"تدفع الولايات المتحدة للفلسطينيين مئات الملايين من الدولارات سنوياً ولا تحظى بالتقدير أو الاحترام" كلام عبر عنه الرئيس الاميركي دونالد ترامب على صفحته في "تويتر" ليمثل تهديداً واضحا لوكالة "الاونروا" مهددا بقطع المساعدات عن الفلسطينيين في حال عدم عودتهم إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل ليتبعه اعلان وزارة الخارجية الأميركية عن حجب 65 مليون دولار عن وكالة الامم المتحدة التي تعنى بشؤون اللاجئ الفلسطيني، اجراء من شأنه ان يشكل اسوأ ازمة للـ"الاونروا" على اعتبار ان الولايات المتحدة هي أكبر مانح واحد للوكالة، حيث توفر 368 مليون دولار في عام 2016 وتمول ما يقرب من 30٪ من عملياتها لمساعدة نحو 5 مليون لاجئ في الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من الازمة الا ان "الاونروا"مصممة على مواصلة تقديم الدعم الحيوي للاجئي فلسطين في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وفي غزة وسوريا ولبنان والأردن فدعت على صفحتها على الانترنت تحت شعار "قفوا للاجئي فلسطين"الجميع الى التبرع والوقوف الى جانب اللاجئ الفسطيني والتضامن معه، لضمان استمرارها في توفير التعليم لنصف مليون طفل وتقديم الغذاء والمال لما مجموعه 1.7 مليون لاجئ فقير إلى جانب تقديم الرعاية الطبية المنقذة للحياة لملايين الأشخاص على اعتبار إن التخفيضات التمويلية الكبيرة من قبل الولايات المتحدة الأميركية سيكون لها أثر كبير على الحياة اليومية للملايين من لاجئي فلسطين.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة خصصت 60 مليون دولار للوكالة لعام 2018، فإنها تعتزم حجب 65 مليون دولار، واعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إن هذه الأموال"مجمدة للنظر فيها مستقبلاً" ، وأن هذه الخطوة "لا تهدف إلى عقاب أحد، بل ان الولايات المتحدة تريد أن ترى تنقيحات حول كيفية عمل الوكالة ورؤية تقاسم الدول الأخرى أعباء تمويلها، بما في ذلك الدول التي انتقدت القرار الخاص الذي اتخذه الرئيس الأميركي باعتبار القدس عاصمةً لإسرائيل، والبدء بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة الفلسطينية المحتلة، قرار قابله رفض بأغلبية ساحقة، في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتتنوع الخدمات التي تقدمها "الأونروا" للاجئين المسجلين لديها ما بين التعليم والصحة والإغاثة والخدمات الاجتماعية وتغطي كل المخيمات الفلسطينية التي تتوزع بواقع 12 مخيما في لبنان و10 في الأردن و9 في سوريا و27 في الأراضي الفلسطينية (19 في الضفة الغربية و8 في قطاع غزة). وبالتي فان تراجع تمويل "الانروا" من شأنه ان يؤثر بشكل كبير على المجتمعات التي تحتوي هذه المخيمات على رأسها لبنان والاردن لذلك وعلى ضوء الاجراء الاميركي كان لموقع "الاقتصاد" اتصال مع الكاتبة السياسية والمحللة الاقتصادية الاردنية لميس اندوني للبحث حول تأثير القرار الاميركي على اللاجئين الفلسطنيين وعلى عمل وكالة "الاونروا".

واشارت المحللة الاقتصادية لميس اندوني الى ان هناك نوعان من المساعدات التي كان يقدمها الكونغرس للفلسطنيين الاولى وهي مساعدات مشروطة تقدم للسلطة الفلسطينية من الافضل ان تتوقف لانها كلها جزء من العملية الابتزازية لمواقف سياسية وبالطبع ستؤثر على وضع السلطة في فلسطين لكن الثمن المطلوب من السلطة الفلسطينية ان تدفعه وهو القبول بما نتج عن خطة ترامب وبالاخص بالتخلي عن القدس، قرار لا تستطع اي قيادة فلسطينية ان تتحمله، وبالتالي يجب على الفلسطينيون ان يفهموا انه يجب التحرر من هذه القيود من الناحية السياسية والتي تأتي تحت عباءة المساعدات المالية لان كلها تصب في المجال الامني لان واشنطن لا ترى في السلطة اكثر من جهاز امني لاحتواء الغضب الفلسطيني وقمعه لكي لا يكون هناك مقاومة للاحتلال.

اما بالنسبة لوكالة "الاونروا" فاعتبرت اندوني ان حجب المساعدات الاميركية عنها هي مسألة خطيرة جدا لان مبلغ 65 مليون يعتبر كارثة نظرا الى ان المخيمات الفلسطينية في كل مكان وبالتالي هذا القرار سيؤثر كثيرا، ويجب تعويض ما لم تدفعه اميركا من دول اوروبية او على الاقل اللجوء الى مجلس الامن لان من المفروض ان يكون هذا الدفع الزامي وليس وفقا لمزاج الرئيس الاميركي ترامب.

واعتبرت اندوني ان النقطة الاساسية في هذه القضية هي سياسية ستؤدي الى كارثة انسانية لان "الاونروا" تقدم خدمات للاجئين وخدمات للمدارس التابعة لها التي بدورها تقدم الكثير من الخدمات الاخرى للاجئ الفلسطيني، وهدف الاجراء الاميركي الضغط على القيادات الفلسطينية للقبول بالشروط الاميركية وهي شروط استسلام وبالتالي المسألة سياسية بالدرجة الاولى لان "الاونروا" هي تمكين اللاجئين من الصمود حتى لا يتم توطينهم بمعنى ان لا يكون التوطين لتصفية القضية الفلسطينية.

وشددت اندوني على ان كل الدول التي تستضيف اللاجئين الفلسطينين وعلى الاخص الاردن ولبنان ستتأثر كثيرا، لان هذه الدول لا تستطيع تحمل هذه الاعباء والنفقات نظرا الى ان الاردن لديها ازمة من صنعها وصنع السياسات المحلية بالاضافة الى الظروف الاقليمية والموقف السعودي منها وبالتالي ستتشكل ازمة اساسية في الاردن وكذلك الامر في لبنان الذي يعاني ايضا من ظروف اقتصادية صعبة.

واكدت اندوني على ان اميركا اقتطعت جزء من الاموال المقدمة لانها تعرف ان هذه الخطوة تشكل لعبة خطيرة لعبة تقول للفلسطينين استسلموا او نخنقكم ولكن هذه الخطوة لا تخنق الفلسطينين فقط بل ستخنق ايضا الدول المضيفة في مقدمتها الاردن ولبنان .