أقفلت في وجهه كل سبل الحياة في ​لبنان​ نتيجة الحرب اللبنانية، فقرر ال​هجرة​ الى الخارج بحثاً عن العمل والدراسة وتأمين مستقبله. ترك مدينته زحله وسافر الى ​فرنسا​ وفي جيبه مبلغ 100 دولار اميركي. عاش سنوات عمره متغرّباً وكادحاً وعمل في مجالات عدة. عاش الذل وذاق من مرارة الكأس نتيجة بعده عن عائلته ووطنه حتى توّج مسيرته بالنجاحات التي جناها بعد التعب والأسى والوحدة في بلاد غريبة عنه. استطاع في خلال 28 عاماً ان يكوّن نفسه وعائلته الى ان قرر العودة مع ما جناه من تعب الى لبنان وأنشأ فندق سان جان في زحلة والذي يعتبر من اهم المؤسسات السياحية في البقاع.

كان لموقع "الاقتصاد" لقاء مع صاحب فندق "سان جان" ريشار شيخاني حول تجربته الفريدة.

ما هي ابرز المحطات في مسيرتك الاكاديمية والمهنية؟

خلال الحرب اللبنانية عملت في عدة اماكن ومنها في شركة "ميدافارم" لتوزيع الادوية في زحلة والبقاع وفي عدة اعمال اخرى. وبعد ان انهيت دراستي الثانوية قررت ان التحق بالكلية الحربية في دورة للضباط في الجيش اللبناني لكن الظروف الامنية منعتني من ذلك بسبب اقفال الطرق وغيرها  وبعد ان اقفلت ابواب تأمين المستقبل في لبنان قررت ان اسافر الى فرنسا وكان في جيبي مبلغ 100 دولار اميركي فقط. وبعد ان وصلت الى هناك، وكنت لا املك اوراقاً رسمية وعملت في مطاعم عدة وفي شركة للكهرباء وقد ساعدني صاحب هذه الشركة على حصولي على اقامة بشكل شرعي. في الوقت عينه، دخلت الى مدرسة "جان دروان" الفندقية في ​باريس​ وامضيت فيها 3 سنوات وحصلت فيها على شهادة. وبعد هذه الفترة، اي في العام 1993 انتقلت الى اللوكسمبورغ حيث عملت في ادارة ​مطعم​ "لو سيدر" اللبناني وبقيت فيه لمدة 3 سنوات. وبعد ان قام صاحب المطعم ببيعه عدت الى باريس وأنشأت مخبزاً خاصاً بي لبيع ​الخبز​ والساندويشات والباغيت الفرنسية بطريقة سريعة في "Boulevard des Italiens". وكان هذا العمل نقطة تحوّل كبيرة في مسيرتي المهنية والتي استمرت مدة 17 عاماً فيه منذ 1997. وفي العام 2004، عدت الى اللوكسمبورغ وقمت بشراء المطعم الذي كنت اعمل فيه سابقاً وعملت فيه لمدة 3 سنوات وتعبت كثيراً فيه الى ان بعته من جديد وعدت الى باريس حيث بقي متجري مفتوحاً حتى العام حيث قمت ببيعه في العام 2014 وعدت الى لبنان. وكنت قد اشتريت مبنى يقع في وسط السوق التجاري لزحلة في العام 2008 لتحويله فيما بعد الى فندق. وبدأ العمل في تشييده في العام 2011 وتم افتتاحه في العام 2014. عدت الى لبنان من اجل عائلتي وتربيتها في بلدها الام.

ما هي أبرز الصعوبات التي مررت بها خلال هذه المسيرة؟

بُعدي عن اهلي هو اكبر صعوبة واجهتها في حياتي كلها وخاصة انني كنت متواجداً في فرنسا منذ ان كان عمري 20 عاماً وكنت اعيش وحيداً. كما انني فقدت والدي وعمي ولم اتمكّن من الحضور الى لبنان نتيجة الظروف القائمة آنذاك الامر الذي أثّر فيي بشكل سلبي. وعدت الى لبنان بعد 5 سنوات من سفري اول مرة. واما على صعيد العمل في فرنسا، فقد احسست بالذل من قبل صاحب العمل وخاصة عندما كنت اعمال دون اوراق رسمية كان الاخير يعطيني راتباً أقل من الحد الادنى في وقتها كما كنت اعمل لمدة 12 ساعة متواصلة وغيرها من الممارسات الاخرى. كما انني في مرة من الايام اضطررت الى النوم في كابينة هاتف عمومي ومرة اخرى نمت في المترو حيث واجهت ظروفا صعبة.

كيف واجهت هذه الصعوبات؟

واجهت هذه الصعوبات بالقوة والاصرار على تنفيذ الشيء، وكانت والدتي تشجعني دائماً بحيث انها اتصلت بي في يوم من الايام وانّبتني بطريقة صارمة وارشدتني الى الطريق الصحيح في الوقت الذي كنت اشعر فيه بانني ضعيف في هذا البلد. وكما اثابر دائما على النجاح ففي الوقت الذي كان فيه اصدقائي يسهرون في عطلات نهاية الاسبوع كنت اعمل وادرس حتى حققت ذاتي.

كيف اثر عملك على علاقتك بعائلتك؟

العمل مهم جداً لكنه ليس على حساب العائلة وفي اللوكسمبورغ عملت كثيراً لمدة 3 سنوات بشكل مكثّف وهذا ما اتعبني ولم استطع ان ارى اولادي وخاصة ابنتي التي لا اذكر كيف كبرت بسبب انشغالي بالنجاحات في العمل. واما الان فاعوّض على عائلتي من خلال تمضية الوقت معهم في لبنان بشكل دائم ومع اهلي واشقائي.

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

اعمل على توسيع الفندق من خلال اضافة اجنحة جديدة اليه والمشروع موجود وحصلت على قرض من البنك. وهذا المشروع له طلب قوي وسيكون في ​اسعار​ مقبولة وخاصة وان زحلة مدينة لا تتطلب اسعار ​فنادق​ مرتفعة كما هي الحالة مع المدن الكبرى الاخرى.

ما هي كلمتك للشباب اللبناني؟

من بعد تجربتي في الخارج، انا ضد فكرة هجرة ​الشباب​ وتركهم للبنان لاننا لدينا فرص كبيرة مهمة والمشكلة تكمن بان اللبناني لا يعمل في غسيل الصحون في بلده ولكنه اذا سافر الى الخارج يقوم بهذا العمل بشكل تلقائي. والشاب اللبناني الذي يبحث عن عمل يسأل عن الراتب وهذا الامر خطأ وخاصة للذين لا يزالون في بداياتهم المهنية. عندما سافرت الى الخارج لم أسال عن الراتب بل كنت اعمل حيث ما اجد وظيفة، وانصح الشباب بان ينزل عن عرشوهم كي يبقوا في لبنان. وعليهم ان يصعدوا السلم درجة درجة.