استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة في أدونيس، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "سياسات ومشاريع المصرف المركزي"، نائب حاكم مصرف لبنان د. سعد العنداري.

في بداية الندوة أكد د. العنداري أنه "من خلال علاقاتي بالمصارف الدولية التي تعتبر مصارف مراسلة وتغطي التمويل الدولي للمصارف اللبنانية، أجد أن هناك دائما إشادة بالإجراءات التي يتخذها مصرف لبنان والتي يتم تطبيقها فعليا من قبل المصارف التجارية اللبنانية .. وأحد الخبراء في إحدى المؤسسات الدولية أكد لي شخصيا أنه من ناحية تطبيق القوانين والأنظمة قد نكون الأفضل في العالم وليس فقط في المنطقة".

وأضاف "نحن ملزمين اليوم بتطبيق القوانين وليس لدينا أي غطاء، فبلدنا إقتصاده مفتوح، وهو بحاجة إلى تأمين إنسياب التمويل الدولي لأننا نعتمد على التجارة الخارجية والتحاويل ومدخرات اللبنانيين في الخارج بشكل كبير جداً .. وهذا يعني أنه لا يوجد أي مجال أمامنا لمخالفة القوانين الدولية، وأكثر من ذلك أقول، عندما زار مساعد وزير الخزانة الأميركية لبنان منذ يومين، وأشاد بالإجراءات اللبنانية حيث قال > ... أما عن إحتمال إنهيار الإقتصاد نتيجة الضغوط الأميركية على القطاع المصرفي، نرفض هذا الأمر، ونحن نعمل سويا مع المصارف لضمان تطبيق المعايير المالية العالمية .. والبنوك المحلية آمنة وخالية من أي تحويلات مشبوهة ... ولم يتم التعامل بعنصرية مع الطائفة الشيعية في لبنان ... < هذا كلام مسؤول أميركي رفيع ويثبت سلامة القطاع المصرفي .... ولكن في المقابل نرى بعض وسائل الإعلام العربية التي تحاول تغيير الصورة وتشويهها وهذا موضوع سياسي خارج مسؤوليتي".

وفي سؤال للزميلة خداج عن الخبر الذي إنتشر في وسائل الإعلام حول منع مصرف لبنان لسحب الدولار من مكينات الصرافة "ATM"، ومن ثم صدور نفي رسمي عن المصرف حول ذلك الخبر .. قال د. العنداري "كلفني حاكم مصرف لبنان مراجعة جمعية المصارف وتنبيهها حول هذا الموضوع، ونحن داخليا في المصرف المركزي لا نستخدم إلا الليرة اللبنانية، والصرافات اللآلية التابعة لمصرف لبنان تحتوي فقط على الليرة اللبنانية .. وقد يكون صدر كلام عن بعض المسؤولين في مصرف لبنان حول هذا الموضوع وتم فهمه بشكل خاطىء .. ومن جهة أخرى المصارف الخاصة هي شركات خاصة ويحق لها التعامل في العملة التي تراها مناسبة إن كانت دولار أو ين ياباني أو يوان صيني أو غيرها .. هذا الأمر يعود للمصارف الخاصة فقط".

وإعتبر أن "حاكم مصرف لبنان شخصية مهمة جدا ويعطي الأمان والإطمئنان، ولكن هذا هو السبب الوحيد لإستقرار الليرة، ولو كان كذلك لكنا بألف خير اليوم، ولم نكن بحاجة لا لإحتياطي ذهبي ولا إحتياطي بالعملات الصعبة ولا لسياسات نقدية ولا لسياسات الفوائد ... وكنا وفّرنا الكثير على الشعب اللبناني !! .. ولكن الواقع هو أن رياض سلامة أحسن إدارة وإستخدام الأدوات النقدية، ولو لم تكن هذه الأدوات متوفرة لديه لما نجح في مهمته .. والدليل أننا نمتلك أدوات مهمة جداً".

وتابع "إقتصادات دول العالم الثالث والدول النامية تعتمد دائما على العملات الصعبة، في حين أن الدول الصناعية التي تعتبر مصدر للعملات الصعبة من الطبيعي أن لا تحمل عملاتها كإحتياطات، بل تقوم بتوسيع إحتياطاتها من الذهب بدلا من ذلك ... ولبنان اليوم متمكن من اللإحتياطات كافة، ذهبية كانت أم عملات صعبة، وهذه ميزة كبيرة .. فإحتياطنا من الذهب اليوم توازي 1% من إحتياطات الذهب العالمية، وإحتياطاتنا من العملة الصعبة تغطي كل الكتلة النقدية الموجودة بالليرة اللبنانية .. وهذا يعني أن الأدوات متوفرة بأيدي الحاكم، وإستطاع أن يستفيد منها في السياسة النقدية في لبنان".

وقال د. العنداري "لن أعلق على أراء بعض الخبراء بأداء مصرف لبنان، ولكن إذا عدنا بالتاريخ قليلاً للحرب اللبنانية وإنهيار الليرة اللبنانية، نجد أنه عمليا لم يعد هناك أي تعامل بالليرة اللبنانية، وهذا غير نفسية الناس وغير ثقافتهم، فأصبح لديهم ثقافة العملة الصعبة ... ومنذ ذلك الوقت حتى الأن تمكنا من تحسين وضع الليرة بشكل كبير، حيث أصبحت 35% من الودائع الموجودة هي بالليرة اللبنانية، وهذا رقم كبير يوازي الـ 60 مليار دولار تقريباً".

ولفت إلى ان "لبنان يملك إقتصادين وليس إقتصاد واحد .. الإقتصاد الأول هو إقتصادنا الداخلي وناتجه المحلي الإجمالي لا يتخطى الـ 53 مليار دولار، في حين نمتلك قطاع مصرفي كبير جدا بالمقارنة مع قيمة الناتج المحلي حيث تبلغ ودائعه أكثر من 180 مليار دولار، وموجوداته تتخطى هذا الرقم بكثير ... أما الإقتصاد الثاني هو إقتصاد خارجي يشكل أكثر من 12 مليون لبناني منتشرين في أنحاء العالم، وهذا ما يدفع الناس للتعامل بالدولار بشكل كبير لأن التحويلات معظمها بالدولار والعملات الصعبة ... فمدخراتنا الوطنية اليوم شبه معدومة، وما نستفيد منه هو مدخرات المغتربين اللبنانيين التي توازي 20% من الدخل الوطني".