يتركز الأهتمام في هذه المرحلة على الاستحقاق الأنتخابي ليس فقط من قبل المسؤولين والمرشحين بل أيضا تتنتظره وتسعد له وسائل الأعلام وشركات الأعلانات لتستفيد من حصة جيدة من الأنفاق الأنتخابي الموعود والذي على الأرجح سيكون "حرزان" أكثر من الدورة السابقة مع تغيير القانون الأنتخابي الجديد المعتمد النسبي مع الصوت التفضيلي الذي سيزيد من حدة التنافس.

فالأنتخابات هذا العام لن تعم فوائدها على البلد ككل أذ علها تأتي بوجوه جديدة نظيفة الكف عالية الكفاءة لديها رؤية مختلفة للأقتصاد ترسي الأزدهار وتعد لخلق فرص عمل جديدة للشباب بل سيستفيد منها الاقتصاد اللبناني دون شك لأن الأنفاق الأنتخابي يحرك العجلة الأقتصادية لا سيما الأستهلاك في الخدمات....

فما هو حجم الأنفاق الأنتخابي المتوقع؟ ما هي مفاعيله ومردوده على النمو الأقتصادي؟ "الأقتصاد" سألت أصحاب الأختصاص بشؤون قانون الانتخابات الجديد وأقتصاديين وخبراء وعادت بهذا التقرير وبآخر مصور ينشر تباعا:

حجم الأنفاق

رأى الخبير الاقتصادي د. غازي وزني في حديث لـ"الأقتصاد" انه في الدورة الاخيرة في العام 2009 بلغ حجم الأنفاق بين 800 ومليار دولار في ظل القانون الأكثري واللوائح المقفلة لكن هذه الدورة الوضع مختلف لأن القانون النسبي مع الصوت التفضيلي يزيد من حدة المنافسة في كل المناطق مما يحتم زيادة في الانفاق وعدد ابواب الأنفاق على اللوجستي والاصوات والتصوير والمطابع ووسائل النقل والمطاعم وغيرها مؤكدا ان هذه الحركة سترفع النمو الاقتصادي بين النصف والـ1 بالمئة. واستطرد قائلا ان أمكانية أنتخاب المغتربين من الخارج سيقلص النفقات التي كانت تدفع في السابق تكاليف حضور الناخبين الى وطنهم للأدلاء بأصواتهم.

ما هي النفقات الانتخابية وما سقفها في القانون الجديد

يعتبر من النفقات الأنتخابية "كل أنفاق مباشر أو غير مباشر يهدف الى التسويق لمرشح أو لكيان سياسي في الأنتخابات:

والنفقات تبدأ منذ أعلان ترشيح الفرد ولغاية أنتهاء عملية الفرز:أتصالات-هاتف-انترنت

-الأعلانات في وسائل الأعلام والمواد الدعائية والتسويقية مثل طبع وتوزيع المنشورات والملصقات الأعلانية والصور.

-بدل النقل والمواصلات

-التكاليف الأدارية:بدل أيجار المكتب الأنتخابي-رواتب موظفين-سكرتير-حاجب-

-تكاليف البريد منه واليه

-نفقات الأجتماعات العامة

-بدل أتعاب المندوبين الماليين مساعديهم الحراس الشخصيين المستشارين

-النفقات المرتبطة بتوظيف أعضاء الحملة الأنتخابية كالمتخصصين في المكننة في أدارة الحملة الأعلانية

اما الأنفاق في القانون الجديد فتحدد في المادة 61:

*حددت المادة61 من القانون الانتخابي الجديد حامل الرقم44، والذي صدر بتاريخ 17 حزيران2017، سقف الانفاق الانتخابي لكل مرشح بمبلغ 150 مليون ليرة للمرشح، و150 مليون ليرة للمرشح ضمن اللائحة، ومبلغ متحرك عبارة عن 5000 ليرة عن كل ناخب مسجّل في الدائرة الانتخابية الكبرى

مخاطر المبالغة في الأنفاق

لأن المبالغة في الأنفاق الأنتخابي يحمل مخاطر وصول الأشخاص الذين يدفعون أكثر مما يضرب عرض الحائط مبدأ تكافؤ الفرص تعمد البلدان لتحديد سقف الأنفاق في قوانينها ولهذا السبب هناك الكثير من الجهات والجمعية تراقب العملية الأنتخابية للتأكد من عدم تسلل ما يعرف المال السياسي أو الرشوة الأنتخابية فالجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الأنتخابات ترى ضرورة العمل من أجل أعتماد قانون أنتخابي يعرف يضبط بشكل عادل ومستقل التمويل والأنفاق الأنتخابي ويقترح أنشاء "مكتب الأشراف المالي"لمراقبة الأنفاق المالي للعملية الأنتخابية على ان يكون جزءا من الهيئة المستقلة للانتخابات في لبنان ويهدف للوصول الى أعلى قدر ممكن من الشفافية والأستقلالية.

كيف تؤثر الإنتخابات على النمو الإقتصادي ؟

غبريل

هناك شقّان في موضوع تداعيات الإنتخابات النيابية على ​الإقتصاد اللبناني​ يوضح رئيس قسم الأبحاث والدراسات في بنك بيبلوس د.نسيب غبريل ، ففي الشقّ الأول، والذي يرتبط ارتباطا وثيقا في الأموال التي ستضخ في الحملات الإنتخابية من خلال الإعلانات والتحضيرات اللوجيستية في كافة الأراضي اللبنانية، الأمر الذي يعجل حركة بعض القطاعات الإقتصادية المعنية مباشرة بهذا الموضوع، أما بالنسبة للشق الثاني الذي يتعلق بنتائج الإنتخابات على الحركة الإقتصادية، فهذا الأمر يتعلق بأي مجلس نواب سوف تنتجه هذه الإنتخابات والحكومة التي ستتشكل على اثره، الحكومة ستعكس أولويات الوزارات وبالتالي بإمكاننا أن نرى المسار الذي يمكن أن يسلكه الإقتصاد، أما بالنسبة للحركة الإقتصادية في البلاد، سيكون التركيز على القسم الثاني من عام 2018، أي بعد انعقاد مؤتمر باريس الإستثماري الذي سينعقد مبدئيا في نيسان، علينا الإطلاع على نتائجه، وعلى الجهات المعنية أن تتخذ خطوات حذرة من الأرقام الضخمة التي سيتم التسويق لها من خلاله، عندها، بإمكاننا أن نرى الإتجاه الواضح الذي يسلكه الإقتصاد في النصف الثاني من العام الجاري.

أما اليوم بإمكاننا أن نقول أن التداعيات الإيجابية من موضوع الانتخابات انه سيكون هناك ضخ أموال على الأمور اللوجيستية التي تتعلق بالإنتخابات من ناحية الإعلانات والنقل..وسيكون لهذا الأمر أثر ايجابي وملموس على القطاعات المعنية في هذا المجال.

ويضيف د.نسيب غبريل أنه اذا اردنا أن نطلع على المسار الذي سيتخذه الإقتصاد اللبناني، علينا الإنتظار الى النصف الثاني من العام الجاري، الفترة التي ستوضح أكثر الصورة العامة لهذا القطاع، أما فيما يخص التقديرات العامة للإقتصاد، فما زلنا في الأسبوع الثالث من العام الجديد، فالتقديرات الأولية تقول انه هناك استقرار في سعر صرف الليرة، متزامنا مع الإستقرار الأمني، وذلك بالإضافة الى الضغوط التضخمية من جراء الضرائب التي شكّلت أعباءا جديدة على القطاع الخاص والأسر اللبنانية. أما مؤشر ثقة المستهلك ليس مرتفعا الى حد ما، فـ11% فقط من اللبنانيين الذين يخضعون الى الإحصاء الشهري لهذا المؤشر، اعتبروا أن وضعهم المالي سيتحسن في الأشهر الستة المقبلة بينما توقع 67% أن وضعهم المالي سيشهد تراجعا في الفترة ذاتها من الأشهر الاحقة، فعلى المواطن اللبناني أن يرى الإجراءات العملية على الأرض من خلال تحسن مستوى معيشته، كذلك مؤسسات القطاع الخاص، بشركاته الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، عليها أن ترى التخفيضات للأعباء التجريبية وتطوير بيئة الأعمال والمناخ الإستثماري.

فالوعود ليست كافية، لان المواطن والقطاع الخاص لديهم شكوك كبيرة في كل هذه الوعود المغدقة، هم بحاجة الى رؤية النتائج الإيجابية على أرض الواقع، ومن بعد التجربة المريرة التي مرّوا بها، يعتبرون أن كل ما يمرون به ما هو الا من الزاوية الانتخابية، أهدافه انتخابية على الرغم من وجود بعض الأشخاص الذين يولون مصلحة البلد على مصالحهم الذاتية.

بكداش

من جانبه اشار نائب رئيس "جمعية الصناعيين اللبنانيين" زياد بكداش الى "اننا ننتظر الانتخابات النيابية المقبلة وهناك اعضاء في مجلس ادارة الجمعية مرشحون والاستفادة من ذلك تكمن في وجود قسم لا بأس به من الهيئات الاقتصادية والصناعية موجوداً في مجلس النواب لايصال صوتنا للمجتمع وللنواب خاصة وان الصناعة والزراعة هما من اساسيات الاقتصاد اللبناني".

واضاف بكداش في حديث خاص لـ"الاقتصاد" انه في "موضوع تحريك الاسواق خلال فترة الانتخابات فان المال الانتخابي الذي نقف ضده لانه يؤدي الى عدم ايصال الشخص المناسب، يساعد الناس على الصرف بشكل اكبر وبالتالي يؤدي الى تحسّن في الحركة الاقتصادية ولكن مع بعض الاشخاص".

وتابع "الكل يعلم ان الاقتصاد هو سلسلة كاملة ومتكاملة بحيث ان المال ينتقل من شخص الى آخر وهذا ما يحرّك الوضع الاقتصادي وهذا أمر ايجابي بالنسبة للاقتصاد بالرغم من معارضتنا القوية لوجود المال الانتخابي".

وقال "هناك قطاعات عدة تستفيد من موسم الانتخابات كقطاعات المطابع، المطاعم، الفنادق وحتى قطاع التصوير الامر الذي يشكل خيراً ويدخل مالاً للاقتصاد ونحن ننتظر ان يتحسّن النمو الاقتصادي خلال فترة ما قبل الانتخابات بشهر وما بعدها بشهرين"، ومضيفاً ان " هناك الكثير من القطاعات الاقتصادية لا تستفيد من هذا الموسم واما الاستفادة غير المباشرة فتكمن بان يقوم الناس الذين يملكون المال خلال هذه الفترة بشراء منتجات الشركات التي تستفيد بشكل غير مباشر اذا كانوا بحاجة لها وهذا اقتصاد عام".

ولفت بكداش الى ان "الصناعي الذي لايزال واقفاُ على رجليه اليوم يستطيع ان يكمل عمله لان هناك مقولة منتشرة بان الصناعة اللبنانية لا تدوم وهذا الحديث غير صحيح، وعلى العكس قرأت في بعض المجلات الاقتصادية ان هناك مصانع جديدة تفتتح ابوابها او اخرى توسّع اعمالها في لبنان وهذا يعني ان المستقبل الصناعي واعد"، مشيراً الى ان "الصناعات الموجودة تواجه مشاكل تتعلّق بالضرائب والعمالة ولكن الدولة اللبنانية سارعت الى زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 10 الى 11% بالاضافة الى كل الضرائب الاخرى في وقت يواجه السوق انكماشاً. في كل بلدان العالم لا تتم اية زيادة على الضرائب قبل القيام بدراسة جدوى اقتصادية وهذا لم يحصل للأسف في لبنان".

واوضح ان "زيادة الضرائب تشجّع الاقتصاد غير الشرعي لينمو فيما يتقلّص الاقتصاد الشرعي لان هناك 40% من اللبنانيين لا علاقة لهم بالضريبة على القيمة المضافة، ولا يدخلون موظفيهم في الضمان الاجتماعي ولا يدفعون الضرائب المتوجّبة عليهم. وعندما تكثر هذه الضرائب تصبح كلفتنا أعلى فيما تبقى كلفتهم ذاتها واشك بان هذا الموضوع مقصود"، ومضيفاً انه "وفي الوقت الذي ينخفض تصدير القطاع الصناعي بنسبة 25% في كل بلدان العالم تسارع هذه الدول الى وضع خطة طوارئ اقتصادية لحل المشكلة فيما تم العكس في لبنان، وخاصة وان الميزان التجاري والنمو الاقتصادي يتحسّنان عند زيادة التصدير، الامر الذي يؤدي انخفاض اكثر للنمو فيما يصبح الميزان التجاري سلبي اكثر من العام 2016 و2015".

وختم انه "تم اعادة احياء اللجنة الوزارية المؤلفة من الوزارات الاقتصادية لدراسة موضوع الاقتصاد من جديد بالاضافة الى موضوع شركة ماكينزي وربما نستطيع ان نصل الى حل ما"، ومضيفاً ان الغريب في الموضوع ان وزير الصناعة قال في مقابلة اذاعية انه متشائم جداً وهذا يعني ان العقلية في الدولة اللبنانية لازالت بعدم دعم القطاعات الانتاجية".