يعاني قطاع الزراعة في لبنان منذ 40 عاماً من تخلف المسؤولين عنه، ما أدى إلى إغراق الأسواق بالمنتوجات المستوردة بالرغم من كافة الإتفاقيات والرزنامات التي وضعت لتنظيم استيراد وتصدير البضائع في ما بين الدول العربية. وفي جلسة 11 كانون الثاني، أدى هذا التخلف عن القطاع الى مغادرة الوزير غازي زعيتر الجلسة لعدم إدراج بنود الزراعة على جدول الأعمال، مؤكدا أنه سيمارس صلاحياته في وزارة الزراعة، لجهة منع إدخال أية منتوجات من شأنها أن تشكل منافسة للمزارعين اللبنانيين، إلا أنه لم يفعل ذلك حتى اليوم! ولا نعلم الأسباب.

وفي بداية العام كان لتجمع مزارعي البقاع سلّة من المطالب المتعلقة خصوصاً بإنتاج البطاطا الذي يتعرّض للمنافسة الشديدة في جميع الاسواق العالمية والعربية خاصة، اذ يتم استيراد البطاطا من الصين والباكستان والهند بدون جمرك ودون اعطاء الافضلية للمنتج اللبناني، علما ان اجرة نقل وكلفة الانتاج في هذه الدول تعادل نصف تكلفة المنتج اللبناني لذلك لم تستطع منتوجاتنا الصمود امام المنتجات الاخرى.

وطالب التجمع بتأخير وصول البطاطا المصرية الموضوعة على جدول الاستيراد وفقاً للاتفاقيات الزراعية إلى أول شهر شباط 2018، تعويض خسائر مزارعي البطاطا في العام 2017 من خلال كمية البذار التي أدخلت إلى لبنان وتأمين آلية جديدة للشحن البحري تؤمن الدعم للبطاطا اسوة ببقية الانتاج. كما ختموا بيانهم بمناشدة المسؤولين انقاذ المزارع اللبناني وزراعة البطاطا في لبنان قبل ان تندثر.

وللمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع رئيس تجمع مزارعي البقاع ابراهيم ترشيشي:

كان لكم سلّة مطالب في بداية العام بخصوص إنتاج البطاطا، أين أصبحتم على طريق تنفيذها؟

أخذنا الكثير من الوعود على طريق التنفيذ، ولكن حتى اليوم لم نرى أية نتائج. بجهود المسؤولين لم نعد نملك القدرة على المضي في طريق المطالبة بحقوقنا. وثقنا بكلامهم وخفّضنا وتيرة تحركاتنا لكنهم اليوم يتجهون الى إدخال المزروعات الأجنبية حتى وإن كان السوق لا يحتاجها.

أين ترى الخلل في الإتفاقات الموقعة مع الدول العربية؟

الأوضاع التي مرّت بها المنطقة من حروب وانغلاق الأسواق وإقفال طرقات، أدّت الى عدم التزام الدول العربية بهذه الإتفاقيات. بدأت كل دولة تفكّر بمصالحها الخاصة وأولت الأهمية لإكتفائها الذاتي قبل أي شيء آخر فتركت الإتفاقيات العربية المشتركة وراءها ومضت. أما لبنان فهو البلد الوحيد الذي لازال يتعامل مع الإتفاقيات وكأنها كلام منزل من السماء، تارةً "عيب نزعّل مصر" وتارةً "عيب نزعّل سوريا"، وإلى ما هنالك...في الوقت الذي تضع فيه كافة هذه الدول مصالحها أولاً وتأتي الينا عند حاجتها فقط.

مزارع البطاطا اليوم يعيش هاجس دخول البطاطا المصرية الى لبنان في 1 شباط وإن تأخرت ستدخل في 7 شباط "شاء من شاء وأبى من أبى"، وفقاً للمستشارة التجارية في السفارة المصرية منى وهبة.

هدّد الوزير زعيتر مؤخراً باستخدام صلاحياته ووقف الإستيراد، إلا أنه لم يتخذ هذه الخطوة؟ ما الذي يمنعه برأيك؟

الإمتحان الذي سيواجهه الوزير زعيتر بشأن هذا القرار سيكون في 1 شباط، فإمّا أن يرضخ للضغوط ويسمح بدخول البطاطا المستوردة ويساهم في تدمير الإنتاج اللبناني أو سيتّخذ القرار بتأخير دخول البطاطا ويساعدنا على الوقوف من جديد واستعادة عافيتنا.

مع الإشارة الى ان الضرر سيلحق بالبطاطا المستوردة أصلاً، لأن السوق لن يسمح لهم ببيع الكمية التي يسعون لإدخالها.

في العام 2017 وصفتم العام 2016 بأنه الأسوأ، وفي العام 2018 وصفتم العام 2017 بأنه الأسوأ، برأيك ما الذي ينتظره المسؤولون ليدركوا أنه بات عليهم التعامل جدياً مع الموضوع؟

ليس هناك أي بوادر بأن يكون العام 2018 أقل سوءاً مع هكذا أداء للمسؤولين، حيث لم نرى أي تدبير يهدف الى تحسين وضع هذا القطاع.

كل مطالباتنا يواجهونها بإلقاء اللوم على بعضهم البعض أو التذرع بـ"ميزانيتي لا تسمح". من دون شك، لا يتحملون المسؤولية وحدهم فالوضع الإقتصادي العالمي ككل ليس طبيعياً، حتّى في أوروبا يواجهون مشاكل اقتصادية ولكن المسؤولون في أوروبا لديهم القدرة على اجتياز هكذا امتحانات أما مسؤولينا فيعملون على مبدأ "سيري عين الله ترعاكي".

يتحضّر لبنان حالياً لمؤتمر باريس 4، هل لديك معلومات عمّا إذا كان هناك أي مشاريع متعلقة بالقطاع الزراعي سيتم تمويلها من عائدات المؤتمر؟

ليس لدينا أي معلومات، لم يأخذ برأينا أحد، لكن شخصياً لا أعتقد. وأريد هنا أن أعبّر عن تخوفي من لجوء مزارعي المنطقة الى الزراعات غير المشروعة في ظل هذه الأوضاع، خاصة أننا بدأنا نرى بعض الأراضي التي تم تغيير نوع زراعتها الى الحشيشة.