خاص ـــ الاقتصاد

استفحلت الخلافات المالية بين شابين لبنانيين وخالهما في دولة ​غانا​ الأفريقية، وبلغ النزاع بينهم على ملكية شركة تجارية حدّ إقامه دعاوى قضائية وتوقيفات هناك، وتطوّر الأمر الى حدّ التحريض على استئجار أشخاص للخطف والقتل، قبل أن ينتقل هذا النزاع الى القضاء اللبناني، الذي وضع يده على الملف، وأحال أحدهم على محكمة الجنايات لمحاكمته بمحاولة القتل.

فقد تقدّم الشقيقان "علي. م" و"حسين. م" بشكوى جزائية أمام النيابة العامة في بيروت، عرضا فيها أن الأول هاجر منذ ست سنوات الى دولة غانا، حيث عمل مع خاله "طلال. ح" في شركتين الأولى يملك "علي" كامل أسهمها، والثانية يملك 20 بالمئة من أسهمها، بينما يملك "طلال" 80 بالمئة من الأسهم، و كان "علي" يدير الشركتين، أما شقيقه "حسين" فانتقل الى غانا قبل سنتين، وراح يعمل بشكل مستقل عن شقيقه، وبعد فترة من العمل راح يطالب باجراء محاسبة، الا أن الأمر لم يلق آذناً صاغية من قبل شقيقه.

وبينما كانت الأمور تسير على ما يرام، وصل شخص يدعى ديكسون غاوو بتاريخ الرابع من آب من العام 2014 الى منزل "علي" في غانا، وأبلغ الأخير بأنه قبض مبلغ 35 ألف دولار أميركي من خاله "طلال"، بموجب حوالة مصرفية وردت من بيروت الى حسابه في غانا، للقيام بمهمة استئجار أشخاص لخطفه  مع شقيقه "حسين" وقتلهما، وأنه بعد قبض المبلغ عدل عن التنفيذ وأبلغ المدعي بذلك، الأمر الذي عرضه للتهديد، وأن الأخير نظم له اقراراً خطياً، الا أن "علي" لم يأخذ أقوال ديكسون على محمل الجدّ، الى أن اعترض شخصان طريقه لدى عودته الى منزله ليلاً، واعتديا عليه وأبرحوه ضرباً.

وبناء على ما تضمنته الشكوى، جرى استدعاء "طلال. ح" واستجوابه، فأوضح في افادته أنه أعال ابني شقيقته بعد وفاه والدهما، وأنه بحكم اقامته في تشيكيا نظّم للمدعي "علي" سند توكيل لتمثيله في غيابه بإدارة الشركة في غانا، الا أن الأخير قام خلافاً للصلاحيات الممنوحة له، بالتفرّغ عن كامل أسهم الشركة لصالحه، مما حمله على مقاضاته في غانا بجرم التزوير، ولم تنته الدعوى ولم يفرج عن "علي" الا بعد تنازله عن كامل أسهم الشركة.

ولدى استجواب المدعو ديكسون غاوو أقرّ أمام الشرطة الغانية في الأول من شهر تشرين الأول 2014، بأن المبلغ الذي استلمه من "طلال. ح" هو من أجل استئجار أشخاص لخطف وقتل "علي. م" و"حسين. م"، وبموجب التحقيق الصادر عن الشرطة في غانا في السادس من شباط 2016، عاد ديكسون وتراجع عن اقراره المذكور، وزعم أن "طلال" كان قد نظم وكالة لمصلحته للقيام بكافة الاجراءات المتعلقة بالدعوى القضائية المقامة منه بوجه المدعي "علي" في غانا بشأن الاختلاس الذي حصل في شركته، أما بشأن الأموال المحولة الى حسابه فلم ينكر المدعى عليه حصوله، انما أدلى بأن التحويل لم يكن بغرض استئجار أشخاص لقتل المدعيين، انما كان تسديد دين للمدعو ديكسون كاجرة عن قيادة سيارته، والباقي تكاليف سفر وأتعاب محامين الذين مثّلوه أمام القضاء الغاني وأجرة فندق.

وأكد المدعى عليه "طلال . ح" بأن المدعو ديكسون كان يتصل به، ويطلب منه مساعدات مالية ويعمد الى ابتزازه تحت طائلة تقديم شهادة ضده لمصلحة المدعيين لكنه لم يخضع للتهديد، وبأنه دفع لديكسون مبلغ ألف دولار أجرة الشهر الذي أمضاه في خدمته.

قاضي التحقيق في بيروت الذي وضع يده على القضية، اعتبر في قرار ظني أن المدعى عليه "طلال. ح" ارتكب جرم التحريض على الخطف والقتل، بدليل تناقض أقواله حول أسباب تحويل الأموال الى ديكسون. وأشار الى أنه يستدلّ من التسجيلات أن "طلال" أرسل عبارات تودد الى ديكسون، وحاول اغراءه بالعمل معه في مجال الذهب إن إذا نفذ ما يطلب منه، والتناقض حول المبالغ المالية المدفوعة لديكسون، وعدم ملاحقة الأخير قضائياً لجهة الزعم بأنه حرضه على الخطف والقتل. وخلص قاضي التحقيق الى اتهام "طلال" بجناية المادة 547/217 من قانون العقوبات، وهي التحريض على القتل قصداً التي تنصّ على عقوبة الأشغغال الشاقة الموقتة حتى 15 سنة، وأحاله على محكمة الجنايات في بيروت لمحاكمته.