أقفل الأسبوع ما قبل الفائت احداثه الايجابية على خبر جيد مفاده ان ​لبنان​ دخل رسمياً نادي الدول ​النفط​ية بعدما أقر مجلس الوزراء، في جلسته التي انعقدت في بعبدا، البند المتعلق بالترخيص للتنقيب عن النفط، حيث وافق على منح رخصتين لاستكشاف وإنتاج النفط في الرقعتين 4 و9 لتحالف شركات "توتال" الفرنسية، "نوفاتك" الروسية، و"إيني" الإيطالية.

هذه التسوية النفطية فتحت الابواب على آمال مختلفة معظمها يصب في خانة الانفراج الاقتصادي والمالي الذي سينعم به لبنان في المرحلة المقبلة، التي سيبدأ معها التنقيب والاستخراج. وهذا يعني باباً مشرّعاً للواردات ، ووسيلة فعاّلة لكبح الدين العام والاهم لخلق فرص العمل المتنوعة .

بدون التفريط في التفاؤل، وفي الكميات المرتقب استخراجها ماهي فرص العمل التي ستؤمن من النفط ، وهل ستكون كافية لوضع حد للبطالة ؟

رازي الحاج

الخبير الاقتصادي ورئيس "حركة المستقلون" الدكتور رازي الحاج يعتقد انه سيتم الاتفاق اولا ًعلى وضع كوتا بنسب معينة و محددة للتوظيف من اللبنانيين وللتعاقد مع شركات لبنانية . وبطبيعة الحال ، فإن موضوع النفط مفتوح على جملة اختصاصات في مجال البتروكيميات ، الهندسة، الادارة المالية، التسويق وغير ذلك ...

وثانياً : لاننسى ان ثمة قطاعات أخرى مكّملة لموضوع النفط ، بدءاً من التنقيب واستخراج النفط الى التسويق الذي هو بحاجة الى شركات ومؤسسات.. ومن المفترض تأمين المسكن، الطعام، اللباس ، المقرات المناسبة للمكاتب وغير ذلك الى جانب ضمان السلامة في العمل، والحماية من المخاطر ، وايضا ً هناك التأمين البحري . اذاً هو قطاع مرتبط بعدة قطاعات.

ويقول : للأسف حتى تاريخه لا توجد دراسة دقيقة محددة تتناول هذه المواضيع التي هي اساسية.

وبالتأكيد ، هذا الملف له تأثير مباشر على فرص العمل وعلى القطاع الاستثماري في لبنان.

ومن الآثار الايجابية تحسّن وضع العملة الوطنية وانتعاش القطاع العقاري. واذا لم ينجح أمر ايجاد التوازن بين الثروة النفطية والأصول الثابتة مثل العقارات، فإن ذلك سيسفر عن حدوث التضخم.

فعائدات الدولة من البترول هي ارباح وأصول يجب توظيفها ضمن حدود معينة وعدم التعاطي معها باستخفاف لان ذلك سيرهق الدولة ويؤدي التضخم الكبير الذي لا يمكن تحمّله خصوصاً اذا تم استخدام هذه الاموال في نفقات غير مجدية تصب في خانة الهدر.

واليوم للأسف ، بعض المسؤولين لا يقاربون الصندوق السيادي بشكل صحيح ، فيما انه يفترض ان تتم ادارة الاموال بشكل صارم وسليم لتحقيق الارباح . وهنا يمكن توظيفها في سندات خزينة ، في استثمارات مجدية على طريقة الشراكة بين القطاعين الخاص والعام .

ونستغرب كيف ان المسؤولين يتحدثون عن ملف النفط في لبنان بهذا النوع من الاستخفاف كعامة الشعب. هناك اليوم هيئة لإدارة قطاع البترول التي تعمل بجد ولكن هناك ثغرات في الشق التشريعي . وللأسف ثمة نواب لا يفهمون الموضوع ايضاً .

وانا ارى انه من واجب الدولة تقديم دراسة شاملة من اعداد اختصاصيين يتم وضعها في متناول المواطنين اللبنانيين بهدف خلق مناخ المنافسة وفرص العمل المتنوعة خصوصاً اذا تضمنت كل ما يلزم للتنقيب ولإستخراج وتسويق النفط من الشركات المصنفة والمؤهلة، المقاولين، المقاولين الفرعيين ، خبراء المحاسبة المدققين ، الاخصائيين في مراقبة النوعية وغيرهم...

والاهم اننا بحاجة الى الشفافية في هذا الملف. فالدولة " صوفتها حمراء" ولا توحيبالثقة لدى المواطنين . ولكسب المصداقية واستعادة الثقة من المفترض اعتماد هذا النهج من قبل المسؤولين.

كما ذكرت سابقاً ما أنجز جيّد، رغم اننا لاحظنا انسحاب مفاعيل التسوية السياسية على صفقة تلزيم الشركتين الفرنسية والروسية مسألة التنقيب كجوائز ترضية .

ولابد من التشديد على اهمية الاعتماد على العائدات النفطية في تخفيف الدين العام والعجز في الميزان التجاري . لذا على الدولة وضع رؤية متكاملة وعلمية.

إفراط في التفاؤل ام تحكيم؟

نعم، لبنان موعود بثروة نفطية ، والآمال معلّقة عليها لحل الامور الاقتصادية. والأهم مشكلة الدين العام المتفاقم والذي سيناهز ال 80 مليار دولار مطلع العام 2018.الا ان البعض من المراقبين والخبراء تجرأ واوعز بعدم الإفراط في التفاؤل لانه حتى تاريخه لا يمكن تحديد الكمية الموجودة . ومن المفترض تحقيق الاصلاح حتى لا تضيع الثروة التي لا يمكن الحديث عنها وعن احتياط لبنان النفطي الا بعد البدء في التنقيب.

فثمة قضية ملحة تفترض مقاربة واعية بشأن التدابير الواجب اتباعها لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية المتردية للبنان. ولاسيما تحقيق الاصلاحات وقمع الفساد ، ووقف الهدر والانفاق غير المجدي .

إنّ واقع الأحوال التي وصل إليها لبنان يبيّن وبشكل واضح أهمية وضرورة المبادرة إلى التركيز على إجراء معالجات جدية للقضايا والمشكلات السياسية والاقتصادية والمالية والإدارية وبشكل ملتزم ومثابر. لأنها من المفترض ان تكون الشغل الشاغل والأساسي، لكل المعنيين بالشأن العام في لبنان وكذلك لكل اللبنانيين.

كما انه لايجب ان نتجاهل التطورات الهائلة الجارية في قطاع النفط والغاز في العالم، والزيادة الكبيرة في الكميات والمناطق والمساحات المعروضة للاستكشاف في الكثير من المناطق في العالم، والانخفاض الكبير الحاصل في أسعار النفط والغاز، والارتفاع الكبير في كلفة الاستكشاف والتنقيب في المياه العميقة. كذلك أيضاً وبسبب ارتفاع كلفة تطوير حقول الغاز تمهيداً لوضعها حيز الإنتاج الفعلي. هذا بالإضافة لأسباب تتعلق بإشكالات تسويق الغاز اللبناني تحديداً في السوقين الإقليمي والعالمي، وذلك استناداً إلى حجم الكميات التجارية التي سيصار إلى اكتشافها وكلفة ومصاعب امداد خطوط النقل لتلك الأسواق، وذلك بعد تلبية حاجات السوق المحلية التي يفترض أن تُعد أولوية سياسية بالنسبة للبنان وفق ما يقول رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة.

لذا، من الحكمة استباق ومواكبة استكشاف النفط بتطبيق الشفافية وتحقيق الاصلاحات الضرورية التي تشجع على الاستثمار وتحقق النمو وتخلق آلاف فرص العمل.