عادةً ما يُعتبر شهر كانون الأوّل الشهر الحاسم لكافة الأسواق والشركات لجهة زيادة المبيعات وتعديل الأرباح وتعول عليه بنسبة كبيرة وخاصة في مثل هذه الظروف التي يمر بها لبنان من ضائقة إقتصادية وأحداث متتالية ردعت النمو ونسفت اَمال ​التجار​ بتحقيق "غلّة مليانة" لهذه السنة.

تحضّر الأركان الإقتصادية لفترة عيدي الميلاد ورأس السنة بإندفاع كبير يسبقه تخطيط لوضع زينة جاذبة وعرض بضائع تعبر عن المناسبة، كما تقوم بدراسة أسعارها التي تناسب الجو العام، بحسب مستوى السوق الذي يتمركز فيه المحل أو الشركة المعنية. فهل يكون الشهر الأخير من عامٍ حافل بالمناسبات التي شدت ​أواصر​ عجلة النمو الإقتصادي والإزدهار، شهر مجيد على التُجار؟

قصد موقع "الإقتصاد" بعض الأسواق لمختلف الطبقات الإجتماعية في مدينة بيروت، ورصد من خلال هذه الزيارة وضع المحال التجارية ورضاهم عن المستوى الذي تختتم فيه سنة 2017 دفاتر حساباتهم. وفي هذا السياق، كان للموقع حديث مع بعض المتبضعين وسؤالهم عن إستراتيجية شرائهم لهدايا ​العيد​ و​الميزانية​ المرصودة لها كلٍّ بحسب إمكانيته.

بدأ اليوم الأول في العروضات قبل بدأ أسبوع الأعياد بأيامٍ قليلة في أسواق بيروت التي كانت شبه خالية سوى من بعض المارة والذين أرادوا إلتقاط الصور إلى جانب الزينة الساحرة والفخمة والتي من الواضح أن الشركات والمحال قد دفعت لقائها أموال "محرزة" ولكنها بالرغم من ذلك لم تستقطب المشترين، والإكتظاظ الأكبر الذي شهدناه كان على مقربة من أكشاك الطعام التي تزينت مائداتها بأنواع وأصناف عديدة جذبت من قصد الأسواق لأخذ "سناك" وبالتالي "فهي تحقق أرباحاً لا بأس بها"، على حد قول إحدى المنظمات لهذه الأكشاك وقالت "أن الناس تشتهي هذه الوجبات خلال تسوقها لساعات طويلة لذلك عمدنا إلى وضعها في هذا المكان".

المشهد دفعنا إلى التجول داخل المحال التجارية التي تنوعت ما بين محال للحلويات والألبسة والهدايا، وقال موظف في أحد محالات ​الحلويات​ المشهورة والثمينة "تقصدنا الناس نظراً لما نخصصه لهذا العيد من حلويات متنوعة خاصةً وأنه معروف بعيد ​الشوكولا​ والتارت وما لذَّ وطاب لجعل سهرة العائلة والأصحاب مسلية، بالإضافة إلى أن الشركات تقوم بطلبيات كبيرة لمن تتعامل معهم وتوصينا بها قبل فترة من العيد، عدا عن الهدايا والأشكال التي إبتكرناها خصيصاً لهذه الفترة.. وبالنسبة للمبيعات نحقق ما تيسر كل عام بناءً على إسمنا المعروف".

أما محال الألبسة فقد كان لها رأي مختلف خاصةً وأنها إضطرت إلى تحديد البدء بموسم التخفيضات باكراً وفي فترةٍ تعتمد عليها كثيراً لتحقيق الأرباح وأكد موظف في إحدى المحلات أن "نسبة المبيعات تراجعت 20% عن ما كانت عليه سابقاً".

وعند سؤالنا لإحدى المارة "لماذا لا تقومين بشراء شيء" أجابت بأنها تقوم بجولة تفقديه لما ستجده من بضائع بالإضافة إلى دراستها للأسعار وما إذا كانت تتناسب مع الميزانية التي وضعتها لهذه المناسبة".

وأكدت مصادر أن المبيعات في الأسواق قد إنخفضت أكثر من 7% عن العام الماضي وأنه لا زوار سوى من السكان المحليين، وأضافت أنَّ العام الماضي كان حافلاً بوجود الزبائن السوريين الميسوري الحال.

المراكز التجارية تعتمد فن جذب المستوقين

زيارة أخرى قمنا بها إلى مركز تجاري إنبهرنا بالزينة والفقرات الخاصة بالعيد التي تُقدّم وتثير صخباً كبيراً وإزدحام بالأهل والأولاد، وهي مجانية طبعاً، لكن المثير للإستغراب هي لافتات الحسومات الكبيرة التي علقت على واجهات المحلات والتي لابد أنها قد حققت مبتغاها نظراً لإزدحام المحال ونفاذ بعض البضائع منها.

وفي هذا الصدد قالت إحدى المتسوقات انها تنتظر فترة الأعياد بفارغ الصبر لتشتري الهدايا والتي تخصص لها ميزانية كبيرة، فكيف إذا كان هناك حسومات!

ورجل اَخر قال أنه يخصص ميزانية لابأس بها ليشتري بعض الأشياء المتوسطة السعر للعائلة، فيما قالت أخرى أنها ستستغل الحسومات لشراء العديد من الأمور، ورأيٌ كان مغاير للشاب العشريني الذي قال "حتى ولو إنخفضت الأسعار فليس هناك منتوج لننفق منه".

الأسواق الشعبية..المبيعات بخير!

هذا وقد قصدنا سوق شعبي للإطلاع على أحوال المبيعات فيه نظراً لأسعاره التي يجدها العديد من الناس "لقطة". هذا السوق لا يشبه تلك المراكز أو الشوارع الفخمة، إنما يتميز بأنه ذو زينة جميلة ولكن بكلفة منخفضة ومحالات مكتظة بالناس التي تحمل الكثير من القطع إن كان في محال الهدايا أو الملابس.

وقال صاحب محل للهدايا أن "المبيعات جيدة إجمالاً أقل بقليل عن العام الماضي وهذا الأمر طبيعي نظراً للضائقة الإقتصادية التي تمر بها البلاد ولكن الناس لازالت ترغب أن تهدي بعضها البعض ولو القليل من الهدايا ونحن نؤمن ما يحتاجة هؤلاء الناس وبأسعار مناسبة للجميع".

إمراة ثلاثينية عبرت عن أهمية هذه الأسواق التي تتيح لشريحة كبيرة من الناس أن تتبضع بأسعار معقولة وبالتالي تحتفل بالعيد دون إضطراراها إلى إنفاق ما جنته خلال أشهر عديدة. وأخرى قالت أنها المرة الأولى التي تقصد فيها هذا السوق في الأعياد واللافت أنها إستطاعت أن تجد ما تريد، فيما يكتفي بعض الناس بشراء القليل من الهدايا بحسب القدرة المادية.

بالرغم من أن الأرباح المادية والمبيعات لهذا العام متراجعة بعض الشيء يمرُ العيدُ بتنهيدةٍ حلوة.. فبمجده يحقق ولو القليل من السعادة للتجار والمستفيدين من تحقيق معدل لابأس به من المبيعات لتعديل حسابات عامهم، وأيضاً للناس الذين يفرحون بإعطاء وتلقي الهدايا بغض النظر عن قيمتها المادية، لعلَّ أيام العام المقبل تحمل تباشير المجد بين طياتها وتحقق دفعة إقتصادية تنتشل البلد من همومه المعيشية.