بعد ان شهد العام 2016 تحولات إقتصادية وسياسية كبيرة جداً على المستوى الإقليمي والعالمي، كان لا بد لتلك التحولات أن تنعكس على العام 2017 - الذي شارف على الإنتهاء - منذ بدايته وحتى نهايته .. فوجود رئيس أميركي حاد الطباع ومتطرّف بعض الشيء على رأس الإدارة الأميركية، كان لا بد له من التأثير على المستويين السياسي والإقتصادي، خاصة وأنه رجل أعمال يعد من اغنى أغنياء العالم، ويملك إستثمارات تقدّر بمليارات الدولات في كل أنحاء العالم. من ناحية اخرى إستمرت قضية خروج بريطانيا من ​الإتحاد الأوروبي​ بالتأثير على منطقة اليورو، في حين نجح الإقتصاد الصيني بالإقتراب من مستوى النمو المتوقع على الرغم من التشاؤم الذي ساد في بداية السنة.

عربياً، إحتلت الأزمة بين قطر و​دول مجلس التعاون​ الخليج رأس قائمة الأحداث في المنطقة، إلى جانب التغيير الشامل الذي شهدته المملكة العربية ​السعودية​، منذ صعود محمد بن سلمان لمنصب ولي العهد في العام الحالي، كما إستمرت الحروب القائمة في المنطقة بدءً من ​سوريا​، ووصولا إلى اليمن بالتأثير على الوضع الإقتصادي، على الرغم من تحسن أسعار ​النفط​ مقارنة مع العام الماضي.

وفيما يلي قائمة بأبرز الأحداث الإقتصادية على الصعيدين العربي والعالمي.

عربياً:

- الأزمة بين قطر و​دول الخليج​ ... وخطر تفكك مجلس التعاون.

في يوم الخامس من حزيران2017 ، قررت كل من السعودية، ​البحرين​، ​الإمارات العربية المتحدة​، و​مصر​، قطع العلاقات الدبلوماسية مع ​دولة قطر​، وتبعتها حكومة اليمن، ​ليبيا​، جزر المالديف، وجزر القمر، وذلك بحجة ان قطر تدعم الإرهاب في المنطقة، وتساهم بالإخلال بالأمن في عدد من الدول الصديقة.

وفي اليوم التالي أعلن الأردن أيضاً عن تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر، وإلغاء تصريح مكتب ​قناة الجزيرة​ في الأردن. كما أعلنت سلطات موريتانيا عن قطع علاقاتها الدبلوماسية رسميا مع دولة قطر. وفي 7 حزيران أعلنت جيبوتي عن تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع قطر.

وفرضت هذه الدول حصاراً إقتصادياً كبيراً على قطر، حيث منعت الأخيرة من إستخدام المجال الجوي لدول مجلس التعاون، وتم إقفال كافة المعابر البرية مع السعودية، مما أدى لخسائر اقتصادية فادحة طالت الإمارة ​الخليجية​ الصغيرة.

ووضعت الدول المقاطعة شروطاً لفك الحصار، كان أبرزها الإعتذار من دول مجلس التعاون، وقطع علاقاتها المشبوهة مع ​إيران​ وجماعة الإخوان المسلمين.

- محمد بن سلمان ولياً للعهد في السعودية ... وحملة "لمكافحة ​الفساد​" طالت 200 من كبار الأمراء ورجال الأعمال

في 21 حزيران 2017، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز أمراً ملكياً قضى بإعفاء الأمير محمد بن نايف من منصبه ولياً للعهد، وتعيين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولياً للعهد في السعودية، وتعيينه نائبا لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره وزيراً للدفاع.

ومنذ صعوده لهذا المنصب، كثف بن سلمان جهوده وتحركاته للتغيير الشامل في المملكة، ورفع عنوان "القضاء على الفساد" وتحقيق الإصلاح، وتحويل إقتصاد المملكة إلى إقتصاد متنوع لا يعتمد فقط على النفط من خلال الوصول إلى "رؤية 2030".

وفي 5 تشرين الثاني 2017، إتخذ محمد بن سلمان قراراً هزّ العالم أجمع، وليس المملكة فقط، حيث أمر بإعتقال11 أميرا وأربعة وزراء حاليين وعشرات الوزراء السابقين في حملة تطهير غير مسبوقة في تاريخ المملكة، وإستمرت الإعتثالات حتى وصل العدد إلى حوالي 200 من كبار الأمراء ورجال الأعمال في الدولة.

وأدت هذه الخطوة لإنتقادات كبيرة على المستوى العالمي، كما أثرت على أسواق ​الأسهم السعودية​ والعالمية أيضا، خاصة ان الأمراء المعتقلين يملكون العشرات من الشركات العملاقة التي تملك إستثمارات تقدّر بمئات مليارات الدولارات على مستوى العالم. وتمكن بن سلمان من الإستيلاء على 2 تريليون ريال سعودي من أموال الموقوفين بحسب ما تداولت عدة مصادر في السعودية.

من جهة أخرى أعلنت ​الحكومة السعودية​ عن موازنة العام 2018، التي تعدّ الموازنة الأكبر في تاريخها، والتي تهدف الى خفض العجز ليكون أقل من 8% في العام المقبل حيث ستواصل المملكة الصرف على التنمية في القطاعات المختلفة، وإنفاق كبير من الصناديق الحكومية بما يوفر المزيد من فرص العمل للمواطنين والمواطنات، كما ستعمد السعودية الى رفع وتطوير الخدمات الحكومية وتعزيز كفاءة الإنفاق والشفافية لتحوز رضى المواطنين ومحاربة الفساد والمحافظة على المال العام حيث سيبلغ حجم الإنفاق بنحو 978 مليار ريال، أي بزيادة 5.6% عن العام 2017 الذي تم خلاله إنفاق 926 مليار ريال، في حين من المتوقع أن تصل العوائد خلال العام المقبل إلى 783 مليار ريال، مقابل إيرادات بـ696 في العام 2017، بارتفاع نسبته 12.5%، من ضمنها 291 مليار ريال إيرادات غير نفطية بارتفاع 13%.

- قفزات جبارة للاقتصاد المصري

بعد حصولها أواخر العام الماضي على قرض بقيمة 12 مليار دولار من ​صندوق النقد الدولي​، تمكنت مصر من تحقيق قفزات جبارة على المستوى الإقتصادي، حيث حققت نمواً ملحوظاً في جميع القطاعات، والتي جاءت بدعم من الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة.

واستطاعت مصر أن تخفض من حجم عجزها التجاري بنسبة 50% على أساس سنوي، ليهبط بذلك العجز خلال عام بنسبة 8.4% إلى 35.4 مليار دولار مقارنة بالسنة المالية السابقة.

وكانت الاحتياطيات النقدية والتدفقات الاستثمارية الأجنبية بمثابة شهادة ثقة منحت للاقتصاد المصري بعد عملية تعويم الجنيه، حيث استطاعت الحكومة أن ترفع من حجم الاحتياطي الأجنبي إلى 36.14 مليار دولار بنهاية آب 2017 من نحو 19.6 مليار دولار سجلت في شهر التعويم.

وانعكس نمو الاحتياطيات وتراجع ​العجز التجاري​ بالتزامن مع التحسن في أداء الناتج المحلي، على شهية المستثمر الأجنبي الذي ارتفعت قيمة تدفقاته إلى 13.3 مليار دولار، متجاوزة المستهدف عند 10 مليارات دولار ليرتفع بذلك صافي الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 14.5% إلى 7.9 مليارات دولار في العام المالي 2016/2017.

عالمياً:

- تنصيب ​ترامب​ رئيسا للولايات المتحدة.

في 20 كانون الثاني 2017، تم تنصيب دونالد ترامب رسميا، كرئيس للولايات المتحدة الأميركية، وكانت السنة الأولى له مليئة بالقرارات والخطابات النارية والمفاجئة، وتأثرت الأسواق المالية بتصريحات الميلياردير الأميركي وبوعوده المتكررة بتخفيضات ضريبية غير مسبوقة، وإرتفعت أيضا ثقة المستهلكين وأصحاب الشركات بشكل كبير، مما دفع ترامب في أكثر من مناسبة للمفاخرة بالحصيلة الإقتصادية لحكمه.

إلا أن عدد من الإقتصاديين أكد بان ​الإقتصاد الأميركي​ لم يحقق سوى تقدماً بطيئا خلال العام 2017، كما تأخرت بعض الإصلاحات الضرورية، كقانون الإصلاحات الضريبية الذي أقر منذ أيام قليلة.

ومن أبرز إنجازات وإخفاقات ترامب في 2017:

* فشله في في إلغاء خطة "أوباماكير" للرعاية الصحية

* إنسحاب ​الولايات المتحدة​ من الأونيسكو

* فشله في بناء الحائط الفاصل مع ​المكسيك​ لمحاربة الهجرة غير الشرعية

* إنسحاب الولايات المتحدة من إتفاقية ​باريس​ للمناخ

* تقديم إغراءات لشركات السيارات والشركات التكنولوجية لنقل مصانعها إلى الولايات المتحدة

* إقرار قانون الإصلاحات الضريبية

- المملكة المتحدة تفعّل المادة 50

في 29 آذار 2017، سلمت بريطانيا إخطارا رسميا للاتحاد الأوروبي بشأن قرار مغادرتها الاتحاد الأوروبي بعد عضوية دامت 44 عاما.

وسلم سفير بريطانيا في ​بروكسيل​، سير تيم بارو، رسالة إلى رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك تشير إلى تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة والتي بمقتضاها تبدأ بريطانيا رسميا إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وتحدد الوثيقة الرؤية العريضة لرئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي بشأن عملية الخروج خلال العامين المقبلين.

- إستفتاء ​كاتالونيا​ ... وإعلان الإنفصال عن ​أسبانيا

في 1 تشرين الأول 2017، أجرت حكومة إقليم كاتالونيا إستفتاءً للإنفصال عن أسبانيا، وتدخلت شرطة مكافحة الشغب الاسبانية لمنع اجراء الاستفتاء ، مما أدى إلى إستباكات وأعمال شغب في الإقليم، أصيب خلالها أكثر من 800 شخص.

وفي 27 من نفس الشهر صوّت البرلمان المحلي في إقليم كتالونيا لصالح إعلان الانفصال عن إسبانيا، في الوقت الذي أقر البرلمان في ​مدريد​ فرض الحكم المباشر على الإقليم.

وفي الاقتراع السري الذي قاطعه معارضو الانفصال، أيّد 70 نائبا في برلمان كتالونيا إعلان الانفصال، فيما عارضه عشرة، مع امتناع اثنين عن التصويت.

وبمجرد إعلان الخبر، تعالت صيحات مؤيدين للانفصال احتشدوا خارج مقر البرلمان في برشلونة.

وبالتزامن مع هذا، صوّت مجلس الشيوخ الإسباني على تفعيل المادة 155 من الدستور التي تسمح للحكومة المركزية بتعليق الحكم الذاتي في كتالونيا وإقالة قادة الإقليم والدعوة لانتخابات مبكرة.

إنعكست كل هذه الأحداث على الأسهم المحلية بشكل سلبي، كما ضغطت البنوك الإسبانية على مؤشر القطاع المصرفي بمنطقة اليورو ، إذ شهد المؤشر إنخفاضات ملحوظة.

وأثارت محاولات الإنفصال مخاوف كبير لدى حكومة مدريد، خاصة من الناحية الإقتصادية، إذا يعد إقليم كاتالونيا من أغنى الأقاليم في أسبانيا، ويساهم باكثر من 20% من الناتج المحلي للبلاد.

- "​بتكوين​" .. وإرتفاعات صاروخية !!

شهدت العملة الرقمية الشهيرة "بتكوين" إرتفاعات صاروخية منذ بداية العام 2017، فبعد ان كان سعرها لا يتجاوز الـ 968 دولارا في نهاية 2016، وصلت في شهر كانون الاول 2017 إلى أكثر 17000 دولار أميركي.

وعلى الرغم من الإقبال الكبير على هذه العملة الرقمية، وإنتشارها السريع في كل أنحار العالم، إلا أن عدد كبير من خبراء أسواق المال العالميين، حذروا من هذه العملة، ووصفوها بانها "أكبر عملية احتيال قد تنفجر في وجوه الكثير من الأشخاص".

- ​الفيدرالي الأميركي​ يرفع سعر الفائدة

في 13 كانون الأول 2017، رفع الفيدرالي الاميركي (البنك المركزي) معدل الفائدة الرئيسية على المدى القصير بمقدار 25 نقطة ليصل للمستوى بين 1.25% و1.50%.

وكان المركزي قد رفع معدل الفائدة للمرة الثالثة في 2017، فيما أبقى على توقعاته بشأن رفع معدل الفائدة ثلاث مرات خلال العام المقبل، ولم يغير تنبؤاته إزاء معدل التضخم، ما يعكس القلق المستمر بين كبار أعضاء البنك المركزي بشأن استمرار ضعف القدرة الشرائية، رغم التحسن القوي في سوق العمل.

- مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في الصيني

في 18 كانون الأول 2017، إفتتحت الصين مؤتمراً للتخطيط الاقتصادي في وقت تسعى فيه البلاد إلى الابتعاد عن نموذجها الاقتصادي للنمو المتفلت من أي ضوابط.

ويمنح مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي القادة الصينيين الفرصة لمراجعة السياسات الاقتصادية والتخطيط للعام 2018.

ودفع سعي الصين الى تحقيق نمو مرتفع بالبلاد إلى المرتبة الثانية على قائمة أكبر اقتصادات العالم. لكنه أدى في المقابل إلى ارتفاع نسبة التلوث، وتزايد النفايات، وارتفاع المديونية.

وفي هذا السياق رفع ​البنك الدولي​، توقعاته للنمو الاقتصادي بالصين في العام 2017 إلى 6.8%، من مستوى بلغ 6.7% في تشرين الأول الماضي، حيث دعم الاستهلاك الفردي والتجارة الخارجية النمو.

وأبقى البنك توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين لعامي 2018 و2019 دون تغيير عند 6.4 و6.3% على التوالي نتيجة سياسة نقدية أقل تيسيرا وجهود الحكومة لكبح جماح الائتمان وفرض قيود على الإقراض.

- "​أوبك​" تمدد إتفاق خفض الإنتاج ... والنفط يتعافى

في 30 تشرين الثاني 2017، وافقت منظمة "أوبك" على تمديد اتفاق خفض ​إنتاج النفط​ حتى نهاية العام المقبل 2018، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على توازن سوق الخام.

ولم تجتمع المنظمة مع الدول المنتجة غير الأعضاء.

وأدى إلتزام الدول بإتفاق خفض إنتاج النفط هذا العام إاى تحسن السعر بشكل تدريجي، حيث وصل سعر خام برنت مع نهاية العام إلى عتبة 63 دولار للبرميل.

- شبح الإفلاس يطارد ​فنزويلا

خفضت الوكالات العالمية التصنيف الإئتماني لفنزويلا، حيث وصلت البلاد إلى حالة تخلف جزئى عن سداد ديونها، بعد فشلها فى تسديد دفعات مستحقة عن سنداتها السيادية.

وإذا إستمرت الأوضاع على ما هي عليه في البلد الإميركي الجنوبي، قد تصل الدولة التي تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم (300.8 مليار برميل) إلى إعلان إفلاسها.