هو رجل لبناني إستفاد من ظروفه الصعبة ليطوّر نفسه، لآقت مسيرته المهنية نقلة نوعية وتحديات عدةّ.. إلا أنه لا يؤمن بالخطاب الحماسي .. فسلاحه هو "الإصرار".

كان من القلة الذين صدّروا التقنيات إقليمياً إلى أن وصل للهند!

تشرح منتجه التقني مؤخراً إلى جائزة "World Summit Award" التابعة لـ "United Nations" في جنيف ليرفع إسم بلده عالياً في عالم التكنولوجيا والتعليم.

ولنتعرف أكثر على هذه الشخصية النموذجية كان لـ"الإقتصاد" مقابلة حصرية مع مؤسس شركة "Limitless Lab" اللبناني محمد العُمري الذي شاركنا أبرز محطات حياته المهنية والأكاديمية.

-كيف تختصر مسيرتك الأكاديمية؟

بدأت دراستي الجامعية في لبنان، وكنت في الوقت عينه أعمل كمساعد مهندس في مجال الإتصالات. وشاءت الظروف في العام 2000 أن أترك لبنان واتجه مباشرة إلى دبي.

في دبي سنحت لي الفرصة أن أعمل في شركة لبنانية الأصل، وكان عملي مختصّ ببرامج إدارة الفنادق.

وبعد عام ونصف، قررت أن أدخل إلى عالم الأعمال، وبالتالي كان لا بدّ لي من أن أتعلم أصوله، لذا حصلت على شهادة في إدارة الأعمال من جامعة "Pennsylvania University" عبر برنامجها الأكاديمي عبر الإنترنت "Thomson Education Direct".

-ما هي العناصر التي ساهمت في تحويل مسار حياتك المهنية رأساً على عقب؟

في دبي كوّنت مروحة واسعة من العلاقات العامة، وإلتقيت بمجموعة أوروبية تعمل على تقنية إسمها "video stereoscopy" التي تمكن الشخص من التحكم بأي شاشة عن طريق حركة اليد من دون الحاجة للمس المباشر.

تكمنا سوياً من تأسيس الشركة التي حملت إسم "Mutlisell" .

تعاملنا مع كبار الزبائن على صعيد إقليمي في السعودية، الكويت، البحرين، عُمان، قطر وصولاً إلى الهند. الأمر الذي قد يستغربه البعض، خاصة أننا عادة ما نستورد التقنيات من الهند، ولكني كنت اللبناني الذي تمكن من بيع حلول تقنية إلى شركة عقارات في الهند.

بالطبع أثرت الأزمة المالية العالمية على عملنا حاولنا قدر المستطاع أن تحمّل عبئها لمدة عامين، ولكن في العام 2010 قررت أن أعود إلى لبنان.

-كيف كانت الإنطلاقة في لبنان بعد تركك للسوق اللبناني لفترة طويلة؟

في لبنان أسست شركة "Visual Interactive Media" بالتعاون مع شريك لي، وعملنا لفترة محددة ومن بعدها إنفصلنا لإنشغاله بمشاريع آخرى.

تابعت في الشركة بمفردي وبعد فترة إنضم لي شخص آخر وعملنا على مشروع مشترك يحمل إسم الشركة الحالي "Limtless Lab".

لا شك أننا نواكب آخر مستجدات التطورات التكنولوجية يومياً، ومن ابرزها واهمها إنتشار تقنية الهواتف المحمولة لتصبح كما تُسمى بالـ"ًwearable technology" لأننا لا يمكننا بعد الآن أن نستغني عنها في أصغر تفاصيل حياتنا، فمن الطبيعي أن نتبنى آخر التطورات، التي تؤثر على سلوك الزبائن وحاجاتهم.

هذا كله أدى إلى دخولنا لعالم التطبيقات الذكية على الأجهزة الذكية للإستخدام الداخلي لشريحة محددة من الزبائن، أي بمعنى آخر كتطبيق خاصّ بالموظفين بشركة ما.

في هذه الفترة، بدأت صيحات الواقع الإفتراضي " Virtual Reality " والواقع المعزز " Augmented Reality " تصخب، لاشك أن الواقع الإفتراضي لاقى رواجاً أكثر لإعتماده من قبل شركات عملاقة كـ"سامسونغ" وغيرها، إلا أننا وجدنا في الواقع المعزز طاقات كبيرة.

فكرة الواقع المعزز مبنية على جلب "شيء" إفتراضي إلى المساحة الواقعية عبر جهاز يضمّ كاميرا. ويظهر هذا "الشيء" أو الصورة أمام الأشخاص في المساحة التي يتواجدون فيها.

إستناداً إلى الدراسات والتقارير لاحظنا أن طاقة هذا المجال كبيرة جداً، كما ذكر تقرير "هورازون" الأميركي أن الواقع المعزز مجال مهم جداً وتوقع التقرير أن يكون له تأثير ضخم على مجالي التعليم والتدريب.

-ما هي أبرز مشاريعكم في مجال الواقع المعزز؟

درسنا السوق جيداً لنتمكن من معرفة متطلبات وحاجات الزبائن، و قررنا أن ندخل في عالم الأزياء، الشركات، السيارات والتعليم .

ومن أحد المشاريع التي قمنا بها كان لشركة "جنرال إلكترك"، العاملة في قطاع الرعاية الصحية، كانت الشركة تحضّر حينها لمعرض في دبي، وكانت بحاجة لعرض خمس معدات صحية حديثة ضخمة الحجم، فعوضاً عن إستهلاك مساحة مضاعفة من المعرض، ودفع تكاليف شحن باهظة، طلبوا منا تصميم هذا المعدات إستناداً إلى تقنية الواقع المعزز بحيث يتمكن أي حاضر من إختبار كل مزايا المعدات نظرياً وبالإضافة إلى مشاهدة فيدوهات عنها وكأنها موجودة في الحقيقة أمامهم ويتم هذا فقط من خلال جهاز لوحي واحد.

أما على صعيد قطاع التعليم الذي وبحسب الدراسات سيحتل حصة الأسد من هذه التقنية الحديثة. تعاونّا مع شريك لنا يعتبر من أهم كوادر القطاع التعليمي في لبنان وأسسنا معه منصة تعليمية مبنية على الواقع المعزز وندرس حالياً المحتوى التعليمي الذي سيضمه هذا المشروع.

وقد تمّ ترشيحنا مؤخراً إلى جائزة "World Summit Award" التابعة لـ United Nations في جنيف ، ويشارك في المسابقة 136 بلد حول العالم، ويتم إختيار حوالي 7 منتجات لشركات عالمية تعمل في مجالات مختلفة. ويتم إختيار منتج عن كل فئة. ووصل منتجنا " TRIKAPP" إلى النصف النهائي. وكان إنجاز كبير بالنسبة لنا خاصة أن المنتج لم يكتمل بعد.

-هل لك أن تشرح لنا أكثر كيف يمكن لتقنيتكم أن تُسهم إيجاباً في تطوير قطاع التعليم اللبناني؟

سيتمكن الطالب من التفاعل مع منتجنا " TRIKAPP" من خلال الـActive Board ، وهي الألواح الذكية التي باتت متواجدة في العديد من الصفوف الدراسية في لبنان، وبمجرد وضع كاميرا مع منتجنا يتمكن الطالب من التفاعل مع المحتوى المرجو. على صعيد المثال، إذا كان فحوى الدرس عن النظام الشمسي، عوضاً عن تزويد الطالب بالصور العادية توفر هذه التقنية إمكانية مشاهدة النظام الشمسي بشكل ثلاثي الأبعاد.

أما على صعيد علم التشريح مثلاً، يمكن من خلال تكنولوجيا الواقع المعزز إزالة طبقات معينة لإكتشاف مكونات جسم الإنسان وما إلا ذلك.

وبضغطة زر على الشاشة يتمكن التلميذ من سماع صوت حيوان ما مثلاً. كما يمكن لهذه التقنية ان تعمل في بيت الطالب أيضاً من خلال الأجهزة الذكية.

تطبيقنا بات جزءاً من الصف النموذجي الموجود في مركز البحوث التابع لوزارة التربية.

وقد قمنا بإطلاق المشروع مع مديرة المركز بالتعاون مع شركة "iET" لمؤسسها ربيع بعلبكي، وهو شريكي وصديقي.

وسنطلق رسمياً وبشكل نهائي منتجنا التعليمي " TRIKAPP" في الربع الأول من العام الجاري.

-كيف ترتب العناصر التالية بحسب الأولوية :الشهادة الجامعية، الخبرة، العلاقات العامة؟

برأي الخبرة تأتي أولاً، ومن بعدها الشهادة والعلاقات العامة. ويمكنني أن أضع الشهادة الجامعية والعلاقات العامة في الخانة نفسها. فعلى الصعيد الشخصي بدأت حياتي المهنية قبل إنتهائي من الدراسة. فأغلب الأشخاص الفاعلة اليوم في المجال التكنولوجي لم تكمّل دراستها الجامعية.

أعتقد أن هذه النقطة مهمة جداً، فإذا كانت الظروف معاكسة لشخص منا ولم يتمكن من متابعة دراسته عليه ألا ييأس وأن يتسلّح بالطموح.

وهذا ما حصل معي، شاءت الظروف أن أتوقف عن دراستي لفترة معينة لإنخرط بشكل كلي في الحياة المهنية ومن بعدها تمكنت من متابعة دراستي وهذا الأمر بالطبع لم يشكل عائقاً بالنسبة لي.

وبرأيي على الفرد أن يضع هدفه نُصب أعينه لو مهما ضاقت به الظروف.

-إذا عدنا بالزمن للوراء وبالتحديد إلى المرحلة التي قررت فيها أن تعود للبنان، كيف تصف حالتك النفسية حينها، محبط، متفائل، أم متحمس؟

لا شك أن هذه النقلة كانت مليئة بالتحديات. فور وصولي إلى لبنان درست خياراتي في السوق اللبناني، الذي كنت قد خرجت منه بعمر صغير، من دون تكوين سلسلة من العلاقات العامة المهنية أو أي معرفة لمطلبات السوق، وهذا ما تطلب وقت أكثر للوصول إلى هدفي. وبالتالي هنا تكمن اهمية الإصرار على إثبات القدرات المهنية في الوطن الأم وبناء شبكة واسعة من العلاقات. بالطبع مررنا بظروف صعبة خاصة أن الوضع الإقتصادي في لبنان متعلق بشكل وطيد بالأمن السياسي، وهو أمر دقيق جداً.

الخطاب الحماسي للذات لا يدوم... ما يبقى هو الإصرار!

فإذا كلنا إعتبرنا أن الوضع في لبنان لا يسمح لنا بتحقيق احلامنا وهجرنا أرضنا من سيبقى في لبنان؟؟

-من خلال خبرتك الخاصة، ما هي الرسالة التي تود إيصالها للشباب اللبناني؟

تطوير مهارات شبابنا أمر بغاية الأهمية، لذلك أدعو الجامعات والمؤسسات في لبنان إلى تكثيف جهودها في هذا الصدد لنتمكن من مواكبة آخر التطورات حول العالم.

وأنصح الشباب بأن يكونوا أكثر إندفاعاً لحضور المؤتمرات والورش التدريبية لتطوير ذاتهم.

وأقول لهم إن "الكتاب خير جليس"!