مع نهاية العام 2017، يعيش اللبنانيون موسم الأعياد في ظل أزمة سياسية أخرى وكأن رجال هذه الدولة أخذوا عهداً على أنفسهم ألا "يرتاحوا أو يريحوا" هذا الشعب أبداً. وكما في نهاية كل عام نخصّص في موقع "الإقتصاد" قسم المقابلات لتقييم أداء الإقتصاد الوطني والقطاعات وجمع التوقعات حول العام المقبل.

ومن جهته "صندوق النقد الدولي" كان قد توقع ان يحقق لبنان نموا اقتصاديا حقيقيا بنسبة 1.5% في العام 2017 و2% في العام 2018 و3.0% في العام 2022. وبالتوازي، توقع التقرير ان يستمر التراجع في عجز الحساب الجاري خلال الفترة المقبلة من 18.6% من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2016 الى 18% في العام 2017 و16.87% في العام 2018 ليصل فيما بعد الى 15.6% في العام 2022.

ولمزيد من التفاصيل حول كافة هذه المواضيع كان لنا لقاء مع الخبير الإقتصادي د. ​كامل وزنة​:

كيف تقيّم أداء الإقتصاد اللبناني خلال العام 2017؟

يمكن القول إن لبنان خرج من العام 2017 بأقل خسائر ممكنة واستطاع ان يتخطى أزمات كبيرة ضمن ظروف سياسية وأمنية وعسكرية صعبة، بدايةً من محاربة الإرهاب الى معركة الجرود ومن ثم الأزمة السياسية المتمثلة باستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري وعودته الى لبنان.

أما بخصوص القطاعات الإنتاجية في لبنان فحالتها ليست بالمستوى المطلوب، الزراعة والصناعة لا زالا يعانيان ولم يتغير أي شيء بوضع القطاعات التي تحتاج الى دعم الدولة واهتمامها، وأهم هذه القطاعات، قطاع الكهرباء الذي هو جزء أساسي لدعم الصناعة وتحسنها.

تحدّث الرئيس عون يوم أمس عن ضرورة التحول من الإقتصاد الريعي الى الإقتصاد الإنتاجي، ما هي الخطوة الأولى التي يجب اتخاذها نحو هذا التحول برأيك؟

برأيي إن الإنتقال من الإقتصاد الريعي الى الإقتصاد المنتج يتطلب أولاً من الدولة البدء بتأهيل البلد اقتصادياً عبر تحديث البنية التحتية بالإضافة الى تدعيم القطاعات التي تعتبر جزء من هذا الإقتصاد الذي يعتمد على الخدمات التي لا تشمل السياحة، كقطاع التكنولوجيا وقطاع المعرفة وكافة القطاعات الأخرى المتعلقة بالخدمات التي تحتاج الى الإنترنت السريع "Fiber Optic" الذي وعدونا به منذ زمن بعيد لكنه لم يتحقّق حتّى اليوم. من هنا، يمكن القول أن أي انتقال سيحتاج الى الإستثمارات.

وبالمشهد العام، فقد شهد لبنان الهندسة المالية الأخيرة التي قام بها المصرف المركزي، لكنه شهد ايضاً ارتفاع بالفوائد. جزء مما توقعناه هو ارتفاع الفوائد العالمية، إلا أن الفوائد اللبنانية ارتفعت بشكلٍ أكبر وهذا الأمر له تداعيات سلبية على دعم الإقتصاد.

حُكي عن نسبة نمو في الإقتصاد اللبناني بنسبة 1.5% هذا العام، هل ترى أن الإقتصاد حقّق هذه النسبة؟

نعم، أعتقد ان نسبة 1.5% منطقية لهذا العام إلا انها ستتخطى الـ2% في العام 2018 إذا شهدنا إنجازاً للحل السياسي في سوريا وعادت الأمور السياسية الى حالتها الطبيعية المستقرة، خاصّة مع تحسن الوضع العربي الخليجي. وفي هذه الحالة سيكون لبنان من أول المستفيدين، فهو شريك اقتصادي للدول العربية وهو يعبر الى العالم العربي عبر سوريا.

هل ترى ان التجاذبات السياسية الأخيرة والمستمرة حتى اليوم ستؤثر على المشاريع الإقتصادية للحكومة؟

هذه الخلافات سلبية الى أبعد الحدود، باعتبار أن لبنان بحاجة الى التوافق السياسي للمضي بخطة اقتصادية تكون موضع اجماع وتوافق حتى يتم تسهيل عملها. حتى الآن لم نشهد أي عملية إصلاحية حقيقية، ولا أعتقد اننا سنشهد هكذا عملية إلا بعد الإنتخابات. أود الإشارة هنا الى أن ما قبل أيار 2018 ليس كما بعده، شهر أيار سيكون مرحلة انتقال إلى رؤية جديدة للإقتصاد اللبناني.

ما هي توقعاتك للعملة الرقمية في العام 2018؟

العملة الرقمية موجودة وباقية، ويمكننا ان نرى بداية اكتساب هذه العملة للشرعية بعدما تم طرحها في عدد من البورصات العالمية وخاصةً بورصة الأسواق المستقبلية في الولايات المتحدة وألمانيا وعدد من الدول الأخرى. التعامل في هذه العملات قد يدرّ الكثير من الأرباح أو قد يلحق بصاحبها خسائر كبيرة، الأمر يتوقف على توقيت الدخول والخروج من التعامل بها، لكنها بالتأكيد ستترسّخ كجزء من عمليات التبادل التجاري العالمي على المدى القصير لتتطور بشكل أكبر على المدى الطويل.

العديد من البنوك حاولت ان تقف بوجه هذه العملة الإ ان قيمتها في الأسواق باتت تفوق المليارات من الدولارات ولا زالت متّجهة إلى التوسّع.

إذا لا توافق على نظرية الفقّاعة التي تحدّث عنها العديد من الخبراء؟ خاصةّ إذا ما أصدرت البنوك المركزية عملاتها الرقمية الخاصة؟

لا أوافق على نظرية الفقّاعة، أنا مقتنع أن هذه العملات وُجدت لتبقى.