البدايات غالبا ما تكون صغيرة ومتواضعة، ولكن مع المثابرة والإجتهاد والصبر والجدية في العمل، تتحول مع الوقت، الى نتائج عظيمة، رائعة، ومدهشة حقا.

فعلى الرغم من الصعوبة التي تحملها معها نقطة البداية في أي مسيرة مهنية، الا أن النهايات أو المراحل اللاحقة، يحدّدها الشخص بطموحه الواسع، وإرادته الصلبة، أضف الى ذلك عزيمته التي يجب ألّا تكلّ أو تتعب أبدا.

طوني حداد هو شخصية ​لبنان​ية ناجحة، بدأ من أسفل السلّم حين شارك في تأسيس "Marton Industries" منذ حوالي 30 سنة برأسمال بسيط ومتواضع، وقد وصل بشركته مع مرور الأيام، الى قمة النجاح والتميز، وذلك من خلال تواضعه وإصراره وشفافيته مع الزبائن.

فلنتعرف الى قصة نجاح المدير العام لشركة "Marton Industries" المتخصصة في تصنيع كواتم الصوت، والموجودة اليوم في منطقة عين سعادة، طوني حداد، في هذه المقابلة الخاصة مع "الاقتصاد":

من هو طوني حداد؟ وكيف انطلقت مسيرتك المهنية؟

تخصصت في الهندسة الكهروميكانيكية (electromechanical engineering)، وعملت كموظف في إحدى الشركات لمدة 5 سنوات.

في العام 1987، حصلت على فرصة للمشاركة في تأسيس معمل صغير ومتواضع، لصناعة كواتم الصوت للمولدات الكهربائية، والأبواب المعدنية للمصاعد، ومنصات العرض المعدنية؛ وكنا نمتلك حينها سيارة واحدة لنقل البضائع الى الزبائن.

ومع الوقت، بدأت الشركة بالتقدم والانتشار، وبات المصنع يتوسع أكثر فأكثر، حتى وصلنا الى ما نحن عليه اليوم.

لماذا اخترت العمل في هذا المجال بالتحديد؟

الصدفة لعبت دورها في اختياري لمجال عملي، ففي نهاية الثمانينات، كان الطلب كبيرا على كواتم الصوت بسبب الانقطاع المتواصل للكهرباء.

وفي ذلك الوقت أيضا، كنا نعمل في ​الحديد​ والفولاذ المقاوم للصدأ (stainless)، ولكن بعد فترة قررنا حصر نطاق العمل في تصنيع الكواتم فقط، بسبب ضيق الوقت وكثرة الطلبيات.

هل تلقيت أي دعم من أجل الانطلاق وتأسيس الشركة؟

الدعم المادي أو المعنوي كان غائبا، ففي البداية كنا نستعين بآلة التلحيم والصاروخ فقط، في حين أن باقي المعدات لم تكن موجودة في المصنع.

ولكن بسبب المنتج المقدّم، الذي يتميز بجودته العالية، تمكنا من التوسع والتقدم يوما بعد يوم.

ما هي التحديات التي تواجه الصناعيين وأصحاب الشركات في لبنان؟

الدوائر الرسمية غالبا ما تعرقل المعاملات، وقد يتطلب الأمر في بعض الأحيان وقتا طويلا وعددا كبيرا من الرشاوى من أجل إنجاز معاملة لا تتطلب أكثر من دقائق.

لكن المشكلة ليست في الدولة بحد ذاتها، بل بفساد الموظفين الموجودين في الإدارة.

ولا بد من الاشارة الى أن هناك جهات تساعد وتقدم القروض للصناعيين من أجل تشجيع ​الصناعة​ اللبنانية؛ فعندما افتتحنا مصنعنا الثاني، حصلنا على قرص بقيمة 400 ألف دولار من مؤسسة "كفالات".

من ناحية أخرى، نحن بحاجة الى اليد العاملة اللبنانية خاصة في صناعاتنا، لكن اللبناني للأسف يريد العمل فقط في منصب المدير وارتداء ربطة العنق يوميا، ولهذا السبب نلجأ الى توظيف اليد العاملة الأجنبية.

برأيك، ما هي مقومات النجاح في مجال الأعمال؟

عندما يعمل الانسان بصدق وأمانة، ويقوم بما يحبه، وبما هو قادر على تحقيقه، سينجح حينها.

بالنسبة لي شخصيا، الأولوية هي دائما للزبون، ونحن نسعى الى إرضائه حتى ولو على حسابنا الخاص. فالنتيجة النهائية المرضية هي ما نسعى الى تحقيقه، لأن سمعتنا هي الأساس؛ اذ أن السمعة الجيدة تسهم في نجاح الشخص وتضمن استمرارية أعماله.

ما هي مشاريعكم المستقبلية؟

نحن بالأساس نصدّر منتجاتنا الى خارج لبنان، وقد تمكنّا من الوصول الى ​العراق​، ​السعودية​، ​افريقيا​، ​أفغانستان​،... وذلك من خلال شركتنا وشركات أخرى عاملة في لبنان.

ولكن من الممكن في المستقبل، أن نغيّر نوع عملنا، ونبدّل المنتجات التي نصنعها، لأن الطلب على كواتم الصوت سوف يبدأ بالتراجع تدريجيا يوما بعد يوم.

هل كان العام 2017 أفضل من سابقه من ناحية الطلب على منتجات الشركة ونسبة الأرباح المحققة؟

للأسف كلا، وكل عام يكون أسوأ من الأعوام السابقة، لأن ​الشحن البري​ متوقّف، وبالتالي علينا تصدير المنتجات في العبّارات التي تصل الى ​تركيا​، وتتوزع من هناك الى باقي الدول، وهذه العملية مكلفة للغاية.

كيف تواجهون المنافسة الموجودة في السوق اللبناني؟ وما الذي يميز "Marton Industries" عن غيرها؟

المنافسة موجودة حتما في المجالات كافة، لكن خبرتنا الواسعة تميزنا عن غيرنا. فنحن قادرون على إعطاء نسبة صوت منخفضة للغاية، ونستطيع الوصول الى مستوى "50 DDA" على بعد متر في مرحلة واحدة.

وفي البداية، كانت الأعمال مزدهرة للغاية، وكنا نرفض طلبيات أكثر من ما نستقبل منها؛ ما دفع الزبائن للتوجه الى الشركات الأخرى. وبالتالي بدأت المصانع المتخصصة في تصنيع كواتم الصوت تتزايد، لكنها سرعان ما أغلقت أبوابها تدريجيا، لأن حركة العمل باتت بطيئة جدا.

ولا بد من الاشارة الى أن شركتنا لا تزال صامدة الى حد اليوم، ونأمل الحفاظ دائما على هذه الاستمرارية.

هل شعرت يوما بالتقصير تجاه حياتك الخاصة وعائلتك بسبب العمل؟

أنا أحاول دائما إعطاء الوقت الكافي للاثنين، لكي لا أقصّر تجاه عملي أو عائلتي.

ما هي النصيحة التي تودّ إيصالها الى ​الشباب​ اللبناني؟

الفرص في لبنان ضعيفة الى حد ما، لكننا نأمل أن تتحسن الأوضاع، ويُعاد فتح المعابر البرية لكي تنتعش الصناعات اللبنانية.

لهذا السبب، أنصح الشباب بالبقاء في أرضهم والتمسك بجذورهم، وعدم اللجوء الى الهجرة، لأن لبنان يخسر كلّ من يهاجر، في حين أن بلدنا بحاجة الى الأدمغة والمهارات والمواهب التي يتمتع بها أبناؤه.