مع تطور ​تكنولوجيا​ ​التجارة الالكترونية​ واستحواذها على العديد من ال​مبيعات​ شهد قطاع ​التجزئة​ في العالم تراجعا كبيرا في ​الايرادات​ وبات لا يخفى على احد التحول الكبير في العادات الشرائية لدى ​المستهلك​ الذي بات يجد من التسوق عبر شاشة ​الكمبيوتر​ بما يقدمه من خيارات واسعة وعروض في الاسعار وامكانية مقارنة النوعية والسعر متعة خاصة وبديلا مريحا عن التجربة الذاتية للتسوق.

تحول عادات الشراء انعكس سلبا على محال المبيعات في العالم الذي شهد خلال العقد الماضي تراجعا كبيرا في الارباح والعائدات، ولعل الازمة التي تعيشها شركة "تويز آر اس" اليوم خير دليل على المشكلة العامة التي تعاني منها شركات ​تجارة التجزئة​، حيث اعلنت انها تستعد لإغلاق 25 متجرا في ​بريطانيا​، البالغة 106 متجرا كجزءا من صفقة، لإعادة التفاوض بشأن ​الديون​ المستحقة لصالح ملاك الأراضي والمباني التي تشغلها، حيث تقدمت الشركة التي تعتبر عملاق صناعة العاب ​الاطفال​ والاولى من نوعها حول العالم بسبب معاناتها مع الديون حيث لم تحقق ارباحا منذ العام 2013 في ايلول الماضي بطلب اعلان افلاسها امام ​محكمة​ ولاية فيرجينيا الاميركية .

وفي اطار ارتفاع ارباح التجارة الالكترونية اعلنت وكالة "بلومبرغ" عن ارتفاع ثروة مؤسس شركة "​أمازون​" جي بيزوس من 2.4 مليار دولار الى 100.3 مليار دولار ليكون بيزوس البالغ من العمر 53 سنة اول ملياردير بسبب التسوق عبر ​الانترنت​ منذ العام 1999 ، كما ​اسهم​ت الجمعة السوداء او ما بات يعرف بـ"البلاك فرايدي" بارتفاع اسهم متاجر التجزئة عبر الانترنت اكثر من 2% كما ارتفعت المشتريات عبر الانترنت في هذا اليوم بنسبة 18.4% عن العام الماضي.

تغير في نمط الشراء، و​قطاع التجزئة​ عبر الانترنت واعد في ​الشرق الاوسط​ :

يشهد التسوق اليوم تحولا كبيرا، حيث باتت سلاسل المحال التقليدية تخنفي شيئا فشيئا لتنشط في المقابل تجارة التجزئة عبر الانترنت وعمدت شركات ضخمة مثل "ديبنهامز" و"مارك اند سبنسر" الى اغلاق محالها في ​المملكة المتحدة​ كما يشير تقرير شركة " بي دبليو سي" ​الشرق الأوسط​، أن تحول تجارة التجزئة عبر ​الإنترنت​ يُحدث ثورة في التسوق بالمنطقة وان الشكل المعهود لتجارة التجزئة يشهد تغيراً بالفعل وان اتجاه الشركات نحو الاستثمار في تجارة التجزئة عبر الإنترنت لا يتوقف عن النمو.

كما شهد قطاع التجزئة عبر الانترنت في ​دول الخليج​ عدة استحواذات ابرزها استواذ عملاق التجارة الالكترونية "امازون" على موقع التجارة الالكتروني الاقليمي"سوق دوت كوم" الذي يُعد واحدة من أكبر المتاجر الإلكترونية في الوطن العربي ويمتلك ما يصل إلى 78% من المبيعات في الشرق الأوسط وشمال ​أفريقيا​ ، ليتبعها عملية استحواذ شركة "اعمار" العقارية على المتجر الالكتروني الشهير في ​الامارات​ "جادو بادو" .

كما توقعت شركة "ايه.تي.كيرني" للاستشارات الادارية ان تصل قيمة سوق التجارة الالكترونية في دول الخليج الى 20 مليار دولار بحلول العام 2020 نظرا الى تزايد عدد المتسوقين عبر الانترنت في ​منطقة الشرق الاوسط​ و​شمال افريقيا​ .

واشارت الدراسة الى ان سوق التجارة الالكترونية سجل نموا في الشرق الاوسط بنسة 1500% على مدى السنوات العشر الماضية وارجع التقرير هذه الزيادة الى التركيبة السكانية التي تمثل غالبيتها من جيل ​الشباب​ اصحاب الدخل المرتفع بالاضافة الى ارتفاع عدد مواقع ​الاسواق الالكترونية​ وزيادة عدد زوارها و أن تلك الاسواق سجلت مبيعات قيمتها 4.8 مليار دولار في العام 2016، و3.8 مليار دولار في العام 2015.

كما يشهد قطاع ​التسوق عبر الانترنت​ نموا كبيرا في مختلف انحاء العالم حيث ارتفعت وتيرة التسوق الالكتروني في ​هولندا​ حيث قام حوالي 76% بشراء سلع وخدمات من خلال الشبكة الإلكترونية هذا العام، مقابل 73% قبل عام مضى، وتمثلت الزيادة في مواد البقالة و​مستحضرات التجميل​، وتعتبر الملابس الأكثر شعبية في المشتريات عبر الإنترنت (52%) يليها السفر (48%)، ثم شراء تذاكر لحضور فعاليات45 % .

في موسم الاعياد شركة الألعاب العملاقة "تويز آر أس" تعلن إفلاسها بعد تجاوز ديونها مليار دولار

يبدو ان الخبرة الطويلة في مجال العاب الاطفال والاسم المميز والثقة الكبيرة في هذا المجال لم يكن كافيا لحماية الشركة التي اعتبرت الاولى من نوعها والتي تأسست عام 1957 من خطر الافلاس حيث تقدمت شركة "تويز آر اس" بطلب إلى محكمة في ولاية فيرجينيا الأميركية لإشهار إفلاسها بعد معاناة طويلة مع الديون والتي وصلت الى اكثر من مليار دولار وذلك طلبا للتمتع بـ"الحماية" التي يوفرها الفصل 11 للشركات الأميركية المتعثرة خاصة أن الشركة لم تحقق أي أرباح منذ عام 2013، وتعود الاسباب الى تحول المستهلكين بشكل متزايد نحو التسوق عبر الانترنت بالاضافة الى ابتعاد الاطفال عن الالعاب التقليدية واللجوء الى العاب الكمبيوتر والتكنولجيا، وتمتلك "تويز آر اس" 1800 متجرا حول العالم ويعمل بها اكثر من 64 الف موظف، واعلنت الشركة انها في صدد اغلاق حوالي ربع عدد متاجرها في بريطانيا، البالغة 106 متجرا وسيشكل الإغلاق جزءا من صفقة، لإعادة التفاوض بشأن الديون المستحقة على الشركة لصالح ملاك الأراضي والمباني التي تشغلها، ويجب أن تحوز تلك الصفقة على موافقة 75 % من الدائنين وتسعى الشركة إلى التخلي عن نموذجها للمتاجر البعيدة عن قلب المدن. .واشارت التقارير الى ان متاجر السلسلة الأميركية مفتوحة للزبائن في انتظار إعلانها عن خطط إغلاقها نهائيا خاصة في ظل توقع انتعاش طفيف في المبيعات خلال الفترة المتبقيى من العام، والتي تشهد عدد من المناسبات على غرار ​عيد الشكر​ واحتفالات الكريسماس ورأس السنة .

وتعود ديون شركة "تويز آر اس" الى عملية الاستحواذ عليها في 2005 مقابل 7.5 مليار دولار، التي كانت ممولة بالديون، لكن محاولات الرئيس التنفيذي براندون، الذي تسلم عمله عام 2015، لم تنجح في انقاذ عمليات تسويق المبيعات، وبلغت خسائر المتاجر فى الربع الأول من العام الحالي حوالى 164 مليون دولار.

وخلال هذا الاسبوع تلقت شركة "تويز آر آس إنك" موافقة قضائية في الولايات المتحدة على دفع ملايين الدولارات كمكافآت للمديرين التنفيذيين، رغم اعتراض السلطات الفيدرالية للإفلاس، وجاءت الموافقة بعد الاستماع لشهادة المستشارين الماليين للشركة بشأن الوضع الحالي والمستقلبي لها، وتأكيدهم على ضرورة إبقاء المديرين التنفيذيين في مواقعهم من أجل النجاح في إعادة التنظيم مرة أخرى.