بعد البدء بإعتماد النسبة الجديدة للضريبة على القيمة المضافة بداية الشهر الجاري، أعلن وزير الاقتصاد والتجارة ​رائد خوري، أن "​وزارة الإقتصاد​ حذرت التجار من زيادة الضريبة على القيمة المضافة أكثر من 1%، خصوصا ان 60% من أساسيات المواطن لا تطالها الضريبة""، مؤكداً أن "الوزارة تقوم برقابة مشددة على السلع والتجار، وفي حال ضبطت اي ​مخالفة​ سيحرر محضر ضبط بحق التاجر المخالف".

أما عن تأثير الضريبة على الاقتصاد، فأوضح خوري أن "نسبة 1% تعتبر نسبة متدنية ولن تؤثر سلبا على اقتصادنا".

وفي سياقٍ آخر، أشارت النشرة نصف الشهرية لميزانية "مصرف لبنان" إلى انخفاض الأصول الأجنبية من 64340 مليار ليرة في 15 تشرين الثاني إلى 63000 مليار في 15 كانون الأول، بانخفاض يعادل 1.08 مليار دولار.

مع الإشارة الى أن الأصول الأجنبية قد بلغت أعلى مستوى لها هذه السنة في أيلول حين سجّلت 65538 ملياراً، ما يعني أن التراجع خلال تشرين الأول وتشرين الثاني حتى منتصف كانون الأول بلغ 2538 مليار ليرة أو ما يعادل 1.68 مليار دولار.

ومع كافة هذه المواضيع الشائكة التي يواجهها هذا الإقتصاد الهش، نتساءل عن أولويات الحكومة وتأثير السياسات المتّبعة على كلفة المعيشة للمواطن، ولمعرفة المزيد عن ذلك كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي والمالي د. ​كمال حمدان​:

بين مشاكل النفايات، المياومين، المعلمين، والبنى التحتية وغيرها الكثير، ما هي برأيك الأولويات التي يجب على الحكومة العمل عليها للنهوض بالإقتصاد في العام 2018؟

من اهم الأولويات اليوم، عدا عن اجراء الإنتخابات النيابية في موعدها المحدّد وبشكل شفاف طبعاً، إقرار موازنة للعام 2018 قادرة على إحداث فارق في الأوضاع التي نعيشها مع إقرار البند العالق وهو قطع الحساب. في موازنة العام 2018 يجب إعادة الإعتبار لموضوع الإنفاق الإستثماري والإستمرار بعملية الإصلاح في الجانب الضريبي بحيث يتم نقل جزء من العبء الضريبي أكثر فأكثر من ضرائب ورسوم غير مباشرة الى الأرباح والمداخيل المرتفعة ذات الطابع المالي والعقاري تحديداً. ومن المهم ايضاً ضبط الإنفاق، فبالرغم من الخطاب السياسي السائد الا أننا لا نرى جهدا جديا يبذل للسيطرة على أبواب الهدر الهائلة في الإنفاق العام.

ثانياً، من الضروري التحضير بشكل جدي وتحضير كافة الأدوات اللوجستية ومتابعة كافة الجوانب للملف النفطي. خلال العام 2018، يجب على الحكومة أن تتابع عن كثب التحضيرات القائمة، عن طريق الهيئة الناظمة للنفط ووزارة الطاقة والشروع في إنشاء الشركة الوطنية للنفط، لمواكبة التحضير لعملية التنقيب في العام 2019. هذه التحضيرات تتطلب الإرادة السياسية للموارد البشرية والإصلاحات الاساسية اللازمة.

ثالثاً، ضرورة التوصل الى صيغة لنظام التقاعد والحماية الإجتماعية بالإتفاق بين اطراف العقد الإجتماعي اي اصحاب العمل، الإتحاد العمالي العام، هيئات المجتمع المدني وكذلك المجلس الإقتصادي الإجتماعي. لبنان هو البلد العربي الوحيد الذي يفتقر الى نظام تقاعد للأجراء في القطاع الخاص.

رابعاً، لدينا حالة من عدم الإستقرار النقدي والمالي. العجز المالي يرتفع، ومن المتوقع أن يرتفع أكثر بعد إقرار السلسلة بالإضافة الى تكلفة النزوح السوري. ميزان المدفوعات يحقق عجزاً تراكمياً للسنة السادسة على التوالي بالإضافة الى العجز التجاري الناتج عن أننا بلد استهلاكي غير منتج. نحن اليوم بانتظار مؤتمر "باريس 4" لمساعدتنا على تجاوز المخاطر المالية والنقدية، إذا لم تظهر الحكومة الإرادة السياسية اللازمة والشفافية المالية والمهنية فإن المؤتمر سيكون فرصة ضائعة.

خامساً، الحسم النهائي لموضوع الإيجارات وخاصةً ان عشرات آلاف الأسر معنية بهذا الملف. بالرغم من كافة المداولات الإيجابية والسلبية التي تجري والإجتهادات في أروقة السلطات القضائية وبين المحامين أنفسهم، آن الأوان لحسم هذه النزاعات وتنفيذ مندرجات قانون واضح محدّد لا لبس فيه على رأسها تشكيل صندوق يوفر دعم مالي للفئات الأكثر حاجةً وعوزاً من المستأجرين القدامى.

سادساً، ضرورة التفاوض مع الجهات السورية المعنية بإعادة النازحين الى المناطق الآمنة في بلدهم مع الإحترام الكامل لكرامتهم. يجب أن نفتح هذا الملف ونستغل التحولات التي تحصل اليوم.

وصلت خسائر مصرف لبنان من أصوله الأجنبية إلى 1.08 مليار دولار بين 15 تشرين الثاني و15 كانون الأول 2017، ما هي آثار هذه الخسائر؟

هذه النقطة تؤكد حالاة اللا إستقرار التقدي والمالي التي تحدّثت عنها سابقاً، أما من ناحية الآثار فهي مقلقة طبعاً لكن ليست خطيرة، فاحتياطات مصرف لبنان من الأصول الأجنبية والذهب ضخمة. هذه الخسائر تعزز حالة عدم الإستقرار كما من شأنها ان تزيد من تعزيز شروط المقرضين للبنان من دول مانحة أو مودعين بالمصارف بالنسبة للفوائد.

بدأ مطلع الأسبوع العمل بنسبة 11% للضريبة على القيمة المضافة، هل برأيك سيؤثر الأمر على الطبقة الوسطى ونسبة الفقراء، مع العلم أن الضريبة لا تطال الإحتياجات الأساسية للمواطن؟

من حيث المبدأ، إذا بقيت الأمور تحت السيطرة فإن الأثر سيكون محدود وقابل للإستيعاب، ولكن انطلاقاً من التجارب السابقة فإن تغيير بند ضريبي له صلة مباشرة بموضوع الأسعار يدفع بالتجار الى التحرك بإرتياح في إعادة بناء هوامش الربح وهذا الأمر الذي يدعو للخوف.