدارة الموارد البشرية الإضطلاع بدور رئيسي في تقييم أداء العاملين وقياس النتائج المحقّقة ومقاربتها مع الأهداف المرسومة، والعمل على تصحيح مسار الكوادر البشرية للوصول إلى الأهداف الإستراتيجية للمؤسسة، فعلى مستوى المؤسسات يعتبر العنصر البشري من أهم الموارد المساهمة في نجاح المؤسسة وإستمراريّتها على المدى البعيد، كما يعتبر موضوع ​تنمية الموارد البشرية​ أحد المداخل الرئيسية والهامة لتحقيق القدرة على التنافس وضمان المؤسسات وإستمراريّتها في سوق يتّصف بالمنافسة الشديدة على الموارد المحدودة وعلى رأسها الكادر البشري القادر على خلق التميّز والإبداع، لذلك حظيَ موضوع تنمية الموارد البشرية بإهتمام الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، وزاد من حدّة هذا الإهتمام حركة العمالة المهاجرة بين المؤسسات وفقاً لآليّات العرض والطلب في سوق تنافسي أصبح عدم اليقين هو اليقين الوحيد، كما أصبحت المنافسة تعتمد على حيازة المعرفة وإدارتها بكفاءة عالية".

وقال: "إن الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، يسعى من خلال هذا الملتقى والملتقيات السابقة إلى تأكيد أهميّة الإستثمار في رأس المال البشري وتطويره من خلال البرامج التدريبية، والإحتفاظ بالمواهب التي تشكّل أحد العناصر الرئيسية في نجاح المؤسسة، مع الأخذ في الإعتبار أن إدارة المواهب القائمة على المخاطر تستوجب خلق معادلة حسّاسة ما بين تقديم الحوافز للعناصر الكفوءة للإحتفاظ بها وتعزيز ولائها للمؤسسة من جهة، والتقليل من فرص جذب هذه العناصر إلى مؤسسات أخرى منافسة من جهة أخرى مع ما تتضمّنه هذه المعادلة من مخاطر. لذلك، نجد أنّه من الضروري الإهتمام بإنتقاء مديري إدارات الموارد البشرية في المؤسسات المصرفية والمالية، ممّن يتمتّعون بالكفاءات الأساسية اللازمة مع تعزيز قدراتهم ومهاراتهم ومنحهم الصلاحيات الكافية للقيام بمهامهم، والعمل على نشر ثقافة التمكين في المؤسسات عن طريق قيام مدراء الموارد البشرية بالدعوة لهذه الثقافة بما يسهم في خلف مناخ صحي للتميز والإبداع والعمل على تصميم نظم إدارة المواهب".

 وتابع: "لا بدّ من وضع نموذج علمي وعملي تتوافر فيه جميع العناصر الأساسية لتقويم وقياس العائد على الإستثمار في الموارد البشرية لتقييم ولاء الموظف في المنظمات المختلفة وبصفة خاصة في قطاع ​المصارف​ والمؤسسات المالية العربية. ولا بدّ من الإشارة إلى أهميّة إضطلاع إدارة الموارد البشرية بدور أساسي في نشر ثقافة الشمول المالي، ممّا يساعد في تسريع معدّل النموّ الإقتصادي وتعظيم دور المصارف وزيادة ربحيّتها، وتعزيز المسؤوليّة الإجتماعية فيها".

ولفت الى إنّ "أحد أهم أسباب نجاح المصرف هو مدى إرتباط الموظف بمؤسسته وولائه لها وهو بدون أدنى شكّ المفتاح الذي يؤدي إلى طريق النجاح، ولكن المحرّك الأساسي لتعزيز ولاء الموظف لمؤسسته وإرتباطه وإنتمائه إليها هو ذلك الرابط ما بين أداء الموظف وتقييم الإدارة لهذا الأداء ومكافأته أو محاسبته، غير أن ذلك لا يتأتى ولا يتحقّق إلا من خلال وضع سياسات سليمة وموضوعية لإدارة تقييم الأداءPerformance Management وقياس الجودةTotal Quality Management"، موضحاً أنه "من هنا تجد إدارة الموارد البشرية نفسها في قلب الحدث (In the trenches) فعليها أن تمارس دورها الذي ترسمه لنفسها من جهة، والذي ترسمه لها الإدارة العليا في البنك من الجهة المقابلة. وهنا تنشأ إشكالية العلاقة الجدلية بين المنظورين المتقابلين لهذا الدور، منظور الإدارة العليا ومنظور إدارة الموارد البشرية. لذلك يجب على طرفي الإنتاج (الإدارة العليا للبنك وإدارة الموارد البشرية) الجلوس على طاولة الحوار وطرح هذه الإشكالية وفق المفهوم العصري للشراكة الإستراتيجية للوصول إلى رسم خارطة طريق مشتركة يكون أساسها الفهم والإقتناع المشترك بالدور الجديد للموارد البشرية وأهميّته في تحقيق أهداف المؤسسة".

ويشارك في أعمال المنتدى، الذي ينظمه الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، ممثلون عن 14 دولة عربية، وخليجية وأوروبية وأميركية، إضافة إلى خبراء عالميين في الموارد البشريّة.